الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم ( عليه السلام )21

مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم ( عليه السلام )21

ينبغي الدعاء للمؤمن بمقتضى الاشتراك في الإيمان بحكم العقل والشرع .

– ففي الكافي ( 1 ) مسندا عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :

ما من مؤمن دعا للمؤمنين والمؤمنات ، إلا رد الله عز وجل عليه مثل الذي دعا لهم به ،

من كل مؤمن ومؤمنة مضى من أول الدهر أو هو آت إلى يوم القيامة ،

إن العبد المؤمن ليؤمر به إلى النار يوم القيامة فيسحب ،

فيقول المؤمنون والمؤمنات يا رب هذا الذي كان يدعو لنا ، فشفعنا فيه ، فيشفعهم الله عز وجل فيه فينجو .

– وفيه ( 2 ) مسندا عن عيسى بن أبي منصور قال : كنت عند أبي عبد الله ( عليه السلام ) أنا وابن أبي
يعفور وعبد الله بن طلحة فقال ( عليه السلام ) ابتداءا منه ، يا بن أبي يعفور ،

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ست خصال من كن فيه كان بين يدي الله عز وجل ، وعن يمين الله عز وجل ،
فقال ابن أبي يعفور : وما هي جعلت فداك ؟

قال : يحب المرء المسلم لأخيه ما يحب لأعز أهله ،

ويكره المرء المسلم لأخيه ما يكره لأعز أهله ،

ويناصحه الولاية ، فبكى ابن أبي يعفور ،

وقال : كيف يناصحه الولاية ؟

قال : يا بن أبي يعفور إذا كان منه بتلك المنزلة بثه همه ففرح لفرحه

إن هو فرح وحزن لحزنه إن هو حزن ،

وإن كان عنده ما يفرج عنه ،

فرج عنه وإلا دعا الله له .

قال ثم قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) ثلاث لكم ، وثلاث لنا : أن تعرفوا فضلنا ، وأن تطأوا عقبنا ،
وتنتظروا عاقبتنا ، فمن كان هكذا كان بين يدي الله عز وجل ، فيستضئ بنورهم من هو أسفل
منهم وأما الذين عن يمين الله فلو أنهم يراهم من دونهم لم يهنئهم العيش مما يرون من
فضلهم ، فقال ابن أبي يعفور : وما لهم لا يرون وهم عن يمين الله !

فقال ( عليه السلام ) يا بن أبي يعفور إنهم محجوبون بنور الله أما بلغك الحديث أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كان
يقول : إن لله خلقا عن يمين العرش بين يدي الله ، وعن يمين الله وجوههم أبيض من الثلج ،
وأضوء من الشمس الضاحية ، يسأل السائل ما هؤلاء فيقال : هؤلاء الذين تحابوا في جلال
الله .

أمره بالمعروف : يأتي ما يناسبه في نهيه عن المنكر .

استجابة دعائنا ببركة وجوده . إعلم أن من جملة نعم الله تعالى العظيمة علينا إذنه لنا في
الدعاء ومسألة حاجاتنا منه تبارك وتعالى واستجابة دعائنا بمنه وكرمه ولما ثبت أن وصول
جميع نعمه إلينا إنما يكون ببركة وجود إمام زماننا ( عليه السلام ) ، وثبت أن إجابة الدعاء من أجل النعم
بل أعظمها إذ به يتوصل إلى سائر نعمه ، تحقق عظمة حق مولانا صاحب الزمان ( عليه السلام ) علينا
بسبب كون وجوده وسيلة لحصول هذه النعمة الجسيمة ، والموهبة العظيمة فيجب علينا
تلافي ذلك بالدعاء له ( عليه السلام ) وبسائر ما يحصل به شكر ذلك الإنعام .

ومما يدل بالخصوص على كون وجود الإمام سببا واسطة لحصول هذا الإنعام بالنسبة
إلى كافة الأنام ، ما رواه الصفار في بصائر الدرجات بإسناده عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ( 1 ) قال : قال
رسول الله لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) : أكتب ما أملي عليك ، قال علي : يا نبي الله وتخاف النسيان ؟
قال ( صلى الله عليه وآله ) : لست أخاف عليك النسيان وقد دعوت الله لك أن يحفظك فلا ينساك ، لكن اكتب
لشركائك ، قال : قلت : ومن شركائي يا نبي الله ؟ قال ( صلى الله عليه وآله ) : الأئمة من ولدك بهم تسقى أمتي
الغيث ، وبهم يستجاب دعاؤهم ، وبهم يصرف البلاء عنهم ، وبهم تنزل الرحمة من السماء
وهذا أولهم ، وأومأ بيده إلى الحسن ( عليه السلام ) – ثم أومأ بيده إلى الحسين – ثم قال ( صلى الله عليه وآله ) : الأئمة من
ولدك .

أقول : وهذا الحديث بملاحظة سائر عباراته صريح في ما ذكرناه كما لا يخفى إحسانه
إلينا بالدعاء ودفع الأعداء ، وكشف البأساء ، وسائر ما نشير إلى جملة منها إن شاء الله .

وقد قال الله تعالى :

* ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) *

والإحسان باعث للدعاء بحكم
العقل والشرع ، ومقتضى الجبلة الإنسانية ، أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم ، فطالما استعبد
الإنسان إحسان ، إباحة ما في أيدينا من حقوقه لنا .

شاهد أيضاً

نهج البلاغة – خطب الإمام علي (عليه السلام)

(باب المختار من حكم أمير المؤمنين عليه السلام)  (ومواعظه ويدخل في ذلك المختار من أجوبة مسائله) ...