الحلقة 01/ المقدمة
اللهم كنا لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعيناً حتى تسكنه أرضك طوعاً وتمتعه فيها طويلاًً . . . . .
ثلاثة مجالات للحديث عن المهدي المنتظر ، تمس الحاجة إلى العناية بها أكثر من غيرها . . . هي :
1 – عقيدة « السنة » في المهدي . . .
2 – قصص التشرف بلقائه عليه السلام . . .
3 – آداب الغيبة الكبرى .
عقيدة السنة في المهدي :
من الأخطاء الشائعة أن « السنة » يعتقدون بالمهدي إلا أنهم يعتقدون أنه لم يولد بعد . . . والصحيح أن قسماً كبيراً من علماء السنة الكبار يعتقدون بأن المهدي عليه السلام ولد ، وأنه المهدي المنتظر الذي يعتقد به الشيعة .
وقد أنهى بعض المتتبعين عدد العلماء السنة الذي صرحوا بذلك إلى المائة وعشرين عالماً ( 1 ) . . .
وهناك العديد من الكتب التي ألفها بعض هؤلاء الأعلام
حول الإمام المنتظر وأكدوا فيها كل الحقائق التي يرويها الشيعة حوله عليه السلام . . .
وما هو بحاجة إلى الدراسة . . . هو تسليط الضوء على عقيدة السنة في المهدي عبر القرون . . . ودور الحكام المنحرفين في طمس معالم هذا المعتقد رغم الجهود التي بذلها العلماء الأبرار رضوان الله عليهم .
ويرقى هذا الموضوع « الإعتقاد بالمهدي » إلى كونه واحداً من الأسس التي تقوم عليها الوحدة الإسلامية . . .
لا شك أن مما يسهم في شد أواصر الوحدة الإسلامية وترسيخ دعائمها . . . الحديث عن :
1 – واجب المودة في القربى . . . حب أهل البيت عليهم السلام .
2 – الإعتقاد بالمهدي المنتظر .
وكلا هذين الأساسين لا يحظيان – للأسف – بالعناية التي يستحقان . . . علماً بأن من شأن المتفق عليه بين السنة والشيعة فيهما أن يشعرنا جميعاً بمزيد من الحب لبعضنا . . . ووجوب العمل معاً . . . لأننا من مسيرة واحدة قائدها واحد . . . هو المهدي المنتظر من ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( 1 ) . . .
وما أروع أن تعيش الأمة هذه الحقيقة في هذا العصر الذي يشهد أحداثاً جساماً تصلح أن تكون مؤشرات على إفلاس النظم الوضعية والديانات المحرفة . . . واقتراب ظهور المصلح العالمي . . . والله تعالى العالم . . .
إن من نتائج عيش هذه الحقيقة – حتى إذا لم نكن في عصر الظهور – أن يجعل المسلمين يتطلعون إلى الغد المشرق الذي ترتفع فيه راية لا إله الا الله محمد رسول الله خفاقة بيد ولي الله . . . فتتهاوى كل الرايات وينزل نبي الله عيسى ( على نبينا وآله وعليه أفضل الصلاة والسلام ) ليصلي خلف المهدي . . . وفي بيت المقدس بالذات إيذاناّ بنهاية كل الطواغيت والمحرفين للكتابين المقدسين التوراة والإنجيل . . .
ولاشك في أن هذا الغد المشرق يحتاج إلى جنود « أشداء على الكفار . . . رحماء بينهم » . . . « تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناَ » . . .
إن من شأن إدراك الواقع المعاش . . . والتطلع إلى المستقبل أن يخففا من حدة خلافات الماضي ، فينطلق الفهم للأسس العقيدية في الاتجاه السليم .
« ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها
عبادي الصالحون » .
« ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين » .
قصص التشرف بلقاء المهدي عليه السلام :
اعتنى علماؤنا عبر العصور بنقل قصص اللقاء . . . وبلغ اهتمامهم بها بحيث أنك لا تجد كتاباً من المصادر الأساسية عن الإمام المهدي لا يذكر بعض قصص التشرف بلقائه عليه السلام . . . بل أفرد لها بعض علماؤنا المتقدمين كتاباً مستقلاً . . . بالإضافة إلى العدد من كتب المتأخرين في هذا الباب . . .
ومن الطريف أن عدداً من العلماء السنة يؤكدون قصة تشرف أحد أهل العبادة من المسلمين السنة بلقائه عليه السلام . . .
وينبغي أن تدرس هذه القصص على مستويين :
الأول : التوثيق ودراسة الأسناد .
الثاني : الدلالات .
وقد قام المحدث الجليل صاحب مستدرك الوسائل رضوان الله عليه بجهد كبير في المجال الأول في موسوعته القيمة بالفارسية عن الإمام المهدي عليه السلام التي سماها « النجم الثاقب » إلا أن كثرة القصص وانتشارها على المساحة الزمنية الممتدة من عصر الإمام العسكري
عليه السلام إلى يومنا هذا تفتح الباب على مصراعيه أمام مزيد من الجهد والتحقيق . . . وأسأل الله التوفيق لإنجاز محاولة في هذا المجال نفسه اعتمدت فيها بشكل رئيس على ما حققه المحدث صاحب المستدرك في النجم الثاقب . . . آمل – بحول الله – أن تكتمل قريباً وتجد طريقها إلى الطبع . . .
وأثناء محاولتي هذه تبلورت لدي فكرة كتاب عن « آداب الغيبة » وما أقدمه الآن هو مختصر في ذلك ، آثرت أن أقدمه – بمناسبة ولادة الإمام المهدي عليه السلام .
آداب الغيبة :
تحت هذا العنون يورد علماؤنا الأبرار عادة الأعمال المستحبة ( الصلوات ، الأدعية ، الزيارات الخ ) التي ينبغي الإتيان بها في زمن غيبة الإمام المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف . . .
ومن الواضح ما لهذه الأعمال من دلالات . . . فهي من الناحية العبادية ذات أثر عظيم لأنها تحقق الارتباط بولي الله تعالى الذي يجب الارتباط به كدليل إلى الله لمعرفته سبحانه وعبادته كما أراد وأمر . . . مما يعطي للعبادة روحها ويبتعد بها عن مهاوي الردى وشباك قطاع الطرق إلى الله . . . وهي من الناحية السياسية تؤمن علاقة ينبغي أن تكون قائمة بين الأمة وإمامها . . . بحيث يصبح المسلم يدرك بوضوح أنه مرتبط بقائد الأمة الذي نص عليه
المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بأمر من الله سبحانه وتعالى أضف إلى ذلك ما يؤمنه أداء هذه الأعمال بشكل سليم من حل للمشاكل الفردية والاجتماعية عن طريق التوسل إلى الله تعالى بوليه الأعظم في زمن الغيبة الكبرى . . .
إن الإعتقاد الحار بوجود قائد إلهي هو أحد أوصياء رسول الله صلى الله عليه وآله ، ادخره الله تعالى ليظهر دينه على الدين كله ، من شأنه أن يبعث الحرارة في كل مفردات المعتقد ، ويبعث الدفء في جميع أوصال الأمة فيلم شملها ويجمع كلمتها على التقوى . . . ويرفد المسيرة المؤمنة بمخزون إيماني وحركي هائل ، فإذا بها تشعر تلقائياً بالتواصل مع المسيرة المؤمنة في عصر آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد المصطفى وجميع أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .
إن من شأن هذا الإعتقاد الحار أن يجعلنا نفهم كتاب الله تعالى كما أنزل كتاباً للمستقبل كله غيبه وشهادته . . . فإذا بقصصه نابضة بالحياة يمكن أن تتكرر وإذا بأحكامه يجب أن تطبق . . . وستطبق ولو كره الكافرون . . .
وإذا بالإسلام نهج حياة . . . وليس تراثاً . . . كالتراث الإغريقي !
وإذا بالكعبة قبلة حقيقة . . . لكل العالمين . . .
وإذا بالقدس ملتقى المهدي والمسيح . . . وفلسطين
أرض النبوات لا أرض الميعاد لقتلة الأنبياء . . .
وبديهي أن « آداب الغيبة » تسهم جذرياً في حرارة الإعتقاد بالمهدي عليه السلام . . .
ولأهميتها الكبرى هذه . . . اهتم بها علماؤنا بل أفرد لها بعضهم كتاباً مستقلاً . . .
وبين يدي القارئ العزيز استعراض موجز لهذه الآداب . . .
وقد كان من الضروري بين يدي الحديث عنها تقديم نبذة عن الإمام المنتظر . . . أرواحنا له الفداء .
أسأل الله سبحانه أن يجعل هذا القليل خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفع به . . . إنه ولي الإحسان .
بيروت – حسين كوراني
1 شعبان 1410 ه
المهدي المنتظر . . .
* ملامح عامة
يا يحيى . . . .
خذ الكتاب بقوة . .
وآتيناه الحكم صبياً
مريم – 12
قالوا :
كيف نكلم من كان في المهد صبيا
قال :
إني عبد الله . . .
آتاني الكتاب . . .
وجعلني نبياً . .
مريم – 30