الوقت- عاد المطران الياس حنا إلى القدس بعد زيارة غير معلنة إلى سوريا التقى خلالها بالرئيس السوري بشار الأسد ومرجعيات دينية مسيحية وإسلامية، إضافة إلى زيارته لكل من منطقتي معلولا وصيدنايا.
و كان لحنَا فور عودته تصريحات لافتة أشار خلالها بأن “عدونا واحد وألمنا واحد ونزيفنا واحد، كذلك المتآمرون على القدس وفلسطين هم ذاتهم الذين يتآمرون على سورية، وخططوا لتفكيكها وإضعافها وشرذمتها، لكنهم فشلوا في ذلك فشلاً ذريعاً“.لا يمكن الحديث عن فلسطين من دون الحديث عن المسلمين والمسيحيين معاً”، مشدداً على وحدة الشعب الفلسطيني الذي يسعى لتحقيق حريته.
كما تطرق إلى الانتصار على الإرهابيين في جرود عرسال، معتبراً أنها “خطوة في الاتجاه الصحيح”، وأن تدخّل حزب الله وروسيا وغيرهما من أصدقاء سوريا ساهم في “دحر الإرهاب“.
لا يقبل المطران الياس حنا الحديث عن المسيحيين في بلاد الشام بأنهم من الأقليات، وهو ما أكده في أكثر من مناسبة فالمسيحيون بالنسبة إليه هم شريك أساسي في تلك الدول و مصيرهم مرتبط بمصير مواطنيهم على قاعدة يصيبكم ما يصيبنا. و الذي يتابع تصريحات رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس في القدس المطران عطاالله حنا يعرف أنه يقرأ الصراع العربي الإسرائيلي بتجرد، الأمر الذي يفرض عليه أن يكون الى جانب محور الممانعة الممتد من سوريا الى لبنان ففلسطين، و ما زيارته الأخيرة الى سوريا و لقائه رئيس الجمهورية بشار الأسد و لو بشكل غير معلن مسبقا إلا دليل على أن الرجل حريص على مصلحة المسيحيين حتى لو على حساب مصالحه الشخصية الضيقة.
سمع المطران حنا كلاما من الرئيس السوري بشار الأسد عن بقاء سوريا على موقفها بخصوص فلسطين و أن “دمشق والقدس توءمان لا ينفصلان“. كلام ليس بالجديد فقد ترجمته القيادة السورية بحرصها على المكون المسيحي في سوريا قبل و بعد اندلاع الأزمة السورية عام 2011. كما ترجمته أيضا بوقوفها الى جانب المقاومة الفلسطينية و اللبنانية في زمن الرئيس حافظ الأسد و بعده الرئيس بشار الأسد، ترجمة عملية و ليس فقط بإطلاق المواقف أو برفض التطبيع مع العدو الإسرائيلي، فقدمت السلاح و الصواريخ كما أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابات متلفزة. ما يعني بأن سبب رئيسي في انتصارات حزب الله في لبنان و منع توسع الكيان الإسرائيلي هو الدعم السوري الذي كان يصل إلى لبنان كما كان يصل إلى فلسطين المحتلة ما أجبر العدو الإسرائيلي إلى الانسحاب من غزة التي يصادف تحريرها في هذه الأيام قبل اثني عشر عاما، كما أدى الدعم السوري أيضا إلى صمود المقاومة الفلسطينية في غزة أمام العدوان الإسرائيلي و الذي كان آخره حرب الخمس و خمسون يوما.
إذن فقد صدق المطران حنا في حديثه لـ”صحيفة الوطن” السورية عندما قال باننا “عندما نكون في دمشق لا نكون بعيدين عن القدس لأن دمشق والقدس توءمان لا ينفصلان”. و أكثر من ذلك فإن ما أكدته السنوات الست المنصرمة، طريق القدس تمر بدمشق، و من يرنو نحو القدس عليه التطلع إلى ما يجري في سوريا من أحداث أريد لها الإطاحة بالنظام الذي وقف إلى جانب القدس و قضيتها، بعكس دول الخليجیة التي تسعى للتطبيع مع العدو الإسرائيلي على حساب المسلمين و المسيحيين على حد سواء ضاربة بعرض الحائط محاولات تهويد القدس و حصار المسجد الأقصى.
أيد زيارة حنا غالبية الفلسطينيين من مسلمين و مسيحيين، كما أنها كانت جرعة معنوية مهمة لمسيحيي سوريا خصوصا في معلولا التي تعرضت كنيستها للتدمير و خطفت الراهبات من داخلها. و يأتي ترحيب الفلسطينيين بهذه الزيارة بعد أن بات واضحا بالنسبة لهم من وقف الى جانب قضيتهم و من تآمر عليهم فالدعم المادي و العسكري لم يعد سرا، كما أن التطبيع مع العدو و فتح قنوات الإتصال المباشرة أيضا، وهم أي مسيحيو المشرق يستشعرون العزة في ظل محور الممانعة خصوصا في لبنان و سوريا، ففي لبنان رأى المسيحيون أهمية دور حزب الله الذي أبعد خطر التكفيريين عن الأراضي اللبنانية و التي استكملها بتحرير عرسال و جرود فليطة مؤخرا، و في سوريا رغم ألمهم كباقي أبناء الوطن، لمس المسيحيون التفاف الدولة حولهم لتثبيتهم في أرضهم عبر تحرير قراهم و أبرزها معلولا، و إعادة بناء كنائسهم و هم يستذكرون جيدا صور الشهيد القائد مصطفى بدر الدين الذي زار راهبات معلولا فور تحريرها و وقفة المقاوم الذي ضرب التحية لتمثال السيدة العذراء، كما لا ينسون أيضا تحطيم تمثالها و تدمير الكنائس و التوعد بذبحهم و سبيهم من قبل الجماعات الإرهابية التي لا تميز بين مسلم و مسيحي.