الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / فصل ـ 2 ـ ( في نبوّة يعقوب ويوسف عليهما السّلام )

فصل ـ 2 ـ ( في نبوّة يعقوب ويوسف عليهما السّلام )

134 ـ وأخبرنا الشّيخ أبو علي الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي ، عن جعفر الدوريستي ، عن الشّيخ المفيد ، عن ابن بابويه ، عن أبيه ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير عن أبي جعفر صلوات الله عليه قال : لمّا فقد يعقوب يوسف عليهما السلام اشتدّ حزنه وتغيّر حاله ، وكان يمتار القمح من مصر لعياله في السّنة مرّتين في الشّتاء والصّيف ، فانّه بعث عدّة من ولده ببضاعة يسيرة مع رفقة خرجت ، فلمّا دخلوا على يوسف عليه السلام عرفهم ولم يعرفوه ، فقال : هلمّوا بضاعتكم حتّى أبدأ بكم قبل الرّفاق وقال لفتيانه : عجّلوا لهؤلاء بالكيل وأوقروهم ، واجعلوا بضاعتهم في رحالهم إذا فرغتم . 
وقال يوسف لهم : كان أخوان من أبيكم فما فعلاً ؟ قالوا : أمّا الكبير منهما فإنّ الذّئب أكله ، وأمّا الأصغر فخلّفناه عند أبيه ، وهو به ضنين وعليه شفيق . قال : إنّي أحبّ أن تأتوني به معكم إذا جئتم لتمتاروا ، ولمّا فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم فيها ( قالوا : يا أبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردّت إلينا ) (1) فلمّا احتاجوا إلى الميرة بعد ستّة أشهر بعثهم ، وبعث معهم ابن يامين ببضاعة يسيرة ، فأخذ عليهم ( موثقاً من الله لتأتنّني به ) (2) فانطلقوا مع الرّفاق حتّى دخلوا على يوسف ، فهيّأ لهم طعاماً وقال : ليجلس كلّ بني أمّ على مائدة ، فجلسوا وبقي ابن يامين قائماً ، فقال له يوسف: مالك لم تجلس ؟ فقال : ليس لي فيهم ابن أمّ ، فقال يوسف : فمالك ابن أمّ ؟ قال : بلى زعم هؤلاء أنّ الذّئب أكله . 
قال : فما بلغ من حزنك عليه ؟ قال : ولد لي أحد عشر ابناً لكلّهم أشتق اسماً من اسمه ، فقال : اراك قد عانقت النّساء وشممت الولد من بعده ، فقال : انّ لي أباً صالحاً قال لي : تزوّج لعلّ الله أن يخرج منك ذرية تثقّل الأرض بالتّسبيح ، قال يوسف : فاجلس معي على مائدتي ، فقال إخوة يوسف : لقد فضّل الله يوسف واخاه حتّى أنّ الملك قد أجلسه معه على مائدته ، وقال لإبن يامين : إنّي أنا أخوك فلا تبتئس بما تراني أفعل واكتم ما أخبرتك ، ولا تحزن ولا تخف . 
ثمّ أخرجه إليهم وأمر فتيته أن يأخذوا بضاعتهم ويعجّلوا لهم الكيل ، فإذا فرغوا جعلوا (3) المكيال في رحل أخيه ابن يامين ، ففعلوا ذلك وارتحل القوم مع الرّفقة ، فمضوا ولحقهم فتية يوسف ، فنادوا ( أيّتها العير إنّكم لسارقون ) (4) قالوا : « ماذا تفقدون قالوا نفقد صواع الملك . . . قالوا : وما كنّا سارقين قالوا : فما جزاؤه إن كنتم كاذبين قالوا : ( جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه ) ( فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثمّ استخرجها من وعاء أخيه ) ( قالوا : إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل ) (5) ثم ( قالوا : يا أيها العزيز إنّ له أباً شيخاً كبيراً فخذ أحدنا مكانه ) ( قال : معاذ الله أن نأخذ إلاّ من وجدنا متاعنا عنده ) (6) قال كبيرهم : إنّي لست أبرح الارض حتّى يأذن لي أبي . 
فمضى إخوة يوسف حتّى دخلوا على يعقوب صلوات الله عليه ، فقال لهم : أين ابن يامين ؟ قالوا : سرق مكيال الملك ، فحبسه عنده ، فأسأل أهل القرية والعير حتّى يخبروك بذلك ، فاسترجع يعقوب واستعبر حتّى تقوّس ظهره ، فقال يعقوب : يا بنيّ اذهبوا فتحسّسوا من يوسف وأخيه ، فخرج منهم نفر وبعث معهم بضاعة وكتب معهم كتاباً إلى عزيز مصر يعطفه على نفسه وولده . 
فدخلوا على يوسف بكتاب أبيهم ، فأخذه وقبّله وبكى ، ثم أقبل عليهم فقال : ( هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه ) قالوا : أأنت يوسف ؟ ( قال : أنا يوسف وهذا أخي ) وقال يوسف : ( لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم ) و( اذهبوا بقميصي هذا ) بلّته دموعي (فألقوه على وجه أبي وأتوني بأهلكم أجمعين ) (7) . 
فأقبل ولد يعقوب عليه السلام يحثّون السّير بالقميص ، فلمّا دخلوا عليه قال لهم : ما فعل ابن يامين ؟ قالوا : خلّفناه عند أخيه صالحاً ، فحمد الله عند ذلك يعقوب وسجد لربّه سجدة الشكر واعتدل ظهره ، وقال لولده : تحملوا إلى يوسف من يومكم ، فساروا في تسعة أيّام إلى مصر ، فلمّا دخلوا اعتنق يوسف اباه ورفع خالته ، ثم دخل منزله وأدهن ولبس ثياب الملك ، فلمّا رأوه سجدوا شكراً لله ، وما تطيّب يوسف في تلك المدّة ولا مسّ النّساء حتّى جمع الله ليعقوب صلوات الله عليه شمله (8) . 
____________

(1) سورة يوسف : ( 65 ) .
(2) سورة يوسف : ( 66 ) .
(3) كذا في ق 1 وفي بقية النّسخ والبحار : فاجعلوا .
(4) سورة يوسف : ( 70 ) . 
(5) سورة يوسف : ( 75 ـ 77 ) .
(6) سورة يوسف : ( 78 ـ 79 ) .
(7) سورة يوسف : ( 89 ـ 93 ) .
(8) بحار الأنوار ( 12 | 287 ـ 289 ) ، برقم : ( 71 ) . 

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...