الشيعة وفلسطين – عبد الستار الجابري
الموقف الشيعي الرسمي من طوفان الاقصى
الحلقة الثانية والعشرون
– العراق والقضية الفلسطينية
العراق ابان الحرب العالمية الاولى
اندلعت الحرب العالمية الاولى عام 1914م واشتركت الدولة العثمانية فيها مع دول المحور ضد الحلفاء، وكانت الوضع في ممتكلكات الدولة العثمانية مزرياً فتونس والجزائر تم احتلالهما من قبل فرنسا قبل الحرب العالمية الاولى، وتقاسم الاسبان والفرنسيون المغرب واحتلت ايطاليا ليبيا وكانت مصر تحت النفوذ البريطاني وان لم يتم احتلالها عسكرياً، وكان مشايخ الخليج قد ارتبطوا بعلاقات مباشرة مع حكومة الهند البريطانية التي كانت تدفع لهم رواتب سنوية ومثلهم مشايخ بعض القبائل العراقية التي كانت تقوم بدور الحراسة للقوافل الانجليزية التي تقطع الصحراء العراقية السورية.
بعد دخول الدولة العثمانية الحرب ضد الانجليز اصدر شيخ الاسلام في الباب العالي فتوى الجهاد ولأول مرة في تاريخ العثمانيين يولون الكاظمية والنجف اهمية خاصة الغاية منها تحريك الروح الدينية لدى الشيعة لاصدار فتوى الجهاد ضد الانجليز وقد تحقق لهم ذلك على الرغم من كل الاقصاء الطائفي والجرائم التي ارتكبها العثمانيون بحق الشيعة في العراق، فكان اهالي منطقة شمال البصرة التي تعرف تاريخياً بالجزائر اول من لبى فتوى الجهاد فساروا بمشاحيفهم وابلامهم من المدينة والقرنة والشرش والدير واصطدموا مع الانجليز في منطقة كوت الزين الواقعة على شط العرب وقدموا المئات من الشهداء والجرحى وكان بين الشهداء نصر بن حمود ال جابر الامارة شيخ عشيرة الامارة والقبائل المنضوية تحت لواءه وابن هادي الشلال شيخ منطقة الشرش والعشائر المنضوية تحت لوائه، وهو اول صدام عسكري تواجهه القوات الانجليزية الغازية.
وتحرك علماء الدين الشيعة من الكاظمية يترأسهم السيد محمد الحيدري (قدس سره) مع من التحق به من مجاهدي الشيعة في بغداد وانحدر نحو الكوت ومنها الى ميسان فالقرنة عبر نهر دجلة وكانت العشائر الشيعية تحلتق بهم تباعاً واصطدموا مع الانجليز في اول مواجهة لهم معهم في القرنة، وقاد الشيخ محمد الخالصي (رحمه الله) فريقا اخر من اهل بغداد عبر الحويزة والتحقت به العشائر العربية في الحويزة والمحمرة وعبادان وخاضوا مواجهات ضد الانجليز مخالفين بذلك شيخ المحمرة المتواطئ مع الانجليز شأنه شأن حكام الجزيرة، ومن النجف تحركت جحافل علماء الحوزة وكان خطيبهم السيد الحبوبي (قدس سره) وترحكت معهم عشائر النجف والكوفة والمشخاب وامخرت سفنهم عبر الفرات وكانوا الى الديوانية واقضيتها فكانت عشائرها تلتحق بهم ومنها الى الرميثة والسماوة ثم سوق الشيوخ والعشائر تلتحق بركب العلماء المجاهدين، وانتقلوا من هناك الى منطقة الشعيبة حيث جرى النزال بين قوات المجاهدين والقوات الانجليزية، لقد سطر علماء وعشائر الشيعة اروع الملاحم وارسلوا عبر مواقفهم الى العالم اوضح الرسائل في حمل هم الاسلام والوقوف امام الغزاة الصليبيين، وقدمت العلماء والعشائر الشيعية الاف الضحايا بين شهيد وجريح، وبامكانياتهم الذاتية دون ان يكلفوا الاحتلال العثماني الطائفي البغيض ديناراً ولا درهماً.