دروس منهجية في علوم القرآن
15 نوفمبر,2018
القرآن الكريم, صوتي ومرئي متنوع
935 زيارة
الدرس الرابع والأربعون (طبقات المفسّرين لدى الجمهور – 2)
الطبقة الثالثة من المفسرين
وهم تلاميذ الطبقة الثانية، مثل ربيع بن أنس وعبدالرحمن بن زيد بن أسلم، وأبي صالح الكلبي – النسّابة والمفسر في القرن الثاني – وأمثالهم.
وكانت طريقتهم في التفسير إمّا نسبة تفسير الآيات إلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) أو الصحابة أو يذكرون معنى الآية من دون نسبته إلى أحد.
ونلاحظ أنّ المفسرين المتأخرين يعاملون هذه الأقوال معاملة الروايات النبوية، ويعتبرونها روايات موقوفة(1).
ويطلق على الطبقتين الثانية والثالثة من المفسّرين مصطلح قدماء المفسرين(2).
الطبقة الرابعة من المفسرين
وهم أول طبقة من المفسّرين الذين ألّفوا في التفسير.
مثل شعبة بن الحجاج البصري – ينتمي للطبقة الثانية من التابعين (ت: سنة 160هـ ) وسفيان بن عيينة المكّي – من الطبقة الثانية من التابعين (ت: سنة 197هـ ) ووكيع بن الجراح الكوفي (ت: 197هـ).
وعبد بن حميد – ينتمي للطبقة الثانية من التابعين عاش في القرن الثاني -.
ومن هذه الطبقة ابن جرير الطبري، وهو محمد بن جرير بن يزيد الطبري صاحب التفسير المعروف – المتوفى سنة 310هـ.
وطريقة هؤلاء في التفسير انّهم يوردون أقوال الصحابة والتابعين بصيغة روايات مسندة إليهم، ويتجنّبون الاستقلالية في التفسير، إلاّ انّ ابن جرير في تفسيره قد يرجح بين الآراء المختلفة.
وهذه الطبقة هي أولى طبقات المتأخرين من المفسرين(3).
الطبقة الخامسة من المفسرين
قيل: وهم الذين حذفو أسانيد الروايات، واكتفوا بنسبة الآراء للأشخاص من دون إسناد، وقد اعتبر السيوطي وغيره ان الالتباس بين الصحيح وغيره قد بدأ من هؤلاء بسبب حذف الأسانيد، ولذا تعّرضت رواياتهم للطعن والتجريح.
لكن الصحيح – كما قدّمنا – ان الاضطراب والدس والخرافات والإسرائيليات قد بدأت قبل هذه الطبقة، حيث نجد أن الروايات المسندة التي ذُكرت قبلهم مشتملة على هذه التناقضات والإسرائيليات والقصص الخرافية وغيرها.
وقد حكي(4) عن أحمد بن حنبل – الذي هو قبل هذه الطبقة – قوله: “ثلاثة ليس لها أصل: التفسير والملاحم والمغازي”.
وأشار ابن خلدون الى ان العرب حيث لم يكونوا أهل كتاب ولا علم، وانّما غلبت عليهم البداوة والأمّية، فإذا رغبوا في معرفة ما ترغب فيه النفوس البشرية من أسباب التكوين وبدء الخليقة وأسرار الوجود كانوا يسألون عنه أهل الكتاب قبلهم ويستفيدون منهم… وهؤلاء مثل كعب الأحبار ووهب بن منبِّه وعبدالله بن سلام فامتلأت التفاسير من المنقولات عنهم، وتُلقيّت بالقبول، لما كان لهم من المكانة السامية، ولكن الراسخين في العلم قد تحرّوا الصحة وزيّفوا ما لم يتوافر أدلة على صحته(5).
وهذا يؤكد أن اختلاط السقيم بالصحيح قد بدأ منذ عهد الصحابة.
الطبقة السادسة من المفسّرين ومن بعدهم
وهم المفسّرون الذين ظهروا بعد نضج العلوم المختلفة او انتشارها بين المسلمين، وتخصّص الكثير منهم فيها، فركّز كلُّ عالم متخصّص في فنّه على مجال اختصاصه في تفسيره.
فالنحوي ركّز على أبحاث علم النحو مثل الزجاج (ت: 310هـ) وأبي الحسن الواحدي (ت: 468) وأبي حيان التوحيدي – اندلسي نحوي وقارئ ومفسّر (ت: 745).
وعالم البلاغة ركّز على ابحاث الفصاحة والبلاغة مثل الزمخشري (ت: 538) في الكشاف.
والمتكلم توسّع في أبحاث علم الكلام مثل فخر الدين الرازي (ت: 606) في تفسيره الكبير.
والعارف ضمّن تفسيره مباحث العرفان مثل محيى الدين بن عربي – (ت: 638هـ).
والأخباري اقتصر على الأخبار مثل أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي (ت: 426 – 427).
والفقيه اهتمّ بالأبحاث الفقهية مثل محمد بن أحمد بن أبي بكر القرطبي (ت: 668هـ ).
وجمع بعض المفسرين في تفسيره بين علوم مختلفة مثل نظام الدين حسن القمي النيسابوري (ت: 728هـ) في تفسيره المسمّى تفسير النيسابوري. والشيخ إسماعيل حقّي (ت: 1137هـ) في تفسيره روح البيان. وشهاب الدين محمود الآلوسي البغدادي (ت: 1270) في تفسيره روح المعاني.
1– الرواية الموقوفة: هي الرواية التي لم يذكر فيها اسم المروي عنه، فالمتأخرون من مفسري الجمهور يعتبرون أقوال هؤلاء منسوبة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أو الصحابة، وان لم يصرّحوا انفسهم بذلك.
2– راجع كتاب (قرآن در اسلام): 76.
3– يراجع كتاب (قرآن در إسلام): 77.
4– مناهل العرفان: 2 28.
5– راجع مناهل العرفان: 2 29.
2018-11-15