الرئيسية / أخبار وتقارير / جولة في تاريخ مسجد براثا

جولة في تاريخ مسجد براثا

 أحد أقدم المساجد في بغداد، وتسترجع تاريخ المسجد والقصص الدينية والتاريخية المرتبطة به، والمحفوظة في أذهان العراقيين حوله. الساعة الواحدة ظهراً، إنطلقت بنا السيارة باتجاه العطيفية وسط العاصمة العراقية. تلوح بين الأشجار مئذنة زرقاء قديمة، يشير السائق بيده إليها، هذا هو.. مسجد براثا.

 

خارج المكان أنت في العام 2014، أمن وحواجز وتفتيش ومنع إدخال الهواتف وآلات التصوير والتسجيل. نستثنى من المنع بسبب مهمتنا الصحفية. ليس في الأمر مزحة، يتحدث رجل الأمن عن أن أحد الانتحاريين جرى تفخيخ حذائه. المكان نفسه استهدف أكثر من مرة.

ما إن تصبح في الداخل حتى تجد نفسك في زمان آخر. جدران قديمة ونوافذ ملونة وقناطر ترسم لك ملامح ما كان ديراً قبل أن يصبح مسجداً.

قليلون الأشخاص الذين صادفناهم في باحة المسجد، لا يتجاوزون عدد أصابع اليدين، وصولنا بعد انتهاء وقت الصلاة لم يتح لنا رؤية سوى هؤلاء.

ليس المكان كبيراً، لا نحتاج دليلاً ليعرفنا إلى زواياه، ما احتجناه هو دليل إلى التاريخ والروايات المتعددة التي جعلت من هذا المسجد واحداً من المعالم التاريخية والمقدسة في بغداد.

سيدة عراقية تملأ ماءً
سيدة عراقية تملأ ماءً

سيدة عراقية أخذت على عاتقها هذه المهمة. معها عدنا بالزمن إلى وضع السيدة مريم العذراء للنبي عيسى، ترشدنا إلى صخرة بيضاء أحيطت بالزجاج، فوقها لوحة كتب عليها “هذه الصخرة التي وضعت مريم (عليها السلام) نبي الله عيسى (عليه السلام) من على عاتقها”. تنقل بعض الروايات التي تقول إن السيدة العذراء كان تحمل النبي عيسى وأرادت أن ترتاح قليلاً، فوضعته على هذه الصخرة، حتى إن كلمة براثا باللغة السريانية تعني “ابن العجائب” وقيل “بيت مريم” أو “أرض عيسى”.

ويتبارك بهذه الصخرة كل من يزور مسجد براثا وعلى وجه الخصوص المرأة التي لا تنجب، أو الفتاة التي “لم تجد نصيبها بعد”.

لوحة توثق ارتباط المسجد بالنبي عيسى وامه مريم
لوحة توثق ارتباط المسجد بالنبي عيسى وامه مريم

إلى زمن معركة النهروان نصل، آنذاك كان المكان عبارة عن دير وصله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وعدد من جنوده ليستريحوا من المعركة، أرادوا أن يشربوا الماء فلم يجدوا، بدأوا يحفرون في الأرض وعندما لم ينجحوا في استخراج الماء، دلهم أمير المؤمنين، بحسب الرواية، إلى المكان والعمق الذي يجب أن يحفروا فيه، فاصطدموا بصخرة وعندما أزاحها خرج ماء حلو المذاق.

تتوسط هذه الصخرة باحة المسجد الخارجية، وجرت العادة أن يملأ الزائر أو المصلي الماء من البئر ثم يضعه في جوف الصخرة وبعدها يشربه أو يمسح به وجهه.

وغالباً ما يأتي العراقيون بأولادهم الذين يعانون صعوبة في النطق فيشربونهم الماء من الصخرة لكي يصبح نطقهم سليماً ولذلك يحلو للبعض أن يسمي هذه الصخرة بـ”المنطّغة” باللهجة العراقية، أي “المنطّقة”.

المسجد من الخارج
المسجد من الخارج

الروايات التي تسمعها عن قدم المكان وتجذره في هذه الأرض منذ آلاف السنين تجعلك تقف ملياً أمام حجم الاهتمام الذي لا يحاكي أهميته وتاريخه.

ساعة في تاريخ واحد من أقدم مساجد بغداد، تنتهي جولتنا في مسجد براثا، نعود من جديد إلى الخارج، إلى 2014، أمن وحواجز وتفتيش.. وآلة تصوير في ذاكرتها صور عن المكان، وفي ذاكرتي مشاهد من زمن آخر مرّ من هنا.

 

 

 

 

 

 

 

شاهد أيضاً

شهر رمضان الذي أنزل فيه القرءان هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان

قال المولى جل وعلا في الآية (١٨٥)من سورة البقرة ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرءان ...