الرئيسية / الشهداء صناع الحياة / موسوعة شهداء العراق فيلق بدر – 28 أبوالخير اللامي

موسوعة شهداء العراق فيلق بدر – 28 أبوالخير اللامي

الشهيد قاسم محمد ناصر عاش موَلّه أسَرَهُ حب مولاه الحسين‌عليه‌السلام، وملأ عليه وجوده وكيانه، وملك درب الجهاد كل حناياه الطاهرة،

 

فعاش حياته مجاهدا شاهرا سلاحه، واستشهد بطلا حسينيّا والبندقية في يده، ولقي الله مخضّبا بدمه الزكي…
ولد الشهيد عام1956م في محافظة العمارة — قضاء علي الغربي، ثم انتقل للسكن في النعيرية — بغداد الجديدة. عاش في أسرة مؤمنة محبة لأهل البيت‌عليهم‌السلام، تعرضت لمضايقات أزلام قوات الأمن البعثي، وقد اعتقل ابنها الأڪبر مدة إحدى عشر شهرا بتهمة الانتماء لحزب الدعوة الإسلامية، فكان لسلوك الأسرة بالغ الأثر على نشأته وسلوكه، لهذا نشأ شابا مؤمنا محبا لأهل البيت مدافعا عنهم بلسانه ويده.
أنهى شطرا من حياته الدراسية أڪمل فيها السادس الأدبي للعام الدراسي 1980-1981م، وقُبِل في أحد المعاهد إلا أنه لم يلتحق به.
أُجبر على الالتحاق بالخدمة العسكرية الإلزامية، لكنه كان رافضا لها لأنها شنت على بلد مسلم آمن لذلك لم يستطع أن يكتم ألمهُ وحزنه لهذه الجريمة النكراء، فأخذ يصرخ من أعماق قلبه مستنكرا لها، وموضحا لكل المحيطين به الأهداف من ورائها، فأدى ذلك الموقف ومواقف أخرى إلى اعتقاله في مديرية الأمن ببغداد، وبعد إطلاق سراحه قرّر الهجرة والتوجه إلى الجمهورية الإسلامية، والالتحاق بقوات المجاهدين العراقيين.
عرض الأمر على أخيه أحمد( )، الذي لم يكن بأقل منه شوقا لذلك اتفقا على ترك الوطن والهجرة يوم16/4/1982م عبر الشمال بمساعدة أحد أبناء منطقة كردستان ليصلا بسلام إلى أرض الجمهورية الإسلامية.
ترك أبوالخير زوجته وطفلاه ثبات ومنتظر وأهله على أمل العودة إليهم وهو يرفع راية الإسلام، لهذا سارع للاشترك في الدورة التدريبية الثالثة لقوات بدر، التي بدأت فعالياتها بتاريخ27/7/1983م، وتوجه بعدها إلى مشارف مدينة البصرة في أول واجب لهذه الدورة، عرفه المجاهدون هناك مقاتلا من الطراز الأول، طيب الخُلُق، حَسن المعاشر، لطيف الكلام، يترك أطيب الأثر في قلب كل من يراه ويسمعه ويتحدث إليه،

 

لايعرف الكلل والملل والكسل والتهاون أبدا، ولايتردد بالقيام بأصعب الأعمال وأشقها في كل وقت، ولم يكن يسعده شيء بقدر ما يسعده أن يُكلّف بواجب قتالي، أو مهمة تستوجب الاقتراب من الأعداء البعثيين والاشتباك معهم.
كان يتمتع بحس أدبي وشاعرية، رفد أدب الثورة والجهاد بقصائد حماسية كانت تلهب المشاعر وتشد العزائم، وهذه إحدى قصائده الرائعة التي نظمها بعد عودة المجاهدين من أحد الواجبات الجهادية، وقد كان يرددها المجاهدون أثناء مسيراتهم:
ما تعبنه يازمن بلِّغ عدانه
احنه باسم الصدر هلرفرف لوانـه
نـهج روح الله الجمعنه وبيه مشينه
چلمه گلناها ولاتبـدل حچينـه
ما تعبنـه يازمن بـلِّغ عدانـه
***
السار على الحق أبد ما يخشى المناية
جبل ثابت يظل ما ينحرف رايـه
هو واحد، ما كثر درب العقيـدة
أبـد ما يستبدل بفكره جديـدة
ما تعبـنه يازمن بـلِّغ عدانـه
***
من وصيتك ياصدر حفظ الرسالة
ولا تذكروني بنشر صوره و مقالة
ما نسينـه ياصدر ذولاك إحنـه
ومن دعانه إمامنه لبيك صحنـه ما تعبنـه يازمن بلِّغ عـدانـه

إحنه جيل الصدر عاهدنه الخمينـي
إنسير كلنه الكربلا بموكب حسيني
واحنـه هذا العمر چا المن نريـده
اليوم دين المصطفى العهده نعيـده
ماتعبـنه يـا زمن بـلّغ اعدانـه
***
يا صدر بيدك تظل حجم القضية
دمك الطاهر يشع علدرب ضيـّه
أبومشتاق وأبـوعمار( ) بعـدك
بالدمه ياسيدي جدّدوا عهـدك
ما تـعبنه يازمن بـلّغ عدانـه
***
تبقى هاي القـافلة تواصل دربها
هذا عهد رجـالك الگطعته الربها
بـدم أبونجم( ) الكتب اسم العقيدة
وذاك أبوقاسم( ) كتب من دم وريده
ما تعبنـه يـا زمن بـلّغ عدانه
***
للكرامة للشرف لجل اعتقـاده
عند أبووفاء يـا محلى الشهادة
انتقل من هذه الحياة الدنيويـة
يعيش بالجنة بسبب هذه القضية
ماتـعبنـه يازمن بـلّغ عدانه
اشترك مع مجموعة من المجاهدين في عمليات جهادية لتحرير مخفر الترابة،

 

وبذلك تبدأ مرحلة جديدة من حياة المجاهدين في الأهوار، حيث بدأت العمليات الهجومية للمجاهدين في هور الحويزة ضد مواقع العفالقة، منها الهجوم على مخفر الترابة والسيطرة عليه، بعدها اشترك في التصدي للقوات البعثية التي حاولت استعادة مخفر الترابة،

 

 

ثم شارك في عمليات القدس مشاركة الأبطال الأوفياء الصابرين فجرح فيها، وبعد أشهر قضاها في المستشفى قرّر العودة إلى إخوته المجاهدين، وبالرغم من كونه كان يعيش فترة النقاهة، وأنّ الطبيب المعالج أمره بالراحة وعدم التوجه إلى الجبهة، إلا أن نداء العشق الذي يعمر القلب والروح كان أقوى من نداء الجسد الجريح المطالب بالراحة والدعة، وهكذا كان دائما في حياته نموذجا وبحرا من العطاء.
لما بدأ الاستعداد والعمل على تنفيذ عمليات عاشوراء، لاڪتساح كل المواقع البعثية في بحيرة أم النعاج، اختير آمرا لإحدى سرايا الفوج الثاني فشارك فيها مشاركة الرجال الذين لايعرفون التردد والخوف، ولايريدون سوى رضا الله سبحانه وتعالى وكما عهده إخوته دائما. بسرعة قياسية جدا سيطروا على الأهداف المرسومة لهم وفر العدو تاركا مواقعه. في الصباح بدأ العدو البعثي بالهجوم المعاڪس، بعد أن جمع فلوله المذعورة، ولكن باءت كل محاولاته اليائسة بالفشل، بعد أن يُمنى في كل محاولة بالخسائر الفادحة بالأرواح والمعدات.
في إحدى هذه الهجمات تقدم خمسة وعشرون زورقا محمّلا بالأفراد، ومزودا بشتى أنواع الأسلحة، تقدمت نحو المواقع القريبة من سرية أبي الخير، فقرر أن يتوجه مباشرة إليها ويباغتها قبل أن تبدأ هجومها على قوات المجاهدين، وفي بطولة نادرة وقصة من أروع قصص الشجاعة والشهامة والفداء، تقدم أبوالخير على رأس مجموعة من المجاهدين توزّعت في سبع زوارق نحو القوات البعثية التي انطلقت بسرعة هائلة فأصيب البعثيون بالذهول وهم يرون هذا الفارس الحسيني يتقدم نحوهم ويقترب منهم، وهو يُطلق النار عليهم ويلوّح لإخوته من خلفه أن يتبعوه فشعر أعداء الله بالخوف والهلع، فقد جاؤوا أول الأمر مهاجمين والآن أصبحوا يدافعون عن حياتهم ويسعون إلى الخلاص من طوق الموت الذي أُحكم حولهم، ولم تجدِ مقاومتهم شيئا، فدمرت كل الزوارق المهاجمة إلا واحدا لاذ بالفرار. وفي نهاية المعركة أصيب أبوالخير برصاصة طائشة من يد أثيمة يوم23/10/1985م، فسقط في زورقه ساجدا لله مضرّجا بدمائه الزكية، ورجعت روحه المطمئنة إلى بارئها مودّعة دار الفناء، ملتحقة بجنان الخلد ومقاعد الصدق.
ومن وصيته رحمه‌الله‌تعالى (…لعلّني أقولها وعيني ملؤها الدموع إني ما عبدت الله حق عبادته وهو أهلا للعبادة، فارحمني يارب برحمتك الواسعة، إني أخاف يوم التناد، يوم تولّون مدبرين، يوم يقوم الناس لرب العالمين…
وصيتي لكم ياإخوتي
(1) أن تدعوا لي بقلوبكم أن يرحمني ويغفر لي ربي الواحد القهار. (2) أن تنصروا الإمام الخميني ولاتتركوه وحده، لأنه يدافع عنا في الدنيا، وهو حجة علينا في الآخرة. (3) أن تدفنوني في قم المقدسة، وفي نفس المقبرة التي يُدفن فيها أخي أبوواثق إذا اختاره الله قبلي للشهادة إذا استطعتم.
سلام عليك أبا الخير يوم ولدت ويوم جاهدت ويوم عرَجَت روحك الطاهرة لتعانق أرواح الشهداء لتنال أُمنيتك العظيمة ويوم تبعث حيا

 

72_

الأول من اليمين يظهر الشهيد أبو الخير اللامي.

شاهد أيضاً

شهر رمضان الذي أنزل فيه القرءان هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان

قال المولى جل وعلا في الآية (١٨٥)من سورة البقرة ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرءان ...