١- عند الحديث عن الهيكل التنظيمي لـ (الدولة الإسلامية في العراق والشام”داعش”)الارهابية فعلينا بداية أن نتطرق لأمير التنظيم الشيخ إبراهيم عواد إبراهيم البدري السامرائي” أبوبكر البغدادي “، وسلطته الدينية بالتحكم بالتنظيم بشكل مباشر وغير مباشر.
لا أتحدث عن رئيس تنظيم حزب سياسي أو اجتماعي ولكن عن إمارة وبيعة لتنظيم مسلح تجاوز عديد أفراده (١٨٠٠٠ ثمانية عشر ألف مقاتل)، هو ولي أمرهم ، وقائدهم إلى دولة الخلافة والحكم بالإسلام.
يعتبر البغدادي المتحكم في كافة مفاصل الهيكل التنظيمي لداعش الارهابية،وإليه المنتهى في أخذ القرار، وقد أسس هذا التنظيم على يد الزرقاوي الذي لم يهتم بعناوين الوظيفة داخل الهيكل التنظيمي، لكن أبا عمر البغدادي أفرط في توصيف أدق أجزاء المناصب الوظيفية لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق،وحدد المهام والواجبات لكل وظيفة، وطرق التنسيق والتواصل بين مفاصل التنظيم.
وكما يعلم الجميع على يد أبي عمر البغدادي، انحسر عديد مقاتلي التنظيم الناشطين، حيث جمد كل من ليس له وصف وظيفي ضمن التنظيم، وجعلهم من الفائضين ثم إلى خلايا نائمة ليس لها علاقة بالتنظيم سوى البيعة والنصرة عند الاستنفار، هذا الأمر اضعف من نسب احتمالية الاختراق والتكاليف المالية والاقتصاد بالسلاح ودقة ونوعية الأهداف .
أما أبو بكر البغدادي فقد سعى إلى تجميد دور المهاجرين العرب في المناصب القيادية داخل التنظيم، وأحال معظمهم إلى وظائف ساندة كالشورى والإعلام والتجنيد وجمع التبرعات …وربط كل صلاحيات إعلان الغزوات، وتأسيس المجلس العسكري وإلغاء منصب وزير الحرب، وعزل عدد من المسؤولين في ولاية بغداد وديالى، واستعانة بضباط الجيش السابق من التكفيريين، وخاصة من أصناف الأمن والاستخبارات وغير ذلك.
٢- أهم المفاصل التنظيمية لداعش الارهابية التي يمسك بزمامها البغدادي بصورة مباشرة:
-أمن واستخبارات الولايات ومتابعة التنظيم.
-مجلس الشورى.
-المجلس العسكري.
-الإعلام ( مركز الفجر للإعلام، ومؤسسة الفرقان للإعلام ).
-الهيئات الشرعية.
-بريد الولايات .
-بيت المال.
جميع قيادات وأمراء هذه الوظائف يتم تعيينهم من قبل البغدادي في العراق وسوريا.
إضافة إلى ذلك، فالبغدادي يمكنه إصدار أوامره للمجلس العسكري أو ينقض أي قرار لا يتوافق مع توجهه.
٣-المجلس الأهم في تنظيم داعش هو المجلس العسكري الذي يرأسه الآن( أبو أحمد العلواني وليد جاسم محمد) ومعه ثلاثة من ضباط الجيش البعثي السابق كلهم دخلوا للتنظيم بعد عام ٢٠٠٦ ومنهم من كان سجنه في بوكا سببا في تجنيده.
رئيس المجلس العسكري يتم اختياره من البغدادي بشكل مباشر ولكن قبل ذلك يطلب الاستشارة من مجلس الشورى بخصوصه، بعبارة أخرى، لا يدخل المجلس العسكري إلا من يتم اختياره من قبل البغدادي وتزكية مجلس الشورى له…
يتكون تشكيل المجلس العسكري من رئيس مجلس وثلاثة أعضاء، مهمتهم التخطيط وإدارة الأمراء العسكريين في ولايات التنظيم، ومتابعة نتائج غزوات البغدادي في الولايات ..وهذه المجالس غير مرتبطة ببعضها البعض ولكنها في تنافسية في تنفيذ العمليات القتالية ودقتها ونوعيتها.
٤- الهيئات الشرعية، يرأسها الشيخ أبو محمد العاني، لها الدور الأبرز في صنع الحماسات والعاطفة القتالية وصياغة خطابات البغدادي والبيانات والتعليق على الأفلام والأناشيد الإعلامية في تنظيم داعش.
وغالبا ما يكون أعضاء الهيئات الشرعية من المهاجرين العرب وخاصة السعوديين . تنقسم هذه الهيئات إلى قسمين رئيسيين، أحدهما للقضاء والفصل بين الخصومات والنزاعات المشتركة وإقامة الحدود والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر…
والأخرى الإرشاد والتجنيد والدعوة ومتابعة الإعلام..
٥-مجلس الشورى، يرأسه المدعو أبو أركان العامري، ومن واجباته تقديم التزكية بين يدي البغدادي لولاة الولايات وأفراد المجلس العسكري، وأفراد مجلس الشورى يتراوح عديدهم بين ٩-١١ وهم من القيادات الشرعية التاريخية في التنظيم، وأيضا يتم اختيارهم من قبل البغدادي، كما يستطيع هذا المجلس من الناحية النظرية عزل أمير التنظيم إذا كان لا يقوم بمهامه على الوجه المطلوب إلا أن تطبيق هذا على أرض الواقع من المستبعد تقريباً.
٦- مجلس الأمن والاستخبارات، يرأسه المدعو أبو علي الأنباري، ضابط استخبارات في الجيش السابق ، ومن مهامه انه مسؤول عن أماكن وتنقلات البغدادي ومواعيده، ومتابعة القرارات التي يقرها البغدادي ومدى الجدية لدى الولاة في تنفيذها. يشرف أيضا على تنفيذ أحكام القضاء وإقامة الحدود،
كما يشرف على صيانة التنظيم من الاختراق، ولديه مفارز في كل ولاية تقوم بنقل البريد وتنسيق التواصل بين مفاصل التنظيم في جميع قواطع الولاية. وأيضا لديه مفارز خاصة للاغتيالات السياسية النوعية والخطف وجمع الأموال …يتكون هذا المجلس من ثلاثة أفراد من ضباط الاستخبارات النظام السابق، يقوم البغدادي بتعيين كل أعضاء هذا المجلس، وكذلك الأمير الأمني في كل ولاية ومن معه.
٧-يسيطر البغدادي وممثلوه في الولايات على المؤسسة الإعلامية، ويرأسها المدعو أبو الأثير عمرو العبسي السعودي، ويدير هذه المؤسسة جيش من الكتاب والمتابعين للإعلام الإلكتروني غالبيتهم من الخلايا النائمة وبعضهم من أنصار تنظيم داعشالارهابية. في الوقت نفسه، هناك عشرات من المنتديات والمواقع الإعلامية الجهادية التي تقدم النصرة الإعلامية لتنظيم داعش الارهابية وهم غالبا من الخليج وشمال أفريقيا.
٨- يمكننا الإشارة إلى ثلاثة مجالس ذات صلة ببعضها البعض داخل تنظيم داعشالارهابية هي الأقوى، مجلس الأمن والاستخبارات، المجلس العسكري، والهيئات الشرعية.. وكلها مرتبطة بالبغدادي.
وأيضا يمكن القول إن التنافس بين ولاة الولايات في تنظيم داعش الارهابية في العراق وسوريا يؤثر بشكل مباشر على رسم منهج داعش البغدادي في التمدد الجغرافي والتوسع البشري.
وأيضا تعد معظم مناصب التنظيمية في تنظيم داعش ضعيفة جدا بسبب تسلط العسكر والأمن واستحواذهم على قرارات البغدادي، وشخصية البغدادية المائلة للسيطرة على كل شيء، نجد أن العلاقات الشخصية هي سبب اختيار القيادة لأي منصب.
لذا فإن البغدادي عند رسم الهيكلية غالبا ما يتم تجاهل أو الالتفاف على القيادات التاريخية في التنظيم، بل يعتمد على الشبكات الشخصية وعلاقات القرابة والعلاقات التي أنشأها في الأنبار أيام أبي عمر البغدادي !
وأيضا من الناحية المالية، نجد أن تنظيم داعشالارهابية بعد أحداث سوريا والأنبار تمتع بدخل مالي كبير من مصادر آبار النفط في شرق سوريا ومن الصدقات والزكوات الخليجية والأوروبية نصرة للمجاهدين ضد نظام الأسد، وأصبح البغدادي لا يعتمد على دعم قاعدة الظواهري بشكل كبير الأمر الذي دعاها أخيراً للتمرد على الظواهري والخروج عليه!
٩-كل من في هذه المجالس الثلاثة يحسب على البغدادي ومن العراقيين خاصة، ولكن يمكن تقسيم من هم داخل هذه المجالس إلى ثلاثة أصناف رئيسية: الطامع بالإمارة لنفسه وهم أشبه الأشخاص بأبي محمد الجولاني وهؤلاء في غالب الظن هم من يقتل البغدادي، والمتحكم بالبغدادي وهم الأمن والعسكر من النظام السابق وهؤلاء أكثر الأشخاص إخلاصا للبغدادي وأكثر المنتفعين منه، والمتحير والمعترض لكن بصمت ينتظر أول فرصة كي يعلن انشقاقه لكن من غير قتال.
متخصص في شؤون الجماعات المسلحة الارهابية