الرئيسية / من / طرائف الحكم / الشعائر الحسينية إحياؤها وأبعادها15

الشعائر الحسينية إحياؤها وأبعادها15

إحياء الشعائر الحسينيّة موجبٌ لهداية الناس وحفظ وإحياء رسالة عاشوراء

ورد في الرواية الشريفة: “كتب الله في يمين العرش: إنّ الحسين مصباح هدى وسفينة نجاة[1].

 

إنّ إحدى القيم المنظورة من خلال إحياء الشعائر الحسينيّة هداية البشر وإنقاذهم ونجاتهم من الضلالة والهلاك حيث إنّ أصل قضيّة عاشوراء وأحداثها والمصائب التي أصابت سيّد الشهداء عليه السلام إنّما كانت من أجل نجاة عباد الله من الغرق في الضلالة والجهالة وإرشادهم إلى مسير الهداية والصراط المستقيم.

 

ونقرأ في الدعاء قبل زيارته سلام الله عليه: “وبذل مهجته فيك ليستنقذ عبادك من الضلالة والجهالة والعمى والشكّ والارتياب إلى باب الهدى من الردى”[2].

ولذا فإنّ حفظ قيم عاشوراء وإحياء فكر الإمام الحسين عليه السلام وأهدافه ورسالته يستتبع حصول هذا الأمر العظيم والكبير.

 

ومن العوامل المهمّة أيضاً والباعثة على حفظ وبقاء تلك القيم وإحياء رسالة عاشوراء في كلّ عام هو إقامة هذه المجالس للعزاء والمصيبة ولطم الرؤوس والصدور وإقامة الشعائر الحسينيّة. وقد ثبت بشكل قاطع على مرّ التاريخ أنّ الكثير من الناس قد اهتدوا بسبب هذه الشعائر الحسينيّة ونجوا من الضلالة، ولو سعى أحدٌ ما لجمع هذه الشواهد لألّف كتاباً ضخماً وقيِّماً.

 

إحياء شعائر سيّد الشهداء عاملٌ لإحياء الدّين

إنّ إحياء شعائر سيّد الشهداء لا يبعث على هداية البشر فحسب بل يوجب أيضاً حفظ وإحياء أصل الدّين والإسلام الحقيقيّ, أي شريعة خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم وولاية عليّ المرتضى عليه السلام ، لأنّ الإمام الحسين عليه السلام باستشهاده قام ببقاء الدّين وحفظه, والسبب في ذلك أنّ الإمام الحسين عليه السلام لو لم يقم بشكل قاطع ضدّ يزيد لما بقي في الأساس لا اسم الدّين ولا رسمه، وعليه فمن الواضح والبديهي أنّ المحافظة على ثقافة عاشوراء وقيمها وتاريخ كربلاء من خلال إقامة شعائر سيّد الشهداء ستُساهم في بقاء الدّين وحفظه أيضاً.

ومع قليل من الملاحظة والتأمل نرى الدّين والتديّن والقيم الإلهيّة محسوسة وظاهرة في الأماكن – (سواء كانت صغيرة على مستوى العائلة أو كبيرة على مستوى المدن و…) – التي تقيم الشعائر الحسينيّة وبرامج عاشوراء ومجالس المصيبة والحزن.

 

وفي المقابل فإنّ المجتمعات التي لا يوجد فيها أيّ اسمٍ ولا أيّ ذكر لعاشوراء وشعائرها إمّا أنّه لا يوجد فيها أيّ خبر ولا أثر عن الدّين وإمَّا إذا وجد فإنّه قليل لا يعتدّ به. وحتماً فإنّ هذا الكلام ليس رأينا الشخصيّ فحسب, بل إنّ كلّ الدنيا تقبل وتذعن لهذه الحقيقة. ولذا قيل: “الإسلام محمّديّ الوجود وحسينيّ البقاء“.

 

إحياء الشعائر والعزاء على سيّد الشهداء عليه السلام تلبية لطلب النصرة

إنّ إقامة الشعائر الحسينيّة وإحياءها يحكيان هذا المطلب في الواقع ومفاده: أنّنا إذا لم نكن حاضرين في كربلاء عندما طلب سيّد الشهداء النصرة فإنّنا اليوم ننصره بحفظ وإحياء ذكراه وأهدافه التي قام من أجلها.

 

ومع قليلٍ من التأمّل ندرك أنّ بعض الشعائر ومراسم العزاء التي تقام حاليّاً على سيّد الشهداء مستوحاة من واقعة كربلاء,

ومثالاً على ذلك فإنّ الموالين عندما يلطمون على رؤوسهم وصدورهم يريدون أن يقولوا: يا حسين لم نكن معك لنكون مثل أطفالك الذين يضربهم الأعداء ..

 

وإذا قطعوا المسافات إلى مجالس العزاء والمصيبة وإلى زيارة لسيّد الشهداء يريدون أن يقولوا: يا حسين لم نكن في عاشوراء لنلبي نداءك: هل من ناصرٍ، لبّيك لبّيك ونأتي إليك.

 

ولبّ الكلام هو أنّ لسان حال المعزّين وأهل العزاء على الإمام الحسين عليه السلام في هذه الأيّام هو أنّنا نقول متحسّرين “يا أبا عبد الله يا ليتنا كنّا معك فنفوزَ فوزاً عظيماً“.

 

إنّ هذه المجالس والمراسم مضافاً إلى كونها مظهرة للمحبّة والعشق لسيّد الشهداء عليه السلام فإنّها تواسي إمام العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف وتقتدي به، حيث إنّه سلام الله عليه يخاطب جدّه في زيارة الناحية قائلاً له: “فلئن أخّرتني الدهور وعاقني عن نصرك المقدور ولم أكن لمن حاربك محارباً ولمن نصب لك العداوة مناصباً فلأندبنّك صباحاً ومساءً، ولأبكينّ عليك بدل الدموع دماً، حسرة عليك وتأسّفاً على ما دهاك وتلهّفاً حتّى أموت بلوعة المصاب وغصّة الاكتئاب“.

مواجهة أعداء الله بإقامة الشعائر والعزاء

ذكرنا فيما سبق أنّ إحياء الشعائر وإقامة العزاء على سيّد الشهداء عليه السلام يعتبر عاملاً مهمّاً لبقاء قيم عاشوراء وحفظ شعارات وأهداف الإمام الحسين عليه السلام ولذا فإنّ هذا نفسه يوجب أيضاً الإحساس بالعزّة وعدم الرضوخ للظلم عند الأمّة وهذا ما يشاهد بقوّة عند الشيعة بشكل خاصّ حيث إنّهم لا يسمحون لليزيديّين بسلب ونهب دينهم وإيمانهم, لأنّ الشيعيّ الذي يلطم رأسَه وصدرَه عشقاً لمولاه يسعى للتخلّق بأخلاق سيّد الشهداء عليه السلام والذي يعتبره إمامه ومقتداه, ولذا فإنّه لا ينسى كلام الإمام الحسين عليه السلام حيث يقول: “من كان مثلي لا يبايع مثله (يزيد)”.

 

وكذلك أيضاً فإنّ كلام الإمام عليه السلام هذا ما زال ولا يزال يقرع أسماعه، حيث قال: “هيهات منّا الذلّة”[3].

 

وبناءً على هذا فإنّ الشعائر في حدّ ذاتها اعتراض مؤثّر على اليزيديّين وأعداء الله, ولذلك فإنّ الحكام الظالمين على مرّ التاريخ, وفي سعيهم للتسلّط على رؤوس الشيعة وحكمهم ولتمرير أهدافهم الاستعماريّة فإنّهم يقومون ابتداءً بمحاربة الشعائر ومجالس العزاء الحسينيّة.

[1] الخصائص الحسينيّة، ص48, بحار الأنوار، ح43، ص262, أمالي الصدوق، ص478، المجلس 87.

[2] كامل الزيارات، باب 79، ص401.

[3] بحار الأنوار، ج45، ص83.

 

شبكة المعارف الإسلامية

 

https://t.me/wilayahinfo

 

[email protected]

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...