آلاء الرحمن في تفسير القرآن 08
30 يونيو,2019
القرآن الكريم, صوتي ومرئي متنوع
805 زيارة
اعجازه في وجهة التشريع العادل ونظام المدنية
قدّر رسول اللَّه ( ص ) بشرا عاديا في مثل ما ذكرناه مرارا في عصره ونشأته وتربيته وبلاده وقومه وجهلهم وعاداتهم الوحشية . ثم انظر هل يمكن في العادة لمثل هذا البشر إذا لم يكن موحى اليه ان يأتي من عنده ومن بشريته بمثل ما أتى به في القرآن الكريم من الشريعة الحقوقية العادلة والقوانين القيمة والأنظمة المعقولة الجارية بأجمعها على ما هو الصالح للبشر في المدنية والاجتماع والسياسة والحرب ومقدماتها ونتائجها .
وجرت في عنايتها بالإصلاح من ادارة جميع العالم إلى الإدارة العائلية والبيتية والزوجية بل وإلى شؤون الكاتب والشاهد كما في سورة البقرة آية 282 فمنعت فيها من مضارة الكاتب والشاهد ونهت عن ان يحملا من أجل الكتابة والشهادة وأدائها ضرر المشقة والعناء وتضييع وقت اكثر من الوقت الطبيعي لمحض الأداء . وفي ذلك عبرة لأولي الألباب .
وإليك فانظر ما في القرآن الكريم من الشرائع والقوانين العامة والخاصة واعتبر بكرامتها ومجدها في التشريع الفائق والإصلاح الحميد .
ولا تحتاج معرفة مجدها وكرامتها إلى المقايسة والاعتبار بشرائع قطره وقومه تلك الشرائع الجائرة الوحشية الوثنية . نعم تزداد بصيرة إذا نظرت إلى شرائع التوراة الرائجة التي يعتبرها اليهود
والنصارى في اجيالهم في اكثر من خمسة وعشرين قرنا ويعدونها كتاب وحي إلهي مقدس فانظر فيما فيها من شريعة تقديس هارون وبنيه وتفصيل ثيابهم وأوضاعها . وشريعة امرأة الأخ الميت .
وتفلتها وولدها البكر من الأخ الثاني . وشريعة من ادعى زوجها انه لم يجد لها عذرة . وشريعة قتل الأطفال والنساء من البلاد المفتوحة بالحرب فإنك تعرف ان هذه الشرائع لا تكون إلا من بشر سخيف قاس وتزداد بصيرة بمجد القرآن الشريف في تشريعه وإنه لا يكون الا من وحي إلهي وقد أشير الى شيء مما ذكرنا في أواخر الجزء الثاني من كتاب الهدى صفحة 280 – 292 والجزء الأول من الرحلة المدرسية صفحة 29 و 79 – 82 وانظر إلى العهد الجديد والغائه لنظام المدنية والأخذ أمام الظلم والعدوان بحيث ترك العالم بلا نظام راذع ولا شريعة تأديب عادلة فإنك تزداد بصيرة بأن المتقول على الوحي في أمر التشريع لا بد له من ان يسقط سقطة تشوه التاريخ وتئنّ منها الحقائق جزعا .
فاعرف اذن اعجاز القرآن في تشريعه الممتاز بفضيلة الوحي الإلهي
2019-06-30