الرئيسية / اخبار العلماء / المرجعية الدينية العليا :المواطنة الصالحة تلزم المواطنين بان يتعايشوا فيما بينهم بسلام ومحبة

المرجعية الدينية العليا :المواطنة الصالحة تلزم المواطنين بان يتعايشوا فيما بينهم بسلام ومحبة

ذكرت المرجعية الدينية العليا المقومات التي على اساسها تتكون المواطنة الصالحة مبينة ان المواطن الصالح يكون مصدر خير ونفع، ويساهم في البناء والتطوير والتقدم والازدهار والذي يتعايش مع بقية المواطنين بسلام ومحبة

 

وقال ممثل المرجعية الشيخ عبد المهدي الكربلائي خلال خطبة الجمعة اليوم  27/صفر/1439هـ الموافق 17/11/2017 ان المواطن الصالح بتعبير بسيط المواطن الذي يكون مصدر خير ونفع، المواطن الذي يساهم في البناء والتطوير والتقدم والازدهار، المواطن الذي يتعايش مع بقية المواطنين بسلام ومحبة، المواطن الصالح في قِباله المواطن الطالح، ذلك المواطن الذي يكون مصدر شر وضرر وايذاء للاخرين، المواطن الذي يتقاعس ويتوانى عن المساهمة في اعمار وتطور بلده، المواطن الذي يكون تعايشه مع الاخرين مصدراً لتهديد السلم المجتمعي الاهلي، هذا في قِبال هذا..

واضاف ان المواطن الصالح يحتاج الى مقومات ومبادئ حتى يمكن ان يتحلى بهذه الصفة الطيبة التي حثّت عليها الكثير من الاحاديث الشريفة،مشيرا الى نقطة مهمة وهي ان كل هذه المبادئ مع قطع النظر عن ان الدولة والحكومة تؤدي مسؤولياتها تجاه المواطن وتؤدي حقوق المواطن ام لا، مع قطع النظر عن ذلك، انما نعني بالمواطنة الصالحة نوع من الالتزام من المواطن تجاه وطنه وشعبه، هذا الالتزام هو الذي يمثل مسألة المواطنة الصالحة.

 وبين الكربلائي ان البعض يقول طالما انا لا انال حقوقي اذاً انا لا اؤدي هذه الالتزامات، هذه مسألة اخرى.. على المواطن ان يؤدي ما عليه امام الله تعالى هو مسؤول امام بلده وشعبه مع قطع النظر عن ذلك الامر.. اداؤه لهذه الالتزامات والواجبات تمثل مرتبة المواطنة الصالحة التي فيها نفع للجميع لنفسه وللاخرين.. عدم الالتزام بها اضرار لنفسه وللاخرين..

وذكر ممثل المرجعية اربع مقومات وهي

المبدأ الاول: الحس الوطني والشعور بالمسؤولية، كل حسب اختصاصه وموقعه ووظيفته.

المبدأ الثاني: اكتساب ثقافة المواطنة الصالحة.

المبدأ الثالث: احترام الانظمة والقوانين العامة التي شرّعت بما فيها مصلحة عامة للمجتمع ورعاية هذه القوانين والانظمة والالتزام بها سواء كان في مجال الامن او الصحة او التعليم او الخدمات البلدية او غيرها.

المبدأ الرابع: الحفاظ على الاموال العامة والتي يسميها البعض اموال الحكومة، هذه في الواقع كما ذكرنا سابقاً ليس لها كما يتصور البعض انه لا مالك لها، هذا ليس صحيحاً، هذه الاموال العامة هي ملك للشعب كله فالاستحواذ عليها بغير وجه حق يعتبر سرقة من كيس الشعب، هناك سرقة من شخص او مواطن اخر، الانسان الذي يستحوذ على المال العام بغير وجه حق كأنه سرق من الشعب كله والشعب كله يكون خصمه.. وهذه الاموال سواء كانت في شارع او مدرسة او دائرة او غير ذلك فالاستحواذ عليها يمثل سرقة من كيس الشعب، استعمالها في غير الوجه الصحيح والمقرر قانوناً يعتبر اضراراً بمال الشعب، لذلك يجب الالتفات الى هذه المسألة بخصوص الاموال العامة وكيف يكون تعاملنا مع هذه الاموال العامة.

 

واضاف ان من المبادئ المهمة للمواطنة الصالحة:

اولا –   حل المشاكل والنزاعات والاختلافات مع الاخرين بالتفاهم والحوار وان طال هذا التفاهم من اجل الوصول الى حل لهذه المشكلة , مبينا ات المواطن الصالح هو الذي يبتعد عن اسلوب العنف والتهجم والتجاوز على الاخرين حينما يكون لديه نزاع واختلاف ومشكلة مع الاخرين، اخواني اذا حصلت مشكلة بيني وبين شخص اخر ونزاع عليَّ ان اعتمد اساليب متعددة ابدأ اتفاهم معه واتحدث معه واتحاور معه.. ان لم ينفع اُدخل اشخاصاً اخرين من اهل الحل والرأي والعقل ممن لهم مقام اجتماعي مؤثر ادخله في محاولة لحل المشكلة.. ان لم ينفع الجأ الى الاساليب القانونية..

اما في كثير من الاحيان وللاسف الشديد في امور تافهة وبسيطة يلجأ الفرد الى استخدام اسلوب العنف والتهجم على الاخرين من اجل حلّ هذه المشكلة وابراز عضلاته..

 واشار ان هذا المبدأ لابد ان نعتمده اولا ً في البيت وفي داخل الاسرة ثم في السوق وفي الشارع وفي المدرسة وفي الدائرة وفي الاماكن العامة سواء اكان هذا الاختلاف والنزاع بين شخص وشخص اخر او بين كيان اجتماعي وكيان اجتماعي اخر..

احياناً تحصل نزاعات بين العشائر وللاسف الشديد.. اخواني اوجّه الكلام من هذا المنبر كثير من المواطنين في بعض المحافظات يشتكون كما نقل لي البعض بسبب فرس يعود لشيخ عشيرة قُتل اربعة اشخاص!! هل هذا يُعقل؟! هل هذا من مبادئ الاسلام! بسبب نزاع على مساحة من الارض بسيطة.. يُقتل عدة اشخاص!! الاسلام بعيد عن هذه الاساليب..مبينا انه في حالة حصول اختلاف لا الجأ الى الشدّة والغلظة والخشونة في حل المشكلة.. يمكن بالحوار والهدوء والتفاهم ان تُحل المشكلة بدل من ان الانسان يغضب وينفعل ويستعمل اسلوب عنيف قد يؤدي الى الضرب او القتل او الجراح او الى مشاكل لا تنتهي.. فالمواطنة الصالحة تتطلب ان نلجأ الى اسلوب التفاهم والحوار لحل هذه المشاكل والنزاعات..

 

ثانيا –   ان يكون المواطن حريص على اقامة علاقات المودة والمحبة والاحترام للاخرين وكذلك التعاون مع الاخرين حتى نصل الى هذه النتيجة..

 وقال الشيخ عبد المهدي الكربلائي ان هناك اساليب في مقابل هذا تؤدي الى تعكير صفو العلاقات بين ابناء الوطن الواحد مثلا ً الان وارجوا الالتفات..مع وجود مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها سوء الظن بالاخرين والاتهام للاخرين والتسرّع في الحكم على الاخرين خصوصاً احياناً مثل هذه الامور تحصل مع اصحاب العلم والدين واصحاب المقامات الرفيعة.. كثيراً ما تقرأون في بعض صفحات التواصل الاجتماعي اتهامات وافتراءات ويرمى اناس اخرين بمختلف الصفات وهم بريئون منها وتُنشر بعض الاخبار الكاذبة عن اشخاص وهم بريئون منها وربما يصل هذا الكذب وتشويه السمعة الى ملايين الاشخاص.. فوسائل التواصل الاجتماعي تصل الى الاف الاشخاص بل اكثر من ذلك.. ربما احياناً الانسان يتسرّع يرى في بعض الصفحات ان فلان ارتكب كذا او فعل كذا او قال كذا وهم لم يقل ولم يفعل.. وسارع الشخص ونشر هذا الامر في وسط من يتصفح هذه الصفحات.. كيف سيتدارك هذا الامر فيما بعد؟! كيف سيجيب يوم القيامة؟! هذه الشخصية التي اٌسقطت اجتماعياً في نظر الاخرين كيف يُصلح هذا الحال؟!! وفيما بعد قد هذا الانسان يعرف ان فلان هو الذي تكلّم بهذا الكلام وهو الذي نسب اليه.. فاصبحت العلاقة علاقة عداوة وبغض واحقاد وقد تمتد الى عشيرته والى قومه وتصبح علاقة العداوات والتي قد تتطور..

 اخواني لابد المواطن الصالح هو الذي يبتعد عن أي طريقة او اسلوب يؤدي الى ان تكون العلاقة بينه وبين الاخرين حالة وعلاقة العداوة والبغضاء خصوصاً في التسرع في الحكم على الاشخاص الاخرين او ينسب اليهم افعال لم يفعلوها او ينسب اليهم سلوكيات وافعال لم تصدر منهم خصوصاً ما يتعلق هذا الامر باصحاب المقامات العلمية والدينية والاجتماعية..

الاسلام اوصى بادامة علاقات الحب والاحترام بين افراد المجتمع حتى يكون المجتمع قوياً.

 

ثالثا –  ان يُحب الانسان للاخرين ما يحب لنفسه ويكره للاخرين ما يكره لنفسه:

وان يحترم ويوقر الصغير للكبير وان يرحم الكبير الصغير وان يكون هذا في كل مكان في الاماكن العامة او الدوائر الحكومية او غير ذلك..

–   التقدير والاكبار للاشخاص الذين يؤدون وظائف محترمة ومهمة في المجتمع مع قطع النظر عن ان البعض من هذه العناوين يصدر منها تقصير لكن هناك عناوين خدمتها في المجتمع مهمة وخطيرة وحساسة.. علينا ان نحترم اصحاب هذه المهن لدورهم في المجتمع كالاطباء والمعلمين والمدرسين واساتذة الجامعات او المفكرين او الادباء او اصحاب المهن الذين يؤدون من خلالها خدمات مهمة.. قد ان البعض يقصّر هذا شيء آخر لكن بصورة عامة احترامهم احترام للعلم والفكر والثقافة والمعرفة ونعتز بمن لهم خدمة طويلة في هذا المجال فالمعلم القديم نعتز به والطبيب القديم نعتز به والاخرين كذلك فهؤلاء لهم حقوق على بقية المجتمع.. في مثل هذا المجتمع سيكون للعلم والثقافة والمعرفة والادب احترام كبير وبالتالي هذا المجتمع سيصبح مجتمعاً معروفاً بهذه الصفة.

رابعا –         الحفاظ على البيئة والنظافة في مختلف مجالاتها:

احد الامور التي يقاس منها تحضّر المجتمع هي الحفاظ على البيئة والنظافة، من الصعب ان شعب له تاريخ عريق وحضارات عريقة تجد شوارعه واسواقه والاماكن العامة فيه وسخة، اخواني من مقومات المواطن المؤمن الصالح ومن حقوق الاخرين علينا ان نحافظ على كل مكان في بلدنا في الشارع او المدرسة او الدائرة او الجامعة وكل مكان.. لا يقول قائل هذه ليست وظيفتي وهذه وظيفة الدائرة الفلانية فانا اوسخ الشارع واوسخ السوق وهذا العامل يجب عليه ان يأتي وينظف الشارع والسوق.. اخواني النظافة ومرتبة النظافة في البلد والرجاء الالتفات الى هذه القضية سواء أكان في الايام العادية او ايام الزيارات.. ما يعكس ايمان الفرد كمواطن ومجتمع وما يعكس حضارة الفرد والمجتمع هو مدى محافظته على النظافة.. هذه مسألة لها قيمة كبيرة في نظر الاسلام والمجتمع والمواطنة الصالحة..

لذلك علينا جميعاً كمواطنين ان نحرص جداً على نظافة الشارع وعلى نظافة البناية التي نحن فيها وعلى نظافة المدرسة والجامعة والاماكن العامة ونحافظ على المساحات الخضراء وان نزيد منها.. فالمحافظة على المساحات الخضراء وغيرها فيه نفع للجميع.. فانا حينما لا احافظ على نظافة الشارع او البناية او الاماكن العامة اضر نفسي واضر الاخرين حيث فيه ضرر للجميع وحينما احرص على النظافة ونظافة البيئة نفعت نفسي ونفعت الاخرين..

لذلك اخواني من الان الذي نأمله من الجميع المحافظة على هذا المبدأ من قبل الجميع وفي كل الامكنة لان الاسلام حرص على هذا الامر ويعكس مدى ايمان هذا الانسان فرداً ومجتمعاً..

نسأل الله تعالى ان يجعلنا دائماً ان شاء الله من المواطنين المؤمنين الصالحين الذي نكون مصدر خير ونفع للمجتمع انه سميع مجيب..والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين..

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...