الرئيسية / تقاريـــر / هل سيخدم التقسيم السنة؟- د.جاسم بديوي

هل سيخدم التقسيم السنة؟- د.جاسم بديوي

بصرف النظر عن مشروع ماك اوثربي الذي شغل الأوساط السياسية والاجتماعية العراقية خلال الأيام الماضية والمقدم الى الكونغرس الأميركي, الداعي الى التعامل مع كردستان والمناطق الغربية كدولتين في ما يتعلق بالتسليح, وبصرف النظر أيضا عن نوعية التعامل والتسليح وحجمه ومتعلقاته, فان هناك العديد من الأسئلة التي يجدر بنا مناقشتها بعقلانية بعيدا عن ضجيج الانفعالات العاطفية, وأول هذه الأسئلة هو: هل يعود تعامل الولايات المتحدة الأميركية او العالم مع (الدولتين) بالنفع عليهما؟.
لأتحدث عن الدولة السنية التي جرى الحديث عنها بحماسة اكثر مما عليه الحال في اقليم كردستان, هذه الدولة ان تم, بالفعل, تأسيسها فانها سوف تعاني من عدة مشاكل من الممكن ان تتناوشها وتطيح بها قبل ولادتها, وفي مقدمة المشكلات معضلة الخلاف الاجتماعي والسياسي, فالموصل والانبار وتكريت مدن متفاوتة ديموغرافيا ما يجعل ولاء المواطن هناك مشتتا ومنقسما بين ولاءات عشائرية ودينية وحزبية,

فضلا عن سيطرة التنظيمات الارهابية كـ”داعش” والقاعدة والفصائل الأخرى على مفاصل القوة والثروة, ما يهدد كيان الدولة السنية العسكري, ويجعلها هشة وعرضة للانهيار في اية لحظة, اما خارجيا فان الارادة السياسية ستنصهر في بوتقة عجلة الحال الاقليمي, ويبدو ان منطقة الخليج تحديدا تعاني من انفجارات ضخمة ظهرت بوادرها جلية في حرب اليمن ولا احد يستطيع التنبؤ بما سيحدث في قابل الأيام, كما ان تركيا تغازل حلمها الامبراطوري ما يؤهل الدولة الوليدة الى فتح باب الاطماع المحيقة بها على مصراعيه لاسيما في حاجتها الى المساعدات الاقتصادية التي ربما سوف يقرها المجتمع الدولي في بداية الامر وسوف يتنصل عنها لاحقا كما يعرف الجميع.
لا احد يعرف شكل الدولة السنية المرتقبة والمفترضة, فالمزاج الموصلي ما بعد “داعش” يميل الى النموذج التركي, والانباري يريدها اقرب الى الخليجي الاميري, وربما التكريتي له رؤية أخرى إن قبل بالمشروع أصلا. وتقف الحرب بالوكالة على رأس اخطر ما يهدد “الدولة السنية”, فمن المتوقع ان تشهد صراعا داخليا على المصالح قد يدفعها الى شن حرب استنزاف بدعم اقليمي مع جارتها “الدولة الشيعية”, او حتى مع كردستان, ولا احد يعرف ما هي نتائج تلك الحروب المفترضة لكن يعرف الجميع انها ستشهد مزيدا من الويلات وعدم الاستقرار, وهذا في حال القضاء على ما يعرف بـ”دولة الخلافة” الداعشية التي تبدو انها تتحين الفرصة للانقضاض على السلطة المقترحة في الدولة السنية, ويبدو ان القادة السنة مدركون لهذه الحقيقة, ولعل الأسباب نفسها قد تنطبق على وضع كردستان التي لا تستطيع إعلان دولتها رغم المكتسبات السياسية التي حازتها منذ اكثر من عقدين, ومنها مشروع القرار نفسه.

شاهد أيضاً

شهر رمضان الذي أنزل فيه القرءان هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان

قال المولى جل وعلا في الآية (١٨٥)من سورة البقرة ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرءان ...