ليالي بيشاور – 84 لسلطان الواعظين
1 مايو,2019
الاسلام والحياة, صوتي ومرئي متنوع
812 زيارة
احترام النبي (ص) لأصحابه
وأما قول الحافظ : بأن النبي (ص) كان يحترم أصحابه ويكرمهم .
فلا ننكر ذلك … ولكن العلماء أجمعوا على أن احترام النبي للناس كان بسبب أعمالهم حتى أنه كان (ص) يقدر ويحترم عدل كسرى ، و جود حاتم وهما كافران ، فكان يحترمهما للعدل والجود .
وربما غضب (ص) على أحد أصحابه لذنب ارتكبه وقبيح فعله .
فاحترام النبي وتكريمه لأي شخص من الصحابة لا يدل على حسن عاقبة ذلك الشخص ولا يدل على أنه مورد احترام رسول الله (ص) إلى الأبد ، بل يكون احترامه وتكريمه للأشخاص مرهونا بأعمالهم ، فما داموا محسنين فهو يحترمهم ، وإذا عصوا الله سبحانه وخالفوه ترك احترامهم وغضب عليهم .
فكان رسول الله (ص) يحترم أصحابه قبل أن يصدر منهم ذنبا أو خلافا لأن عقاب المجرم وإهانته قبل أن يرتكب جرما ، يكون قبيحا وخلافا للعقل والشرع .
كما أن سيدنا الإمام علي (ع) كان يعلم بعلم من الله سبحانه وإخبار من رسول الله (ص) بأن ابن ملجم المرادي قاتله وكان (ع) يخبر أصحابه وشيعته بذلك ، ولكن تركه وشأنه ، فلم يسجنه ولم يحاصره ولم يضيق عليه ، ولما أشار عليه بعض الناس أن يقتل ابن ملجم ، قال (ع) : لا يجوز القصاص قبل الجناية .
وروى ابن حجر في الصواعق المحرقة ص 80 في أواخر الفصل الخامس من الباب التاسع :
أن عليا جاءه ابن ملجم يستحمله فحمله ، ثم قال رضي الله عنه : أريد حياته ويريد قتلي غديري من خليلي من مرادي ثم قال : هذا والله قاتلي !
رضا الله سبحانه عن الصحابة
وأما قول الحافظ : إن الله سبحانه أعلن رضاه عن أصحاب نبيه ، فالطعن فيه إنكار لرضا الله عز وجل ، وهذا كفر !
أقول في جوابه : نحن لا ننكر بأن الله تعالى أعلن رضاه عن الصحابة في بيعة الرضوان بقوله سبحانه :
( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة )(28).
ولكن نقول ما قاله العلماء المحققون : بأن الآية الكريمة لا تتضمن رضا الله سبحانه عن المؤمنين ـ الذين اجتمعوا تحت الشجرة ـ على جميع أعمالهم إلى آخر حياتهم .
إنما عنت الآية الشريفة رضا الله عز وجل عن المؤمنين بمبايعتهم النبي الكريم (ص) تحت الشجرة ـ البيعة المعروفة ببيعة الرضوان ـ والتاريخ يشهد بأن كثيرا من أولئك المبايعون نزلت فيهم آيات النفاق بعد تلك البيعة وانضموا مع المنافقين وأصبحوا من الخاسرين .
فرضا الله سبحانه ما تعلق بهم لأنهم أصحاب النبي (ص) ، بل تعلق رضاه بهم لأنهم كانوا مؤمنين بالله ورسوله ورضاهما بهم ما داموا مؤمنين ، فإذا خرجوا من الإيمان وارتدوا ، فرضا الله العزيز ينقلب إلى غضبه عليهم ـ نعوذ بالله من غضبه ـ والشيعة يحمدون كل عمل حسن صدر من إنسان وخاصة أصحاب رسول الله (ص) ، ويقدحون كل عمل قبيح صدر من أي شخص سواء أكان صحابيا أو غير صحابي ، فإن أصحاب رسول الله (ص) ما كانوا معصومين وقد صدر من بعضهم أعمال غير حميدة ومعاصي عديدة .
الحافظ : إن هذا القول افتراء على الصحابة !
فنحن لا نعتقد بعصمتهم ، لكن النبي (ص) قال فيهم : أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم .
وقد أجمع المسلمون على صحة هذا الحديث الشريف إلا أنتم الشيعة .
أصحابي كالنجوم!
قلت : أترك النقاش حول سند الحديث و صحته أو سقمه ، وأبدأ معك في مدلوله حتى لا نبتعد عن صلب الموضوع والبحث الذي نحن فيه .
فأقول : أولا : اتفق المسلمون وأجمعوا على أن كل من أدرك رسول الله (ص) وسمع حديثه فهو صحابي ، سواء أكان من المهاجرين أم الأنصار ، أم من الموالين وغيرهم .
ومن الخطأ أن نحسب كل أولئك هادين مهديين ، لوجود المنافقين بينهم والفاسقين ، وذلك ثابت بالنص الصريح في القرآن الحكيم(29).
حتى أن التاريخ يحدثنا بأن جماعة من أصحاب النبي (ص) الذين كانوا يتظاهرون بحبه وطاعته ، تآمروا عليه عند رجوعه من غزوة تبوك وأرادوا قتله في بطن عقبة في الطريق ، إلا أن الله تعالى عصم رسول الله (ص) من كيد أولئك الأشرار المنافقين .
الحافظ : لقد روى قضية العقبة جماعة من علماء الشيعة وهي عند علمائنا غير ثابتة .
قلت : انك قلت رهجا وذهبت عوجا ، فإن قضية العقبة اشتهرت بين المؤرخين والمحدثين حتى ذكرها كثير من أعلامكم : منهم الحافظ أبو بكر البيهقي الشافعي ، في كتابه دلائل النبوة ، ذكرها مسندا ، ومنهم احمد بن حنبل في آخر الجزء الخامس من مسنده عن أبى الطفيل ، ومنهم ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة ، حتى لعن رسول الله (ص) في تلك الليلة جماعة من أصحابه وهم المتآمرون عليه والقاصدون قتله .
مؤامرة لقتل النبي (ص)
النواب : أرجوك أن تبين لنا قضية العقبة وقصة المتآمرين على قتل النبي الكريم ولو باختصار .
قلت : ذكر علماء الفريقين : أن جماعة من المنافقين الذين كانوا حول النبي (ص) تآمروا على قتله عند رجوعه من غزوة تبوك .
فهبط جبرئيل على رسول الله (ص) وأخبره بتآمر القوم وأعلمه بمكان اجتماعهم وحذره من كيدهم ، فبعث النبي (ص) حذيفة بن اليمان على المكان ليعرفهم ، فرجع حذيفة وذكر للنبي (ص) أسماء المتآمرين فكانوا أربعة عشر نفرا ، سبعة من آل أمية .
فأمر النبي (ص) حذيفة بكتمان الأمر وكتمان أسمائهم .
وأما مكان المؤامرة المدبرة .. فقد كانت عقبة خطرة في الطريق ، وكانت رفيعة وضيقة بحيث لا يتسع إلا لعبور راكب واحد فحمل المنافقون دبابا كثيرة على الجبل الذي يعلو تلك العقبة وكمنوا هناك ليدحرجوها عند وصول ناقة رسول الله (ص) إلى تلك النقطة الخطرة ، حتى تنفر الناقة من أصوات الدباب المدحرجة فيسقط النبي (ص) عن ظهرها إلى عمق الوادي فيتقطع ويموت ويضيع دمه ، كل ذلك يتم في سواد الليل .
أما النبي (ص) عند عبوره من تلك العقبة أمر بن ياسر أن يأخذ بخطام الناقة ويقودها ، وأمر أيضا حذيفة بن اليمان ليسوقها فلما دحرج القوم الدباب وأرادت الناقة أن تنفر صاح النبي (ص) عليها فسكنت وقرت ، وانهزم المنافقون وتواروا .
وهكذا عصم الله سبحانه نبيه (ص) وفضح أعداءه ، نعم إنكم تعدون هؤلاء المنافقين من أصحاب النبي (ص) ، فكيف يمكن أن نقول بأن الاقتداء بهم جائز ، أو نعتقد بعدالتهم وأنهم هداة مهديون ؟!
صحابة ولكن كاذبون
ثانيا : هذا أبو هريرة الكذاب ـ وقد أشرنا في بعض المجالس السابقة إلى تاريخه الأسود من كتبكم ، وأثبتنا بأن عمر بن الخطاب ضربه بالسياط حتى أدماه ، لأنه كان يكذب كثيرا على رسول الله في نقله الأحاديث المجعولة عنه (ص) .
أما كان أبو هريرة من أصحاب رسول الله (ص) ؟
وكذلك سمرة بن جندب الكذاب الفاسق وغيره من الذين كانوا يفترون على النبي (ص) وينقلون عنه أحاديث ما كان فاه بها أبدا !!
وهم يعدون من أصحابه (ص) .
فهل من المعقول أن يسمح النبي (ص) لأمته أن يتبعوا الكاذبين ويأخذوا دينهم عنهم ؟!
ثم إذا كان هذا الحديث .. ” أصحابي كالنجوم الخ “” ، صحيحا فما تقولون لو اختلف صحابيان في حكم وتنازعا في أمر ، أو قاتلت طائفتان من الصحابة ـ كما حدث بعد النبي (ص) ـ فالحق مع من ؟
وفي متابعة أي الفريقين تكون السعادة والنجاة ؟!
الحافظ : نستمع قول كل واحد منهما فمن كانت دلائله أقوى وحجته أعلى فنتبعه .
قلت : إذن صاحب الدلائل القوية والحجة العلية يكون صاحب الحق ومخالفه يكون على باطل ! فحينئذ لا اعتبار لحديث ” أصحابي كالنجوم ” وهو ساقط عقلا ، لأن الهداية لا تحصل في الاقتداء بالباطل .
بمن نقتدي في خلافة السقيفة ؟
ثالثا : اذا كان هذا الحديث ـ أصحابي كالنجوم ـ صحيحا ، فلماذا تطعنون في الشيعة وتحكمون عليهم بالخروج عن الدين ورفض الحق عندما اقتدوا في عدم قبول خلافة أبي بكر وبطلان السقيفة بعدد من الصحابة المقربين للنبي (ص) كسلمان وأبي ذر وعمار والمقداد وأبي أيوب الأنصاري وحذيفة بن اليمان وخزيمة ذي الشهادتين وغيرهم ممن كان النبي (ص) يحترمهم ويكرمهم ويشاورهم في أمور العامة كالحرب والصلح وما شابه ذلك بل نجد في كتبكم ومسانيدكم المعتبرة أحادث كثيرة عن رسول الله (ص) في فضل كثير منهم وقد ذكرنا بعضها في المجالس السابقة وكما ذكرنا احتجاجهم ودلائل مخالفتهم لرأي السقيفة وخلافة أبي بكر .
فإذا كان حديث أصحابي كالنجوم صحيحا ، فلماذا تسمون الشيعة بالرافضة ولماذا تحكمون على مذهبهم بالبطلان ؟!
أما كان سعد بن عبادة من كبار الصحابة وسادات الأنصار ؟ وهو بإجماع المؤرخين والمحدثين ما بايع أبا بكر وخالف خلافته حتى قتل على عهد الخليفة الثاني عمر ، وسعد ما بايع عمر أيضا .
فالحديث يصرح بأن الاقتداء به ـ وهو مخالفة أبي بكر وعمر ورفض خلافتهما ونسبتهما إلى الظلم والغصب والبطلان ـ صحيح وفيه الهداية والسعادة .
انحراف بعض الصحابة
رابعا : لا أظن أحد المؤمنين ينكر انحراف بعض الصحابة وخروجهم على الحق وميلهم عن الصراط المستقيم ، وذلك بقتالهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وهو إذ ذاك ـ حسب قولكم ـ كان الخليفة الرابع وآخر الخلفاء الراشدين الذين بايعه أهل الحل والعقد ، وأجمعوا على خلافته ، فنكث بعض الصحابة بيعته وخالفه آخرون ، حتى أعلنوا عليه الحرب وقادوا الجيوش لقتاله .
فهذا طلحة والزبير وهما من أصحاب بيعة الرضوان ، قد أخرجوا معهما عائشة زوجة رسول الله (ص) إلى البصرة وكانت بسببهم وقعة الجمل التي قتل فيها ألوف المسلمين وسفكت دماء المؤمنين .
وهذا معاوية وابن العاص ، سببا معركة صفين ، وكم زهقت فيها نفوس المؤمنين وأريقت دماء المسلمين .
أفهل كانوا هؤلاء الذين نكثوا البيعة ونقضوا العهد وشقوا عصا المسلمين وأوقعوا فيهم الخلاف والشقاق وعملوا لصالح أهل الكفر والنفاق ، هل كانوا على الهداية والحق أم كانوا على الباطل والضلال ؟!
وقد أجمع العلماء والمحققون وأئمة المسلمين على أن عليا (ع) مع الحق والحق مع علي وهو قول النبي (ص) فيه ، فكل من خالفه يكون على باطل ، ولو كان من الصحابة وحتى إذا كانت عائشة زوجة رسول الله (ص)(30).
وأما معاوية وابن العاص والوليد بن عقبة ومروان وحزبهم الذين سنوا لعن الإمام علي (ع) وسبه على منابر الإسلام وفي خطب الجمعات وحتى في قنوت الصلوات ، مع علمهم بقول النبي (ص) :
من سب عليا فقد سبني ومن سبني فقد سب الله تعالى(31).
أ فهل مع كل هذا تقولون بأن الاقتداء بهؤلاء الفسقة المنافقين والفجرة المضلين هدى ونجاة ؟!
ضعف سند حديث ” أصحابي كالنجوم “
خامسا : إضافة على إباء العقل السليم من قبول هذا الحديث وتصحيحه لما ارتكبه بعض الصحابة بعد رسول الله (ص) من الظلم الفاحش والجرم المبين ، ومخالفتهم لكتاب الله العزيز وسنة نبيه الكريم ، مضافا إلى ذلك فقد رد كثير من أعلامكم سنده وضعفوا رجاله .
منهم القاضي عياض بعدما ذكر الحديث في كتابه شرح الشفاء ج2/91 ذكر بأن الدار قطني وابن عبدالبر قالا بعدم حجية سنده ، فالحديث مردود عندهما ، وذكر بأن عبد ابن حميد ذكر في مسنده عن عبدالله بن عمر ، وعن البزاز : بأنهما أنكرا هذا الحديث وأعلنا عدم صحته .
ونقل ابن عدي في الكامل بإسناده عن نافع عن عبدالله بن عمر أنه ضعّف الحديث ولم يؤيده .
ونقل عن البيهقي أنه قال : سند الحديث ضعيف ، وإن كان نصه مشتهرا بين الناس . انتهى كلام القاضي عياض .
وحيث نجد في سند الحديث الحارث ابن غضين وهو مجهول ، وحمزة بن أبي حمزة النصيري وهو متهم عند المحققين بالكذب وجعل الحديث ، فالحديث مردود وملغي يجب تركه .
وابن حزم أيضا رد الحديث وقال فيه : إنه موضوع وباطل .
هل تلتزمون بعصمة الصحابة ؟
والجدير بالذكر … إنكم لا تلتزمون بعصمة الأنبياء بل وكثير منكم يعتقد بإمكان صدور الخطأ من سيد المرسلين وخاتم النبيين محمد (ص) ومع ذلك يتعصب لهذا الحديث الموضوع !!
وينكر على الشيعة إذا انتقدوا الصحابة وناقشوا في أفعالهم ، وما صدر منهم بعد النبي (ص) من الحروب والفتن التي أشعلوا نيرانها وأحرقوا بها المؤمنين الأبرياء و المسلمين الأتقياء!
الحافظ : نحن لا نعتقد بعصمة أصحاب رسول الله (ص) ولكن نلتزم بعدالتهم ولذلك نقول : كلما صدر منهم كان عن عدالة ونية صحيحة حقة ، فإنهم أرادوا إحقاق الحق ، فلذلك يؤجرون عليه ولا يؤاخذون عليهم .
قلت : ولكن الأخبار التي نقلها كثير من أعلامكم تكشف أن كثيرا من الصحابة كانوا يعصون الله سبحانه وكانوا يتبعون الهوى ويميلون إلى الدنيا .
الحافظ : لم نسمع بهذا القول قبل اليوم ، فالرجاء بين لنا تلك الأخبار .
صحابي يشرب الخمر !
قلت : ذكر ابن حجر في كتابه فتح الباري ج10/30 قال : عقد أبو طلحة زيد بن سهل مجلس خمر في بيته ودعا عشرة أشخاص من المسلمين ، فشربوا وسكروا ، حتى أن أبا بكر أنشد أشعارا في رثاء قتلى المشركين في بدر !!
النواب : وهل ذكر أسماء المدعوين الحاضرين في ذلك المجلس ؟
قلت : نعم يا حضرة النواب ذكرهم علماؤكم قالوا : إنهم كانوا :
1ـ أبا بكر بن أبي قحافة 2ـ عمر بن الخطاب 3ـ أبو عبيدة الجراح 4ـ أبي بن كعب 5ـ سهل بن بيضاء 6ـ أبو أيوب الأنصاري 7ـ أبا طلحة ” صاحب البيت ” 8ـ أبا دجانة سماك بن خرشة 9ـ أبا بكر بن شغوب 10 ـ أنس بن مالك ، وكان عمره يومذاك 18 سنة فكان يدور في المجلس بأواني الخمر يسقيهم .
وروى البيهقي في سننه ج8/29 عن أنس أنه قال : وكنت أصغرهم سنا وكنت الساقي في ذلك المجلس !
فيقوم الشيخ عبدالسلام متعصبا ويقول : والله هذا الخبر من مفتريات أعدائنا ، وجعل مخالفينا !
قلت ـ وأنا أتبسم ـ : لا تتهم أحدا بالجعل والافتراء ولا تحلف بالله عز وجل فإن كبار علماؤكم كتبوا هذا الخبر في صحاحهم ومسانيدهم منهم ، البخاري في صحيحه ، في تفسير الآية الكريمة : ( وإنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون ) (32).
ومسلم في صحيحه كتاب الأطعمة والأشربة / باب تحريم الخمر .
والإمام أحمد بن حنبل في مسنده ج 3 / 181 و 227 .
وابن كثير في تفسيره ج2 / 93 و 94 .
وجلال الدين السيوطي في تفسيره الدر المنثور ج2/321 .
والطبري في تفسيره ج7/24 ـ وابن حجر العسقلاني في الاصابة ج4/22 ـ وفي فتح الباري ج10/84 .
والبيهقي في سننه 286 و 290 .
وغير هؤلاء كثير من أعلامكم الذين ذكروا خبر اجتماع المذكورين في مجلس الخمر !
الشيخ عبد السلام : ربما كان ذلك قبل تحريم الخمر !
قلت : حسب نزول آيات القرآن في بيان مضار الخمر وإثمها وتحريمها ، وحسب بعض المفسرين ، نعرف أن بعض الصحابة وبعض المسلمين كانوا يشربون الخمر حتى بعدما حرمها الله!
نقل محمد بن جرير الطبري في تفسيره الكبير ج2/203 روى مسندا عن أبي القموس زيد بن علي ، بأن الله سبحانه أنزل آيات عن الخمر ثلاث مرات ، المرة الأولى أنزل : ( يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما )(33).
ولكن المسلمين ما تركوا الخمر ، حتى شربها إثنان من المسلمين فوقفا للصلاة وهما لا يشعران بما يقولان ، فأنزل الله تعالى :
( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون )(34).
ومع ذلك ما انتهى كثير من المسلمين وما امتنعوا من شرب الخمر !
إلى أن سكر أحد المسلمين يوما وأنشد أبياتا في رثاء قتلى المشركين يوم بدر [ حسب رواية البزار وابن حجر وابن مروديه كان ذاك السكران أبو بكر ](35).
فلما أخبر النبي (ص) غضب وجاء إليه وأراد أن يضربه بشيء كان في يده .
فقال الرجل : أعوذ بالله من غضب الله ورسوله ، فوالله لا أشرب الخمر بعد يومي هذا . فأنزل الله عز وجل : ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون )(36).
والحاصل : إن الصحابة كسائر الناس والأصناف ، فيهم الطيب المحسن والعاصي المسيء ، منهم من أدرك برسول الله (ص) أعظم الدرجات العالية وسعد في الدنيا والآخرة بالطاعة والامتثال لأوامر النبي (ص) ومنهم من تبع الهوى وأطاع الشيطان واغتر بالدنيا فضل و أضل .
فنحن حينما نطعن في أحد الصحابة لابد وأن يكون لدينا دليل وبرهان نستند عليه ، حتى أن كثيرا من تلك المطاعن إضافة على أنها مذكورة في كتبكم المعتبرة فهي مصدقة بشواهد من القرآن الحكيم ، وإن كان عندكم رد معقول ومقبول على ما نطعن به على بعض الصحابة فأتوا به حتى نوافقكم ونترك الطعن ، وإذا لم يكن عنكم رد ، فأقبلوا قولنا واتركوا التهجم على الشيعة بأنهم يطعنون في الصحابة والخلفاء ، وإذا سمعتم منا بأنا نقول : إن بعض الصحابة أو بعض الخلفاء قاموا بأعمال قبيحة وأفعال غير حميدة ، فطالبونا بالشواهد والدليل حتى نوضح ونبين لكم .
الحافظ : طيب … بين لنا كيف صدرت أعمال قبيحة وأفعال غير حميدة من بعض الصحابة وبعض الخلفاء ، بين ذلك فان كان مستندا بدليل وبرهان فنحن أيضا نقبل منكم ، ولسنا أهل تعصب وعناد .
قلت : أتعجب من جناب الحافظ محمد رشيد وسؤاله ، بعدما بينا نماذج من جرائم بعض الصحابة ومعاصيهم فيسأل عن القبائح التي ارتكبها بعض الأصحاب والخلفاء !
فأذكر نموذجا واضحا في هذا الباب تلبية لطلب الحافظ محمد رشيد ولكي يزداد علما فأقول:
لقد اتفق أعلام الفريقين على أن أكثر الصحابة نقضوا العهد ونكثوا البيعة التي أمر الله تعالى بها في كتابه ونهى عن نقض العهد بقوله : ( وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها )(37).
ولقد لعن الناقضين في قوله تعالى :
( والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار )(38).
وكما حكم علماء الفريقين وأثبتوا أن نقض العهد من أكبر الذنوب والمعاصي ، وخاصة إذا كان العهد والميثاق بأمر الله عز وجل وتبليغ حبيبه المصطفى محمد (ص) فنقض الصحابة لذلك العهد والميثاق من أقبح القبائح التي تؤخذ عليهم .
الحافظ : أي عهد هذا ؟ وأي ميثاق أخذه الله على الصحابة ، وبلغه النبي (ص) ثم نقضه الأصحاب ؟ فالخبر في هذا الباب لا يكون إلا من مفتريات ومجعولات الشيعة ، ونحن على علم واعتقاد بأن أصحاب رسول الله (ص) هم أجل وأكرم من نقض العهد الإلهي .
#ليالي_ بيشاور 2019-05-01