شعراء الغدير في القرن الثاني2
11 يناير,2018
الشعر والادب, صوتي ومرئي متنوع
1,098 زيارة
أبو المستهل الكميت
المولود 60
المتوفى 126
العينية من الهاشميات
قال شيخنا المفيد في رسالته في معنى المولى: الكميت ممن استشهد بشعره في كتاب الله، وأجمع أهل العلم على فصاحته ومعرفته باللغة ورياسته في النظم وجلالته في العرب حيث يقول:
ويوم الدوح دوح غدير خم * أبان له الولاية لو أطيعا
أوجب له الإمامة بخبر الغدير ووصفه بالرياسة من جهة المولى، وليس يجوز على الكميت مع جلالته في اللغة والعربية وضع عبارة على معنى لم توضع عليه قط في اللغة، ولا استعملها قبله أحد من أهل العربية، ولا عرفها بشئ كما وصف أحد منهم لأنه لو جاز عليه جاز على غيره ممن هو مثله وفوقه ودونه حتى تفسد اللغة بأسرها، ولا يكون لنا طريق إلى معرفة لغة العرب على الحقيقة وينغلق الباب في ذلك. ا هـ.
وروى الكراجكي في كنز الفوائد ص 154 بإسناده عن هناد (2) بن السري
____________
(1) تبله الحب أو الدهر فهو متبول. أسقمه. العطبول: المرأة الجميلة الفتية الطويلة العنق.
(2) يروى عنه البخاري وجمع كثير، وثقه النسائي وغيره، وصدقه أبو حاتم ولد 152، وتوفي 243، راجع تهذيب التهذيب 11 ص 71.
قال: رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في المنام فقال لي: يا هناد؟ قلت: لبيك يا أمير المؤمنين؟ قال أنشدني قول الكميت:
ويوم الدوح دوح غدير خم * . . . . . . .
قال: فأنشدته فقال لي: خذ إليك يا هناد؟ فقلت: يا سيدي؟ فقال عليه السلام:
ولم أر مثل ذاك اليوم يوما * ولم أر مثله حقا أضيعا
وقال الشيخ أبو الفتوح في تفسيره 2 ص 193: روي عن الكميت قال: رأيت أمير المؤمنين عليه السلام في المنام فقال: أنشدني قصيدتك العينية فأنشدته حتى انتهيت إلى قولي فيها:
ويوم الدوح دوح غدير خم * أبان له الولاية لو أطيعا
فقال صلوات الله عليه: صدقت. ثم أنشد عليه السلام.
ولم أر مثل ذاك اليوم يوما * ولم أر مثله حقا أضيعا
ورواه السيد في [الدرجات الرفيعة]، والعقيلي نقلا عن (منهاج الفاضلين) للحمويني و (مرآت الزمان) لابن الجوزي، ورواه سبط ابن الجوزي الحنفي في تذكرته ص 20 عن شيخه عمرو بن صافي الموصلي عن بعض.
وقال المرزباني في ” معجم الشعراء ” ص 348: مذهب الكميت في التشيع و مدح أهل البيت عليهم السلام في أيام بني أمية مشهورة ومن قوله فيهم:
فقل لبني أمية حيث حلوا * وإن خفت المهند والقطيعا
: أجاع الله من أشبعتموه * وأشبع من بجوركم أجيعا
ويروى: إن أبا جعفر محمد بن علي (الإمام الطاهر) رضي الله عنه لما أنشده الكميت هذه القصيدة دعا له. ا هـ.
وفي ” الصراط المستقيم ” للبياضي العاملي: إنه روى ابن الكميت: إنه رأى النبي صلى الله عليه وآله في النوم فقال: أنشدني قصيدة أبيك العينية فلما وصل إلى قوله:
ويوم الدوح دوح غدير خم * . . . . . . .
بكى شديدا وقال: صدق أبوك رحمه الله، أي والله لم أر مثله حقا أضيعا.
الهاشميات
ذكرها له المسعودي في ” مروج الذهب ” 2 ص 194. وقال أبو الفرج (1) والسيد العباسي (2) قصايد الكميت (الهاشميات) من جيد شعره ومختاره. وقال الآمدي (3) وابن عمر البغدادي (4): لكميت بن زيد في أهل البيت الأشعار المشهورة وهي أجود شعره. وقال السندوبي (5): كان الكميت من خيرة شعراء الدولة الأموية، وكان عالما بلغات العرب وأيامهم، ومن خير شعره وأفضله (الهاشميات) وهي القصايد التي ذكر فيها آل بيت الرسول بالخير.
روى أبو الفرج في الأغاني 15 ص 124 بإسناده عن محمد بن علي النوفلي قال:
سمعت أبي يقول: لما قال الكميت بن زيد الشعر كان أول ما قال (الهاشميات) فسترها، ثم أتى الفرزدق بن غالب فقال له: يا أبا فراس؟ إنك شيخ مضر وشاعرها وأنا ابن أخيك الكميت بن زيد الأسدي. قال له: صدقت أنت ابن أخي، فما حاجتك؟
قال: نفث على لساني فقلت شعرا فأحببت أن أعرضه عليك فإن كان حسنا أمرتني بإذاعته، وإن كان قبيحا أمرتني بستره وكنت أولى من ستره علي. فقال له الفرزدق: أما عقلك فحسن وإني لأرجو أن يكون شعرك على قدر عقلك، فأنشدني ما قلت فأنشده:
طربت وما شوقا إلى البيض أطرب.
قال فقال لي: فيم تطرب يا ابن أخي؟! فقال:
ولا لعبا مني. وذو الشيب يلعب؟!
فقال: بلى يا بن أخي؟ فالعب فإنك في أوان اللعب. فقال:
ولم يلهني دار ولا رسم منزل * ولم يتطربني بنان مخضب
فقال: ما يطربك يا بن أخي؟! فقال:
____________
(1) في الأغاني 3 ص 113.
(2) في معاهد التنصيص 2 ص 26.
(3) في المؤتلف والمختلف ص 170.
(4) خزانة الأدب ص 69.
(5) في تعليقه على البيان والتبيين للجاحظ 1 ص 54.
ولا السانحات البارحات عشية * أمر سليم القرن أم مر أغضب
فقال: أجل لا تتطير. فقال:
ولكن إلى أهل الفضايل والتقى * وخير بني حواء والخير يطلب
فقال: ومن هؤلاء؟! ويحك. قال:
إلى النفر البيض الذين بحبهم * إلى الله فيما نابني أتقرب
قال: أرحني ويحك من هؤلاء؟! قال:
بني هاشم رهط النبي فإنني * بهم ولهم أرضي مرارا وأغضب
خفضت لهم مني جناحي مودة * إلى كنف عطفاه أهل ومرحب
وكنت لهم من هؤلاء وهؤلاء * محبا على أني أذم واغضب
وأرمي وأرمي بالعدواة أهلها * وإني لأوذى فيهم واؤنب
فقال له الفرزدق: يا بن أخي؟ أذع ثم أذع فأنت والله أشعر من مضى وأشعر من بقي ورواه المسعودي في مروجه 2 ص 194، والعباسي في ” المعاهد ” 2 ص 26.
روى الكشي في رجاله ص 134 بإسناده عن أبي المسيح عبد الله بن مروان الجواني قال: كان عندنا رجل من عباد الله الصالحين وكان رواية شعر الكميت يعني (الهاشميات) وكان يسمع ذلك منه وكان عالما بها فتركه خمسا وعشرين سنة لا يستحل روايته و إنشاده ثم عاد فيه فقيل له: ألم تكن زهدت فيه وتركتها؟؟!! فقال: نعم ولكني رأيت رؤيا دعتني إلى العود لها. فقيل له: وما رأيت؟ قال: رأيت كأن القيامة قد قامت وكأنما أنا في المحشر فدفعت إلي مجلة قال أبو محمد: فقلت لأبي المسيح: وما المجلة؟
قال: الصحيفة. قال: نشرتها فإذا فيها. بسم الله الرحمن الرحيم. أسماء من يدخل الجنة من محبي علي بن أبي طالب قال: فنظرت في السطر الأول فإذا أسماء قوم لم أعرفهم، ونظرت في السطر الثاني فإذا هو كذلك، ونظرت في السطر الثالث والرابع فإذا فيها:
والكميت بن زيد الأسدي. قال: فذلك دعاني إلى العود فيه.
قال البغدادي في ” خزانة الأدب ” 1 ص 87: بلغ خالد القسري خبر هذه القصيدة.
(يعني قصيدة الكميت المسماة بالمذهبة التي أولها: ألا حييت عنا يا مدينا)
فقال: والله لأقتلنه ثم. اشترى ثلاثين جارية في نهاية الحسن فرواهن القصايد (الهاشميات) للكميت ودسهن مع نخاس إلى هشام بن عبد الملك فاشتراهن فأنشدته يوما القصائد المذكورة فكتب إلى خالد وكان يومئذ عامله بالعراق: أن ابعث إلي برأس الكميت. فأخذه خالد وحبسه فوجه الكميت إلى امرأته ولبس ثيابها وتركها في موضعه وهرب من الحبس، فلما علم خالد أراد أن ينكل بالمرأة فاجتمعت بنو أسد إليه وقالوا: ما سبيلك على امرأة لنا خدعت فخافهم وخلى سبيلها (1)
قال الثعالبي في ” ثمار القلوب ” ص 171: عهدي بالخوارزمي يقول: من روى حوليات زهير. واعتذارات النابغة. وأهاجي الحطيئة. وهاشميات الكميت. ونقائض جرير. والفرزدق. وخمريات أبي نواس. وزهريات أبي العتاهية. ومراثي أبي تمام.
ومدائح البحتري. وتشبيهات ابن المعتز. وروضيات الصنوبري. ولطائف كشاجم.
وقلائد المتنبي. ولم يتخرج في الشعر فلا أشب الله تعالى قرنه.
خمس الهاشميات غير واحد من الشعراء منهم: الشيخ ملا عباس الزيوري البغدادي، والعلامة الشيخ محمد السماوي، والسيد محمد صادق آل صدر الدين الكاظمي، و شرحها الأستاذ محمد محمود الرافعي المصري وأحسن فيه وفي مقدمته وترجمة الكميت وأجاد وقال: الهاشميات هي من مختار الكلام، ومن رائق الشعر وشيقه، وجيد القول وطريفه، أحسن فيه كل الاحسان، وأجاد كل الاجادة. وشرحها الأستاذ محمد شاكر الخياط النابلسي.
الميمية من الهاشميات
من لقلب متيم مستهام * غير ما صبوة ولا أحلام؟!
قال صاعد مولى الكميت: دخلنا على أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام فأنشده الكميت قصيدته هذه فقال: أللهم؟ اغفر للكميت. أللهم؟ اغفر للكميت. ” الأغاني ” 15 ص 123.
قال نصر بن مزاحم المنقري: إنه رأى النبي صلى الله عليه وآله في النوم وبين
____________
(1) سيأتيك عن الأغاني تفصيل القصة إنشاء الله تعالى.
يديه رجل ينشده:
من لقلب متيم مستهام * . . . . . .
قال: فسألت عنه فقيل لي: هذا الكميت بن زيد الأسدي قال: فجعل النبي صلى الله عليه وآله يقول: جزاك الله خيرا، وأثنى عليه. ” الأغاني ” 15 ص 124، ” المعاهد ” 2 ص 27.
روى الكشي في رجاله ص 136 بإسناده عن زرارة قال: دخل الكميت على أبي جعفر عليه السلام وأنا عنده فأنشده:
من لقلب متيم مستهام * . . . . . .
فلما فرغ منها قال للكميت: لا تزال مؤيدا بروح القدس ما دمت تقول فينا.
وروى في ص 135 بإسناده عن يونس بن يعقوب قال: أنشد الكميت أبا عبد الله عليه السلام شعره:
أخلص الله في هواي فما أغر – ق نزعا وما تطيش سهامي
فقال أبو عبد الله عليه السلام: لا تقل هكذا ولكن قل: قد أغرق نزعا. ورواه ابن شهر آشوب في ” المناقب ” وفي لفظه: فقلت: يا مولاي؟ أنت أشعر مني بهذا المعنى.
وروى الحديثين الطبرسي في [إعلام الورى] ص 158.
قال المسعودي في ” مروج الذهب ” 2 ص 195: قدم الكميت المدينة فأتى أبا جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي رضي الله عنهم فأذن له ليلا وأنشده فلما بلغ الميمية قوله:
وقتيل بالطف غودر منهم * بين غوغاء أمة وطغام
بكى أبو جعفر ثم قال: يا كميت لو كان عندنا مال لأعطيناك ولكن لك ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله لحسان بن ثابت: لا زلت مؤيدا بروح القدس ما ذببت عنا أهل البيت. فخرج من عنده فأتى عبد الله بن الحسين بن علي فأنشده فقال: يا أبا المستهل إن لي ضيعة أعطيت فيها أربعة آلاف دينار وهذا كتابها وقد أشهدت لك بذلك شهودا.
وناوله إياه، فقال: بأبي أنت وأمي إني كنت أقول الشعر في غيركم أريد بذلك الدنيا ولا والله ما قلت فيكم إلا لله، وما كنت لآخذ على شيئ جعلته لله مالا ولا ثمنا. فألح عبد الله عليه وأبى من إعفائه، فأخذ الكميت الكتاب ومضى، فمكث أياما ثم جاء إلى عبد الله
فقال: بأبي أنت وأمي يا بن رسول الله؟ إن لي حاجة قال: وما هي؟ وكل حاجة لك مقضية. قال: وكائنة ما كانت؟ قال: نعم. قال: هذا الكتاب تقبله وترتجع الضيعة.
ووضع الكتاب بين يديه فقبله عبد الله، ونهض عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فأخذ ثوبا جلدا فدفعه إلى أربعة من غلمانه، ثم جعل يدخل دور بني هاشم و يقول: يا بني هاشم؟ هذا الكميت قال فيكم الشعر حين صمت الناس عن فضلكم، وعرض دمه لبني أمية فأثيبوه بما قدرتم. فيطرح الرجل في الثوب ما قدر عليه من دنانير و دراهم. وأعلم النساء بذلك فكانت المرأة تبعث ما أمكنها حتى أنها لتخلع الحلي عن جسدها، فاجتمع من الدنانير والدراهم ما قيمته مائة ألف درهم، فجاء بها إلى الكميت فقال: يا أبا المستهل أتيناك بجهد المقل ونحن في دولة عدونا وقد جمعنا هذا المال و فيه حلي النساء كما ترى، فاستعن به على دهرك فقال: بأبي أنت وأمي قد أكثرتم و أطيبتم وما أردت بمدحي إياكم إلا الله ورسوله ولم أك لآخذ لكم ثمنا من الدنيا فاردده إلى أهله. فجهد به عبد الله أن يقبله بكل حيلة فأبى فقال: إن أبيت أن تقبل فإني رأيت أن تقول شيئا تغضب به بين الناس لعل فتنة تحدث فيخرج من بين أصابعها بعض ما يجب. فابتدأ الكميت وقال قصيدته التي يذكر فيها مناقب قومه من مضر بن نزار بن معد وربيعة بن نزار وأياد وأنمار إبني نزار ويكثر فيها من تفضيلهم ويطنب في وصفهم وانهم أفضل من قحطان فغضب بها بين اليمانية والنزارية فيما ذكرناه وهي قصيدته التي أولها.
ألا حييت عنا يا مدينا * وهل ناس تقول مسلمينا؟
2018-01-11