الأخوة في الإسلام :إخوان الصدق
24 يونيو,2019
صوتي ومرئي متنوع, طرائف الحكم
1,509 زيارة
س من هم الإخوان الذين ينبغي معاشرتهم ومجالستهم؟
ج لعلّه من خلال ما مرّ بنا في الدرس السابق أصبح واضحاً من هو الأخ حقاً وكيف يجب أن ترسم معالم الأخوة في الإسلام بما يتفق مع تعاليمه الكبرى وخطوطه العامة التي لا يجدر بالإنسان المؤمن الحياد عنها، وهنا سوف نتكلم عن الأوصاف الحميدة التي إن توفّرت في فردٍ بشكل جامعٍ، لم يكن بالإمكان الاستغناء عنه ولا الزهد فيه، فقد ورد في الحديث انه كالغذاء يحتاج إليه كل وقت(1) فمن هو أفضل الإخوان وخيّرهم.
أ خير الأخوان:
1 المحبّ في الله تعالى:
عن أمير المؤمنين عليه السلام: »خير الإخوان من كانت في الله مودّته«(2).
وعنهعليه السلام: »خير الإخوان من لم تكن على الدنيا أخوّته«(3).
2 المواسي لك:
عن أمير المؤمنينعليه السلام: »خير إخوانك من واساك وخير منه من كفاك وإذا إحتاج إليك أعفاك«(1).
وفي حديث اخر: »خير أخوانك من واساك بخيره وخير منه من أغناك عن غيره«(2).
3 الداعي إلى الله تعالى:
والمراد منه من كانت دعوته بالعمل إضافة إلى القول كما عبّرت عن ذلك النصوص الشريفة حيث ورد عن أمير المؤمنينعليه السلام: »خير إخوانك من دعاك إلى صدق المقال بصدق مقاله، وندبك إلى أفضل الأعمال بحسن أعماله«(3) و»خير إخوانك من سارع إلى الخير وجذبك إليه وأمرك بالبرّ وأعانك عليه«(4).
4 المعين على الطاعة:
عن أمير المؤمنين عليه السلام: »المعين على الطاعة خير الأصحاب«(5).
وعنه أيضاً: »إذا أراد الله بعبدٍ خيراً جعل له وزيراً صالحاً إن نسي ذكّره، وإن ذكر أعانه«(6).
وفيما ورد عن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لما سئل من أفضل الأصحاب: »من إذا ذكرت أعانك وإذا نسيت ذكّرك«(7).
حيث تكون الوظيفة الأولى في حالة الذكر بأن الله تعالى حاضر وناظر وهي المعاونة »وتعانوا على البرّ والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان« وتكون الوظيفة الثانية في حالة النسيان والغفلة هي التذكير والتوعية اتجاه المسؤولية الإلهية الملقاة على عاتقه.
ب خير الجلساء:
عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم حينما سئل أي الجلساء خير؟ فقال: »من ذكّركم بالله رؤيته وزادكم في علمكم منطقه. وذكرَّكم بالاخرة عمله«(1).
يعني أن الأمور المذكورة تساهم مساهمة حقيقية في بناء الشخصية الإيمانية ومصدرها الخير الذي هو عليه في الحال والمنطق والعمل حيث تكون الثمرة من هذه المجالسة مكسباً معنوياً سواء في ذكر الله أو زيادة العلم أو تذكر الاخرة، وليس غريباً أن المؤمن إذا فقد أخاه وجليسه الذي يمتاز بهذه المواصفات أن لا يحب البقاء بعده وهذا دليل أنه من الخيرة والصفوة ويشعر أن الذي فقده هو بعضه كما يقول أحد الشعراء:
ومن محن الدنيا بقاؤك بعد مَنْ
إذا رحلوا أبقوك دون مشابهِ
فوجهٌ إذا ما غاب تبكيه ساعةً
ووجهٌ تملّ العمر عند غيابهِ
وتدفن فيه بالثرى إن دفنتهُ
وجودك إن المرء بعض صِحابهِ
ج إخوان الصدق:
وهم الذين ينبغي معاشرتهم، يقول أمير المؤمنين عليه السلام: »وعليك بإخوان الصدق فأكثر من اكتسابهم، فإنّهم عدّة عند الرخاء وجنّة عند البلاء«(1).
وعن الإمام الحسن عليه السلام في وصيته لجنادة في مرضه الذي توفي فيه: »إصحب من إذا صحبته زانك، وإذا خدمته صانك، وإذا أردت منه معونة أعانك، وإن قلت صدّق قولك، وإن صلت شدّ حولك، وإن مددت يدك بفضلٍ مدّها، وإن بدت عنك ثلمة سدَّها، وإن رأى منك حسنةً عدّها، وإن سألته أعطاك، وإن سكتّ عنه ابتداك وان نزلت احدى الملمات به ساءك«(2).
د مصاحبة العلماء:
لقد أكدّت الروايات المباركة على مصاحبتهم ومجالستهم لأنهم قادة الركب الربانيّ الذين يأخذون بيد المرء إلى العالم العلوي ويصلون به إلى حيث أراد الله سبحانه من خلال بثّ معارفهم وممارسة دورهم في الهداية والتربية والدفاع عن مبادىء الدين وصيانة الشريعة من أن تدخلها البدع والانحرافات ومما ورد في ذلك:
عن أمير المؤمنين عليه السلام: »عجبت لمن يرغب في التكثر من الأصحاب كيف لا يصحب العلماء الألبّاء الأتقياء الذين يغتنم فضائلهم وتهديه علومهم وتزينه صحبتهم«(3).
وعنه عليه السلام أيضاً: »جالس العلماء يزدد علمك ويحسن أدبك«(1).
وما في وصية لقمان لابنه: »يا بنيّ جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك فإن الله عز وجل يحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الأرض بوابل السماء«(2).
وعليه يكون في مقابل ذلك ترك مجالستهم موجباً للخذلان من الله تعالى، لأن الابتعاد عنهم معناه الابتعاد عن المدرسة الإلهية التي أمر المولى سبحانه بالتربي في كنفها وتحت ظلالها، وهذا ما جاء صريحاً في دعاء الإمام السجّاد عليه السلام: »أو لعلك فقدتني من مجالس العلماء فخذلتني«.
ه مصاحبة الحكماء:
وهناك روايات أكدّت أيضاً على مصاحبة الحكماء ومجالسة الحلماء لما في هذين الصنفين من الناس من مواصفات عالية تترك اثارها في الجنبة العلمية وكذلك العملية بما يساعد الإنسان عبر العلاقة بهم في طريقه إلى الكمال.
فعن أمير المؤمنين عليه السلام: »صاحب الحكماء وجالس الحلماء وأعرض عن الدنيا تسكن جنة المأوى«(3).
وفي رواية أخرى: »أكثر الصلاح والصواب في صحبة أولي النهى والصواب«(4).
و مخالطة كرام الناس:
حيث ذكرت جملة من الروايات انها موجبة للسعادة ومبعدة للشقاوة.
ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: »أسعد الناس من خالط كرام الناس«(1).
والحمد للّه رب العالمين
الهوامش:
(1) ميزان الحكمة، ح220.
(2) ن. م. ح264.
(3) م. ن. ح265.
(1) ميزان الحكمة، ح2624.
(2) م. ن. ح2634.
(3) م. ن. ح2685.
(4) م. ن. ح2674.
(5) م. ن. ح13301.
(6) م. ن. ح10333.
(7) م. ن. ح10330.
(1) بحار الأنوار، ج71، ص186.
(1) بحار الأنوار، ج71، ص187.
(2) ميزان الحكمة ح10243.
(3) م. ن. ح10248.
(1) م. ن. ج1، ص55.
(2) م. ن. ج1، ص402.
(3) م. ن. ح10245.
(4) م. ن. ح10244.
(1) م. ن. ح10251.
2019-06-24