الرئيسية / تقاريـــر / جماعات إدلب المسلّحة وداعش.. سباق الإجرام

جماعات إدلب المسلّحة وداعش.. سباق الإجرام

الوقت- قد تعجز الكلمات عن وصف المشهد المروّع قرب نقطة تجمّع حافلات أهالي كفريا والفوعة في حيّ الراشدين. المشهد أكبر من أن يوصف، ولكن ما بعده أدهى وأعظم.

أدرك المسلحون أنّ ما باليد حيلة وذلك حفاظاً من قبل الجهات التي ترعى الاتفاق على أرواح الآلاف الباقين من مهجّري الفوعة وكفريا، فضلاً عن إدراكهم المسبق بحماية هؤلاء لمسلّحي مضايا والزبداني قبل عوائلهم حتّى، التزاماً من الجهات الراعية بالاتفاق والتزاماً بتعاليم الدين الحنيف.

وأما نحن، أبناء هذه البلاد، ما زادنا تصرّف هذه الجماعات إلاّ إصراراً على إجرامهم و براءتهم من الدين الحنيف، وكذلك أحقّيّتنا في  المواجهة التي ستُنجي الملايين من شعوب المنطقة من ويلات هذه الجماعات الإرهابية التي أثبتت أنّها أكثر إجراماً من داعش.

إن المشهد المؤلم بالأمس في حي الراشدين بعد سقوط مئات الشهداء والجرحى، ويستوجب منّا إجراء مراجعة سريعة تفضي إلى جملة من النقاط التي تمّ تلخيصها  من سيرة هذه الجماعات، وما يحيطها، منذ نشأتها وحتّى كتابة هذا السطور، وهنا لا بد من ذكر التالي:

أوّلاً: أثبتت هذه الجماعات أنّها أكثر إجراماً من تنظيم داعش الإرهابي. فمهما سلخت من شعارات ستبقى إرهابيّة إجراميّة. اللافت أن أيّ جهة لم تتبنّى التفجير حتّى الساعة، بل عملت بعض الجماعات، من ضمنها “أحرار الشام”، على إدانة التفجير والاستعداد لإجراء تحقيق دولي، ليس ذلك فحسب، بل اتهام النظام، وكأن هذه المنطقة هي تحت سيطرة الجيش السوري وحلفائه، فمن يشرف بشكل مباشر من طرف المسلحين على هذا الاتفاق هم وفد من الاستخبارات التركية والقطرية.

ثانياً: اللافت هو الصمت الدولي الذي حصل إثر التفجير وحتّى كتابة هذه السطور. أين المتباكون على ضحايا “خان شيخون”؟ أين المجتمع الدولي؟ أين فرنسا ومندوبها في مجلس الأمن؟ فهل الاستهداف المزعوم في “خان شيخون” يرقى إلى الإدانة الدولية الواسعة رغم تقاذف التهم، في حين أن هؤلاء المتباكين على الإنسانيّة يلتحفون الصمت حاليّاً، فلماذا باؤكم تجر وباؤنا لا تجر؟

ثالثاً: إن الرسالة الأساسيّة للجهات التي تقف خلف هذا التفجير هي منع أيّ مصالحات أو تطوّرات تفضي إلى إنهاء الأزمة. هناك إصرار إقليمي ودولي على تطويل الأزمة وعدم الدخول في أي مصالحة سياسيّة حاليّاً، لاسيّما في ظل السيطرة الميدانيّة للجيش السوري وحلفائه ونقطّة التحوّل الأبرز في الأزمة السورية، المتمثّلة في انتصار حلب وتحريرها من الجماعات المسلّحة. بدا لافتاً الاشتباكات التي جرت في بين الجبهة الشامية وفتح الشام ثم دخول “لواء السلطان مراد” على الخط، وهو ما يعكس خلافاً بين الأدوات التركية والأدوات السعودية التي تهيمن على مساحة من الأرض.

رابعاً: ومن النقاط التي تستحقّ الإشارة، هي التغطيّة الإعلاميّة لمرحلة ما بعد التفجير. لا أتحدّث هنا عن الضعف الإعلامي لسوريا وحلفائها في الاستثمار السياسي والإعلامي لهذه الحوادث، بل أقصد القنوات التي تدعم الجماعات المسلّحة. ففي حين كانت التغطية “أمر عابر” للعديد من هذه القنوات، حاولت قنوات أخرى رمي التهمة نحو “النظام”، فضلاً عن إظهارها أن التفجير استهدف “الثوّار”، كما أسموهم، قبل أهالي الفوعتين، فلماذا باؤكم تجر وباؤنا لا تجر؟

خامساً: إن التعاطي الإعلامي المزدوج، الإقليمي والدولي، للجهات التي تريد إسقاط النظام في سوريا مع سكّان الفوعة وكفريا من ناحية، ومضايا والزبداني من ناحية أخرى يبدو واضحاً، فلماذا يتحدّثون تهجير سكان هذه المناطق، وخروج الجماعات الموالية للنظام في إدلب، رغم أنّ الجماعة الأولى أغلبها من المسلّحين وعوائلهم، في حين أن في الفوعة وكفريا هو الأهالي فقط، فلماذا باؤكم تجر وباؤنا لا تجر؟

سادساً: إن التعدّد في الجماعات التفكيرية رغم وجود قيادة إقليميّة ودوليّة واحدة هو أحد الأهداف المدروسة. وتغيير بعض الأسماء من جبهة النصرة، جيش الفتح، جبهة فتح الشام وهيئة تحرير الشام، يصبّ في هذا الإطار. إن ما يفعله هؤلاء اليوم هو كأن يذهب الموطن بعد كل جرمية قتل يرتكبها إلى الدوائر الرسميّة لتغيير اسمه بغية التنصّل من جريمته!

سابعاً: من الدروس المستفادة مما حصل بالأمس أن لا أمان لهذه الجماعات، تماماً كما لا دخل لها بالدين الحنيف، فالرسول الكريم محمد (ص) الذي عاهد اليهود، حاشا له أن ينكث بالعهد بعد إعطائهم الأمان، فكيف الحال إذا كانت هذه الجهة مسلمة؟ كذلك، من الدروس المستفاد أيضاً، هو التزام الطرف المقابل بالعهد وتعاليم الدين في الوفاء بالعهد، وعدم المعاملة بالمثل مع مسلّحي مضايا والزبداني وعوائلهم، فلا تزر وازرة وزر أُخرى.

لم ندرِ من أين نبدأ، وكذلك ولا ندري من أين نختم.  إنّ هذه الجريمة النكراء تستوجب من أصحاب الضمائر الحية عدم الاكتفاء بمجرد الإدانة والاستنكار، بل ضرورة العمل على حماية ورعاية الابرياء بشتى الوسائل المتاحة، إضافةً إلى ردع المجرمين. نقول لهم، لمن نفّذ وخطّط وموّل، لا تراهنوا على تعبنا وتراجعنا، سنستمر في هذه المواجهة حتى آخر قطرة دم، ولكن المواجهة ستنتهي قبل ذلك. الرحمة للشهداء في محراب الوطن.

 

https://t.me/wilayahinfo

 

00