الرئيسية / تقاريـــر / أين كانت القبة الحديدية؟ – رون بن يشاي

أين كانت القبة الحديدية؟ – رون بن يشاي

الجيش الإسرائيلي، ولسبب ما، يفضل الاعتماد على القرارات التي تتخذها المخابرات العسكرية في ما يتعلق بنوايا حماس. إلا أنه ليس بالإمكان بناء سور على هذا النحو. ولإسرائيل القدرة على حماية حياة المدنيين. وهي قد جمعت فعلاً قدرات للتغطية على نقاط الضعف في النقب الغربي.
الجيش الإسرائيلي يفضل الاعتماد على القرارات التي تتخذها المخابرات العسكرية
إطلاق الصاروخ يوم أمس (21/8/2016) يؤشر إلى تصعيد على الحدود مع قطاع غزة. صحيح أن حماس ليست هي من أطلق الصاروخ، وليس أحد التنظيمات الكبيرة الأخرى، إلا أن عملية الإطلاق ذاتها، وقت الظهيرة، ومباشرة إلى داخل منطقة مبنية بكثافة، تشكل تصعيداً خطيراً.
وفي الحادثتين السابقتين كانت عملية الإطلاق إلى سديروت باتجاه مناطق مفتوحة، أو أنه تم تنفيذها خلال ساعات متأخرة في الليل، والتي تكون فيها الغالبية الساحقة من المواطنين موجودة في البيوت أو بالقرب من المناطق أو الغرف المحمية. أما عملية الإطلاق يوم أمس فقد تمت بهدف إصابة البشر، ولذلك فهي تشكل تدهوراً مقارنة مع الوضع الذي نشأ بعد عملية “الجرف الصامد” في صيف 2014. كما أن رد الجيش الإسرائيلي، ودولة إسرائيل، كان خارجاً عن المألوف من حيث شدته وحجمه، وكذلك من حيث استمراره والضرر الذي ألحقه. وقد كان لذلك سببان: ضرورة الرد بشكل متناسب وبما ينسجم مع تصعيد عمليات الإطلاق من جانب التنظيمات المارقة، وكذلك حقيقة أن هناك وزير أمن جديد يجلس في وزارة الأمن.
إلا أن ما حدث يوم أمس يقتضي تفكيراً جديداً. فالرد العادي الذي يقوم به الجيش الإسرائيلي على عمليات إطلاق الصواريخ من قطاع غزة يخطئ الهدف. فالهجمات التي تم شنها من الجو، ومن الأرض، على أهداف لحماس وللجهاد الإسلامي وللجبهة الشعبية، جاءت بالفعل حتى تدرك تلك التنظيمات في غزة أن إسرائيل لن تسلم مع أي نوع من عمليات الإطلاق من القطاع. أي لردعها، إلا أن الرد الإسرائيلي جاء بشكل أساسي لدفع حماس للعمل على منع عمليات الإطلاق ومعاقبة منفذيها.إن من يقوم بعمليات الإطلاق هي تنظيمات جهادية معنية بالتسبب بتدهور الأوضاع بين إسرائيل وبين حكم حماس، ومعنية بإسقاطها أيضاً، ولذلك تبذل الحركة التي تسيطر على قطاع غزة جهوداً ملموسة من أجل منع عمليات الإطلاق إلى إسرائيل. وحتى أنها تجند من أجل ذلك تنظيمات فلسطينية كبيرة أخرى.كما أن حركة حماس تعاقب بشدة من يقوم بعمليات الإطلاق، إلا أن التنظيمات الجهادية المارقة، التي تتطلع بشكل عام إلى قبولها في داعش، لا ترتدع من ذلك. وقد جاء الرد الإسرائيلي لدفع حماس إلى مطاردة تلك التنظيمات ومنعها من القيام بعمليات إطلاق متقطعة كهذه. وتحاول إسرائيل فعل ذلك عن طريق توجيه ضربة للممتلكات: وبشكل خاص التحصينات التي أقامتها الحركة على امتداد الحدود، ونقاط الرصد التي تجمع من خلالها المعلومات الاستخبارية حول الجيش الإسرائيلي.ومع ذلك، فإن هذا غير كافٍ، والدليل على ذلك هو أن التنظيمات “المارقة” تواصل عمليات الإطلاق، بل إن هذه العمليات أصبحت أكثر خطورة. وفي الجيش الإسرائيلي يعرفون كل هذا، وحتى أنهم يفهمون أن الحظ هو الذي حال دون وقوع إصابات بين مواطني سديروت. ومن هنا تأتي الحيرة الكبيرة: أين الاعتراض الذي تنفذه القبة الحديدية؟ فإسرائيل تمتلك قدرة مثبتة على اعتراض الصواريخ بنجاح تقارب نسبته 90%. وعليه، لماذا يقامرون في الجيش الإسرائيلي وفي المؤسسة الأمنية، بشكل عام، على أمن المواطنين في المناطق المعرضة لوقوع أحداث فيها؟وفي الجيش الإسرائيلي يبررون ذلك بالقول إن البطانية قصيرة والاحتياجات كثيرة. إذ أنه يجب إفساح المجال أمام بطاريات القبة الحديدية لإجراء التدريبات، والقيام بعمليات الصيانة. كما أنه يجب الإبقاء على بطاريات القبة الحديدية في حالة جهوزية لاحتمال حدوث تطور غير متوقع. إن كل ذلك صحيح، إلا أنه يوجد لدينا هنا نموذج عمل واضح للتنظيمات “المارقة” التي تحاول، بشكل واضح، إلحاق الضرر بالمواطنين الإسرائيليين. ولذلك فإن المهمة الأولى من حيث الأهمية للجيش الإسرائيلي هي حماية المدنيين. والقبة الحديدية في المكان توفر حماية للمحيط، لا بأس بها لما يسمى “غلاف غزة”.لكن الجيش الإسرائيلي، ولسبب ما، يفضل الاعتماد على القرارات التي تتخذها المخابرات العسكرية في ما يتعلق بنوايا حماس. إلا أنه ليس بالإمكان بناء سور على هذا النحو. ولإسرائيل القدرة على حماية حياة المدنيين. وهي قد جمعت فعلاً قدرات للتغطية على نقاط الضعف في النقب الغربي. ويجب أن نتذكر: إن هذه التنظيمات السلفية – الجهادية “المارقة” لا تمتلك صواريخ بعيدة المدى، بل صواريخ القسام فقط، وشبيهاتها، التي يصل مداها إلى كيلومترات معدودة. وهي تشكل فريسة مثالية للقبة الحديدية. فلماذا إذاً يتذكرون بعد أن يقوم هؤلاء “المارقين” بعمليات الإطلاق، حيث يلعب الحظ دوره في عدم إصابتهم لأهدافهم؟ يجب أن يسبق الدواء الداء، وألاّ يتم إغلاق باب الإسطبل بعد أن تكون الخيول قد هربت، حتى لو لحق بعض الضرر بعمليات التدريب، وحتى وإن لم يكن الأمر مريحاً لصيانة منصات إطلاق القبة الحديدية في الميدان. 

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...