الشعيرة والشعائر:
المحصَّل من كلمات اللغويّين وغيرهم أنّ الشعيرة تستعمل بكثرة بمعنى العلامة والاستعلام.
قال الجوهريّ في الصحاح: الشعائر أعمال الحجّ, وكلّ ما جُعل عَلَماً لطاعة الله تعالى, والمشاعر: مواضع المناسك, والمشاعر الحواس, والشعار ما ولي الجسد من الثياب, وشعار القوم في الحرب: علامتهم ليعرف بعضهم بعضاً, وأشعر الرجل همّاً, إذا لزق بمكان الشعار من الثياب في الجسد..[1].
وقد تُضاف هذه الكلمة إلى لفظ الجلالة “الله” فيقال شعائر الله, وقد تُضاف إلى غيرها كالدّين أو الإسلام أو المذهب, فيقال الشعائر الدّينيّة أو الإسلاميّة أو المذهبيّة, وقد تضاف إلى معنى دينيّ خاصّ أو شخصيّة دينيّة, فيقال: شعائر الحجّ مثلاً, أو الشعائر الحسينيّة.
وقد ورد التعبير عن الشعائر في آيات عديدة من كتاب الله العزيز, وبتعابير مختلفة, نكتفي بعرض بعض منها, قال تعالى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ﴾[2]. وقال سبحانه: ﴿ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾[3], وقال تبارك اسمه: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ﴾[4], وقال عزّ من قائل: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ﴾[5], وكذلك قال تعالى: ﴿ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ﴾[6], إلى غير ذلك من الآيات التي بمعناها..
فالشعائر- كما يتضح من معناها – مجموعة من الأمور التي يتمّ إقامتها من قبل جميع طبقات المجتمع وشرائح المجتمع الإسلاميّ, بدون اختصاص بفئة دون فئة, أو مجموعة دون مجموعة, يراد منها التركيز على جانب الإعلام الدّينيّ, كنشر الدّين, أو معنى من معانيه, أو حكم من أحكامه, بهدف إعلاء الدّين وإقامة معالمه في النفوس والسلوك الاجتماعيّ.
فالشعيرة الدّينيّة تحتوي على ركنين: ركن النشر والإعلام, وركن الإعلاء والاعتزاز وحفظ الهويّة الدّينيّة.
ومن هنا فلا يصحّ الاستهانة بهذه الرموز والشعارات الإسلاميّة, فإنّ لها دوراً كبيراً في تحديد الهويّة الحضاريّة للأمّة الإسلاميّة, لأنّ هذه الرموز والشعائر الدّينيّة سواء شعائر الحجّ أو الشعائر الحسينيّة أو شعائر الصلاة أو شعائر المسجد أو شعائر قبور الأئمّة عليهم السلام تعدّ بقاء للمعالم التاريخيّة والحضاريّة للمسلمين[7].
[1] الصحاح, ج 2، ص 699.
[2] سورة المائدة، الآية: 2.
[3] سورة الحجّ، الآية: 32.
[4] سورة الحجّ، الآية: 36.
[5] سورة البقرة، الآية: 158.
[6] سورة الحجّ، الآية: 30.
[7] أنظر: الشعائر الحسينيّة بين الأصالة والتجديد، ص23،22و 32و ما بعدها..
شبكة المعارف الإسلامية