في سياق الانتصارات التي سجلها الجيش السوري والقوات الحليفة معها اخيرا في المناطق الشمالية في سوريا نشرت صحيفة الاندبندنت البريطانية تقريراً لمراسلها “روبرت فيسك” بعد جولة ميدانية في بلدة ربيعة بريف اللاذقية يفضح الدور التركي في دعم الجماعات الارهابية المسلحة، وقد جاء في التقرير ان “الجيش السوري يطلق القذائف على طول خط النار من المدافع غير المرئية في جنوب كسب، ومن قرية ربيعة التي حررها الجيش السوري حديثاً من العصابات المسلحة. يمكنك مشاهدة انفجار القذائف عبر الوادي، حيث تتصاعد ستارة كبيرة من الدخان الأزرق إلى السماء، وهذا فقط من جانب الحدود التركية “.
وقال “روبرت فيسك” ان عقيداً في الجيش السوري قال له “يمكنك أن تتخيل مدى غضب الأتراك الآن”، خصوصاً وأن طائرات السوخوي الروسية تُلحق الضرر الشديد بقواعد العصابات المسلحة، بينما البسمة على وجوه جنود الجيش الذين يقاتلون على جبهة اللاذقية للمرة الأولى منذ سنوات، حيث تذوقوا ثمار النصر.
واشار “فيسك” إلى ان القائد الميداني لم يتردد في شكر الروس الذين وفروا غطاءً جوياً كي تتقدم القوات السورية في الميدان، ولفت القائد الميداني إلى أن “أمريكا التي كان من المفترض أنها ضربت “تنظيم داعش” الذي ما زال يحكم في الرقة مراراً وتكراراً وفي العراق عبر طائراتها، غير قادرة على دفع الحلفاء العراقيين إلى النهوض. وأوضح القائد الميداني أن “القوات السورية تتحرك بسرعة شرقا تحت غطاء جوي روسي على طول الحدود التركية”.
وذكر التقرير ان “بعض السوريين يقولون إن الأتراك يسهلون لجبهة النصرة عبور الحدود بطريقة غير شرعية، كما كان يفعل الإسرائيليون في جنوب لبنان”، ويعلق ضابط آخر في الجيش السوري “إن الأتراك غير سعداء”، لأنهم لم يتوقعوا أن الجيش السوري قد يمكنه الوصول إلى هذه النقطة، كما وتحدث عن قتل ضابط تركي بارز أثناء اجتماعه بمقاتلي النصرة عندما استهدف الطيران السوري المبنى الذي كانوا يجتمعون فيه.
وقال احد القادة العسكريين السوريين لروبرت فيسك؛ “نحن نقدر الروس وجميع الذين وقفوا الى جانبنا ضد الارهابيين، ان سوريا هي ارض كل القوميات وهي بلاد تتعرض الان لهجمات الارهابيين والاتراك الذين يريدون اشعال حرب طائفية، نحن ابناء شعب واحد وهذا هو سر و رمز سوريا”.
وهنا يتساءل فيسك “هل ستجتمع اجزاء سوريا مرة اخرى الى جانب بعضها البعض؟” ويضيف “ان الجيش يتحدث مرارا عن مستقبل البلاد بحدود مصانة والسيطرة مجددا على الرقة التي تعتبر الان عاصمة لداعش الى جانب بقاء الرئیس “بشار الاسد” كضمان للاستقرار في سوريا، ان هذا القائد العسكري السوري قال ان تحرير الاراضي السورية هو اهم واكبر وسام للعسكريين السوريين”.
وفيما يتعلق بالاوضاع العامة في سوريا يقول “فيسك” في تقريره أن هناك بعض المشاهد التي تنبئ بحدوث تغيير ما، وإن كان طفيفا، على الأوضاع في سوريا، واصفا مظاهر التغيير قائلا: قافلة من الشاحنات المتجهة إلى الأردن بعد أن حرر الجيش السوري الطريق إلى درعا، نقاط تفتيش أقل في العاصمة دمشق، ركاب يسافرون إلى حلب عبر الطريق السريع، وعلى شاشة التلفزيون صور لأفراد ميليشيات تابعة للحكومة يدخلون مدنا وأحياء لم يروها منذ فترة؟
وأضاف الصحافي البريطاني قائلا: اللاجئون يبدأون بالعودة مع بدء تحقق سلام هش، كما أن هناك لجنة مصالحة أيضا من كبار السن تحاول التحدث إلى الجيش الحكومي والجيش السوري الحر لرأب الصدع بينهما، وإن بعض عناصر الجيش الحر سمح لهم بالعودة إلى الجيش.
و ختم “فيسك” تقريره بالقول: ستمر سنوات طويلة قبل أن تكتب فصول التاريخ لهذه الحرب ويكشف النقاب عن أسرارها. في الغرب ينظرون إلى النزاع على أنه جيوسياسي، لكن بعد معارك حلب يمكن الكتابة أن الناس بدأوا بالعودة، حتى لو بشكل مؤقت.