الرئيسية / تقاريـــر / من أسرار خفض عديد القوات الروسية في سوريا

من أسرار خفض عديد القوات الروسية في سوريا

أفادت صحيفة «الأخبار» اللبنانية بأن دوائر القرار في محور المقاومة ، لم تُفاجأ بما أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، يوم الاثنين الماضي ، عن بدء سحب الجزء الرئيسي من القوات الروسية المشاركة في الحرب السورية ، و إن من يراهن على تخلّي بوتين عن الأسد ، يمكنه أن يراجع باراك أوباما فإدارة الأخير سبق أن أبلغت الإيرانيين والروس ، على هامش المفاوضات النووية ، أنها لا تمانع بقاء الرئيس الأسد في السلطة كما لا ترفض حقه الترشح إلى الانتخابات المقبلة .

 

و أکدت «الأخبار» اللبنانیة ذلك فی مقال حمل عنوان «حلفاء سوریا: الأسد أبلغنا قرار بوتین قبل صدوره» ، و قالت : یهزأون (دوائر القرار فی محور المقاومة) بالقائلین إن قرار بوتین صدر نتیجة امتعاضه من المؤتمر الصحافی الذی عقده وزیر الخارجیة السوری ولید المعلم، رافضاً فیه الفیدرالیة، ومعلناً أن الرئیس بشار الأسد خط أحمر .

 
وحسب المصادر نفسها ، فإن الاتصال بین بوتین و الأسد، الذی تقرر فیه بدء سحب القوات الروسیة، جرى قبل مؤتمر المعلم لا بعده. وفور التوصل إلى اتفاق بین بوتین والأسد، بادر الرئیس السوری إلى إبلاغ حلفائه فی طهران ولبنان فحوى الاتفاق وموجباته. وهذا القرار هو نتیجة لقراءة مشترکة بین سوریا وکل حلفائها .
ولا ینکر من بأیدیهم الأمر فی دمشق وطهران وحزب الله الدور المحوری الذی لعبه الوجود الروسی فی المیدان السوری. یُنقل عن مسؤول أمنی سوری رفیع المستوى قوله إن ما حصل علیه الجیش السوری من أسلحة ومعدات وتجهیزات ومنظومات روسیة فی الأشهر الستة الأخیرة یفوق کل ما تلقّاه من موسکو فی سنوات الحرب الخمسة کلها. کذلك فإن فعالیة سلاح الجو الروسی «الفائقة» ظهرت فی معارك الشمال السوری بصورة لم یعهدها هذا المیدان من قبل، سواء ضد «تنظیم القاعدة فی بلاد الشام ــ جبهة النصرة» وحلفائه، أو فی مواجهة تنظیم «داعش» سعیاً إلى تخفیف قدرته على نقل إمداداته من منطقة إلى أخرى، ومحاولة تجفیف مصادر تمویله النفطیة.

 
الوجود الروسی لا یُقاس بمساهمته المیدانیة حصراً. فهو مظلة استراتیجیة للدولة السوریة، ودفع معنوی کبیر للجیش السوری وحلفائه، وسدّ منیع أمام التدخّل الأطلسی. یُدرك محور المقاومة ذلک جیداً. مسؤولوه متیقنون من أن هذه المظلة لن تغادر سوریا . أکّد «یقینهم» هذا بوتین نفسه أمس، حین قال إن الطائرات الروسیة التی غادرت وستغادر سوریا یمکنها العودة فی غضون ساعات إذا تطلّب الوضع ذلك. کذلك تحدّث عن أن القوة التی سُحِبَت هی تلك التی تمثّل فائضاً بعدما توقّفت ثلاثة أرباع المعارک بفضل الهدنة.

 
ویقول مسؤولون فی محور المقاومة إن القوة الروسیة التی ستعود إلى بلادها هی، بصورة أساسیة، تلك التی أتت على خلفیة التوتر الروسی ــ الترکی، بعدما أسقطت المقاتلات الترکیة طائرة روسیة فی سماء ریف اللاذقیة الشمالی. وتضیف القراءة نفسها أن هذا التوتر انخفض بفعل الضغط الأمیرکی على أنقرة، ونأی «حلف شمال الأطلسی» بنفسه عن مواکبة رجب طیب إردوغان فی تصعیده ضد موسکو.

 
وبناءً على ذلك، یؤکد المعنیون فی محور المقاومة أن القوة الروسیة التی یحتاج إلیها المیدان السوری ستبقى فی اللاذقیة وطرطوس ، مدعّمة بأحدث أنظمة الرادار والدفاع الجوی. وفی هذا الإطار، کانت لافتة أمس إشارة بوتین مجدداً إلى أنه لا یحق لأحد اختراق المجال الجوی السوری، وأن منظومات الدفاع الجوی الروسیة ستستهدف أی تهدید لقواته فی سوریا.
المتحدثون من محور المقاومة لا یکررون کلاماً إنشائیاً عن وحدة الأهداف والمسار والمصیر بین محورهم وموسکو. «هو تحالف. ثمة أهداف استراتیجیة تجمعنا، على رأسها وحدة الأراضی السوریة، والحفاظ على الدولة، وشخص الرئیس الأسد». لکن هذا لا یعنی وجود تباینات. فی الآونة الأخیرة، ظهرت نقطتان خلافیتان رئیسیتان: الأولى، قرار دمشق إجراء الانتخابات التشریعیة . واعتبر الروس هذه الخطوة «دعسة ناقصة» على طریق المفاوضات السیاسیة.

 

وعندما زارت مستشارة الرئیس السوری بثینة شعبان موسکو قبل أسابیع ، شرحت لمن التقتهم أهمیة الانتخابات، للبعث برسالة تشیر إلى استمراریة عمل الدولة السوریة. وبعد مشاورات بین دمشق وموسکو، اقتنع الروس بخطوة حلیفهم، لأن التوصل إلى أی اتفاق سیاسی مع المعارضة ورعاتها سیُحتّم إجراء انتخابات جدیدة. وهذه الخطوة ممکنة فی ولایة مجلس الشعب الحالی، أو المقبل. أما النقطة الخلافیة الثانیة، فظهرت بشأن موعد بدء سریان الهدنة. کانت دمشق، ومعها طهران وحزب الله، تفضّل تأجیل موعد الهدنة إلى ما بعد استکمال الطوق حول الأحیاء التی تسیطر علیها المعارضة فی مدینة حلب. لکن الروس أصرّوا، فوافق الحلفاء.

 
وشرحت موسکو أهمیة التوصل إلى تفاهمات مع واشنطن قبل انتهاء ولایة الرئیس الأمیرکی باراك أوباما. وتبنّوا رؤیة الأسد للمصالحات مع القوى المسلحة المعارضة التی تمثّل شرائح من الشعب السوری، وتقبل بالتنصل من الجماعات الإرهابیة ومقاتلتها.

 

التدخل الروسی الجوی، وتنسیقه مع القوات المیدانیة السوریة والحلیفة، أحدثا قفزة سیاسیة، یمکن التعبیر عنها بما واجهه المبعوث الدولی ستیفان دی میستورا. فالأخیر حاول إرساء الهدنة قبل عام کامل فی حی صلاح الدین فی مدینة حلب.

 

وافقت دمشق، لکن المعارضین رفضوا، ففشل المسعى الدولی. نقل اقتراحه إلى حی الوعر فی حمص، ففشل مجدداً، وکذلک فی درعا. لم تکن المعارضة فی وارد التنازل. قتال الحلفاء معاً سمح بجر رعاة المعارضة إلى التنازل، وإجبارها على إرساء الهدنة فی عموم الأراضی السوریة.

 

ویرى بوتین أن المیدان یسمح له بتقدیم حرکته المفاجئة على صورة تنازل ، ما یمنح الأمیرکیین سلماً یقدّمونه إلى المعارضین ورعاتهم الإقلیمیین. وهذه الخطوة حظیت برضى حلفاء موسکو مسبقاً، على حدّ تأکید مسؤولین فی محور المقاومة. ویتحدّث هؤلاء بثقة، قائلین : «من یراهن على تخلّی بوتین عن الأسد ، یمکنه أن یراجع باراك أوباما .

 

فإدارة الأخیر سبق أن أبلغت الإیرانیین و الروس ، على هامش المفاوضات النوویة ، أنها لا تمانع بقاء الأسد فی السلطة ، کما حقه فی الترشح إلى الانتخابات المقبلة . و فی هذا السیاق ، صدر قرار سحب القوات الروسیة».

شاهد أيضاً

شهداء وجرحى بتفجيرات إرهابية في منطقة السيد زينب (ع) بسوريا

استـشهد 6 أشخاص على الأقل وأصيب 23 آخرون الخميس جراء انفجارات في منطقة السيدة زينب ...