ليالي بيشاور – 69 لسلطان الواعظين
8 يناير,2019
الاسلام والحياة, صوتي ومرئي متنوع
889 زيارة
موقف الصحابة من عثمان:
وأما صحابة رسول الله (ص) فأكثرهم تألبوا على عثمان وقاموا في وجهه ينهونه عن أعماله التعسفية ، وتصرفه بغير حق في الأمور المالية وانحيازه لبني أمية .
وقد ذكر الطبري(49) : أن نفرا من أصحاب رسول الله (ص) تكاتبوا ، فكتب بعضهم إلى بعض أن أقدموا ، فإن الجهاد بالمدينة لا بالروم .
واستطال الناس على عثمان ، ونالوا منه ، وذلك في سنة أربع وثلاثين ، ولم يكن أحد من الصحابة يذب عنه ولا ينهى ، إلا نفر منهم : زيد بن ثابت وأبو أسيد الساعدي وكعب بن مالك وحسان بن ثابت .
وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج 2/134 ط. دار احياء التراث العربي :
قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري رحمه الله تعالى : ثم إن سعيد بن العاص قدم على عثمان سنة إحدى عشرة من خلافته فلما دخل المدينة اجتمع قوم من الصحابة فذكروا سعيدا و أعماله و ذكروا قرابات عثمان و ما سوغهم من مال المسلمين و عابوا أفعال عثمان .
فأرسلوا إليه عامر بن عبد القيس ـ و كان متألها و اسم أبيه عبد الله و هو من تميم ثم من بني العنبر ـ فدخل على عثمان فقال له : إن ناسا من الصحابة اجتمعوا و نظروا في أعمالك فوجدوك قد ركبت أمورا عظاما فاتق الله و تب إليه
فقال عثمان : انظروا إلى هذا تزعم الناس أنه قارئ ثم هو يجيء إلي فيكلمني فيما لا يعلمه ! و الله ما تدري أين الله !
فقال عامر : بلى و الله إني لأدري إن الله لبالمرصاد!
فأخرجه عثمان .
وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج 2/144 : و روى أبو جعفر [ الطبري ] قال : كان عمرو بن العاص شديد التحريض و التأليب على عثمان .
وقال في صفحة 149 : قال أبو جعفر [ الطبري ] : أن عثمان مر بجبلة بن عمرو الساعدي ، و هو في نادي قومه، و في يده جامعة فسلم فرد القوم عليه ، فقال جبلة : لم تردون على رجل فعل كذا و فعل كذا ؟! ثم قال لعثمان : و الله لأطرحن هذا الجامعة في عنقك أو لتتركن بطانتك هذه الخبيثة مروان و ابن عامر و ابن أبي سرح فمنهم من نزل القرآن بذمه و منهم من أباح رسول الله ص دمه.
وقال : قيل : إنه خطب يوما و بيده عصا كان رسول الله ص و أبو بكر و عمر يخطبون عليها فأخذها جهجاه الغفاري من يده ، و كسرها على ركبته فلما تكاثرت أحداثه و تكاثر طمع الناس فيه كتب جمع من أهل المدينة من الصحابة و غيرهم إلى من بالآفاق إن كنتم تريدون الجهاد فهلموا إلينا فإن دين محمد(ص) قد أفسده خليفتكم فاخلعوه فاختلفت عليه القلوب و جاء المصريون و غيرهم إلى المدينة حتى حدث ما حدث.
ونقل أبن أبي الحديد في شرح النهج 2/161 : قال أبو جعفر [ الطبري ] : و كان لعثمان على طلحة بن عبيد الله خمسون ألفا ، فقال طلحة له يوما : قد تهيأ مالك فاقبضه ، فقال : هو لك معونة على مروءتك .
فلما حصر عثمان ، قال علي (ع) لطلحة : أنشدك الله إلا كففت عن عثمان !
فقال : لا و الله حتى تعطي بنو أمية الحق من أنفسها .
فكان علي (ع) يقول : لحا الله ابن الصعبة ! أعطاه عثمان ما أعطاه و فعل به ما فعل!
ونقل ابن أبي الحديد في شرح النهج 9/3 عن أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب
” أخبار السقيفة ” بسنده عن أبي بن كعب الحارثي ، في رواية مفصلة ، إلى أن قال في صفحة 5 : فتبعته [ أي : عثمان ] حتى دخل المسجد ، فإذا عمار جالس إلى سارية ، و حوله نفر من أصحاب رسول الله (ص) يبكون ، فقال عثمان : يا وثاب ! علي بالشرط فجاءوا ، فقال : فرقوا بين هؤلاء ففرقوا بينهم .
ثم أقيمت الصلاة فتقدم عثمان فصلى بهم ، فلما كبر قالت امرأة من حجرتها : يا أيها الناس ثم تكلمت و ذكرت رسول الله (ص) و ما بعثه الله به ، ثم قالت تركتم أمر الله و خالفتم عهده… و نحو هذا ثم صمتت ، و تكلمت امرأة أخرى بمثل ذلك فإذا هما عائشة و حفصة .
قال : فسلم عثمان ، ثم أقبل على الناس و قال إن هاتين لفتّانتان يحل لي سبهما و أنا بأصلهما عالم .
فقال له سعد بن أبي وقاص أ تقول هذا لحبائب رسول الله (ص) !
فقال : و فيم أنت و ما هاهنا ؟!
ثم أقبل نحو سعد عامدا ليضربه فانسل سعد فخرج من المسجد ، فاتبعه عثمان فلقي عليا (ع) بباب المسجد ، فقال له (ع) : أين تريد ؟
قال أريد هذا الذي كذا و كذا ـ يعني سعدا يشتمه ـ فقال له علي (ع) : أيها الرجل دع عنك هذا .
قال : فلم يزل بينهما كلام حتى غضبا ، فقال عثمان أ لست الذي خلفك رسول الله (ص) يوم تبوك ؟!
فقال علي عليه السلام : أ لست الفار عن رسول الله (ص) يوم أحد ؟!
قال : ثم حجز الناس بينهما .
قال ابن أبي الحديد في شرح النهج 9/35 و 36 : و روى الناس الذين صنفوا في واقعة الدار أن طلحة كان يوم قتل عثمان مقنعا بثوب قد استتر به عن أعين الناس يرمي الدار بالسهام .
و رووا أيضا أنه لما امتنع على الذين حصروه الدخول من باب الدار حملهم طلحة إلى دار لبعض الأنصار فأصعدهم إلى سطحها و تسوروا منها على عثمان داره فقتلوه .
و رووا أيضا : أن الزبير كان يقول : اقتلوه فقد بدل دينكم .
قال ابن أبي الحديد في شرح النهج 3/27 و 28 : و روى شعبة بن الحجاج عن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال : قلت له : كيف لم يمنع أصحاب رسول الله (ص) عن عثمان ؟!
فقال إنما قتله أصحاب رسول الله (ص) .
قال : و روي عن أبي سعيد الخدري ، أنه سئل عن مقتل عثمان هل شهده أحد من أصحاب رسول الله (ص)
فقال : نعم ، شهده ثمانمائة !
قال : و هذا عبد الرحمن بن عوف و هو عاقد الأمر لعثمان و جالبه إليه و مصيره في يده ، يقول ـ على ما رواه الواقدي و قد ذكر له عثمان في مرضه الذي مات فيه ـ : عاجلوه قبل أن يتمادى في ملكه ، فبلغ ذلك عثمان ، فبعث إلى بئر كان عبد الرحمن يسقي منها نعمه فمنع منها و وصى عبد الرحمن ألا يصلي عليه عثمان ، فصلى عليه الزبير ـ أو سعد بن أبي وقاص ـو قد كان حلف لما تتابعت أحداث عثمان ألا يكلمه أبدا .
قال : و روى الواقدي ، قال : لما توفي أبو ذر بالربذة ، تذاكر أمير المؤمنين (ع) وعبد الرحمن فعل عثمان ، فقال أمير المؤمنين (ع) له : هذا عملك ! فقال عبد الرحمن : فإذا شئت فخذ سيفك و آخذ سيفي إنه خالف ما أعطاني .
وقال في شرح النهج 3/50 و 51 : و قد روي من طرق مختلفة و بأسانيد كثيرة أن عمارا كان يقول : ثلاثة يشهدون على عثمان بالكفر و أنا الرابع و أنا شر الأربعة ( … وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ )(50) و أنا أشهد أنه قد حكم بغير ما أنزل الله .
وقال : و روي عن زيد بن أرقم من طرق مختلفة أنه قيل له بأي شيء كفرتم عثمان ؟
فقال : بثلاث : جعل المال دولة بين الأغنياء و جعل المهاجرين من أصحاب رسول الله (ص) بمنزلة من حارب الله و رسوله و عمل بغير كتاب الله .
#ليالي_ بيشاور 2019-01-08