الوقت- كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن عزم الجمهورية الإسلامية الإيرانية بناء قاعدة بحرية على الساحل السوري، حيث ضجت عشرات المواقع بهذا الخبر وبدأت بالتحليل والتهويل وافتراض نظريات وكأن القاعدة أُنشأت وبدأت البوارج الإيرانية بالاصطفاف على هذا الميناء.
ولكن المتابعين لمجريات الأحداث في المنطقة أصبحوا على دراية كاملة بالهدف الأساسي من ترويج مثل هذه الأخبار وتسريبها وبمصلحة من تصب.
مخاوف الكيان الصهيوني
الكيان الإسرائيلي وزعمائه قلقون جداً من عواقب إنشاء قاعدة بحرية إيرانية في محافظة اللاذقية السورية، لأنهم يعتبرون التواجد الإيراني الحالي على الأراضي السورية هو الأخطر بالنسبة لهم منذ عقود ما سيجعلهم يشعرون بالتهديد الدائم في حال تم إقامة هكذا قاعدة.
وفي هذا السياق، أعرب مسؤولون صهاينة عن قلقهم من أن يسمح الرئيس السوري بشار الأسد لإيران بإقامة هذه القاعدة البحرية في الساحل السوري، ولكن الأمر الذي زاد من مخاوفهم، هو أن روسيا لم تخرج بأي تصريح يعارض إنشاء هذه القاعدة بل على العكس يمكن أن تشجعها بشكل غير مباشر.
هذه المعلومات بالإضافة إلى التقارير المذكورة تنفي ما كان قد أشيع حول أن روسيا وافقت مع القوى الغربية وتركيا على مشروع يقضي بترحيل حزب الله تدريجياً من سوريا ومعه جزء من الحرس الثوري الإيراني مقابل دفع عجلة الحل السياسي في سوريا.
الحرب النفسية
وتم ترويج هذه الأفكار من قبل غرف الحرب النفسية المعادية لمحور دمشق- طهران- موسكو، قبل الغارة الإسرائيلية وبعدها على مواقع في سوريا في محاولة يائسة منها لشحذ الهمم وإعطاء جرعة أمل للجماعات الإرهابية التي بدأت تقترب من الإنهيار بعد أن حوصرت في أبرز معاقلها من قبل الجيش السوري.
وتقول مصادر مطلعة أن بناء قاعدة بحرية إيرانية في اللاذقية هو شأن سوري داخلي يتم بالتوافق مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية بضمانة من القانون الدولي، وهنا ذكرت المصادر أن العديد من الدول وقعت اتفاقيات فيما بينها بخصوص هذا الموضوع وخير مثال غلى ذلك ما قامت به الولايات المتحدة الأمريكية في كثير من دول العالم حيث أقامت عشرات القواعد الجوية والبحرية في العديد من دول العالم.
حقيقة أم شائعات
وأضافت المصادر بأنه حتى اللحظة لم يتم الإتفاق على إقامة أي قاعدة بحرية إيرانية على الأراضي السورية ولكن في حال فكر الحليفان السوري والإيراني بهذا الأمر فلا ضير منه، والحكومة السورية هي من يحدد هذا الشيء فهي صاحبة القرار في ذلك.
وأصبح واضحاً بالنسبة للجميع أن الكيان الصهيوني وأعداء محور المقاومة هم من يقوم بترويج مثل هذه الأخبار الغير صحيحة، وهذا ما تؤكده الوقائع حيث صرح المسؤولون الصهاينة مرارا وتكرارا بأنهم سيستخدمون كل الطرق المتاحة مهما كانت نتائجها لإبعاد خطر إيران وحزب الله عن حدود الأراضي المحتلة كما أنها لن تسمح للقيادة السورية بجلب هذا الخطر.
فوبيا إيران
أصبحت إيران بالنسبة للكيان الإسرائيلي مصدر قلق دائم، وهذا ما أظهره نتنياهو بعد عودته من موسكو في زيارة قام بها لهناك على رأس وفد ضم رئيس الإستخبارات العسكرية اللواء هارتسي هاليفي، وقال نتنياهو حينها إن قلقه من جهود إيران لضمان وجودها العسكري الدائم في سوريا، كان السبب الرئيسي وراء زيارته الأخيرة إلى موسكو.
وأضاف: “قلت للرئيس بوتين بوضوح إننا نعارض قطعيا تعزيز مواقع إيران وأنصارها في سوريا”.
واستطرد قائلا: “نرى أن إيران تسعى لتعزيز قوتها العسكرية وبنيتها التحتية الحربية في سوريا، بما في ذلك محاولاتها لبناء قاعدة بحرية في هذه البلاد. وسيأتي ذلك بعواقب خطيرة على أمن إسرائيل”.
أطماع كيان العدو
وإذا أردنا أن نسأل لماذا يسرب الكيان الإسرائيلي أخبار كاذبة عن إنشاء إيران لقاعدة بحرية قبالة السواحل السورية وماهي غايتها؟
المؤكد أن تسريب هكذا أخبار تصب في مصالحة كيان الإحتلال بالدرجة الأولى، لأنه في حال إنشاء هذه القاعدة فإن الكثير من مخططات تل أبيب ستبوء بالفشل ويجب ألا ننسى ما يتم تداوله هذه الأيام وبكثرة في الصحف الإسرائيلية عن ترسيم حدود جديدة مع لبنان للسيطرة على نقطة بحرية متنازع عليها مع بيروت، تلك النقطة مليئة بالغاز والنفط الأمر الذي لاقى استهجان ورفض كبير في الأوساط اللبنانية وطالبوا الأمم المتحدة من استصدار قرار يمنع ذلك ودعوا للدفاع عن حقوق لبنان في البحر كما في البر وأعلنوا رفضهم من أن يقوم الكيان الإسرائيلي بسرقة ثروتهم النفطية مجدداً.
وفي الختام يمكن القول أن مسألة إنشاء قاعدة بحرية هو شأن سيادي سوري، وقالت مصادر مطلعة أنه حتى الآن لايوجد أي سبب لإقامتها وأضافت المصادر أن الحلفاء الروس يقومون بما يجب في طرطوس.