تداولت بعض المواقع الإلكترونية، وعبر وسائل التواصل الإجتماعي؛ تسجيلا للمرجع الديني الشيخ النجفي (حفظه الله) يظهر من التسجيل أنه يحمل بشدة وانفعال على رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ويحمله مسؤولية كل الإخفاقات التي حدثت في العراق خلال السنوات التسع الماضية.
ولنا تعليق على هذا التسجيل، نشير إليه بعدة نقاط:
١- حسب علمي أن هذا الكلام صدر من الشيخ النجفي قبل مدة وليس يوم الأحد ٢٧ أبريل ٢٠١٤. إلا إذا كان قال الكلام في هذا اليوم مرة أخرى، وهو أمر مستبعد، وذلك لتطابق بعض العبارات بالنص والتمام.
٢- التسجيل تم تقطيعه بطريقة مقصودة ليظهر أن كل الكلام والنقد ضد المالكي، رغم أنه من الواضح أن بعض القضايا التي تطرق إليها لم يكن المسؤول عنها المالكي. ولهذا نتمنى أن يعرض النص الكامل لنعرف من كان المقصود بتلك الانتقادات.
٣- من الواضح أن توقيت بث هذا المقطع – وقبل يوم من انطلاق الانتخابات في الداخل- هو توقيت غير نزيه وله أبعاد دعائية، كنا نتمنى أن نبعد المرجعيات الدينية عنها (الدعاية).
٤- المؤسف إن صح صدور هذا الكلام من سماحة الشيخ النجفي (حفظه الله) فإنه ينعكس سلبا على مرجعية الشيخ النجفي أكثر من انعكاسه على رئيس الوزراء نوري المالكي؛ للأسباب التالية:
أ- أن أكثر الانتقادات التي وجهها سماحة الشيخ مبنية على معلومات غير صحيحة، وبعضها مبني على مغالطات؛ ولعل أوضحها هو مطالبة المالكي بتغيير المناهج او الدستور وكأن سماحة الشيخ لا يدري أن العراق اختار النظام البرلماني ولا يمكن تغيير المناهج او مواد الدستور الا من خلال البرلمان.
كذلك تعطيل الخدمات والموازنة والفساد المالي والإداري ليس بيد المالكي أو حزبه كما يتصور سماحة الشيخ.
العجيب كأن سماحة الشيخ يريد من المالكي أن يتحول إلى دكتاتور يأمر وينهى وليس لأحد معه قرار !!! وهي التهمة التي توجه للمالكي بشكل معاكس من آخرين. وكل من لديه أدني إطلاع يعرف أن هذا الأمر انتهى، ولا يستطيع أي حزب فعل ذلك بمفرده، وإنما التغيير يكون من خلال البرلمان. وحتى من ينشرون كلام الشيخ يعرفون أن هذا الكلام غير صحيح، وغير ممكن.
ونقول كما قال سماحته عندما استشهد في بيت الشعر:
إن كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
ب – وفرضا جدلا لو فرضنا أن أكثر كلام سماحة الشيخ النجفي، وانتقاداته لها ما يبررها، إلا أن كلامه لا يعتبر فتوى شرعية، لأن كلامه عباره عن تشخيص لموضوع خارجي، كتشخيص أي مراقب للعملية السياسية، وهو كما قال عن نفسه (غير معصوم)؛ ويقلل من أهمية ما قاله ما تقدم بأنه أكثر الانتقادات مبنية على معلومات غير صحيحة أو مغالطات. وواضح أنها جاءت بتأثير من جهات معينة ولأهداف انتخابية لصالح تلك الجهات.
وفي مقابل كلام المرجع النجفي؛ فهناك مراجع دينية لها مكانتها في الحوزة العلمية تدعم كيانات وشخصيات سياسية أخرى.
ج- كنا نتمنى أن يحافظ سماحة الشيخ النجفي (حفظه الله) على موقعية المرجعية الأبوية لكل الأطراف، ولا تنحاز لطرف بشكل واضح كما صرح سماحته، على حساب قطاعات كبيرة من الشعب العراقي من مؤيدي الأحزاب والكيانات السياسية (الإسلامية الشيعية) الأخرى.
وختاما:
مع كامل الإجلال والاحترام لكل المراجع الدينية؛ إلا أننا نقف إجلالا وتقديرا خاصا لمرجعية آية الله العظمى السيد السيستاني (حفظه الله) والذي أعطى مواصفات المرشح الصالح، وترك التشخيص للمكلفين ليقوموا بمسؤوليتهم، ويعتمدوا على قناعاتهم، حتى لا تتحمل المرجعية مسؤولية الاختيار ان أساء النواب في المستقبل وهم غير معصومين.
نسأل الله أن يوفق أهلنا في العراق لاختيار الأنسب والأصلح، وحفظ الله حوزتنا العلمية، ومراجعنا الكرام، وأدام ظلهم ذخرا للمسلمين والإسلام.
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.