انتصارات على جميع الأصعدة، في الميدان و في السياسة، اليوم شهد انجاز نوعي للجيش السوري على جبهة حلب الشرقية تجسد ذلك بفك الحصار عن قريتي نبل و الزهراء المحاصرتين منذ حوالي 4 سنوات. هذا التقدم في الميدن كان أشبه برسائل داعمة لحكومة الرئيس بشار الأسد في محادثات جنيف 3 التي اعتبرها البعض أنها أصبحت تصب في مصلحة النظام السوري و حلفائه. هذه الانتصارات ترفع من معنويات الشعب السوري الطامح الى استعادة الأوضاع المعيشية و طرد الارهاب من البلاد.
كيف تكون محادثات جنيف انتصارا للدولة السورية بقيادة الرئيس بشار الأسد؟
يظن البعض أن مشاركة المنظمات الارهابية (كأحرار الشام و جيش الاسلام) في محادثات جنيف 3 هو مهم جداً، بل هو انتصار لداعميهم من السعودية و أمريكا و قطر و تركيا و غيرهم، أما الوقع هو العكس، فمشاركتهم لا تعني الاّ اعتراف كلاًّ من السعودية و أمريكا و حلافائهم بالنظام السوري، و خصوصاً الرئيس بشار الأسد، و اعترافهم أيضا بالهزيمة في الميدان الامني و العسكري على مدى 4 سنوات من الحرب في سوريا.
في المحاثات السابقة، كانت أمريكا و حلفائها و التنظيمات الارهابية يصرون على مغادرة الرئيس بشار الأسد فوراً قبل الجلوس على طاولة الحوار، أما الأن فقد تبدّل الكلام، “الرئيس بشار الأسد باق في مرحلة انتقالية لمدة 18 شهراً على أن تجرى انتخابات رئاسية، يحق له المشاركة فيها”، اعلان جاء على لسان وزارة الخارجية الأمريكية.
أيضاً في مثل تلك الأيام كانت تركيا قد أعلنت عن اغلاق الحدود مع سوريا، حيث أغلقت حوالي 50 كلم من الحدود مع سوريا، و كانت تصر على القيام بمنطقة عازلة في شمال حلب –ادلب- الحسكة بعمق 100 كلم داخل الأراضي السورية. اعلان تركيا عن اغلاق الحدود، و تراجعها عن اعلان المنطقة العازلة، يعني التراجع عن اسقاط النظام القائم في سوريا، ايضاً هو اعلان عن التخوّف الذي باتت تعيشه تركيا جراء وجود الارهابيين على حدودها و داخل أراضيها.
و في الوقت الذي أغلقت تركيا حدودها مع سوريا، كان الأردن يدعم الجيش السوري في الشيخ مسكين عبر اغلاق حدوده أمام تدفق المسلحين من أراضيه، و اعطاء الجيش السوري معلومات عن معاقل تمركز جبة النصرة الارهابية في المناطق الجنوبية، و هذه المعلومات كانت لها أهمية كبيرة في تقدم الجيش السوري في ريف درعا و المناطق المجاورة. بالطبع كان الأردن في السنوات الأربع الماضية يدعم الارهابيين بالسلاح و يسهل عملية انتقالهم و يدير عملياتهم في الجنوب، و لكنّه كان مجبراً على القيام بذلك، و ذلك بسبب الضغت الذي تعرضت له عمّان من أمريكا و السعودية و ذلك من أجل احداث تغيير في المعادلة السورية. و لكن الأردن كان يعي بصعوبة الوضع الداخلي لديه، حيث للسلفيين قدرة كبيرة، و امكانية دخول داعش و النصرة الى الداخل الأردني كبيرة جداً حيث يوجد بيئة حاضنة لهم، و لذلك انسحب الأردن من المعادلة السورية، بل أخذ في الفترة الأخيرة بدعم الجيش السوري معلوماتياً في مقابل التنظيمات الارهابية.
لمن الغلبة في الميدان العسكري؟
موضوع أخر يدل على انتصار الجيش السوري و حلفائه في الميدان السوري، حيث كان للانتصارات الميدانية التأثير الكبير على المحادثات في جنيف، ففي الأشهر القليلة الماضية كانت الغلبة للجیش السوري و الهزيمة للمعارضة، حيث في الأشهر الماضية انسحب مسلحوا أحرار الشام و جيش الاسلام من محيط دمشق و الزبداني الاستراتجيتين، و يعني ذلك تثبيت الطوق الامني حول دمشق من جهة، و من جهة أخرى حماية حدود لبنان و تحسين موقع حزب الله في تلك المناطق.
ايضاً، في الأسابيع الماضية القليلة، استطاع الجيش السوري و حلفائه تضييق الخناق على الجماعات الارهابية في حلب و حماة و ادلب و اللاذقية، تجسد ذلك بفك الحصار عن قريتي نبل و الزهراء المحاصرتين منذ حوالي 4 سنوات. أيضا في حمص، لا يتواني الجيش السوري و حلفائه من توسيع سيطرته على الأراضي السورية، و الكل الأن ينتطر أن تبدأ معركة تدمر. و في المنطقة الجنوبية كان لتحرير منطقة الشيخ مسكين (خزان الارهابيين) التي تقع شمال محافطة درعا و على القرب من الجولان المحتل الصدى الأكبر، و التي اعتبرها البعض بالضربة القاصمة لظهور الارهابيين و داعميهم في المنطقة الجنوبية.
عوامل أخرى كانت أيضا داعمة لتغيير المعادلة في الميدان السوري، و كان أبرزها دخول الطائرات الروسيه الى جانب الدولة السورية في محاربة الارهابيين، مما أعطى دفعة معنوية كبيرة للجيش السوري. أيضاً كان لانقلاب البيئة الحاضة للمسلحين في المناطق المتواجدة فيها تأثير كبير عليهم، مما أضعف من معنوياتهم فأخذوا يتقاتلون فيما بينهم، حيث أشارت بعض التقارير في الأيام الماضية عن مقتل أكثر من 50 مسلحاً ارهابياً قتلوا في اشتباكات فيما بينهم.
اذاً، و بناءاً على هذه المعطيات، تكون محادثات جنيف التي تعقد بشكل غير مباشر بين الحكومة السورية و المعارضة (الارهابيين)، انتصاراً سياسياً لسوريا و الشعب السوري. و أنّ كل المحاولات الأمريكية من أجل اسقاط الرئيس بشار الأسد، كتشكيل التحالفات الغربية و العربية، و دعم الارهابيين بالسلاح و العتاد، باءت بالفشل. و يمكن القول أن محادثات جنيف هي اعتراف واضح من العالم أجمع بمشروعية الدولة السورية برئيسها الحالي الدكتور بشار الأسد.