فصل ـ 5 ـ
78 ـ أخبرنا الشّيخ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسن الحلبي (1) ، عن الشيخ أبي جعفر محمّد بن الحسن بن عليّ الطّوسيّ ، عن الشّيخ أبي عبدالله محمد بن محمد بن النّعمان الحارثيّ ، حدّثنا أبو جعفر ابن بابويه ، حدّثنا أبو عبدالله محمد بن شاذان ، عن أحمد بن عثمان البروادي ، حدّثنا أبو علي محمد بن محمد بن الحارث بن سعد بن الحافظ السّمرقندي ، حدّثنا صالح بن سعيد الترمدي ، عن عبد الهيثم (2) بن إدريس ، عن المسيب ، عن محمد بن السّائب ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال إبليس لنوح صلوات الله عليه : لك عندي يد عظيمة سأعلّمك خصالاً قال نوح : وما يدي عندك ؟
قال : دعوتك على قومك حتىّ أهلكهم الله جميعاً . فايّاك والكبر وإيّاك والحرص وإيّاك والحسد فان الكبر هو الّذي حملني على أن تركت السجود (3) لآدم عليه السلام فأكفرني وجعلني شيطانا رجيماً وإيّاك والحرص فان ، ابن آدم حسد أخاه فقتله . فقال نوح صلوات الله عليه : فأخبرني متى تكون أقدر على ابن آدم ؟ قال : عند الغضب (4) .
89 ـ وبالاسناد المتقدم عن عبد الحميد ابن أبي الديلم ، عن أبي عبدالله عليه الصلاة والسلام قال : عاش نوح صلوات الله عليه بعد النّزول من السّفينة خمسمائة سنة (5) ، ثمّ أتاه جبرئيل عليه السلام فقال : يا نوح انّه قد انقضت نبوّتك واستكملت أيامك ، فيقول الله تعالى : ادفع ميراث العلم وآثار علم النبوّة التي معك إلى ابنك سام ، فانّي لا أترك الأرض إلاّ وفيها عالم يعرف به طاعتي ويكون نجاة فيما بين قبض النّبيّ وبعث النّبيّ الآخر ، ولم أكن أترك النّاس بغير حجّة ، وداع (6) إليّ وهاد إلى سبيلي وعارف بأمري ، فإنّي قد قضيت أن أجعل لكلّ قوم هادياً أهدي به السّعداء ، ويكون حجّة على الاشقياء.
قال : فدفع نوح صلوات الله عليه جميع ذلك ابنه سام ، فأمّا حام ويافث فلم يكن عندهما علم ينتفعان به . قال : وبشرهم نوح بهود صلوات الله عليهما ، وأمرهم باتّباعه ، وأمرهم أن يفتحوا الوصيّة كلّ عام فينظروا فيها ، فيكون ذلك عيداً لهم ، كما أمرهم آدم صلوات الله عليه (7) .
80 ـ وباسناده عن سعد بن عبدالله ، عن إبراهيم بن هاشم عن علي بن الحكم ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله صلوات الله عليه قال : عاش نوح عليه السلام ألفي سنة وخمسمائة سنة منها ثمانمائة سنة وخمسون سنة قبل أن يبعث وألف سنة إلاّ خمسين عاماً ، وهو في قومه يدعوهم إلى الله تعالى ومائتا عام في عمل السّفينة ، وخمسمائة عام بعد ما نزل من السّفينة ، ونضب الماء ، فمصّر الأمصار وسكن ولده البلدان ، ثم جاءه (8) ملك الموت وهو في الشّمس فقال : السلام عليك ، فردّ عليه نوح صلوات الله عليهما السلام وقال : ما جاء بك ؟ قال : جئت لأقبض روحك قال : تدعني أدخل من الشمس إلى الظّل ؟ فقال له : نعم قال : فتحول نوح ثمّ قال : يا ملك الموت كان ما مرّ بي من الدّنيا مثل تحوّلي من الشمس إلى الظّل ، فأمض لما أمرت به ، فقبض روحه صلوات الله عليه (9) .
____________
(1) عنونه الشيخ منتجب الدين في الفهرست برقم : ( 357 ) قائلاً : الشيخ أبو جعفر محمد بن علي ابن المحسن الحلبي . . . وعنون الشيخ الحرّ في أمل الآمل ( 2 | 282 و289 ) كليهما ونفى البعد عن وحدتهما . والوحدة هي الصّحيح . كما أنّ الأصحّ في اسم جدّه هو المحسن .
(2) في ق 5 : عبد الهيثم ، وفي ق 4 : عبد القيثم ـ عبد القشم .
(3) في ق 2 : على ترك السجود .
(4) بحار الأنوار ( 11 | 293 ) ، برقم ( 7 ) و( 63 | 251 ) ، برقم : ( 113 ) .
(5) في البحار ( 11 | 288 ) : بعد النّزول من السّفينة خمسين سنة . قال العلامة المجلسي رحمه الله أقول : ذكر في (ص ) بهذا الاسناد إلى قوله : « كما أمرهم آدم عليه السلام » إلاّ أنّ فيه خمسمائة سنة بدل خمسين سنة ، وهو الصّواب كما يدل عليه ما مرّ من الأخبار .
(6) في ق 3 : فلم أكن أترك الأرض بغير حجّة فيها النّاس وداع .
(7) بحار الأنوار ( 11 | 288 ـ 289 ) ، عن إكمال الدّين مثله وعن قصص الأنبياء في الجزء ( 23 | 33 ) ، برقم : ( 53 ) .
(8) في ق 2 وق 4 : جاء .
(9) بحار الأنوار ( 11 | 285 | 286 ) ، برقم : ( 2 ) عن أمالي الصّدوق مثله . وأشار إلى وجود الخبر في القصص بذكر السّند .