في ناحية الحيدرية بمحافظة النجف الأشرف كان مولده عام1962م، في أسرة مؤمنة عرفت بتقواها وخدمتها لزوار أبيعبد الله الحسين عليه السلام، وكانت تقيم المجالس الحسينية خصوصًا في شهر رمضان المبارك ووفيات الأئمة الاطهار عليهم السلام.
وكانت تلك الاسرة ميسورة الحال ووالده الحاج عبيد وجيهًا من شيوخ عشيرة آل رحيم التي تعود الى عشائر بني حسن ومعروفا بسعيه لحل المشاكل التي تحدث بين تلك العشائر، كما كان يسعى في تزويج الشباب وخصوصًا السادة منهم.
في تلك الأجواء المفعمة بالإيمان وخدمة أهل البيت، نشأ محمود وترعرع، فكان لذلك الأثر الكبير في سلوكه.
عرفت تلك الأسرة برفضها للنظام العفلقي وممارساته ضد أبناء الشعب العراقي، كما عرفت برفضها للحرب التي فرضها النظام صدام وحزب البعث على الجمهورية الاسلامية، فقد قام أحد أبنائها الذي كان يخدم في الجيش باطلاق النار على نفسه حتى لايشارك فيها ويخرج من الجيش لأسباب صحية، فسجن خمسة سنوات في معتقل أبوغريب ثم أطلق سراحه من السجن ثم أخرج من الجيش.
أكمل محمود الدارسة المتوسطة، ثم زج في الحرب في 21/01/1980م، وكان سائقًا يتحين الفرص للخلاص من تلك المحرقة التي أتت على كل شيء، وتحقق له ذلك بتاريخ 1/5/1982م عندما سلم نفسه لقوات الجمهورية الإسلامية.
كان له دور فاعل في معسكرات الأسر التي أطلق عليها معسكرات الهداية، فهو شاعر وأديب لطالما نظم الشعر وألقى القصائد التي كان يختار لها مفردات رائعة ومعاني عميقة مؤثرة كثيرًا في سامعيها.
وعن دروه في تلك المعسكرات يقول رفيق دربه الجهادي أبوعصام الحيدري «كان في كل لحظات حياته التي عاشها في الأسر ثورة متوقدة، وكان قويًّا صلبًا في مواقفه مع المنحرفين، حمل حب أهل البيت في كل سكنة من سكناته، قوي الهمة، شهما، كريما، مرحا، ولكنه عنيد لأجل الحق ولا تأخذه في الله لومة لائم…
بعد الحاح شديد على المسؤولين، سمح له بالالتحاق بالدورة الرابعة من دورات المتطوعين من معسكر الأسر بتاريخ 22/9/1987م، وبعد انتهاء الدورة نسّب إلى فوج أبيذر الغفاري، وشارك في عدة واجبات جهادية معه.
بتاريخ 22/9/1987، اختير مع سرية من المجاهدين للعمل مع القوات المتواجدة داخل كردستان العراق، وبعد مسير طويل، وصلوا الى منطقة قرهداغ في محافظة السليمانية حيث مقر مجاهدي بدر في كردستان، وكم كانت فرحة أبيأسماء وهو يرى نفسه بين أبناء تلك القرى المظلومة مدافعًا عنهم.
امتاز بإيمانة وبخلقه وكثرة عبادته وسعيه في قضاء حوائج اخوته المؤمنين وبقصائده في مدح الرسول وآله الطاهرين.
بتاريخ 24/02/1988م، اشترك مع فوج الشهيد أبيطارق
البصري في الهجوم على معسكر سنگاو لتدمير قوات العدو المستقرة هناك وعلى الربى المحيطة به، وكان له دور بارز.
شارك في عمليات طريق الحسين مع اخوته المجاهدين، وخاضوها معركة بطولية تجلت فيها صور الصمود والتضحية، ووقفوا بوجه النظام البعثي الذي استخدم أنواع الأسلحة بما فيها الكيمياوية من أجل السيطرة على منطقة كردستان، مستخدما اسلوب الارض المحروقة دون أي رادع ولو بكلمه، بل على العكس من ذلك، وقف العالم كله معه يمده بكل ما أوتي من اسلحة.
لقد صمد أبوأسماء واخوته مدافعين عن المظلومين من ابناء كردستان وقدموا التضحيات في سبيل ذلك.
كانت المحطة الأخيرة من حياته في معركة بطولية ضد المنافقين من منظمة مجاهدي خلق الايرانية التي ارتكبت أبشع الجرائم ضد الشعبين العراقي والايراني، فقد جمعهم صدام المجرم وأسيادة من كل أنحاء العالم، بهدف ضرب المجاهدين فاعتدوا على الناس العزل في القرى الحدودية، فكان لهم المجاهدون بالمرصاد وكانت معركة فاصلة، لقنت فيها قوى الشر والارهاب دروسًا مرة، وأذيقت فيها طعم الموت الزؤام ومزّقت شر ممزّق، فهزم جمعهم وولوا الدبر، وكان لأبيأسماء دور مشهود، فبعد أن أبلى بلاءا حسنا، أصيب فسقط شهيدا بتاريخ 26/07/1988م، وعرجت روحه الى بارئها لتكون في مقعد صدق مع الحسين وأصحابه الميامين.
ومن وصيته رحمة الله:
بسم الله الرحمن الرحيم
… أحبتي أهلي، أعزتي إن هذه وصيتي لكم واعلموا أنها ذمة في أعناقكم….
أوصي نفسي الأمارة بالسوء واوصيكم بتقوى الله والتمسك بالنبي وأهل بيته.
أهلي اخوتي! اوصيكم بالسير على خط العلماء المجاهدين، وأياكم والمنافقين الذين يريدون ان يمزقوا الاسلام ويخلقوا الفوضى والتفرقة بكلماتهم المسمومة — هذا ايراني وهذا عراقي وهذا تركي…
اذا وجدتم الناس في وادي والخميني في واد، فاسلكوا الوادي الذي فيه الخميني، لأنه مجتهد عارف قد سلك طريق الرسول وآله الاطهار
أوصيكم بالجهاد في سبيل الله والدفاع عن دينه، بجميع ما تملكون، فمن ترك الجهاد رغبة فيه البسه الله ثوب الذل.
أهلي احبتي سامحوني عن كل شيء صدر مني، فلعلي قصرت في حقكم يومًا ما فأسألكم براءة الذمة.
والدتي العزيزة! اني اخترت هذا الطريق بعد ان منّ الله عليّ بالجهاد في سبيله تحت راية وليه وعلى طريق الحسينعليهالسلام الذي قاتل الكفر في عصره، وها نحن نقاتل الكفر في زماننا، وهو من واجبنا ان ننهض من أجل رفع كلمة لااله الا الله محمد رسول الله. اسأل الله ان يوفقكم لسلوك هذا الطريق، وأرجوا منكم ان تنفذوا هذه الوصية كما ذكرتها برسائل عديدة قد أرسلتها، ولعلها وصلت اليكم، وارجوا ان تسامحوني عن كل خطأ بدر مني، وأن تربوا أطفالكم وتعلموهم الاسلام، وأياكم والخروج عنه.
سلام عليك أبا أسماء يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا.