من الطبيعي أن تفشل السعودية في اليمن، و لعل نظام آل سعود قد اكتشف مؤخرا أن صعود الشجرة اليمنية ليس سهلا و أن المشكلة ليست في إعلان بداية الحرب بل في كيفية إنهائها، و بطبيعة الحال، عبرت الولايات المتحدة عن امتعاضها من الخطوة العسكرية السعودية في اليمن، لأنه و رغم أن خراج هذه الحملة الدموية هو للإدارة الأمريكية و للوبي الصهيوني الذي يحمى العرش السعودي فان هذه الإدارة التي تنقل وراءها كما من حالات الفشل المتواصلة منذ غزو العراق سنة 2003، لا تريد أن يحسب عليها الفشل السعودي في حين أن “إسرائيل” الخارجة من هزيمة عسكرية نكراء على يد حزب الله صيف تموز 2006، لا تريد أن تدفع فاتورة فشل التصرف السعودي الأرعن في اليمن خاصة و أنها لا تزال تعانى من حالة الفشل الناتجة عن عدم قدرتها على منع إمضاء الاتفاق النووي بين إيران و الدول الكبرى.
ضخت السعودية ملايين الدولارات النفطية في هذا الحرب الضروس على الشعب اليمنى بداعي إعادة ما سمته “بالشرعية” إلى سدة السلطة، و من البديهي أن هناك من صور هذه الحرب على أنها ستكون مجرد نزهة كما صور أصدقاء سوريا مسألة إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، فجنون القوة و الغطرسة قادر على إضاعة بوصلة هؤلاء الحكام المتآمرين الجبناء في السعودية، بالنتيجة سقط نظام المافيا السعودي في الامتحانين السوري و اليمنى و ها هو الاتحاد الأوروبي يدعو المجتمع الدولي لتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان باليمن إضافة إلى مؤسسات و مكونات دولية أخرى ذات العلاقة بحقوق الإنسان من شأنها أن تمثل ضغطا سياسيا و معنويا على هذا النظام التكفيري المتطرف، و لعل فشل السعودية في تحقيق نتيجة أو انتصار في اليمن يؤكد أن هذه المحمية الصهيونية تتصرف بعقول الصغار و تفشل في التعامل مع الشعوب و تبذر أموال خزائنها النفطية في تنفيذ المؤامرات الفاشلة.
بحسب دراسة غربية خسر النظام السعودي ما يقارب 3 آلاف جندي و ضابط في معارك ”إعادة الشرعية لليمن” إضافة إلى فقدان ما يقارب 400 جندي، و على ما يبدو استنفذت القوات السعودية المشاركة في عاصفة الحزم السعودية ترسانتها المليئة بالأسلحة الأمريكية الصهيونية البريطانية مما اضطرها إلى إبرام صفقات تسليح عاجلة لدعم قواتها المسلحة حتى لا يقع ضحية هجوم شرس “لمشاة” الجيش اليمنى الذي يتعامل مع هذه ”العاصفة” الدموية بأسلحة متواضعة، و إلى الآن لم تستطع السعودية تركيز نظام الرئيس المخلوع عبدربه منصور و لا إعادة الطمأنينة الأمنية داخل اليمن، و كل ما أنجزته القوات السعودية هو تدمير كلى للبنية التحتية اليمنية و قتل الآلاف من الأطفال و النساء في مذبحة مريعة استنفرت المجتمع الدولي و جعلته يتحرك للاستقصاء و البحث، في حين لا تزال المقاومة الشعبية اليمنية تدك القواعد و الحدود السعودية بنيران الصواريخ و ترفض رفع الرايات البيضاء رغم المجاعة و الضيق الاقتصادي و ندرة السلاح.
تدرك السعودية و ربما لا تدرك أن الطريق إلى صنعاء ليست سالكة و لن تكون، كما على هذا النظام الدموي الصهيوني آن يدرك أن “الذهاب” إلى صنعاء مكلف و مكلف جدا لان الشعب اليمنى لن يرضى بهذا الاحتلال الصهيوني و لن يقبل بأن تحكمه فئة صهيونية عميلة للأمريكان، وحتى إن حقق الجيش السعودي بعض التقدم المناطقى بفضل الدعم الأمريكي إذ أن غرفة العمليات العسكرية السعودية تدار من قبل خبراء عسكريين صهاينة و أمريكان و مصريين فلا بد من التمييز بين “احتلال” بعض القرى الهامشية و بين السيطرة على مدينة بحجم صنعاء تتطلب تضحيات و دفع ضريبة دموية كبيرة لا قدرة لهذا النظام الشمولي الآيل للسقوط على دفعها بعد كم الخسائر البشرية و المالية التي جعلته يفقد نصف ميزانيته في ظرف قصير و هو أمر لم يحدث في تاريخ السعودية، و من المؤكد للمتابعين أن النظام قد تعود على الخسائر و يرمى بنفسه في جحيم الفشل أملا في تحقيق ربع انتصار يتيم ليبرر حجم الإنفاق و حجم الخسائر البشرية التي تكبدها على جميع الجبهات اليمنية.
يقول المتابعون أن شعور نظام المافيا السعودي باقتراب ساعة رحيله و ربما تخلى “إسرائيل” عنه كما تخلت عن حسنى مبارك يدفعه إلى تقديم آيات الطاعة العمياء للمشروع الصهيوني في المنطقة، و يتفهم المتابعون أن دخول هذا النظام الدموي الحرب على اليمن و إعدام الشيخ نمر باقر النمر و محاولة تشويه صورة حزب الله في وجدان الشعوب العربية و محاولة إفشال الحل السياسي في سوريا و افتعال حرب كلامية مع إيران و تعطيل انتخاب الرئيس في لبنان و إعطاء الأوامر للجماعات الإرهابية لضرب الشعب التونسي عقابا على مساندته و إطاحته المعنوية بقرار توصيف حزب الله كمنظمة إرهابية كل هذه الحوادث و الإشارات هي حالة هستيريا متصاعدة أصابت النظام الفاشل و جعلته يتصرف بعدوانية كئيبة ضد كل الجيران و الأشقاء العرب خاصة أن الاتفاق النووي بين أمريكا و إيران يعتبر من وجهة النظر السعودية دليلا قطعيا على تغيير التوازن لصالح الجمهورية الإسلامية في إيران، و لعل الأيام القادمة ستؤكد للمتابعين و للشعب السعودي بالأساس كم الخسارة التي جره إليها هذا النظام العبثي العميل، و الفاتورة المعنوية التي سيكون على هذا الشعب دفعها للشعوب العربية المتضررة.