شيِّع السودان، صباح اليوم الأحد، جثمان الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي، الراحل د.حسن عبد الله الترابي، الذي يعد من أبرز وجوه السياسة والفكر في السودان والعالم الإسلامي، إلى مثواه الأخير، فمن هو المفكّر الترابي؟
يعد الترابي الذي رحل عن عمر يناهز الـ84 عاماً شخصاً غير عادي لديه ملكه خطابية غير عادية، وهذه الصفه أهَّلته لقيادة العمل الإسلامي في السودان. كذلك، يعد الترابي العدو اللدود للرئيس السوداني عمر البشير إثر الخلاف الذي نشب بين الجانبين في العام 1999 حيث خلع الأخير الأول من مناصبه الرسمية والحزبية وتعرض للاعتقال أكثر من مرة.
لم يخف الترابي إمتعاضه من إجراءات الرئيس عمر البشير بإغلاق المركز الثقافي الإيراني حيث وجّه انتقادات علنية لقرار الحكومة معتبراً القرار أنه جاء “استرضاء للسعودية”، كما أنه من أبرز الوجوه المخالفة للوهابية السعودية التي إتهمته ووتلاميذه بأصحاب النزعة الصوفية والمشيخية.
لطالما نادى الترابي بوحدة البلاد مردّداً عبارة ” البلاد تشتتت ولابد أن نجمعها”، وقد دعا خلال خطبة العيد الأخيرة التي ألقاها أمام حشد من أنصاره في حي (مايو) أحد أكبر الأحياء الشعبية جنوبي العاصمة الخرطوم، إلى وحدة المسلمين بكل طوائفهم، مستهجناً “التقسيم الطائفي للمسلمين” باعتباره “يبدد قوتهم ويزيد من الهيمنة الغربية عليهم”.
وأضاف: “علينا أن نشايع (نقف بصف) من هو على حق ونخاصم من هو على شر ونتقي الله ليرزقنا وينصرنا وليس كما يفعل هؤلاء، في إشارة إلى الحكومة السودانية، يذهبون لآل سعود ويقولون لهم أغلقنا المركز الإيراني فادعمونا”.
معلومات عن المفكّر الترابي
1- ولد عام 1932 في مدينة كسلا السودانية.
2- درس الحقوق في جامعة الخرطوم، ثم حصل على الإجازة العلمية في جامعة أكسفورد البريطانية عام 1957، وعلى دكتوراه الدولة بجامعة السوربون في باريس عام 1964.
3- عمل الترابي أستاذًا في جامعة الخرطوم، ثم عين عميدًا لكلية الحقوق بها، ثم عين وزيرًا للعدل في السودان، وفي عام 1988 عين وزيرًا للخارجية السودانية.
4- بعد تخرجه، أصبح أحد أعضاء جبهة الميثاق الإسلامية، وتقلد الأمانة العامة بها عام 1964.
5- انضم الترابي الذي يتقن الفرنسية والإنجليزية والألمانية إلى جماعة الإخوان، وأصبح من زعمائها في السودان عام 1969، إلا أنه لم يستمر على نهجهم وانفصل عنها متخذًا سبيلا مستقلًا.
6- انتخب عام 1996 رئيسًا للبرلمان السوداني في عهد ثورة الإنقاذ، كما اختير أمينًا عامًا للمؤتمر الوطني الحاكم عام 1998.
7- وقف خلال تلك الفترة ضد التدخل الأجنبي في المنطقة، بحجة تحرير الكويت، إبان الغزو العراقي عام 1990، ما أدى الي تدهور علاقاته مع الغرب وبعض الدول العربية.
8- نشب خلاف بينه وبين الرئيس السوداني عمرو البشير، حول قضايا متنوعة، أهمها الفساد والشورى والحريات وحل البشير البرلمان، تطور حتى وقع انشقاق في كيان النظام 1999، فخلع الترابي من مناصبه الرسمية والحزبية.
9- أسس عام 2001 حزب المؤتمر الشعبي، المنشق من حزب المؤتمر الوطني الحاكم الآن في السودان، واعتبر من أشد الأحزاب المعارضة للحكومة الحالية.
10- اعتقل في 2001؛ بسبب توقيع حزبه مذكرة تفاهم مع الحركة الشعبية، ثم اعتقل مرة أخرى في مارس 2004 بتهمة محاولة حزبه قلب السلطة.
رحيل الترابي الذي خلّف حزنا عميقاً في السودان وأبكى الأنصار والخصوم على حدّ سواء يمثّل فاجعة لم تكن منتظرة على الأقل في الوقت الحالي الذي يحتاج فيه السودان إلى جميع قادته ومفكريه وعلمائه. فقد وصف الحزب الشيوعي السوداني الترابي بالمفكر الوطني والقائد الحقيقي، بينما اعتبرته أحزاب أخرى عالما ومفكرا إسلاميا عظيما “فقدته البلاد وهي في أمس الحاجة إليه”.
الترابي ظل يجري عدة لقاءت في الفترة الأخيرة لتنبيه السودانيين إلى مخاطر الخلافات بين القوى السياسية، محذرا من تسببها في تمزيق البلاد كما في حالة سوريا والعراق وليبيا، وفي حين يرى فيه خصومه شخصاً مخادعاً له طموح لا يحد وخبرة في الدسائس والمؤامرات وتعلق بالسلطة، بل ويتهمونه بإصدار فتاوى تخرج عن إجماع أهل السنة كعدم قتل المرتد إلا في حالة حمل السلاح، والقول بإيمان أهل الكتاب، واستثمار نظرية المصلحة، واستخدام مصطلح القياس الواسع، والقول بشعبية الاجتهاد، يؤكد أنصاره أنه سياسي محنكً بارعً في تحريك الإعلام وخطيباً مؤثراً وداعية ومفكراً إسلامي. Jh