بعد ان حرر الحشد الشعبي ثلث الاراضي التي سيطر عليها تنظيم داعش الارهابي في العراق وحرم هذا التنظيم ايضا من نصف ايراداتها النفطية يعتقد ثلثا العراقيين حسب استطلاعات الرأي ان عمليات تحرير الموصل ستبدأ قريبا لكن الهاجس الكبير هو سعي الجهات المعادية والمعاندة في العراق لتهميش دور الحشد الشعبي في عملية تحرير الموصل.
وقد اعلن المحافظ السابق لنينوى اثيل النجيفي في السابع من ابريل ان هناك اتفاق بين حيدر العبادي ومسعود بارزاني يقضي بعدم مشاركة الحشد الشعبي في معركة تحرير الموصل بل ان الامر سيوكل الى البيشمركة والعشائر والشرطة المحلية، وكان اسامة النجيفي رئيس البرلمان العراقي السابق قد استخدم اللهجة نفسها في 3 فبراير مؤكدا ضرورة عدم مشاركة الحشد الشعبي في معركة تحرير الموصل واصفا تلك المعركة بالخاصة!
وكان المتحدث باسم الحشد الشعبي كريم النوري قد اعلن في 25 نوفمبر من العام الماضي ان الموصل مدينة عراقية وان الحشد لاينتظر اذنا من احد لتحريرها لكنه قال ان الامر يتطلب قبل ذلك تطهير محافظة الانبار.
وكانت مدينة الرمادي عاصمة محافظة الانبار قد سقطت بيد داعش في 15 مايو 2015 وحينها هرب الكثير من عناصر العشائر السنية من قتال داعش وقد قال رئيس هيئة اركان الجيوش الامريكي الجنرال مارتن ديمبسي ان القوات العراقية لم تطرد من الرمادي بل تركت مواقعها لكن في يوم 17 مايو اعلن حيدر العبادي انه سيدعو الحشد الشعبي للمشاركة في تحرير الانبار بعد طلب من مجلس محافظة الانبار وشيوخ العشائر.
وحسبما هو مقرر الان ستشارك قوات البيشركة والحشد الوطني السني وقوات تركمانية وقوات حماية السنجار وقوات شرطة نينوى ووحدة من قوات الرد السريع وقوات مكافحة الارهاب والشرطة الفيدرالية و3 الاف من قوات حشد العشائر (عشائر جنوب الموصل) في عملية تحرير الموصل من عدة محاور وسيحظى هؤلاء بدعم جوي من قبل طائرات التحالف الدولي والقوات الجوية العراقية وفي المقابل يتوقع ان يدافع 7000 عنصر محلي في داعش الى جانب 3000 عنصر اجنبي عن انفسهم في داخل الموصل كما سيشكل 6900 داعشي محلي و600 داعشي اجنبي حزاما في خارج الموصل.
وهكذا يتوضح ان المخططين للعملية لم يتركوا مجالا لمشاركة الحشد الشعبي في معركة تحرير الموصل، لكن ما هي اسباب هذا الامر؟
للاجابة على هذا السؤال ينبغي ان نقول “اولا” ان السنة كانوا يعارضون بشدة دخول الحشد الشعبي الى مناطقهم ويقيسون الحشد بداعش وان هؤلاء ربما يسعون منذ الان الى تشكيل كيان سني في الموصل بعد تحريرها ولذلك يعارضون مشاركة الحشد الشعبي في المعركة.
ثانيا : ان حكومة اقليم كردستان حساسة جدا ازاء اقتراب الحشد الشعبي من حدود الاقليم وخاصة في منطقة كركوك المتنازع عليها وقد حصلت اشتباكات بين الطرفين في طوزخورماتو على سبيل المثال، ان حكومة اقليم كردستان تريد حصر عملية تحرير الموصل بقوات البيشمركة للاستفادة من ذلك مستقبلا في تقرير مصير كركوك ومن ثم اعلان الاستقلال ويستفيد الاكراد من صداقاتهم مع عائلة النجيفي في هذا المجال.
ثالثا : الخشية الامريكية من زيادة قدرات الحشد الشعبي لأنها لاتريد ظهور نسخة ثاية من حزب الله العراق، وتستخدم امريكا بعض الادوات مثل السنة والاكراد وبعض الشيعة العلمانيين للحؤول دون اشتداد عود الحشد الشعبي.
رابعا : ان ما يسمى بالتيار الوطني في العراق والفرع اللندني من حزب الدعوة والذي يقوده العبادي يعتقدون ان العراق يجب ابعاده عن النفوذ الايراني وسلطة ولاية الفقيه ويقولون ان العراق يجب ان لايكون ساحة للاشتباك الامريكي الايراني.
خامسا : ان عدم مشاركة الحشد الشعبي في معركة تحرير الموصل يضع الحكومة العراقية والتحالف الدولي امام خيارين فإما الدخول في معركة طويلة الامد مع خسائر كبيرة ونتيجة غير معلومة وإما تنفيذ خطة مشابهة لما حصل في الرمادي والتفاوض مع داعش لسحب عناصره من نينوى نحو الاراضي السورية.