الرئيسية / شخصيات أسلامية / الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام)

الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام)

الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام)- ج01 / الصفحات: ٤١ – ٦٠

٤١

القسم الأول:

علي (عليه السلام) في حياة النبي (صلى الله عليه وآله)

٤٢

٤٣

الباب الأول:

علي (عليه السلام) قبل البعثة

٤٤

٤٥

الفصل الأول:

الإمام علي (عليه السلام) نسباً.. ومولداً..

٤٦

٤٧

نسب علي (عليه السلام):

هو: علي بن أبي طالب، بن عبد المطلب، بن هاشم بن عبد مناف، بن قصي، بن كلاب، بن مرة، بن كعب، بن لؤي، بن غالب، بن فهر، بن مالك، بن النضر، بن كنانة، بن خزيمة، بن مدركة، بن إلياس، بن مضر، بن نزار، بن معد، بن عدنان..

أمه: فاطمة بنت أسد، بن هاشم، بن عبد مناف، بن قصي.. إلى آخر النسب الشريف المذكور أعلاه..

وهذا هو نفس نسب رسول الله “صلى الله عليه وآله”، بدءاً من عبد المطلب فما بعده..

وقد قال “صلى الله عليه وآله”: أنا وعلي من شجرة واحدة، وسائر الناس من شجر شتى(١). مع العلم: بأن لهذه الكلمة معنى أتم وأعمق،

١- راجع: المناقب للخوارزمي ص١٤٣ وكشف الغمة للإربلي ج١ ص٣٠٠ وإقبال الأعمال للسيد ابن طاووس ج١ ص٥٠٦ ومناقب الإمام أمير المؤمنين “عليه السلام” للكوفي ج١ ص٤٦٩ و ٤٦٠ وج٢ ص٢٣٠ والمزار لابن المشهدي ص٥٧٦ والأربعون حديثاً لمنتجب الدين ابن بابويـه ص٣٥ وبحار الأنـوار = = ج٢١ ص٢٧٩ ـ ٢٨٠ وج٢٣ ص٢٣٠ وج٣٥ ص٣٠١ وج٣٨ ص١٨٨ و ٣٠٩ وج٤٠ ص٧٨ وج٩٩ ص١٠٦ . ومستدرك سفينة البحار ج٥ ص٣٦١ والإمام علي بن أبي طالب “عليه السلام” للهمداني ص٧٢ ـ ٧٣ و ٢٩٣ و ٣٦٤ ومجمع الزوائد للهيثمي ج٩ ص١٠٠ والمعجم الأوسط للطبراني ج٤ ص٢٦٣ وكنز العمال ج١١ ص٦٠٨ وتفسير فرات الكوفي ص١٦١ ومجمع البيان ج٢ ص٣١١ وج٩ ص٤٨ وخصائص الوحي المبين لابن البطريق ص٢٤٢ والتفسير الصافي ج٤ ص٣٧٣ وج٦ ص٣٦٦ وتفسير الميزان ج١١ ص٢٩٦ وشواهد التنزيل للحاكم الحسكاني ج١ ص٣٧٧ وج٢ ص٢٠٣.

وراجع: تاريخ مدينة دمشق ج٤٢ ص٦٥ وميزان الإعتدال للذهبي ج٢ ص٣٠٦ والكشف الحثيث لسبط ابن العجمي ص١٣٥ ولسان الميزان لابن حجر ج٣ ص١٨٠ وتنبيه الغافلين لابن كرامة ص٣٥ وإعلام الورى ج١ ص٣١٦ وتأويل الآيات لشرف الدين الحسيني ج٢ ص٥٤٨ وينابيع المودة للقندوزي ج١ ص٤٥ وج٢ ص٧٤ و ٢٤٢ و ٣٠٧ و ٣٩٤ والشافي في الامامة للشريف المرتضى ج٢ ص٢٥٦ والفصول المهمة للسيد شرف الدين ص٤٨ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج٥ ص٢٥٥ الباب الرابع.

٤٨

وأدق وألصق، وبهما أولى وأوفق فإنهما خلقا من نور واحد قبل خلق الخلق كما في الروايات، وهذا لا يخفى على المتأمل البصير، والمدقق الخبير.

وروي أنه “صلى الله عليه وآله” قال: إذا بلغ نسبي إلى عدنان

٤٩

فامسكوا(١).

وقيل: اسم أبي طالب: عبد مناف(٢).

١- تاج المواليد (مطبوع مع مجموعة كتب) للشيخ الطبرسي ص٤ ومناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ج١ ص١٣٤ وبحار الأنوار ج١٠٨ ص٢٠٣ ومستدرك سفينة البحار ج١٠ ص٣٥ وج١٥ ص١٠٥ و ٢٨٠ وقصص الأنبياء للراوندي ص٣١٤ والحدائق الناضرة ج١٧ ص٤٢٣ والأنوار البهية ص٣١ وإعلام الورى ج١ ص٤٣ والدر النظيم ص٤٧ وكشف الغمة للإربلي ج١ ص١٥ والعدد القوية ص١٤١.

٢- مقاتل الطالبيين ص٣ والمستدرك للحاكم ج٣ ص١٠٨ وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج١ ص١١ وج١٥ ص٢١٩ والمجموع للنووي ج١ ص٣٤٨ وج٤ ص٣٥ وخصائص الأئمة للشريف الرضي ص٦٨ ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج١٦ ص٢٣١ و (ط دار الإسلامية) ج١١ ص٤٨١ ونبوة أبي طالب تأليف مزمل حسين الميثمي الغديري (ط قم ـ ايران) ص٧ ـ ١٢ ومدارك الأحكام ج٥ ص٢٥٧ وذخيرة المعاد (ط.ق) للمحقق السبزواري ج١ ق٣ ص٤٦٠ والهداية الكبرى للخصيبي ص٩٥ ودلائل الإمامة للطبري (الشيعي) ص٥٧ والعمدة لابن البطريق ص٢٣ و ٤١١ وذخائر العقبى للطبري ص١٧١ وعمدة الطالب لابن عنبة ص٢١ وبحار الأنوار ج٢٢ ص٢٦٠ وج٣٥ ص٦٦ و ١٣٨ و ١٤١ ومناقب أهل البيت “عليهم السلام” للشيرواني ص٤٩ وجامع أحاديث الشيعة ج١٤ ص٥٨٣ ومسـتـدرك سفيـنـة البـحـار ج٦ ص٥٥٤ وشـرح مسـلـم للنـووي ج١ ص٢١٣ = = وفتح الباري ج٧ ص١٥٠ وج١٠ ص٤٨٩ وعمدة القاري ج٢ ص١٤٧ وج٨ ص١٨٠ وج٩ ص٢٢٧ وج١٧ ص١٧ وج١٨ ص٢٧٧ وج٢١ ص٢١٨ وج٢٣ ص١٢٥ والآحاد والمثاني للضحاك ج١ ص١٣٥ وسر السلسلة العلوية لأبي نصر البخاري ص٣ والمعجم الكبير للطبراني ج١ ص٩٢ ومعرفة علوم الحديث للحاكم النيسابوري ص١٨٤ والإستيعاب ج١ ص٣٧٠ وج٣ ص١٠٨٩ وتفسير مقاتل بن سليمان ج١ ص٣٤٢ وتفسير الثعلبي ج٤ ص١٤١ والإكمال في أسماء الرجال للتبريزي ص١٦٣ والطبقات الكبرى لابن سعد ج١ ص٩٣ و ١٢١ وج٣ ص١٩ وج٤ ص٣٤ وتاريخ ابن معين ج١ ص٢٤ وطبقات خليفة بن خياط ص٣٠ والجرح والتعديل للرازي ج٢ ص٤٨٢ وج٦ ص١٩٢ والثقات لابن حبان ج١ ص٣٢ وج٢ ص١٣٥ وتاريخ بغداد ج١ ص١٤٣ والتعديل والتجريح للباجي ج٢ ص٨٩١ وج٣ ص١٠٧٤ وتاريخ مدينة دمشق ج٣ ص١١٨ وج٤٢ ص٧ و ١٢ و ١٥ وج٦٦ ص٣٠٩ و ٣١٠ وأسد الغابة ج١ ص٣١ و ٢٨٦ وج٣ ص٤٢٢ وج٤ ص١٦ وتهذيب الكمال للمزي ج١ ص٢٠٠ وج٥ ص٥٠ و ٥١ وج٢٠ ص٤٧٢ والأعلام للزركلي ج٥ ص١٣٠ والمعارف لابن قتيبة ص٢٠٣ وأنساب الأشراف للبلاذري ص٢٣ والمجدي في أنساب الطالبين ص٧.

٥٠

ويؤيد ذلك: ما روي: من أن عبد المطلب قال:

أوصيـك يـا عبد منـاف بعـدي بمـوحـد بـعـد أبـيـه فـــرد(١).

 

١- مناقب آل أبي طالب ج١ ص٣٤ والفضائل لشاذان بن جبرئيل القمي ص٤٥ وعمدة الطالب لابن عنبة ص٢١ وبحار الأنوار ج١٥ ص١٥٢ وج٣٥ ص٨٥ = = ومستدرك سفينة البحار ج٥ ص٤٣٢ وتاريخ اليعقوبي ج٢ ص١٣ وسيرة ابن إسحاق ج١ ص٤٧ والدر النظيم لابن حاتم العاملي ص٢١١ والخصائص الفاطمية للكجوري ج٢ ص٧٠ والكنى والألقاب للقمي ج١ ص١٠٨.

٥١

وقال أيضاً:

وصَّيـت مـن كنـَّـيتـه بطالبِ عبد مناف وهـو ذو تجـارب(١).

وقيل: اسمه عمران.

وقد ورد في زيارة النبي الأكرم “صلى الله عليه وآله”، المروية في بعض كتب أصحابنا: “السلام على عمك عمران، أبي طالب”(٢).

وقيل: اسمه كنيته..

قال الحاكم: أكثر المتقدمين على أن اسمه كنيته(٣).

١- راجع: بحار الأنوار ج٣٥ ص٨٥ ومناقب آل أبي طالب ج١ ص٣٤ وعمدة الطالب لابن عنبة ص٢١ وسيرة ابن إسحاق ج١ ص٤٨ ومستدرك سفينة البحار ج٦ ص٥٥٦ وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج١٤ ص٧٨ وأعيان الشيعة للسيد محسن الأمين ج١ ص٣٢٤ وج٨ ص١١٤ والدر النظيم لابن حاتم العاملي ص٢١١ والخصائص الفاطمية للكجوري ج١ ص١١٥ والكنى والألقاب للشيخ عباس القمي ج١ ص١٠٨.

٢- بحار الأنوار ج٩٧ ص١٨٩ ومستدرك سفينة البحار ج٦ ص٥٥٥.

٣- معرفة علوم الحديث للحاكم النيسابوري ص١٨٤ وتاريخ مدينة دمشق ج٦٦ ص٣١٠ والإصابة ج٤ ص١١٥ و (ط دار الكتب العلمية ١٤١٥هـ) ج٧ ص١٩٦.

٥٢

وروي عن علي أمير المؤمنين “عليه السلام”، أنه قال على منبر البصرة: اسم أبي عبد مناف، فغلبت الكنية على الإسم. وإن اسم عبد المطلب عامر(١)، فغلب اللقب على الاسم، واسم هاشم عمرو، فغلب اللقب على الإسم. واسم عبد مناف المغيرة، فغلب اللقب على الاسم. وإن اسم قصي زيد، فسمته العرب مجمعاً، لجمعه إياها من البلد الأقصى، فغلب اللقب على الاسم(٢).

١- شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج١ ص١١ ومعاني الأخبار ص١٢١ والأمالي للصدوق ص٧٠٠ والخصال ص٤٥٣ وعمدة الطالب لابن عنبة ص٢٣ والطبقات الكبرى لابن سعد ج٣ ص١٩ وشرح أصول الكافي ج١٢ ص٥١ وكشف الغطاء (ط.ق) ج٢ ص٣٦٢ وجواهر الكلام ج١٦ ص١٠٤ وخصائص الأئمة للشريف الرضي ص٦٨ ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج٢ ص١٤٥ وبحار الأنوار ج١٥ ص١١٩ و ٤٠٥ وج٣٥ ص٥٢ وفتح الباري ج٧ ص١٢٤ والإستيعاب ج١ ص٢٧ والفايق في غريب الحديث ج٣ ص٦٨ ونظم درر السمطين ص٣٦ والمعارف لابن قتيبة ص٧٢.

٢- بحار الأنوار ج٣٥ ص٥١ ـ ٥٢ ومعاني الأخبار ص١٢١ والأمالي للصدوق ص٧٠٠ ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) للميرجهاني ج٢ ص١٤٥ وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب “عليه السلام” في الكتاب والسنة والتاريخ ج١ ص٦١ وغاية المرام للسيد هاشم البحراني ج١ ص٥٦ وشرح العينية الحميرية للفاضل الهندي ص١٢٠.

٥٣

وقيل: اسمه شيبة(١).

إيمان أبي طالب (عليه السلام):

عن الأصبغ بن نباتة، قال: “سمعت أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول: والله، ما عبد أبي ولا جدي عبد المطلب ولا هاشم، ولا عبد مناف صنماً قط..

قيل له: فما كانوا يعبدون؟!

١- راجع: معاني الأخبار ص١٢١ وكشف الغطاء (ط.ق) ج١ ص٥ وج٢ ص٣٦٢ والإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع للشربيني ج١ ص٨ وشرح أصول الكافي ج١٢ ص٥١ وعمدة الطالب لابن عنبة ص٢٣ وبحار الأنوار ج١٥ ص١١٩ و ٢٨٠ وج٣٥ ص٦٦ والخصال ص٤٥٣ والدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة ص٤١ والطبقات الكبرى لابن سعد ج١ ص٥٥ وج٣ ص١٩ وتاريخ مدينة دمشق ج٣ ص٥٦ وج٤٢ ص٣ و ١٠ والكامل في التاريخ لابن الأثير ج٢ ص١٠ وتاريخ الإسلام للذهبي ج١ ص١٧ و ٢١ والبداية والنهاية ج٢ ص٣١٠ وج٧ ص٣٦٩ وأعيان الشيعة ج١ ص٢١٨ و ٣٢٣ وج٨ ص١١٤ وج١٠ ص٥٩ وإعلام الورى ج١ ص٤٣ والدر النظيم ص٧٧ وكشف الغمة للإربلي ج١ ص١٥ والسيرة النبوية لابن كثير ج١ ص١٨٤ وسبل الهدى والرشاد ج١ ص٢٦٢ والقاموس المحيط للفيروزآبادي ج٢ ص٣٢٩ وجواهر الكلام ج١٦ ص١٠٤ وفتح الباري ج٧ ص١٢٤ وعمدة القاري ج١٦ ص٣٠١ والفايق في غريب الحديث ج٣ ص٦٨ ونظم درر السمطين ص٣٦.

٥٤

قال: كانوا يصلون إلى البيت على دين إبراهيم، متمسكين به”(١).

وعن الإمام الصادق “عليه السلام”: “إن أبا طالب أظهر الكفر، وأسرّ الإيمان الخ..”(٢).

وعنه “عليه السلام”: “كان أمير المؤمنين “عليه السلام” يعجبه أن يروى شعر أبي طالب، وأن يدون.

وقال: تعلموه وعلموه أولادكم، فإنه كان على دين الله.. وفيه علم كثير(٣)..

١- بحار الأنوار ج١٥ ص١٤٤ وج٣٥ ص٨١ والخرائج والجرائح ج٣ ص١٠٧٤ وكمال الدين وتمام النعمة ص١٧٤ والغدير ج٧ ص٣٨٧ والدر النظيم لابن حاتم العاملي ص٢٢١ والأنوار العلوية ص١٠ وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب “عليه السلام” في الكتاب والسنة والتاريخ ج١ ص٦٣ وإيمان أبي طالب للأميني ص٧٩.

٢- بحار الأنوار ج٣٥ ص١٨ وكمال الدين ص١٧٤ وجامع أحاديث الشيعة ج١٤ ص٥٨٣ والغدير ج٧ ص٣٩١ ونور الثقلين ج٢ ص٢١٩ وموسوعة التاريخ الإسلامي ج١ ص٦٣٤ والأنوار العلوية ص١٠ وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب “عليه السلام” في الكتاب والسنة والتاريخ ج١ ص٦٣ وإيمان أبي طالب للأميني ص٨٥.

٣- وسائـل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج١٧ ص٣٣١ و (ط دار الإسـلامية) ج١٢ ص٢٤٨ وبحار الأنوار ج٣٥ ص١١٥. =

= وراجع: الدر النظيم ص٢١٩ وإيمان أبي طالب لفخار بن معد ص١٣٠ وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب “عليه السلام” في الكتاب والسنة والتاريخ ج١ ص٦٤ وإيمان أبي طالب للأميني ص٨٨.

٥٥

ويدل على إسلام أبي طالب “عليه السلام”: أنه قيل لعلي “عليه السلام”: إنهم يزعمون أن أبا طالب كان كافراً.

فقال: كذبوا، كيف يكون كافراً وهو يقول:

ألم تعلمـوا أنَّـا وجدنـا محمـداً نبيَّـاً كموسى خـط في أول الكتب

وفي حديث آخر: كيف يكون أبو طالب كافراً وهو يقول:

لقـد علموا أن ابننا لا مكــذب لدينـا ولا يعبـا بقيـل الأبـاطـــلِ
وأبيض يستسقى الغـمام بوجهه ثمال الـيـتـامى عصمة للأراملِ(١)

وقد أفردنا كتاباً باسم: “ظلامة أبي طالب” أثبتنا فيه إيمانه صلوات الله وسلامه عليه.. فلا بأس بمراجعته..

مشروعية التسمية بعبد مناف:

وإذا كان “عبد مناف” لقباً لحقه، فَعُرفَ به. واسمه الحقيقي هو: المغيرة، لم يعد هناك إشكال حول إيمان أو عدم إيمان هؤلاء الصفوة، ولم يعد

١- الكافي ج١ ص٤٤٨ وبحار الأنوار ج٣٥ ص١٣٦ وشرح أصول الكافي ج٧ ص١٨٢ والتفسير الصافي ج٤ ص٩٥ والأنوار العلوية ص٩. وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب “عليه السلام” في الكتاب والسنة والتاريخ ج١ ص٦٦.

٥٦

مجال للقول: بأن التسمية بعبد مناف تشير إلى أن من سمى ولده بهذا الاسم لم يكن موحداً، بل كان من عباد الأصنام، فقد قالوا: إن “منافاً” صنم.. وبه سمّي عبد مناف(١). فإذا كبر صاحب هذا الإسم، ورضي باسمه، فإن ذلك أيضاً يشير إلى نفس هذا الأمر، وهو: أنه لم يكن من أهل التوحيد..

ويمكن أن يجاب بما يلي:

أولاً: قالوا: إنه سمي بذلك، لأنه أناف على الناس وعلا(٢).

قال الزبيدي: “جبل عالي المناف” أي مرتفع. قيل: ومنه عبد مناف. نقله الزمخشري(٣). فلا دليل على أن عبد مناف، وقد سمي بهذا الاسم، نسبة إلى ذلك الصنم.

١- تاج العروس ج٦ ص٢٦٣ وراجع: القاموس المحيط ج٣ ص٢٠٩ ومعجم البلدان ج٥ ص٢٠٣ ومواهب الجليل للحطاب الرعيني ج٣ ص٢٢٤ وعمدة الطالب لابن عنبة ص٢٥ وبحار الأنوار ج١٥ ص١٢٤ وتفسير القمي ج٢ ص٤٤٨ والتفسير الأصفى ج٢ ص١٤٨٧ وج٥ ص٣٨٩ والتفسير الصافي ج٧ ص٥٧٦ ونور الثقلين ج٥ ص٦٩٩ والكامل في التاريخ ج٢ ص١٨ والبداية والنهاية ج٢ ص٣١٢ والسيرة النبوية لابن كثير ج١ ص١٨٧ وخزانة الأدب للبغدادي ج٧ ص٢١٣.

٢- إثبات الوصية ص٤٠ وراجع: سبل الهدى والرشاد ج١ ص٢٧١ ومجمع البحرين للطريحي ج٤ ص٣٩٣.

٣- تاج العروس ج٦ ص٢٦٣ و (ط دار الفكر ـ سنة ١٤١٤هـ) ج١٢ ص٥١٧.

٥٧

ثانياً: إن نفس النص المتقدم يشير إلى: أن اسم عبد مناف بن قصي هو لقب لحقه في كبره، فقد أضاف الزبيدي قوله: “وبه سمي عبد مناف. وكانت أمه قد أخدمته هذا الصنم..”.

إلى أن قال: “واسم عبد مناف المغيرة”(١).

وهذا يدل على: أن أباه لم يسمه بهذا الإسم.

ولعل المراد بأمه في كلام الزبيدي التي أخدمته الصنم هي مرضعته، لأن أمه التي ولدته، يفترض أن تكون موحدة، ولا تقدِّس الأصنام.

غير أننا نقول: إن مرضعته أيضاً لا تكون عابدة صنم.

وقد تقدم: أن أمير المؤمنين “عليه السلام” قال: “واسم عبد مناف المغيرة. فغلب اللقب على الإسم”(٢).

الجنين يمنع أمه من الإقتراب من الأصنام!!:

وقد ورد: أن أبا طالب قال لفاطمة بنت أسد، وكان علي “عليه السلام” صبياً: رأيته يكسر الأصنام، فخفت أن تعلم كبار قريش (ذلك).

فقالت: يا عجباً!! (أنا) أخبرك بأعجب من هذا، (وهو) أني اجتزت بالموضع الذي كانت أصنامهم فيه منصوبة وعلي في بطني، فوضع رجليه في جوفي شديداً لا يتركني (أن) أقرب من ذلك الموضع الذي فيه أصنامهم،

١- تاج العروس ج٦ ص٢٦٣ و (ط دار الفكر ـ سنة ١٩٩٤م) ج١٢ ص٥١٥.

٢- تقدمت مصادر ذلك.

٥٨

وأنا كنت أطوف بالبيت لعبادة الله تعالى، لا للأصنام(١).

ونقول:

قد تضمن النص المتقدم حقيقتين:

أولاهما: حساسية الجنين تجاه الأصنام.

حيث بينت الرواية: أنه “عليه السلام” حتى حين كان لا يزال جنيناً لا يترك أمه تقترب من الأصنام.. وذلك يدل على ما يلي:

ألف: إنه رغم كونه جنيناً كان يدرك اقتراب أمه من موضع الأصنام، وابتعادها عنه. ولا يكون ذلك إلا بلطف إلهي، هيأ له القدرة على هذا الإدراك.

ب: إن نفسه كانت تنفعل بهذا الإقتراب سلبياً، ولا يرضى به منها.

ج: إنه يبادر إلى إيجاد الكوابح والموانع من هذا الإقتراب، بصورة فعلٍ جسدي مؤثر.

د: إنه لا يرضى منها بالإقتراب حتى غير المقصود لها، بل حتى لو كان اقتراباً يقصد به الإقتراب من الكعبة نفسها، لأجل عبادة الله، التي تتنافى مع تقديس وتعظيم تلك الأصنام.

الثانية: علي يكيد الأصنام وهو طفل:

ثم ذكرت الرواية: أن أبا طالب يحكي لزوجته أنه رأى علياً “عليه

١- مدينة المعاجز ج٣ ص١٤٧ و ١٤٨ والخرائج والجرائح ج٢ ص٧٤١ وبحار الأنوار ج٤٢ ص١٨.

٥٩

السلام” يكسر الأصنام.. وذلك يعني:

ألف: أن أحداً غير أبي طالب لم يره يفعل ذلك، وأنه “عليه السلام” كان يتستر على فعله هذا..

مما يعني: أنه لم يكن يفعل ذلك على سبيل اللهو، والعبث الطفولي. لأن اللهو والعبث لا يأتي بطريقة مدروسة، وفي ظروف التخفي والتستر، بل يكون بصورة عفوية، وغير مقصودة.

ب: كانت خشية أبي طالب من انكشاف الأمر في محلها، فهو يعلم مدى خفة عقول أبناء قومه، وإلى أي حد يبلغ بهم سفه الرأي والطيش.. وهو من ذرية إبراهيم الذي حطم أصنام قومه، فجازوه بإلقائه في النار ليحرقوه، فأنجاه الله تعالى منهم، بمعجزة ظاهرة لم يستفيدوا منها الفكرة والعبرة، وهؤلاء القوم أبناء أولئك، فلا يتوقع منهم إلا مثل هذه التصرفات الرعناء..

ج: إن أبا طالب “عليه السلام” لم يشر إلى خشيته من سفهاء قومه، وجهالهم، بل أبدى خشيته من اطلاع كبار قومه، وأصحاب الرياسة والزعامة، ومن بيدهم قرار الحرب والسلم، ومن يفترض فيهم أن يكونوا علماء، حكماء، حلماء، وذوي نظرة بعيدة، وبصيرة ثاقبة، ويعالجون الأمور بحكمة وروية وتبصر، لا أن يكونوا هم مصدر البلاء والشقاء، وبؤرة السفه والطيش، حيث ينقادون لأهوائهم، ويتأثـرون في مواقفهم بعصبياتهـم، وجهالاتهم.

د: لم يذكر لنا أبو طالب إن كان قد ردع علياً “عليه السلام” عما كان يقوم به.. بل هو لم يشر إلى أي شيء يدل على تغيظه من فعله هذا أو إدانته له أو حتى

شاهد أيضاً

شرح نهج البلاغة – ابن أبي الحديد – ج ١

شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (586 – 656) الجزء الأول تحقيق محمد أبو الفضل ...