لنذق طعم حلاوة ضيافة الله ـ 1
سماحة الشيخ بناهيان: ما ينبغي أن يكون شعورنا تجاه شهر رمضان؟
كتاب «مدينة الله؛ شهر رمضان وأسرار الصيام» ـ باللغة الفارسية ـ لسماحة الشيخ بناهيان والذي قد نزلت إلى الأسواق الطبعة الثامنة منه، يشتمل على نقاط ورؤى جديدة وعمليّة للانتفاع الأكثر من شهر رمضان وقد كتب بلغة سهلة وبسيطة. فوددنا أن نستقبل أيام شهر رمضان ولياليه الجميلة بمقاطع ومقتطفات من هذا الكتاب. فإليكم القسم الأول من هذه المقاطع
ما ينبغي أن يكون شعورنا تجاه شهر رمضان؟
طيب، إن هذا الشهر المبارك مع ما ينطوي عليه من روعة وجمال، والذي دعانا إلى ضيافة الله، وجعل الله مضيّفنا، فما ينبغي أن يكون شعورنا تجاهه؟ وبأي قلب يجب أن نستقبل رمضان؟ فمع وجود كل هذه الوعود الإلهية الرائعة في هذا الشهر، هل ينبغي أن نستقبل شهر رمضان بشوق وفرح وحسب؟ أو أن للخوف والخشية محلا في هذا البين؟
لا شك في أن أول ما يتبادر إلى القلب هو الاغتباط بلذّة توفيق الحضور في مثل هذه الضيافة الكريمة. ولكن كلما كان الشوق مصحوبا بالخوف، سبقه الخوف في إظهار نفسه وكأنه يطلب من الإنسان أن عالج الخوف وأرح بالك منه أولا، ثم أسرع إلى شوقك. وأنتم تعلمون جيدا أن الخوف إنما ينبثق من القلب الشائق وإن الشوق هو الذي يفرض على الإنسان الخوف من المخاوف والمخاطر وأن لابدّ من معاملتها بكلّ حكمة وعقل.
هيبة شهر رمضان
نحن إن كنّا قد صدّقنا بالحضور بين يدي المضيّف في هذه الضيافة، وأدركنا عظمة ربّ شهر رمضان، سيعتري قلبنا الخوف ـ بلا شك ـ من سوء الأدب في هذا المجلس العظيم، مضافا إلى شعور الاغتباط بهذه الضيافة. كما أنه قبل الاستعداد للحضور في هذا الحفل العظيم، ستعترينا الرهبة من تجلّي كل هذه العظمة أمام وجودنا الحقير.
ألم يقل الإمام السجاد في دعاء وداع شهر رمضان: «وَ [ما] أَهْيبَكَ فِي صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ» [الصيفة السجادية/الدعاء45] فمن أين أتت هذه الهيبة؟ من الواضح أنها ناجمة من التقرّب إلى محضر ربّ العالمين، وإما ناشئة من أهمية مراعاة آداب شهر رمضان وأداء أعماله، لئلّا يتعدّى الضيف الأدبَ على ساحة القدس الربوبي أو على مجلس ضيافته الكريم.
عندما كان رسول الله(ص) يتحدث مع جابر بن عبد الله عن بركات شهر رمضان، عرّج على شروطه وآدابه وقال: «يا جَابِرُ هَذَا شَهْرُ رَمَضَان مَنْ صَامَ نَهَارَهُ وَ قَامَ وِرْداً مِنْ لَيلِهِ وَ عَفَّ بَطْنُهُ وَ فَرْجُهُ وَ کَفَّ لِسَانَهُ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ کَخُرُوجِهِ مِنَ الشَّهْر» فاسترّ جابر من ثمرات شهر رمضان وبشاراته وقال: «يا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَحْسَنَ هَذَا الْحَدِيثَ» فأجابه النبي(ص) وقال: «يا جَابِرُ وَ مَا أَشَدَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ»[الکافي، ج4، ص87، باب أدب الصائم، ح 2] ففي الواقع أراد النبي(ص) أن يلفت نظر جابر إلى أهميّة شهر رمضان وخطره. ولا شكّ في أن النبي(ص) يريد من أتباعه أن يكونوا في قلق مراعاة آداب شهر رمضان أكثر من البهجة والتمتع ببركات هذا الشهر وبشاراته.
عدم الاسترخاء من طبيعة مجلس الضيافة
من شأن كلمة «الضيافة» أن تلفتنا إلى بعض أوجه الصعوبة في شهر رمضان. لأن الإنسان بطبيعة الحال لا يمكنه أن يسترخي ويكون على راحته في مجلس الضيافة ـ حتى وإن كان زاخرا بالعطايا ـ كما إذا كان في بيته، ولذلك وبسبب اقتضاءات مراعاة الأدب، يعاني من بعض القيود التي لا وجود لها في بيته. مهما كان مجلس الضيافة ممتعا ومريحا للإنسان مع ذلك لا يسعه أن يفعل كلّ شيء، وبقدر أهمية المجلس وشموخه، ينشغل الإنسان عن راحته بالانتفاع من هذا المجلس.
يتبع إن شاء الله…