وجوب نصرة المظلوم في الإسلام
جاء الإسلام والناس متفرِّقون شيعاً وأحزابًا وقبائل، فجمع الله به الناس، وألَّف به بين قلوبهم: قال الله تعالى: ﴿وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾3.
وقد ربَّى الإسلام أبناءه على أنّهم أفراد في مجموعة، وأنّهم أجزاء من هذه الجماعة الكبيرة، فالمسلم بشعوره أنّه جزء من الجماعة يحبّ للأجزاء الأخرى مثل ما يحبّ لنفسه.
وإنّ انتماء المسلم للجماعة يترتّب عليه حقوق وواجبات، ومن أعظمها واجب التناصر بين المسلمين. روي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يقول الله عزّ وجلّ: “وعزّتي وجلالي لأنتقمّنّ من الظالم في عاجله وآجله، ولأنتقمَّنّ ممّن رأى مظلوماً فقدر أن ينصره فلم ينصره”4. وقد أوصى الإمام عليّ عليه السلام ولديه الحسن والحسين عليه السلام
3- آل عمران، 103.
4- كنز العمال، ج3، ص505.
بقوله: “وكونا للظالم خصماً، وللمظلوم عَوْناً“5. كما ورد الحثّ على إعانة المظلوم في العديد من الأدعية والروايات.
روي عن الإمام زين العابدين عليه السلام: “اللهم إنّي أعتذر إليك من مظلوم ظُلِمَ بحضرتي فلم أنصره…”6. وروي عن الإمام عليّ عليه السلام: “أحسن العدل نصرة المظلوم”7.
أهمّيّة التناصر في حياة الأمّة
للتناصر أهمية عظمى في حياة الأمّة، ودونه يصبح المجتمع الإسلاميّ مكشوفًا أمام أعدائه مُعَرَّضًا للهزيمة. وعلى العكس من ذلك, فإنّ التزام أبناء المجتمع بنصر الله من ناحية ونصرة بعضهم بعضاً من ناحية أخرى، يؤدّي حتماً إلى فوز المسلمين بكل خير، وظهورهم على عدوِّهم تحقيقًا لوعد الله عزّ وجلّ: ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ﴾8. ولهذا اعتبرت النصرة من واجبات كلّ مسلم تجاه كلّ مسلم.
وتكون النصرة بتقديم العون له متى احتاج إليه، ودفع الظلم عنه إن كان مظلوماً، وردعه عن الظلم إن كان ظالماً تحقيقًا لقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: “انصر أخاك ظالمًاً أو مظلومًاً” فقال رجل: يا رسول الله! أنصره إن كان مظلوماً، أرأيت إن كان ظالمًا كيف أنصره؟ قال: “تحجزه أو تمنعه من الظلم، فإنّ ذلك نصره“9.
وكان ممّا أمر به النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أمته نصر المظلوم بغض النظر عن لونه وجنسه. في الرواية أمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم بسبع): أمرهم بعيادة المرضى، واتباع الجنايز، و إبرار القسم، وتسميت العاطس، ونصر المظلوم، وإفشاء السلام، وإجابة الداعي10.
5- بحار الأنوار، ج42، ص245.
6- الإمام زين العابدين عليه السلام، الصحيفة السجادية، دعاؤه عليه السلام في الاعتذار من تبعات العباد وفي فكاك رقبته من النار.
7- ميزان الحكمة، ج2، ص1780.
8- الحج، 40.
9- كنز العمال، ج 3، ص 414.
10- بحار الأنوار، ج78، ص214.
وكان يشحذ همم المسلمين ويحثّهم على نصرة المظلوم مبيّناً أنّ الجزاء سيكون من جنس العمل، فروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم: “ما من امرئ يخذل امرءاً مسلماً في موطن ينتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته، إلّا خذله الله تعالى في موطن يحبّ فيه نصرته، وما من أحد ينصر مسلماً في موطن ينتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته، إلّا نصره الله في موطن يحبّ فيه نصرته“11.
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “من أخذ للمظلوم من الظالم كان معي في الجنة مصاحباً“12.
الولاية الاخبارية