وصف الخبير في الشؤون التركية محمد علي دستمالي عمليات درع الفرات شمالي سوريا بأنها دليل صريح على الخلافات المحتدمة بين واشنطن وأنقرة ولا سيما أنها تتزامن مع زيارة مساعد الرئيس الأمريكي لتركيا.
دستمالي قال في حوار مع وكالة تسنيم الدولية للأنباء بخصوص الاجتياح التركي لمدينة جرابلس السورية والتي أطلق عليها “درع الفرات” حيث توغلت القوات التركية مدعومة بالدروع والدبابات الأراضي السورية “ان الدبابات التركية اجتاحت الأرضي السورية تزامناً مع زيارة مساعد الرئيس الأمريكي لأنقرة جو بايدن، ومن ناحية أخرى فإن هذه العمليات تزامنت أيضاً مع زيارة كل من رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني والمسؤول عن الشؤون العربية والأفريقية في وزارة خارجية الجمهورية الإسلامية حسين جابري أنصاري، مما يدل على أن أنقرة تخوض مداولات دبلوماسية على نطاق واسع لكنها مع ذلك أقدمت على هذا الإجراء لتؤكد على أنها جارية قدماً في تحقيق أهدافها بالقوة العسكرية عند عدم نجاح دبلوماسيتها في ذلك.
ووصف هذا الخبير العمليات التركية في الشمال السوري بأنها تحمل في طياتها هدفين أساسين وصرح بالقول: الهدف الأول الذي تروم تركيا تحقيقه هو الحيلولة دون استحكام شوكة الأكراد في هذه المنطقة لكونها ترجح سيطرة ما يسمى بالجيش الحر والأكراد المدعومين من قبل حكومة أردوغان علي سيطرة القوات الكردية الموالية لما يسمى بـ “ب ك ك” أي الحزب العمال الكردستاني.
وأكد محمد علي دستمالي أن توغل الدبابات التركية في الشمال السوري ينم عن شدة الخلافات بين واشنطن وأنقرة وتفاقمها يوماً بعد يوم، وأضاف: هذا الإجراء الاستعراضي التركي في مدينة جرابلس السورية هو في الحقيقة رسالة واضحة للولايات المتحدة تروم حكومة أردوغان إرسالها بشكل عملي عن طريق مساعد الرئيس الأمريكي الذي يعتبر الشخص الثاني في الحكومة الأمريكية بعد أوباما أثناء زيارته تركيا، حيث عارض البيت الأبيض هذه الإجراءات مراراً وشجبها بشدة في حين أن أنقرة حذرت حكومة أوباما عدة مرات بأنها لا تطيق تواجد الأكراد في المنطقة الغربية لنهر الفرات.
ونوه هذا الخبير على أن الولايات المتحدة تفاجأت بهذا التحرك العسكري المثير للجدل ولم تتلق من أنقرة أية معلومات مسبقة حوله، وقال: البيت الأبيض وخلافاً للحكومة التركية لا يعتبر الأكراد عدواً ولا يتعامل معهم كما يتعامل مع تنظيم داعش، بل يعتبرهم حلفاء أوفياء، ولكن رغم ذلك فالحكومة الأمريكية قد لا تعترض على هذا التوغل العسكري من منطلق علاقاتها الوطيدة مع ما يسمى بالجيش الحر فضلاً عن حذرها من إثارة سخط أنقرة لكونها عضواً في حلف شمال الأطلسي “الناتو”.
وأشار السيد دستمالي إلى تزامن هذه العمليات أيضاً مع زيارة رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني معتبراً أنّ هذه الزيارة تأتي تهدف إلى حلحلة أوضاع المدارس التابعة للمعارض التركي فتح الله غولن في إقليم كردستان حيث تعهد بارزاني للحكومة التركية بأنه سيتخلى عن دعم تيار غولن ولكن الأهم من ذلك هو الاتفاق على تسوية أوضاع المناطق الشمالية في سوريا، وصرح بالقول: يبدو أن الحكومة التركية تعارض استحكام شوكة الأكراد في شمال سوريا، ولكنها في الحقيقة قلقة بالتحديد من تعزيز قدرة القوات الموالية لحركة “ب ك ك” الكردية المعارضة، إذ لو كانت حكومة أردوغان على ثقة بأن مدينة منبج السورية ستتحرر بواسطة الأكراد الموالين لمسعود بارزاني ومن ثم يتوجهون نحو مدينة جرابلس فهي بكل تأكيد كانت سترضى بذلك ولم تتخذا أي إجراء عسكري مباشر، بل إنها كانت ستدعم هذه القوات لوجستياً لكون الخلافات بين الحركتين الكرديتين المذكورتين حاد للغاية وأردوغان بدوره لا يرغب بتهدئة الأجواء بين الطرفين.
وأضاف هذا الخبير: الحكومة التركية تحاول كسب امتيازات من حكومة أوباما بالنسبة إلى قوات البيشمركة التي تلقت تدريبات عسكرية في مدينة أربيل العراقية وتريد إعادة سيناريو مدينة كوباني السورية.
وضمن إشارته لاحتمال تشكيل تحالف ثلاثي بين الجمهورية الإسلامية وتركيا وروسيا صرح بالقول: التوغل التركي في الأراضي السورية أثبت عدم صحة التنبؤات المتفائلة حول انخراط أنقرة في معسكر طهران وموسكو إلا إذا أعلن أن حكومة أردوغان قد اتخذت هذا الإجراء بالتنسيق مع الجمهورية الإسلامية، ولكن هذا الأمر مستبعد.
وختم السيد محمد علي دستمالي كلامه قائلاً: هناك توافق بين تركيا من جهة وبين الجمهورية الإسلامية وروسيا من جهة أخرى حول محاربة تنظيم داعش الإرهابي، ولكن هناك خلافات حول دعم أنقرة للمعارضة السورية وليس من المتوقع أن تحل بسهولة.