الرئيسية / تقاريـــر / الهدف.. إسقاط حزب الله والنظام في طهران – كارولين غليك

الهدف.. إسقاط حزب الله والنظام في طهران – كارولين غليك

يوم الأربعاء أعلن دونالد ترامب أنه ينوي تعيين الجنرال الاحتياط جون كيلي، القائد السابق للقيادة الجنوبية العسكرية الأميركية المسؤول عن أميركا اللاتينية، لمنصب وزير الأمن الداخلي. كما يوجد في الطاقم الأمني السياسي للرئيس الجديد جنرالان متقاعدان: مايكل فلين، وهو المدير السابق لوكالة استخبارات الدفاع، والذي سيشغل منصب مستشار الأمن القومي، والجنرال جيمس ماتيس، الذي شغل في السابق منصب قائد القيادة المركزية والمسؤول عن موضوع العالم الإسلامي، والذي سيشغل منصب وزير الدفاع. وبالإضافة إلى كون الثلاثة ضباط متقاعدين فإن الشيء المشترك بينهم هو معارضتهم لسياسة الرئيس أوباما تجاه إيران. حيث كان أوباما قد أقال فلين من منصبه في عام 2014 بعد أن عارض سياسته حيال إيران وحيال الإخوان المسلمين.

وفي كتابه الجديد “ميدان المعركة”، الذي صدر هذا العام، يدعو فلين إلى إسقاط النظام في طهران. وحسب رؤيته، فإن على الولايات المتحدة أن تعمل ضد النظام في طهران بواسطة معارضيه الكُثر في الداخل. وهو يدّعي أن الجهات المعارضة، التي كادت أن تُسقط النظام خلال الثورة الخضراء في عام 2009 لكنها فشلت، حسب رأيه، لأن أوباما رفض دعمها، هذه الجهات لا زالت موجودة.

أما ماتيس فقد أقيل من منصبه في عام 2013 لأنه عارض الاتفاق النووي. ووفق التقارير التي كانت قد نشرت في تلك الفترة فإن ماتيس قد ادعى أنه حتّى وإن أدّى الاتفاق إلى تخفيض وتيرة تقدم إيران في المجال النووي فإن إلغاء العقوبات الاقتصادية الدولية سيمكنّها من التحوّل إلى قوة إقليمية عظمى، وهي ستشكّل بذلك خطراً على المصالح الأميركية في الشرق الأوسط.

أما كيلي فقد حذّر من جانبه مراراً وتكراراً من أن الحدود الجنوبية المخترقة للولايات المتحدة الأميركية تتيح لإيران ولحزب الله إدخال مخربين وعملاء إلى داخل أراضيها. وهو كان قد حذّر من ازدياد قوة ونفوذ إيران في أميركا اللاتينية، وأدعى أن الأمر يهدف إضعاف الولايات المتحدة الأميركية في فنائها الداخلي.

وتشكّل هذه التعيينات الثلاثة فرصة أمام إسرائيل لإعادة بناء علاقاتها مع الولايات المتحدة الأميركية من جديد بشكل يمكن الطرفين من مواجهة التهديد الإيراني معاً.

ومن أجل القيام بذلك فإن على إسرائيل أن تعمل وفق رؤية ماتيس التي تقول: صحيح إن المشروع النووي الإيراني لا يشكّل خطراً إلا أن زيادة قوة إيران في المنطقة تشكل تهديداً إستراتيجياً.

وصحيح أن الخطر النووي قد يطال إسرائيل، إلاّ أن خطر الأسلحة التقليدية الإيرانية هو خطر مشترك لإسرائيل وللدول السنية وللولايات المتحدة الأميركية معاً. ولذلك فإن الطريق الأمثل لبناء التحالف مع الأميركيين من جديد هو البدء من التهديد المشترك. ومن أجل مواجهته فإنه من المناسب أن تعمل إسرائيل في مجالين في آن معاً: أن تؤيد إستراتيجية فلين لإسقاط النظام في إيران، وأن تبني إستراتيجية لهزيمة حزب الله.

جيش نصر الله

تتحدث إسرائيل الرسمية عن حزب الله بنفس الطريقة التي فعلتها خلال حرب لبنان الثانية، وهي تركز بشكل أساسي على قدرات الحزب في مجال الصواريخ. ووفق التقارير فإن لدى حزب الله مخزوناً يقدر بحوالي 150 ألف صاروخ موجهة إلى إسرائيل. وهناك عشرات الآلاف منها موضوعة على قواعد إطلاقها بين الأبنية المدنية في جنوب لبنان.

وإلى جانب الحديث عن مخزون الصواريخ فإن إسرائيل تتحدث أيضاً عن محاولات حزب الله لنقل أسلحة كاسرة للتوازن من سوريا إلى لبنان. وأقوال وزير الأمن افيغدور ليبرمان التي جاءت هذا الأسبوع بعد الهجوم المنسوب لإسرائيل والذي استهدف أهدافاً بالقرب من دمشق، تؤكد التزام إسرائيل بمنع مثل هذه الأسلحة، وبخاصة أسلحة الدمار الشامل، من الانتقال من سورية إلى لبنان.

إلا أن الموقف الإسرائيلي لا يأخذ بالحسبان عملية التحول التي مرّ بها حزب الله خلال العقد الأخير، وبخاصة منذ اندلاع الحرب في سوريا قبل خمس سنوات ونصف. فالإستراتيجية التي لا تستند على وضع حزب الله الراهن لن تدفع إدارة ترامب للشعور بالاحترام تجاه إسرائيل، ولن تؤدي إلى انتصار جدي لها، مع أو بدون الولايات المتحدة الأميركية، في الحرب القادمة.

ومنذ إقامته على يد الحرس الثوري الإيراني في 1983، يشكل حزب الله ذراعاً للنظام الإيراني، ولا يبذل الطرفان أدنى جهد لإخفاء ذلك. بل وقد اعترف زعيم الحزب حسن نصر الله بذلك في السنة الماضية عندما قال: “إننا لا نخفي حقيقة أن موازنة حزب الله، ومصاريفه، وكل شيء يأكله أو يشربه، وسلاحه وصواريخه، تأتي من الجمهورية الإسلامية الإيرانية”.

ومدلول هذا الأمر بالنسبة لإسرائيل هو أنه يُحظر الحديث عن حزب الله بوصفه منظمة قائمة بحد ذاتها. فعندما تبدأ الحرب القادمة فإنها لن تكون حرباً بين إسرائيل وبين حزب الله. بل هي ستكون بين إسرائيل وبين إيران. والفارق ليس لفظياً وحسب، بل إنه يغيّر النظرة الإستراتيجية الإسرائيلية والعالمية للمعركة.

وهناك تغيير آخر حصل خلال السنوات الأخيرة وهو تحول حزب الله من منظمة حرب عصابات إلى جيش تنتشر قواته في كل المنطقة. فوفق التقارير فإن هناك أكثر من ألف مقاتل من مقاتلي حزب الله يشاركون في المعارك ضد داعش في منطقة الموصل العراقية. وإلى جانب أمور أخرى، فإن هذه القوات تقوم بتدريب المقاتلين الشيعة، العراقيين والأفغان. وهم يشاركون أيضاً في المناورات التقليدية. وقد نُشرت مؤخراً صورة لقافلة من قوات حزب الله في الموصل ضمت قواعد لإطلاق الصواريخ والمدرعات الأميركية، من النوع الذي ظهر في العرض العسكري الذي أجراه حزب الله في سوريا في الشهر الماضي.

إن معنى هذا الأمر هو أنه يُحظر تماماً أن يُنظر إلى الحرب القادمة بنفس النظرة التي نُظر بها إلى الحرب السابقة. فاليوم توجد لحزب الله، على الورق على الأقل، القدرة على تنفيذ خطة نصر الله: التوغل في الجليل ومحاولة السيطرة على بعض المستوطنات الإسرائيلية. وبالمناسبة، إذا كان المحور الروسي – الإيراني في سوريا سينهي المعركة بهزيمة قوات المتمردين، فإنه لا يوجد هناك أي سبب للافتراض بأن هذا التهديد لن يُنفذ من اتجاه سوريا بالذات.

وهناك أيضاً شيء آخر يجب على إسرائيل أخذه بالحسبان: مثلما هو حال إيران فإن حزب الله غني ويمتلك وفرة في الموارد أكثر من أي وقت مضى. ففي أعقاب إلغاء العقوبات الاقتصادية عن إيران، في إطار الاتفاق النووي الذي توصل إليه أوباما، زادت إيران ميزانيتها الأمنية بنسبة 90%. ويبدو أن إيران قامت في أعقاب ذلك بمضاعفة ميزانية حزب الله: من 200 إلى 400 مليون دولار في السنة.

وكذلك الحال فإن على إسرائيل أن تنتبه إلى حقيقة أن حزب الله قد ابتلع لبنان قبل شهر ونصف. ففي نهاية شهر تشرين الأول/ أكتوبر، وبعد صراع دام عامين ونصف، تراجع حزب “المستقبل” التابع لسعد الحريري أمام إيران وحزب الله وسمح بانتخاب الجنرال ميشيل عون رئيساً للبنان.

ومنذ عودته إلى لبنان في نهاية حرب لبنان الثانية، قبل حوالي عشر سنوات، يتصرف عون وكأنه دمية في يد حزب الله وإيران. صحيح أنه تم تعيين الحريري للعمل كرئيس للحكومة معه، إلّا أنه في الواقع الحالي يدور الحديث عن منصب لا قيمة له. فالحريري لا يستطيع أن يحرك يده بدون موافقة مسبقة من نصر الله.

ويدل صعود عون أيضاً على خضوع المملكة العربية السعودية للإيرانيين. فكما هو معروف فإن صاحب الأمر بالنسبة للحريري هي العائلة المالكة السعودية. وهذا التراجع، مثلما هو حال الإعلان الأخير للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والذي جاء فيه إنه يؤيد تولي بشار الأسد للرئاسة في سوريا، يشكل دليلاً على ضعف المحور السّني في وجه قوة إيران الصاعدة في سوريا وفي العراق وفي المنطقة برمتها.

وعندما قام إيران وحزب الله بابتلاع لبنان فهما قد ابتلعا الجيش أيضاً. وهو الجيش نفسه الذي حصل في عام 2016 على مساعدة أميركية بقيمة 216 مليون دولار. وصحيح أن الجيش اللبناني يدّعي أن العربات المصفحة الأميركية التي وُجدت في حوزة الحزب في العراق وسوريا لم تأتِ منه إلا أنه لا يوجد أي مبرر لتصديق هذه الإدعاءات.

وخلال حرب لبنان الثانية قام الجيش اللبناني بمساعدة حزب الله في القتال. ووفق التقارير، فإن قوات الجيش اللبناني قد ساعدت الحزب في توجيه الصواريخ إلى إسرائيل وفي جمع المعلومات الاستخبارية عن الجيش الإسرائيلي. وعلى الجيش الإسرائيلي أن يفترض منذ اليوم أن كل ما هو موجود في أيدي الجيش اللبناني سيكون لدى حزب الله.

وبالفعل فإنه بمستطاع إسرائيل في المعركة القادمة أن تهدد بأنها ستدمر جنوب لبنان، إلا أنه لا يوجد في الطرف الثاني من يسمع ذلك. فالحكومة اللبنانية غير موجودة. وما يوجد هناك، كما سبقت الإشارة، هي حكومة ألعوبة قي يد طهران ونصر الله، والتي لا يستطيع وزراؤها التأثير على القرار الإيراني في موضوع البدء بالمعركة ضد إسرائيل. وعليه فإن إسرائيل لا تمتلك أي ردع. وبالتهديدات أو بدونها، فإن المعركة ستبدأ عندما تقرر إيران البدء بها. إلا إذا استبقت إسرائيل الإيرانيين.

يمكن أن نفهم من تعيينات ترامب أن في نيته مواجهة التهديد الإيراني على الولايات المتحدة الأميركية. وعلى إسرائيل العمل بالطريقة نفسها: أن تعيد بناء إستراتيجيتها من جديد وذلك بهدف مواجهة إيران كتهديد تقليدي بري في سوريا ولبنان. وفي موازاة ذلك على إسرائيل أن تُظهر لإدارة ترامب أنه ليس بوسعها أن تُخرج سوريا ولبنان من المعادلة، وأن توضح كيف في نيتها التعامل مع هذا التهديد. مع الدعم الأميركي أو بدونه.

ترجمة: مرعي حطيني

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...