الرئيسية / القرآن الكريم / مع الطب في القرآن الكريم – الدكتور محمد علي البار 2

مع الطب في القرآن الكريم – الدكتور محمد علي البار 2

للانسانية إلى طريق الفلاح والهداية والتقدم (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) [الاسراء: 9].
وهكذا كانت رسالتنا هذه (مع الطب في القرآن) ثمرة قطفناها من بين رحاب القرآن، وحقول كلية الطب، سقينا زرعها فكرا وشعورا وتفاعلا صادقا، طوال سنوات ست من زهرة عمرنا عبد الحميد أحمد
(١٣)
مخطط البحث الباب الأول قطوف من الاعجازات الطبية في القرآن الباب الثاني القرآن وتخلق الانسان الباب الثالث القرآن وبعض سنن الحياة الباب الرابع القرآن والطب الوقائي الباب الخامس القرآن والطب العلاجي
كأنما يصعد في السماء قال تعالى (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء) [الانعام: 125] تقدم هذه الآية الكريمة تشبيها معجزا من وجوه عدة، وهي تعرض حقيقة علمية ثابتة في أسلوب بلاغي دقيق، ومن وجوه هذا الاعجاز:
أولا: صعود الانسان في السماء، فيوم سمع الناس بهذه الآية اعتبروا الصعود في السماء ضربا من الخيال، وأن القرآن إنما قصد الصعود مجازا لا حقيقة، والواقع أن هذه الآية الكريمة تعتبر نبوءة تحققت، في حياة الناس فيما بعد.
ثانيا: صحة التشبيه: فالارتفاع في الجو لمسافات عالية يسبب ضيقا في التنفس، وشعورا بالاختناق يزدادان كلما زاد الارتفاع (يصعد) حتى يصل الضيق إلى درجة حرجة وصعبة جدا، أما سبب ضيق النفس فيعود لسببين رئيسيين هما:
1 – انخفاض نسبة الأوكسجين في الارتفاعات العالية، فهي تعادل 21 % تقريبا من الهواء فوق سطح الأرض، وتنعدم نهائيا في علو 67 ميلا، ويبلغ توتر الأوكسجين في الأسناخ الرئوية عند سطح البحر 100 مم، ولا يزد عن 25 مم في ارتفاع 8000 متر، حيث يفقد الانسان وعيه بعد 2 – 3 دقائق ثم يموت.
2 – انخفاض الضغط الجوي: إن أول من اكتشف الضغط الجوي، هو العالم تورشيلي، وقدره بما يعادل ضغط عمود من الهواء المحيط بالأرض على سطح 1 سم 3 منها وهو يساوي ضغط عمود من الزئبق طوله 76 سم، وينخفض هذا الضغط كلما ارتفعنا عن سطح الأرض مما يؤدي لنقص معدل مرور الهواء عبر الأسناخ الرئوية إلى الدم، كما يؤدي انخفاض الضغط لتمدد غازات المعدة والأمعاء، التي تدفع الحجاب الحاجز للأعلى فيضغط على الرئتين ويعيق تمددها،
(٢١)
وكل ذلك يؤدي لصعوبة في التنفس، وضيق يزداد حرجا كلما صعد الانسان عاليا، حتى أنه تحصل نزوف من الانف أو الفم تؤدي أيضا للوفاة.
لقد أدى الجهل بهذه الحقيقة العلمية الهامة التي أساد إليها القرآن، إلى حدوث ضحايا كثيرة خلال تجارب الصعود إلى الجو سواء بالبالونات أو الطائرات البدائية، أما الطائرات الحديثة فأصبحت تجهز بأجهزة لضبط الضغط الجوي والأوكسجين. ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون [إبراهيم: 25].
(٢٢)
معجزة البصمة (1) قال تعالى: (أيحسب الانسان ألن نجمع عظامه (3) بلى قدرين على أن نسوي بنانه) [القيامة: 3 – 4] أنكر الحفار خلقهم الجديد واستبعدوه بعد أن تكون عظامهم رميما وأجسادهم ترابا، وكانوا يقولون: (أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون) ويجيب الحق تبارك وتعالى في أسلوب توكيدي، أن الله ليس بقادر على أن يجمع عظام الانسان، وأن يعيد خلقه فحسب، بل قادر على أن يعيد تسوية بنانه – والبنان هو نهاية الإصبع – ولكن لماذا خصص الله البنان دون سائر أجزاء البدن الكثيرة؟
وهو البنان أشد تعقيدا من العظام؟
لقد توصل العلم إلى سر البصمة في القرن التاسع عشر، وبين أن البصمة تتكون من خطوط بارزة في بشرة الجلد تجاورها منخفضات وتعلو الخطوط البارزة فتحات المسام العرقية، تتمادى هذه الخطوط وتتلوى، وتتفرع عنها تغصنات وفروع، لتأخذ في النهاية وفي كل شخص شكلا مميزا، وقد ثبت أنه لا يمكن للبصمة أن تتطابق وتتماثل في شخصين في العالم حتى في التوائم المتماثلة التي أصلها من بويضة واحدة.
يتم تكون البنان في الجنين في الشهر الرابع، وتظل ثابتة ومميزة له طوال حياته، ويمكن أن تتقارب بصمتان في الشكل تقاربا، ولكنهما لا تتطابقان البتة، ولذلك فإن البصمة تعد دليلا قاطعا ومميزا لشخصية الانسان معمولا به في كل بلاد العالم. ويعتمد عليه القائمون على تحقيق القضايا الجنائية لكشف المجرمين واللصوص.

(1) مصادر البحث.
– الطب محراب الايمان للدكتور خالص كنجو – دراسة الكتب المقدسة: موريس بوكاي
(٢٣)
وقد يكون هذا هو السر في خصص الله تبارك وتعالى من أجله البنان! إنه يريد أن يبين للانسان ولو بعد قرون من نزول هذه الآية أن الله قادر على أن يعيد بناء ما يميزه عن باقي بني البشر الذين مروا على هذه الحياة، وفي هذا بيان كاف لان يؤمن الانسان بأن البعث حق، كما أن الموت حق.
(٢٤)

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...