الرئيسية / شخصيات أسلامية / بمناسبة شهادة الامام الكاظم عليه السلام – المراحل التاريخية لمرقد الامامين الجوادين (عليهما السلام)

بمناسبة شهادة الامام الكاظم عليه السلام – المراحل التاريخية لمرقد الامامين الجوادين (عليهما السلام)

الوقائع والاحداث التاريخية التي مرت على المرقدين الطاهرين للامامين موسى بن جعفر الكاظم وحفيده الامام محمد بن علي الجواد (عليهما السلام)، في الزوراء (بغداد)، مقابر قريش وما جرى عليه من عوادي الزمن من هدم وتخريب وتعمير.

 

في بادئ الامر اشترى الامام موسى بن جعفر (عليه السلام) لنفسه أرضاً في باب التبن([63]) في ضواحي بغداد عندما استدعي من قبل الطاغية هارون الرشيد، ليجعلها مدفناً له بعد شهادته، بعلم الامامة، ولما قضى الامام نحبه شهيداً سنة (183هـ/ 799م) مسموماً في سجن السندي بن شاهك بأمر طاغية زمانه هارون الرشيد العباسي عليه لعائن الله وملائكته، دفن في تلك البقعة.

وفي سنة (220هـ/ 835م) استشهد حفيده الامام أبو جعفر محمد بن علي الجواد (عليه السلام) في بغداد بسمّ المعتصم العباسي، ودفن خلف مرقد جده الامام موسى بن جعفر (عليه السلام) في نفس البقعة.

تمر سنوات عجاف على أهل البيت وشيعتهم، فقد كان الزائرون والوافدون على مرقد الامامين (عليهما السلام) يقصدونهما للزيارة والتبرك ولثم أعتابهما الطاهرة بصورة خفية، وذلك من جراء ضغوط السلطات عليهم وملاحقتهم، والقبض عليهم، والتفنن في إلحاق الاذى بهم بشتى صنوف التعذيب والمضايقة. وبمرور الايام وبعد فترة من الزمن وعلى الرغم من تلكم المضايقات أصبحت منطقة باب التبن، والتي سميت فيما بعد (بمقابر قريش) لكثرة ما دفن فيها من بني هاشم وبني العباس من أمراء ووزراء وأعيان، فقد عمرت المنطقة شيئاً فشيئاً وأصبحت قرية عامرة يسكنها الموالون لاهل البيت لمجاورة المرقدين.

ثم شُيّد على المرقدين بناية وبداخلها ضريحان للامامين منفصلين عن بعضهما، ولا نعلم على وجه التحديد أيّ سنة تمّ البناء الاوّل. وقبل أن يتم بناء حرم للقبرين الشريفين كان هناك مسجد عامر يقصده الزوار والقاطنون بالقرب من المنطقة ; لاداء طقوسهم الدينية، وأداء الفرائض، يعرف بمسجد باب التبن.

في سنة (336هـ/ 947م) شُيّد أول بناء ضخم بشكل مزار للمرقدين الطاهرين وقد تمَّ ذلك بأمر معزّ الدولة أمير الامراء أبي الحسين أحمد بن بويه المتوفّى سنة (356هـ/ 967م). فقد أُزيلت العمارة الاولى، ورُفع الضريحان الاوليان، ووضع على القبرين الشريفين مكانهما ضريحان صُنعا من الخشب الساج المزيّن، وبُني عليه عمارة جليلة تعلوها قبتين بديعتين، وهما أول قبتين توضعان على ضريح الامامين (عليهما السلام)، وزُيّنت العمارة ببعض المعلقات النفيسة على جدرانها، ووُضعت بداخلها القناديل، كما وُكِّل إلى ثلاثة من الجنود للخدمة، والمحافظة على المرقد الطاهر، ولتأمين سلامة الزائرين.

ومن هذا الوقت بدأ للناس عهد جديد بزيارة الامامين، فازداد المجاورون للمشهد الشريف تبعاً لذلك، وكثُرت زوّاره بشكل ملحوظ جداً.

وكان معزّ الدولة قد اتخذ له بيتاً فخماً جوار الامامين، فكان يقصدهما للزيارة كل ليلة جمعة مع وزرائه وأعيان دولته، يبيتون فيه ليلتهم تلك ثم يغادره نهارها بعد تجديد الزيارة ووداع الامامين (عليهما السلام).

وفي سنة (352هـ/ 963م) أمر معزّ الدولة بإقامة العزاء لسيد الشهداء الحسين بن علي (عليه السلام) في شهر محرم الحرام، فكان هذا أول مأتم يقام لسيد الشهداء في هذه المدينة التي سمّيت فيما بعد (الكاظمية) أو (الكاظمين). كما أمر الناس في بغداد كلها بغلق الحوانيت، وتعطيل الاسواق في يوم عاشوراء، وأن يُظهروا الحزن، ويلبسوا السواد بزيٍّ خاص بالمناسبة، وأن يخرج النساء والرجال لاطمي الصدور، وافدين على الامامين الكاظمين (عليهما السلام) معزّين لهما بمصاب جدّهما الحسين (عليه السلام)، وبقيت هذه السُنّة طيلة الحكم البويهي للعراق. ويمكن اعتبار هذه التظاهرة أول موكب عزاء يخرج إلى الشارع لاظهار الحزن والعزاء على مصاب الحسين الشهيد (عليه السلام).

 

وفي سنة (490هـ/ 1097م) قام الاسعد بن موسى القمي، أبو الفضل مجد الملك أحد وزراء بركيا روق بن ملكشاه السلجوقي المتوفّى سنة (498هـ/ 1104م) بتعمير الروضة الكاظمية المقدسة، فوضع للبناء أساساً محكماً، وعلى القبرين صندوقين من الساج، كما بنى مسجداً إلى الشمال من الروضة، وهو الذي جدد بناءه الشاه إسماعيل الصفوي وسمّي بـ (الجامع الصفوي)، وبنى للروضة المشرّفة – على ساكنيها آلاف التحية والتسليم – مأذنتين رفيعتين، وشيّد في خارجها بيتاً واسعاً كثير الغرف لنزول الزوّار فيه.

 

وفي سنة (517هـ/ 1123م) في أيام المسترشد بالله الفضل بن أحمد المستظهر بالله العباسي المتوفّى سنة (529هـ/ 1135م) الحاكم التاسع والعشرون من ملوك بني العباس، حدثت نكبة أخرى في بغداد، وتفاقمت الاحداث بين السنة والشيعة ، فشنّ المخالفون المتعصّبون هجوماً على مرقد الامامين، فقلعوا الابواب، ونهبوا المعلّقات والستائر، وقناديل الذهب والفضة، وخرّبوا كل معالم زينة الروضة المباركة. فأنكر المسترشد ذلك العمل، وأمر بتأديب المهاجمين الناهبين، وردِّ ما نهبوه. فتمكّنوا من استعادة بعض ما نُهب، وضاع الكثير.

 

وفي سنة (554هـ/ 1159م) في ربيع الثاني طغى ماء دجلة أيضاً، فغرقت بغداد ومقابرها، ومنها مقبرة أحمد بن حنبل وغيرها من الاماكن والمقابر، حتى إنّ بعض القبور انخسفت، وطفحت أجساد الموتى على سطح الماء، إلاّ مشهد الامامين والحربية([64])، قاله ابن الجوزي في المنتظم([65])، فقد أُغلقت أبوابها، فلم يدخل إليها الماء، وكانت آية عجيبة.

 

وفي سنة (569هـ/ 1173م) فاضت دجلة، وزاد الماء زيادة لم يسبق بمثلها، فسرى الماء إلى مقابر قريش، حتى دخل إلى الروضة المقدّسة، فتهدّمت بعض الابنية فيها، وتهدّم أكثر سور المشهد المقدّس.

 

وفي سنة (575هـ/ 1180م) استلم الملك الناصر لدين الله أحمد بن المستضيء العباسي المتوفّى سنة (622هـ/ 1225م)، وكان يميل لحبّ أهل البيت (عليهم السلام). فوكّل وزيره مؤيد الدين محمد بن محمد القمي بالاشراف على تعمير المشهد الكاظمي المشرّف، فبدأ بترميم ما أتلفته يد العدوان، وعوادي الزمن، فزيّن الصندوقين الخشبيين، وأصلح الرواق والمأذنتين ووسّع الصحن، وزاد في الحجرات في أطرافه. كما جعل المشهد المبارك أمناً وملاذاً للمذنبين بالعفو عن جرائم من التجأ إليه، وقضاء حوائجه.

 

وفي سنة (608هـ/ 1211م) وبأمر من الناصر لدين الله – ولاول مرة – خُصّصت بعض حجرات الصحن الشريف لتكون مدرسة للعلوم الدينية والعربية، وأمر بقراءة مسند أحمد على الفقيه الامامي صفي الدين محمد بن معد الموسوي، وأجرى للطلاب أرزاقاً. كما بنى داراً للايتام محاذية للصحن المطهّر.

 

وفي أيامه بُني سور محكم حول البلدة ; ليكون سداً أمام طغيان الماء، وردّاً للمفسدين من التعرض للروضة ; لانّ سور الصحن لم يكن يفي بالحماية من جرف الماء، ونهب السرّاق.

 

وفي سنة (614هـ/ 1217م) زادت دجلة زيادة عظيمة لم يحدث مثيلها من ذي قبل، فلم يحم سور البلدة، ولا سور الصحن، المرقد الشريف من دخول الماء إلى داخل الروضة المباركة، فتهدّمت حيطانها، وخُرّبت جدرانها بعد أن تلاشى السوران، وانهدمت العديد من البيوت والابنية المجاورة.

 

وفي سنة (622هـ/ 1225م) في أيام الظاهر بأمر الله، الذي لم يحكم أكثر من سنة واحدة، وقع حريق هائل في مشهد الكاظمين، فأتى الحريق على الاثاث والفرش، والمصاحف، والكتب، وسرت النيران إلى الصندوقين في القبة الشريفة، فأمر الظاهر وزيره مؤيد الدين القمي بتعمير المشهد وإعماره، وفي أثناء ذلك مات الظاهر سنة (623هـ/ 1226م)، فتولّى الحكم من بعده ولده المستنصر بالله المنصور بن الظاهر الحاكم العباسي السادس والثلاثون المتوفّى سنة (640هـ/ 1242م) فأكمل البناء والتعمير بأروع مما كان قد ابتدأ، وأمر بعمل صندوق خشبي من الساج، هو اليوم في المتحف العراقي، وهو آية في الحسن والفن في النقش والترصيع والتذهيب، وعليه كتابات جميلة، واسم المستنصر بالله، وتاريخ صنعه سنة (624هـ). كما وضع من قناديل الذهب والفضة، والشمعدانات، والمعلّقات النفيسة، والستائر الشيء الكثير. وهو الذي بنى المدرسة المستنصرية في بغداد.

 

وأخيراً أمر بصنع صندوقين من الخاتم المرصع بالعاج، ومزيّنين بنقوش جميلة، وكتابات بديعة نُصبا على القبرين الانورين بدلاً من الصندوق الذي وضعه المستنصر بالله، الذي أمر الشاه إسماعيل بإرساله إلى المدائن ليوضع على قبر الصحابي الجليل سلمان الفارسي (رضي الله عنه)، وبعد تأسيس دار الاثار العراقية نُقل هذا الصندوق المستنصري إليها فوضع في متحفها.

 

وأهدى الشاه الصفوي قناديل الذهب والفضة، والمعلّقات النفيسة فعُلقت في سقف الروضة. وفرش أرضية الروضة والرواق حولها بالسجاد الثمين.

 

وتمت معظم أعمال البناء الاساسية والتزيين والخدمات الاخرى سنة (926هـ/ 1515م) كما جاء في نصّ الكتابة التي على قاشاني الباب الشرقي. وأما الجامع الصفوي والروضة المباركة فلم ينتهِ العمل بهما إلاّ في سنة (935هـ/ 28 – 1529م).

 

وفي سنة (941هـ/ 1534م) يوم الاثنين 24 جمادي الاولى دخل السلطان العثماني سليمان القانوني المتوفّى سنة (974هـ/ 1566م) بغداد فاتحاً، ومنهياً الحكم الصفوي للعراق. وبعد أربعة أيام من دخوله بغداد، تجول في العتبات المقدسة في الكاظمية وكربلاء والنجف الاشرف. وأمر بإتمام النواقص الطفيفة التي لم تنجز من أعمال البناء التي بدأها الشاه إسماعيل الاول الصفوي لمرقد الامامين الكاظمين (عليهما السلام).

 

وفي سنة (978هـ/ 1570م) ورد السلطان العثماني سليم الثاني المتوفّى سنة (982هـ/ 1574م) بغداد. ورغم أنه كان سكيراً، فقد قام بزيارة الكاظمية المقدسة، وأكمل بناء المنارة الواقعة ما بين المشرق والشمال والتي لم يكن بناؤها قد اكتمل بعد.

 

وفي سنة (1032هـ/ 1623م) زار الشاه عباس الصفوي الكبير العتبات المقدسة في العراق – بعد فتحها مرة ثانية – وأمر بصنع ضريح من الفولاذ – ولاول مرة – لحفظ صندوقي الخاتم، فصُنع الضريح ووضع على الصندوقين الكريمين. وزاد في النفائس والمعلّقات وأنواع الزينة في الروضة والرواق.

 

وفي سنة (1042هـ/ 32 – 1633م) زادت دجلة زيادة هائلة، فحدث نتيجتها فيضان عظيم تضررت من جرائه بغداد والكاظمية ومنها مرقد الامامين (عليهما السلام)، فحصلت فيه أضرار كثيرة. فأمر الشاه صفي الصفوي المتوفّى سنة (1052هـ/ 1643م) بترميم ما خرّبته المياه من الروضة والرواق والصحن.

 

وفي سنة (1045هـ/ 35 – 1636م) أمر الشاه صفي الدين بإحكام بناء المنائر الاربع التي بدأها الشاه إسماعيل الاول، وزاد أربع منائر أخرى صغيرة في زوايا سطح الروضة المقدسة.

 

وفي سنة (1047هـ/ 1638م) دخل السلطان العثماني مراد الرابع المتوفّى سنة (1049هـ/ 1640م) بغداد منتزعاً إياها من يد الصفويين بعد حصار لها دام أربعين يوماً. فنهب الجنود الاتراك البلدة، وقتلوا من وجدوه أمامهم من الناس، ولم يسلم منهم مرقد الامامين الكاظمين، فنهبوا ما فيه من قناديل الذهب والفضة والمعلقات والستائر وغيرها مما استطاعوا حمله.

 

وبين سنتي (1111 – 1112هـ/ 1699 – 1701م) جدّد الوزير حسن باشا سقف الروضة الشريفة، وعمل فيها بعض الترميمات والاصلاحات.

 

وفي سنة (1115هـ/ 3 – 1704م) وفي أيام السلطان حسين بن سليمان الصفوي المتوفّى سنة (34 – 1135هـ/ 1722م) استبدل محمود آقا التاجر الشباك الفولاذي بآخر جديد جلبه معه أثناء حجّه لبيت الله الحرام، ورافقه في رحلته هذه زهاء عشرة آلاف نسمة، ثلاثة آلاف منهم حجّوا معه، والباقي عادوا بعد نصب الشباك الجديد. وقد رافقه في هذا المهرجان الكبير حرم السلطان وأعيان الدولة والوجهاء وغيرهم.

 

وفي سنة (1211هـ/ 96 – 1797م) أمر السلطان محمد شاه الاول مؤسس الدولة القاجارية التي حكمت إيران بين (1200 – 1343هـ/ 1786 – 1925م) – ولاول مرة – بتذهيب القبتين الكريمتين، ورؤوس المنائر، والايوان الصغير الذي في طريق الرواق الجنوبي، وأمر بفرش الرواق والروضة بالمرمر الابيض وعمّر من الصحن ما خرّبته الايام، وزاد في سعته بشراء الدور المجاورة.

 

وفي سنة (1231هـ/ 1816م) قام السلطان فتح علي شاه القاجاري المتوفّى سنة (1250 هـ/ 1834 م) بشيء من الاصلاح والتعمير من داخل الروضة المنوّرة، فغشّى جدرانها بالمرايا، ونقش باطن القبتين بنقوش جميلة بالميناء وماء الذهب.

 

وفي سنة (1255هـ/ 1839م) قام الوزير معتمد الدولة منوجهر خان بإكساء الايوان الجنوبي للروضة بالذهب الخالص، وزيّن صدر الايوان بأسماء الائمة الاثني عشر (عليهم السلام)، ثم بنى الصُّفّة الشرقية (طارمة باب المراد)، وبعدها بُنيت الصُّفّة الجنوبية (طارمة باب القبلة).

 

وفي سنة (1264هـ/ 1848م) قام سليم باشا الفريق بتعمير الحجرة الصغيرة التي في الصحن أو التي فيها قبري إبراهيم وجعفر ابني الامام موسى الكاظم (عليه السلام) وبنى عليها قبة، وبنى لهما مرقدين يليق بهما (رضي الله عنه)، وفي ذلك يقول الشاعر عبد الباقي العمري مؤرخاً عام البناء، وقد اخترنا منها هذه الابيات:

 

فريق جند النصر سمح اليدين*** أعني سليم القلب من كل رينْ

 

آثار أنوارها قد بدت*** باهرةً تزهر بالقبتينْ

 

إذ شاد ما كان بها داثراً*** فأشرقت في حضرة النيّرينْ

 

شبلَي جناب الكاظم المرتجى*** سلالة السبط الامام الحسينْ

 

بنى بطوع لهما مرقداً*** ببذله التبر ونقد اللجينْ

 

بعوق أصحاب العبا أرّخوا*** شاد سليم مرقد الفرقدينْ

 

1264هـ

 

وفي سنة (1281هـ/ 64 – 1865م) حصل تعمير للروضة الكاظمية، ولا ندري أهي عملية الاكساء الذهبي للايوان الشرقي الاتية، والتي أمر بها ناصر الدين شاه؟ أم عملية تعمير وترميم سبقتها انتهت في ذلك التأريخ؟ وفي ذلك يقول الشاعر الشيخ جابر الكاظمي مؤرخاً:

 

فقل لمن قصد الزوراء معتمداً*** قطع الفدافد يطوي كل بيداء

 

إن صرتَ غربيّ بغداد وشمت سنا الـ*** وادي المقدّس مأوى كلّ آلاء

 

قل للمنيبين رشداً من مؤرخه*** نادوا المهيمن هذا طور سيناء

 

1281هـ

 

وفي سنة (1282هـ/ 1866م) أمر ناصر الدين شاه أحمد بن محمد شاه ابن عباس ميرزا ابن فتح علي شاه المتوفّى سنة (1313هـ/ 1896م) بأن يُكسى الايوان الشرقي بالذهب من فاضل ذهب قبة الامامين العسكريين في سامراء، التي كانت قد غشّيت بالذهب في ذلك الوقت، وكان ذلك قبل قيامه بزيارة العتبات المقدسة. كما أُصلح ما استرمَّ من جدران الروضة وسقوفها والمرايا والنقوش، وزُيّنت جدران الرواق الخارجية بالقاشاني.

 

وفي العام التالي (1283 هـ) أمر ناصر الدين شاه بنصب ضريح فضي – لاول مرة – فوق الضريح الفولاذي القديم. وذُهّبت جملة من كتابات الروضة الشريفة، وأماكن من الرواق، واستمرت أعمال البناء والترميم إلى سنة (1284هـ) فتمت فيها زخرفة إيوان (باب المراد) بالزجاج، كما تمّ تفضيض باب الروضة ونصبها.

 

وفي سنة (1287هـ/ 1870م) زار ناصر الدين شاه العتبات المقدسة في العراق، فبذل خلال زيارته مبالغ طائلة لتصرف في شؤون العتبات العالية، ومنها مرقد الكاظمين، فأُصلح ما كان يحتاج إلى إصلاح.

 

وفي سنة (1293هـ/ 1876م) بدأت أهم عمارة للصحن الشريف. فقد عزم معتمد الدولة فرهاد ميرزا ابن عباس ميرزا ابن فتح علي شاه عم ناصر الدين شاه على تشييد الصحن الكاظمي، وتجديد عمارته. فقلع البناء القديم من أساسه ، وابتاع عدداً من البيوت المجاورة له بأثمان باهضة وضمها إلى ساحة الصحن. وفعلاً فقد شُيّد صحن رفيع البنيان، محكم الاساس، وأُنشئت في أطرافه الحجرات الجميلة بأواوينها البديعة وعلى طابقين – وهي عمارته الحالية في يومنا هذا – وزيّنت الجدران بالقاشاني. وفُرشت أرض الصحن بالصخور الثمينة التي جُلبت من إيران ولاول مرة نصبت ساعتين كبيرتين في الصحن الشريف وفي تاريخ انتهاء أعمال البناء قال إمام الحرمين الميرزا محمد آل داود الهمداني:

 

صحن موسى حظيرة القدس*** فاق طور الكليم في سعدِ

 

يالها من بنيّة شهدت*** كعبة، أنها منى الوفدِ

 

حرم فاق حسنه إرماً*** ليس فيه ذكرى سوى الحمدِ

 

صرح هامان خرّ من خجل*** مذ بناه (فرهاد) ذر المجدِ

 

قلت لما شاد البنا أرّخ*** هو صحن كجنّة الخلدِ

 

1297هـ([66])

 

وفي سنة (1299هـ/ 1882م) جدّد معتمد الدولة فرهاد ميرزا تذهيب المآذن، ووكّل على إتمام أعمال البناء والاصلاح وبقية الخدمات المرحوم الحاج عبد الهادي الاسترابادي، أحد أعيان بلدة الكاظمية في ذلك الحين، والمتولي للحضرة الشريفة فيما بعد. وقد تمت أعمال الصيانة والاصلاح في سنة (1301هـ).

 

وفي سنة (1324هـ/ 1906م) في السادس من جمادى الاولى، وفي عهد كليدارية الشيخ عبد الحميد بن طالب، نُصب ضريح فضي جديد على نفقة الحاجة سلطانه بيكم بنت مشير الملك الشيرازي. وقد تعاقد على صياغته ثلاثة من الصاغة هم: السيد محسن بن هاشم آل أبي الورد الكاظمي، والسيد محمد علي الكاظمي، والميرزا محمد الشيرازي النجفي. وبلغ مقدار الفضة المستعملة فيه مئتان وخمسون ألف مثقال وربع المثقال (يعادل تقريباً 1172 كيلوغراماً). كما بلغت تكاليفه حتى إتمام نصبه خمسون ألف تومان إيراني.

 

ومرقد الامامين موسى الكاظم، ومحمد الجواد (عليهما السلام) يقع في وسط مدينة الكاظمية أو الكاظمين كما يسميها البعض، وهذه تقع إلى الشمال الغربي من مدينة بغداد على الضفة اليمنى لنهر دجلة أي في الجانب الغربي منه.

 

ويحيط بالمشهد الكاظمي سور ضخم مستطيل الشكل، يبلغ طوله (123) متراً وعرضه (118) متراً. وله تسعة أبواب، هي: باب القبلة جنوباً وتعلوها ساعة كبيرة وباب المراد شرقاً وتعلوها أيضاً ساعة كبيرة وهما أهم أبواب الصحن، وباب صاحب الزمان غرباً الكائنة في صحن قريش، هذه ثلاثة أبواب رئيسية كبيرة. وأما بقية الابواب الستة الصغيرة ; فإثنان في الضلع الجنوبي، وإثنان في الضلع الشرقي، وواحد في ضلعه الغربي، وإثنان في الضلع الشمالي.

 

هذا ما كان من عمارة المشهد المقدّس، وأما إذا أردنا الخوض في من دُفن جوار الامامين (عليهما السلام) فالحديث عنهم يطول، وقد تتبع العلاّمة الدكتور مصطفى جواد أسماءهم وتاريخ وفياتهم خلال سبعة قرون تبدأ من القرن الثاني وتنتهي بالقرن الثامن الهجري، في بحثه القيم: (السلك الناظم لدفناء مشهد الكاظم) المقدّم إلى موسوعة العتبات المقدسة والذي نُشر في المجلد العاشر منها. فقد استوفى البحث مئة وأربعين من الملوك والوزراء والعلماء والاعيان والادباء وغيرهم. ولمزيد من التفصيل راجع المصدر المذكور.

 

https://t.me/wilayahinfo

 https://chat.whatsapp.com/CaA0Mqm7HSuFs24NRCgSQ0

00

شاهد أيضاً

شهر رمضان الذي أنزل فيه القرءان هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان

قال المولى جل وعلا في الآية (١٨٥)من سورة البقرة ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرءان ...