الرئيسية / الشهداء صناع الحياة / 163 الشهيد عباس موسى كريم – أبو عبدالله الحربي

163 الشهيد عباس موسى كريم – أبو عبدالله الحربي

من مواليد 1964م مدينة الحلة، حي نادر، المنطقة الثالثة. نشأ وترعرع وسط أسرة محافظة ومحيط امتاز بالطيبة والروابط الحسنة فتغذى منهم حب الآخرين وبغض التجاوز والاعتداء.
أكمل الدراسة الابتدائية ولم يكمل المتوسطة بل اتجه للعمل لإعالة أسرته.
عندما شن صدام المقبور حربه على الجمهورية الإسلامية استدعي عباس كعشرات الآلاف من شباب العراق لدخول تلك المحرقة فكان يؤرقه تواجده في الجيش محاربًا إخوة في الدين.
كان يتحين الفرص للخلاص من تلك المحرقة فسنحت له الفرصة في 09/10/1984م لترك الجيش واللجوء إلى قوات الجمهورية الإسلامية لتكون تلك الخطوة منعطفًا مهمًا في حياته فقد وصل إلى هدفه واستقبل بالأكف والأحضان ثم نقل إلى مخيم اللاجئين في مدينة الأهواز.
لم يكن هدف عباس الفرار من الحرب فقط، بل كان هدفه الالتحاق بالمجاهدين ومحاربة نظام الجريمة في بغداد، فشمّر عن ساعديه والتحق بصفوف قوات بدر ضمن الدورة الحادية‌عشرة بتاريخ 06/01/1985م، بصفوف ذلك الفصيل الجهادي الذي قدّم آلاف القرابين في سبيل دينه ووطنه، قدمهم في أهوار الجنوب وسهول الوسط وجبال كردستان.
نعم، لقد انضم أبوعبدالله الحربي إلى تلك القوات، وقد صدق وأجاد من أطلق عليه لقب الحربي، فقد كان حربيًّا بكل معنى الكلمة منذ اليوم الذي ترك فيه جبهة الباطل والتحق بجبهة الحق ملبيًّا نداء الإمام الحسين عليه‌السلام ﴿هل من ناصر ينصرني﴾ وكانت صفة الجد غالبة عليه في كل مواقفه التي قضاها في سوح الجهاد.
نُسّب إلى فوج الشهداء، فوج الأبطال، فوج الشهيد الصدر الذي كان مستقرًا في هور الحويزة ورغم الظروف القاسية التي تمتاز بها تلك البيئة في فصل الصيف إلا ان الحربي وإخوته كانوا في قمة الإندفاع والصبر والثبات، لم تتعبهم قساوة المحيط لاشدة الحر ولا لسع البعوض ليلا ولا لسع الزريجي( ) في النهار فرغم تورم وجوههم وأجسامهم إلا أنهم كانوا يحتسبون ذلك في سبيل الله.
اشترك أبوعبدالله الحربي في العديد من الواجبات الجهادية كدوريات الاستطلاع ونصب الكمائن في هور الحويزة.
اشترك مع وحدة الاستخبارات لاستطلاع أهداف فوج الشهيد الصدر تمهيدا لعمليات القدس للسيطرة على النصف الجنوبي لبحيرة أم النعاج، انطلاقًا من جنوب غرب البحيرة عبر سيسون( ) وشط الدوب والقچقچي…
وفي عمليات خاطفة، نفذت الساعة الثانية‌عشرة ليلة 23/07/1985م انقض فيها المجاهدون على أهدافهم، تعلو حناجرهم صيحات الله أكبر وما هي إلا دقائق حتى تهاوت مواقع ومقرات العدو وسيطر المجاهدون على أهدافهم.
كان لأبي‌عبدالله الحربي دور في تلك العمليات بداية من الاستطلاع الدقيق الذي قام به مع وحدة الاستخبارات وأثناء تنفيذ الواجب.
انتهت تلك المعركة وحقق المجاهدون أهدافهم فسيطروا على النصف الجنوبي لبحيرة أم النعاج ولم يسقط منهم إلا شهيدًا واحدًا هو الشهيد أبوحسن الكاظمي( ).
قرر المجاهدون السيطرة على النصف الشمالي لبحيرة أم النعاج فبدأت وحدة الاستخبارات بالعمل الدؤوب ليل نهار في ثلاثة محاور: المحور الشرقي (محور الفوج الثاني وفوج أنصار الحسين عليه‌السلام، مرورًا بمناطق أم تاوة وأم مسحاة، ونهر أبوعذبة؛ ومحوري الجانب الغربي — محور فوج الشهيد الصدر ومحور الفوج الثالث — مرورًا بمنطقة الهرود والمچري والولد وكان لأبي‌عبدالله دور في استطلاع أهداف فوجه.
شن المجاهدون عملياتهم وعلت صيحات الله أكبر من حناجرهم وسرعان ما تهاوت مواقع الظالمين وذلك في الساعة الثانية بعد منتصف ليلة 23/10/1985م إذ سيطر الحربي ومجموعته على أهدافهم بعد دقائق معدودة من بدء الهجوم.
تمهيدا لعمليات حاج عمران في 01/09/1986م، بدأ باستطلاع مواقع البعثيين مع وحدة الاستخبارات لفوج الشهيد الصدر وكانت عمليات الاستطلاع محفوفة بالمخاطر والصعاب فقد وقع مرات عديدة في حقول الألغام إلا ان عناية الباري كانت تدخره لتلك العمليات، فقد كان دليلًا للمجموعة الأولى التي صعدت إلى أعلى مواقع البعثيين وكذلك كان في كل المواقف فحيثما يوجد الخطر كان أبوعبدالله حاضرًا وكان النموذج الأعلى في الشجاعة والفداء.
في الدقائق التي سبقت الاشتباك، كان الحربي في الأعلى على مسافة أمتار من العدو البعثي وهو يهدي مجموعته إلى أهدافها، ثم بدأ الاشتباك والهجوم الصاعق للمجاهدين وكان أبوعبدالله في مقدمة الشهداء الذين سالت دماؤهم الزكية وسقط مضرجا بدمه في سبيل الله ليكون جسرًا لعبورهم، خاتمًا بذلك حياته بما ختم أصحاب سيد الشهداء عليه‌السلام حياتهم مسجلًا بدمائه الطاهرة قصة الوفاء والفداء، باذلًا الروح الغالية رخيصة من أجل تطهير أرض العراق من دنس الطغاة ورفع راية الإسلام خفاقة إلى الأبد.

 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ الشهيد على لسان رفاق دربه ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتحدث عنه معاون أمر فوجه الشهيد حمزة عباس سابط — أبوميثم الصادقي— «… ذو طابع إيماني مميز وذو شجاعة فائقة، وصبور في تحمل الشدائد، وكان لاتأخذه في الله لومة لائم، لم يعرف الخوف أبدًا، كان مواظبًا على صلاة الليل وكان هادئ الطبع لين مع إخوانه المجاهدين شديد على أعداء الله…
ويقول عنه أحد رفاق دربه الجهادي، السيد أبوذر الحداد «كان حب الأئمة الأطهار يعيش في قلبه وينير حياته وكان يذكّر إخوته دائمًا بمناسبات ولادة الأئمة ومناسبات شهادتهم، وكان كثيرًا ما يقرأ لهم زيارات الأئمة وبالخصوص زيارة عاشوراء، ويردد لهم الأشعار الحسينية التي تثير مشاعر الولاء لأهل البيت عليهم‌السلام.
نعم، هكذا كان، يردد دائمًا إن مسألة دخول الجنة هي مسألة سهلة جدًا، بل وليس هناك من سبب يدعونا لأن نترك الجنة ونعيمها وما أعد الله لنا فيها، مقابل حياة تافهة لاقيمة لها، وكان يؤكد دائمًا إن طريق الجهاد الذي نسير فيه هو الذي يؤدي دون شك إلى الفوز بالجنة ورضى الله تعالى.
على الرغم من الواجبات الشاقة التي كان يكلف بها إلا انها لم تكن تنسيه أو تشغله عن القيام بأعمال يومية كان مواظبًا عليها كقراءة القرآن الكريم وصلاة الليل وزيارة عاشوراء كما يقول عنه أحد رفاق دربه «عندما كنا في شمال العراق وخلال عمليات الاستطلاع التي قمنا بها كان أبوعبدالله يبذل الكثير من الجهد الذي يتطلبه العمل في تلك المناطق الجبلية الوعرة، وذات ليلة كان عملنا يتطلب ان نسير مسافة طويلة حتى نصل إلى المنطقة التي نريد استطلاعها، وفعلًا وصلنا إلى أماكن قريبة جدًا من مواقع البعثيين وكان هو في المقدمة كما هي عادته دائمًا، وبعد إنجاز الواجب الذي كلفنا به عدنا إلى مواقعنا في ساعة متأخرة من الليل، وكنا متعبين جدًا، فقد قطعنا مسافة طويلة مشيًا على الأقدام، ونحن نحمل أسلحتنا ومعداتنا فألقينا بأنفسنا على الأرض وأخلدنا إلى نوم عميق، ولكن الشخص الوحيد الذي بقى ساهرًا هو أبوعبدالله الحربي، بقى يحرسنا ويصلي صلاة الليل حتى أسفر الصباح فأيقظنا للصلاة.
بتلك الروحية وبتلك الهمة وبذلك الإيمان كان مجاهدو بدر يواصلون جهادهم ضد أعتى طاغوت عرفه العصر الحديث، فما وهنوا وما استكانوا وما الحربي إلا واحدًا من أولئك الرجال الذين قدموا الأنفس رخيصة في سبيل العقيدة والوطن.
من الصفات الأخرى التي تميز بها هي التزامه الكامل بتعاليم وأوامر المسؤولين عن الواجبات الجهادية، وكان يرى في مخالفتها مخالفة شرعية يؤثم عليها، لذلك كان يمتثل لها بكل دقة وجدية.
وفي أحد الأيام رأى أحد جيرانه جاء لاجئًا من العراق إلى الجمهورية الإسلامية، ورغم الشوق الذي كان يحمله لرؤيته لأنه قد يكون حاملا أخبارًا عن أهله الذين لم يسمع عنهم منذ مدة طويلة، لكنه علم ان اللقاء به ممنوع إلا بعد إستكمال التحقيق، لهذا لم يحاول لقائه كما كان يفعل الآخرون، فقد كان جاره اللاجئ يصيح لماذا لم تأت لنتحدث متعجبًا من موقف أبي‌عبدالله.
هكذا كان أبوعبدالله ملتزمًا بحياته، مطيعًا للأوامر محترمًا للقوانين، وكان مثالا في ذلك. هكذا كان في سلوكه وإيمانه إلى ان لقي الله شهيدًا.
شيع مع كوكبة من الشهداء، ودفن في مقبرة الشهداء في مدينة قم المقدسة( ).

 

أضغط على هذا الرابط للاشتراك ..https://t.me/wilayahinfo

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...