الوقت- دول ومنظمات تحمي وتضمن الحريات، وتكافح من أجل حقوق الإنسان ومجتمع دولي وضع السيف على رقاب كل من يعاند ويرفض تطبيق القرارات الدولية، لا أدري أمن حسن حظنا أمن سوءه أن لنا من هذه القرارات حصة الأسد. قرارات تريد إنصافنا وإعطاء شعوبنا العربية والإسلامية وبالخصوص الشعب الفلسطيني حقوقه المسلوبة من قبل الكيان الإسرائيلي.
إنه خبر مرتبط بالقضية الفلسطينية، القضية التي يجب أن تمثل عصب الحراك العربي في المجتمع الدولي، خبر ضجت به الوسائل الإعلامية وخاصة العربية، إنه قرار منظمة العلوم والثقافة والتربية “اليونسكو” إعلان القدس مدينة محتلة من قبل الكيان الإسرائيلي. قرار أظهره الإعلام العربي نصرا مؤزر لما يسمى المجموعة العربية في المنظمة. نصر إذا ما أردنا إنصافه فهو أشبه بنصر دونكيشوتي في هجوم عربي على مطاحن الغرب.
أما القرار فينص على أن إسرائيل تحتل مدينة القدس وليس لها في البلدة القديمة أي حق. كما يعتبر المقابر في الخليل وبيت لحم مقابر إسلامية. وقد صوت على القرار 22 دولة بالموافقة في مقابل رفض 10 دول وامتناع 22 دولة أخرى وعدم حضور 4 دول لاجتماع المجلس التنفيذي للمنظمة.
يُذكر أن الكيان الإسرائيلي سعى إلى إجهاضه بكل ما له من قوة ونفوذ في المجتمع الدولي. وقد نجح إلى حد ما في إضعاف التصويت لهذا القرار فحتى المجموعة الأوروبية التي كان من المنتظر أن توافق عليه رفضته بمعظمها. وكان رئيس وزراء الكيان قد استبق القرار بالقول أن كيانه يكفر باليونسكو، والقدس ستظل تحت سيادة كيانه إلى الأبد.
نظرة في الموقف الأوروبي المتخاذل
أما الدول التي رفضت القرار، فبالطبع أمريكا على رأس القائمة ليتبعها كل من إيطاليا، بريطانيا، هولندا، ليتوانيا، اليونان، باراغواي، أوكرانيا، توغو وألمانيا.
إذا إضافة إلى الرأي الأمريكي المحسوم مسبقا، فإن مجموعة الدول الأوروبية داخل المنظمة رفضت القرار بمعظمها. ومن ضمنها ألمانيا التي تمر بأزمة دبلوماسية غير مسبوقة مع الكيان الإسرائيلي. مما يؤكد أن ألمانيا ومهما اشتد الخلاف بينها وبين الكيان ورغم الإهانة الإسرائيلية التي وُجهت لوزير خارجيتها خلال زيارته الأخيرة لفلسطين فإن ثوابتها وعلاقتها بالكيان راسخة وإلى تقدم، وقد يكون الرفض لقرار اليونسكو رسالة مغازلة للكيان لإعادة ترتيب العلاقات بدل الاستمرار بأزمة تعلم ألمانيا أنها لن تؤدي إلى أي تراجع إسرائيلي، خاصة في ظل دعم الإدارة الأمريكية المنقطع النظير لحكومة نتانياهو وتوجهاتها المتطرفة.
هذا الأمر إنما يؤكد الازدواجية في المعايير لدى الأنظمة الأوروبية في التعاطي مع ملفات العالم العربي والإسلامي، وخاصة مع القضية الفلسطينية، فعلى الرغم من إدانة الاتحاد الأوروبي لقرار الكيان الإسرائيلي بضم أراض فلسطينية وشرعنة المستوطنات فيها منذ أشهر إلا أن هذه الدول نفسها ترفض إدانة إسرائيل في المحافل الدولية وهذا مؤشر يؤكد أن الأوروبي مصر على عدم تمكين الفلسطينيين من كسر شوكة الاحتلال الإسرائيلي إعلاميا وقانونيا.
وهنا من الجيد الإشارة إلى ما قاله سفير الكيان الإسرائيلي لدى اليونسكو، فقد غرد خارج سرب المنتقدين للقرار إسرائيليا، ليقول حقيقة مهمة وهي أن هذا القرار سجل تقدما لصالح إسرائيل بالمقارنة مع قرارات سابقة لنفس المنظمة. فخمس دول جديدة صوتت ضد القرار بعد أن وقفت إلى جانب قرارات مماثلة في مرات سابقة.
مفاعيل هذا القرار
يعتبر البعض أن ما بعد هذا القرار ومجموعة القرارات التي سبقته والتي تؤكد على فلسطينية القدس القديمة وبعض المناطق الأخرى ليس كما قبله، وأن هذه القرارات قد نزعت الشرعية والقانونية عن أي خطوة إسرائيلية في المستقبل. جوابنا لهؤلاء متى كانت إسرائيل تعتني بهكذا قرارات؟ ومتى خضعت لقرارات مجلس الأمن الملزمة حتى تخضع لقرارات منظمة لا تملك أي قدرة على فرض أي إجراءات حقيقية على الأرض؟
الرسالة اليوم للفلسطينيين والعرب، أخوتي اعلموا أن قرارات الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها ليست المعيار الذي يقاس به الحق في هذا الزمن الرديء. فصحيح أن تمرير هذا القرار في اليونسكو هو أمر جيد وقد ينفع القضية الفلسطينية، ولكن الأمر الأكيد والمحتوم هو أن هذه المنظمة لن تتمكن من خلال هذا القرار من تحقيق أي من حقوق الفلسطينيين المهدورة. لذا لا تنخدعوا بقرارات فارغة وتنسوا السبيل الوحيد لتحرير فلسطين وهو سبيل المقاومة المسلحة التي لا يفهم العدو والعالم غير لغتها.