الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / أعْلامُ النِّساءِ المُؤمِنَاتِ

أعْلامُ النِّساءِ المُؤمِنَاتِ

فقالت : أنا أسماء بنت عميس ، بأبي أنت و اُمي إن الفتاة ليلة بنائها لاغنى بها عن امرأة إن حدث لها حاجة أفضت بها إليها .
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « ما أخّرك إلاّ ذلك ؟ » .
فقالت : إي والذي بعثك بالحق ما أكذب والروح الأمين يأتيك .
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « فأسأل إلهي أن يحرسك من فوقك ومن تحتك ومن بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك من الشيطان الرجيم ، ناوليني المخضب واملئيه ماءً » .
فنهضت أسماء بنت عميس فملأت المخضب ماء ثم أتته به ، فملأ فاه ثم مجّه فيه ثم قال : « اللهم انّهما منّي وأنا منهما فأذهب عنهما الرجس وطهّرهما تطهيراً » .
ثم دعا فاطمة عليها السلام فقامت إليه وعليها النقبة وأزارها ، فضرب كفاً من ماء ما بين ثدييها ، واُخرى بين عاتقها ، وباُخرى على هامتها ، ثم نضح جلدها وجسدها ثم التزمها ثم قال : « اللهم انّهما منّي وأنا منهما فكما أذهبت عنهم الرجس وطهّرتهم تطيراً فطهّرهما » .
ثم أمرها أن تشرب بقية الماء ، وتتمضمض ، وتستنشق ، وتتوضاً .
ثم دعا بمخضب آخر فصنع كما صنع بالآخر ، ودعا علياً عليه السلام فصنع به كما صنع بصاحبته ، ودعا له كما دعا لها ، ثم أغلق عليهما الباب وانطلق .
فزعم عبدالله بن عباس عن أسماء بنت عميس أنّه لم يزل يدعو لهما خاصة حتى وارته حجرته ، ما شرك معهما في دعائه أحداً .
قال محمّد بن يوسف : هكذا رواه ابن بطّة العكبري الحافظ ، وهو حسن عال ، وذكر أسماء في هذا الحديث ونسبتها إلى بنت عميس غير صحيح ، وأسماء بنت عميس هي الخثعمية امرأة جعفر بن أبي طالب ، وهي التي تزوّجها أبوبكر فولدت له محمّد بن أبي بكر بذي الحليفة ، فلما مات أبوبكر تزوّجها علي بن أبي طالب فولدت له . وما أرى نسبتها في هذا الحديث إلاّ غلطاً وقع من بعض الرواة أو من بعض الورّاقين ؛ لأن أسماء التي حضرت في عرس فاطمة عليها السلام إنّما هي أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصاري ، وأسماء بنت عميس كانت مع زوجها جعفر في أرض الحبشة وهاجر بها الهجرة الثانية ، وولدت لجعفر بن أبي طالب أولاده كلّهم بأرض

(143)

الحبشة ، وبقي جعفر وزوجته أسماء بأرض الحبشة حتى هاجر النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة ، وكانت وقعة بدر واُحد والخندق وغيرها من المغازي ، إلى أن فتح الله عزّوجل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قرى خيبر في سنة سبع ، وقدم المدينة وقد فتح الله عزّوجلّ على يديه ، وقد قدم يومئذٍ جعفر بامرأته وأهله ، فقال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : « ما أدري بأيّهما أسر بفتح خيبر أم بقدوم جعفر » .
وكان زواج فاطمة عليها السلام من علي عليه السلام بعد وقعة بدر بأيام يسيرة ، فيتّضح من هذا أنّ أسماء المذكورة في هذا الحديث إنّما هي أسماء بنت يزيد ، ولها أحاديث عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وروى عنها شهر بن حوشب وغيره من الناس ، حقّق ذلك مؤلف هذا الكتاب محمّد بن يوسف بن محمّد الكنجي من كتب الحفّاظ من نقلة الأخبار .
وعلّق على ذلك السيّد الأمين في الأعيان قائلاً : اشتباه أسماء بنت عميس بأسماء بنت يزيد ممكن ، بأن يكون الراوي ذكر أسماء فتبادر إلى الأذهان بنت عميس ، لأنّها أعرف ، لكن ينافي ذلك ما مرَّ من أنّها حضرت وفاة خديجة ، وأسماء بنت يزيد أنصارية من أهل المدينة لم تكن بمكة حتى تحضر وفاة خديجة ، مع أنّه ورد ذكر جعفر في خبر زفاف فاطمة عليها السلام في غير موضع من سيرة الزهراء عليها السلام ، فإذا كان قد وقع الإشتباه في أسماء فكيف وقع في جعفر ، على أنّه من الممكن الإشتباه في ذكر جعفر أيضاً كما وقع في ذكر أسماء ، فظنّ الراوي وجوده مع وجود زوجته أسماء .
واحتمل في كشف الغمة أن تكون التي شهدت الزفاف هي سلمى بنت عميس زوجة حمزة ، وأنّ بعض الرواة اشتبه بأسماء لشهرتها ، وتبعه الباقون ، وسلمى يمكن شهودها وفاة خديجة ، والله العالم .
وممّا لا يختلف فيه المؤرخون أنّ أسماء بنت عميس حضرت وفاة الزهراءسلام الله عليها ، وصنعت لها نعشاً ، وهو أوّل نعش صنع في الإسلام ، وحضرت تغسيلها أيضاً .
قال السيّد محسن الأمين : ومما يدلّ على اختصاص أسماء بأهل البيت عليهم السلام وشدّة حُبها لهم وللزهراء عليها السلام ، أنّها كانت موضع سرّها ومحلّ حوائجها ، فلمّا مرضت أرسلت خلفها وشكت

(144)

إليها أنّ المرأة إذا وضعت على سريرها تكون بارزة للناظرين لا يسترها إلاّ ثوب ، فذكرت لها أسماء النعش المغطّى الذي رأته بأرض الحبشة ، فاستحسنته الزهراء عليها السلام حتى ضحكت بعد أن لم تكن ضحكت بعد أبيها غير تلك المرّة ودعت لها .
وحضرت أسماء وفاتها وأعانت علياً عليه السلام على غسلها ، ولم تدع أحداً يدخل عليها من اُمهات المؤمنين ولا غيرهن سواها . فقد ذكر جماعة أنّ فاطمة الزهراء عليها السلام لما مرضت دعت اُم أيمن وأسماء بنت عميس وعلياً ، وفي رواية أنّ أسماء بنت عميس قالت للزهراء عليها السلام : إني كنت بأرض الحبشة رأيتهم يصنعون شيئاً فإن أعجبك أصنعه لك ، فدعت سريراً فأكبته لوجهه ، ثم دعت بجرائد فشدّتها إلى قوائمه وجعلت عليه نعشاً ، ثم جللته ثوباً ، فقالت فاطمة الزهراء عليها السلام : « اصنعي لي مثله ، استريني سترك الله من النار » .
وفي الاستيعاب : أنّ فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قالت لأسماء بنت عميس : « إنّي استقبحت ما يصنع بالنساء ، إنّه يطرح على المرأة الثوب فيصفها » .
فقالت أسماء : يا بنت رسول الله ألا اُريك شيئاً بأرض الحبشة ، فدعت بجرائد رطبة فحنتها ثم طرحت عليها ثوباً .
فقالت فاطمة : « ما أحسن هذا وأجمله ، تعرف به المرأة من الرجل » .
وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن علي بن الحسين ، عن ابن عباس قال : مرضت فاطمة مرضاً شديداً فقالت : « يا أسماء بنت عميس ألا ترين إلى ما بلغتُ ؟ ! اُحمل على السرير ظاهراً » .
فقالت أسماء : لعمري ، ولكن أصنع لكِ نعشاً كما رأيتُ يصنع بأرض الحبشة .
قالت : « فأرينيه » .
فأرست أسماء إلى جرائد رطبة وجعلت على السرير نعشاً ، وهو أوّل ما كان النعش ، قالت أسماء : فتبسّمت فاطمة وما رأيتها مبتسمة بعد أبيها إلاّ يومئذٍ .
وروى ابن عبدالبر في الاستيعاب : أنّ فاطمة عليها السلام قالت لأسماء بنت عميس : « إذا أنا مُتُ فغسليني أنت وعلي ولا تُدخلي عليّ أحداً » .

(145)

ومثله روى أبونعيم في الحلية ثم قال : فلما تُوفّيت غسّلها علي وأسماء .
وفي روضة الواعظين : أنّ فاطمة عليها السلام لما نُعيت إليها نفسها ، دعت اُم أيمن وأسماء بنت عميس ووجّهت خلف علي فأحضرته ـ إلى أن قال ـ فغسّلها علي عليه السلام في قميصها ، وأعانته على غسلها أسماء بنت عميس .
قال ابن عبدالبر في الاستيعاب : غسّلها علي بن أبي طالب مع أسماء بنت عميس .
وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن أسماء بنت عميس قالت : غسّلتُ أنا وعلي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . وكان علي هو الذي يباشر غسلها وأسماء تُعينه على ذلك ، وبهذا يرتفع استبعاد بعضهم أنّ تغسّلها أسماء مع علي وهي أجنبية عنه ؛ لأنّها كانت يومئذٍ زوجة أبي بكر .
وفي بعض الأخبار : أنّه أمر الحسن والحسين عليهما السلام يدخلان الماء ، ولم يحضرها غيره وغير الحسنين وزينب و اُم كلثوم وفضة جاريتها وأسماء بنت عميس .
قال ابن عبدالبر في الاستيعاب : فلما توفّيت جاءت عائشة تدخل ، فقالت أسماء : لا تدخلي ، فشكت إلى أبي بكر فقالت : إنّ هذه الخثعمية تحول بيننا وبين بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد جعلت لها مثل هودج العروس ، فجاء فوقف على الباب فقال : يا أسماء ما حملك على أن منعت أزواج النبيّ أن يدخلْنَ على بنت رسول الله ، وجعلتِ لها مثل الهودج .
فقالت : أمرتني أن لا يدخل عليها أحد ، وأريتها هذا الذي صنعتُ وهي حيّة ، فأمرتني أن أصنع لها ذلك .
قال أبوبكر : فاصنعي ما أمرتك ، ثم انصرف .
وفي بعض الروايات : أنّ أسماء كانت عندها حين وفاتها ، وأنّها أمرتها أن تأتي ببقية حنوط أبي ها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتضعه عند رأسها .

ما يدلّ على مكانتها :
فبالإضافة إلى ما مرّ من أحاديث ومواقف ، هناك أحاديث ووقائع اُخرى تدل على رفعة

(146)

منزلة هذه المرأة وعلوّ مكانتها في الإسلام ، نذكر منها :
روى الصدوق في الخصال ، باب الأخوات من أهل الجنة : حدّثنا أبي رضي الله عنه ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : سمعته يقول :
« رحم الله الأخوات من أهل الجنة ، فسمّاهن : أسماء بنت عميس الخثعمية وكانت تحت جعفر بن أبي طالب ، وسلمى بنت عميس الخثعمية وكانت تحت حمزة ، وخمس من بني هلال : ميمونة بنت الحارث كانت تحت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، و اُم الفضل عند العباس اسمها هند ، والغميصاء اُم خالد بن الوليد ، وعزّة كانت في ثقيف عند الحجّاج بن غلاّط ، وحميدة ولم يكن لها عقب » .
وفي الاستيعاب : كان عمر بن الخطاب يسألها عن تعبير المنام ، ونقل عنها أشياء من ذلك ومن غيره .
وروى ابن سعد في الطبقات الكبرى : أنّه لما قدمت أسماء من أرض الحبشة قال لها عمر : يا حبشية سبقناكم بالهجرة .
فقالت : إي لعمري لقد صدقتَ ، كُنتم مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يُطعم جائعكم ويعلّم جاهلكم ، وكنّا البعداء الطرداء ، أمّا والله لآتين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلأذكرن له ذلك .
فأتت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فذكرت له ذلك فقال : « للناس هجرة واحدة ، ولكم هجرتان » .
وفي رواية اُخرى لابن سعد أنّه صلّى الله عليه وسلّم قال : « كذب مَن يقول ذلك ، لكم الهجرة مرتين : هاجرتم إلى النجاشي ، وهاجرتم إليّ » .
وروى ابن سعد في الطبقات أيضاً عن أسماء أنها قالت : أصبحتُ في اليوم الذي اُصيب فيه جعفر وأصحابه ، فأتاني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولقد هنأت ـ يعني دبغت ـ أربعين إهاباً من ادم ، وعجنت عجينتي ، وأخذت بنيَّ فغسلت وجوههم ودهنتهم ، فدخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : « يا أسماء أين بنوجعفر ؟ » .
فجئت بهم إليه ، فضمّهم وشمّهم ، ثم ذرفت عيناه فبكى .
قفلت : يا رسول الله لعله بلغك عن جعفر شيء ؟

(147)

قال : « نعم ، قتل اليوم » ، فقمتُ أصيح ، فاجتمع إلي النساء ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : « يا أسماء لا تقولي هجراً ولا تضربي صدراً » ، ودخل على ابنته فاطمة وهي تقول : « واعمّاه » ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : « على مثل جعفر فلتبكِ الباكية » ، ثم قال : « اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد شُغلوا عن أنفسهم اليوم » .
وفي الاصابة : لمّا بلغها قتل ولدها محمّد بمصر ، قامت إلى مسجد بيتها وكظمت غيظها حتى شخبت ثدياها دماً .
وقال الكشي في رجاله : حدّثني محمّد بن قولويه والحسين بن الحسن بن بندار القمّيّان ، قالا : حدّثنا سعد بن عبدالله بن أبي خلف القمّيّ ، قال : حدّثني الحسن بن موسى الخشّاب ومحمّد بن عيسى بن عبيد ، عن علي بن أسباط ، عن عبدالله بن سنان ، قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : « كان مع أميرالمؤمنين عليه السلام من قريش خمسة نفر ، وكانت ثلاثة عشر قبيلة مع معاوية ، فأما الخمسة : محمّد بن أبي بكر رحمة الله عليه أتته النجابة من قبل أمه أسماء بنت عميس ، وكان معه هاشم بن عتبة بن أبي وقاص المرقال و . . . » .
وروي أيضاً عن محمّد بن مسعود قال : حدّثني علي بن محمّد القمّي ، قال : حدّثني أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن زحل عمر بن عبدالعزيز ، عن جميل بن درّاج ، عن حمزة بن محمّد الطيّار ، قال : ذكرنا محمّد بن أبي بكر عند أبي عبدالله عليه السلام ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : « رحمه الله ، وصلّى عليه ، قال لأميرالمؤمنين عليه السلام يوماً من الأيام : أبسط يدك اُبايعك .
فقال : أوما فعلت ؟
قال : بلى ، فبسط يده فقال : أشهد أنّك إمام مفترض الطاعة وأنّ أبي في النار . فقال أبوعبدالله عليه السلام : كان انجابه [ النجابة ] من قبل اُمه أسماء بنت عميس رحمة الله عليها ، لا من قبل أبيه » .
وفي إعلام الورى : وفي مسند الرضا عليه السلام : عن علي بن الحسين عليهما السلام ، قال : « حدّثني أسماء بنت عميس ، قالت : لمّا كان بعد الحول من مولد الحسن عليه السلام ولد الحسين عليه السلام ، فجاء النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فقال : يا أسماء هاتي ابني ، فدفعته إليه في خرقة بيضاء ، فأذّن في اُذنه اليمنى ، وأقام في

(148)

اليسرى ، ووضعه في حجره وبكى ، قالت أسماء : فداك أبي و اُمي ممّ بكاؤك ؟
قال : من ابني هذا .
فقلت : إنّه ولد الساعة .
قال : يا أسماء تقتله الفئة الباغية من بعدي ، لا أنالهم الله شفاعتي .
ثم قال : يا أسماء لا تخبرين فاطمة فإنّها حديث عهد بولادته ، ثم قال لعلي : أي شيء سمّيت ابني هذا ؟
قال : ما كنتُ لاسبقك بإسمه يا رسول الله ، وقد كنت أحب أن أسمّيه حرباً .
فقال رسول الله : ما كنتُ لأسبق باسمه ربي ، فأتاه جبرئيل فقال : الجبار يُقرئك السّلام ويقول : سمّه باسم ابن هارون .
فقال : ما اسم ابن هارون ؟
قال : شبير .
قال : لسان عربي .
قال : سمّه الحسين ، فسمّاه الحسين ، ثم عقّ عنه يوم سابعه بكبشين أملحين ، وحلق رأسه وتصدّق بوزن شعره ورقاً ، وطلا رأسه بالخلوق وقال : الدم فعل الجاهلية ، وأعطى القابلة فخذ كبش .

قبرها :
وفي معارف الرجال قال الشيخ حرز الدين : يُنسب لها مرقد في العراق بضواحي « الهاشميّة » على نهر « الجربوعية » بعد نهري « السفاح » و « القاسم » في أراضي قبيلة « الجوازرية » ، وقفنا عليه سنة 1315هـ بعد زيارتنا لمرقد القاسم ابن الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام ، فكان القبر المنسوب لها عليه قبة متوسطة الحجم والإرتفاع ، موشاة ببعض الحجارة الملوّنة بالقاشي الأزرق ، وكان عليها آثار القِدم ، وفي نفس الوقت كانت محكمة

(149)

البناء سميكة الجدران (1) .

30 أسماء الأنصاريّة
أسماء بنت يزيد بن السكن بن رافع بن امرىء القيس الأشهلية الأنصارية ، تكنّى بأم سلمة .
كانت غاية في الشجاعة وفصاحة اللسان ، وهي صحابيّة جليلة ، يُعبّر عنها بـ ( خطيبة النساء ) .
روت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عدداً من الأحاديث ، وروى عنها عدّة منهم : محمود بن محمّد ، وشهر بن حَوشب ، وإسحاق بن راشد .
وَفَدَتْ على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في جماعة من النساء ، فقالت :
بأبي أنت و اُمّي يا رسول الله ، أنا وافدة النساء إليكَ ، إنّ الله عزّوجلّ بعثك إلى الرجال والنساء كافّة ، فآمنّا بك وبآلهتك ، وإنّا معشر النساء محصورات مقصورات ، قواعد في بيوتكم ، ومقضى شهواتكم ، وحاملات أولادكم . وانّكم معشر الرجال فُضّلتم علينا بالجُمَعِ والجماعات ، وعيادة المرضى ، وشهود الجنائز ، والحجّ بعد الحجّ ، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله عزّوجلّ . وأنّ الرجل إذا خرج حاجّاً ، أو معتمراً ، أو مجاهداً حفظنا لكم أموالكم ، وغزلنا لكم أثوابكم ، وربّينا لكم أولادكم ، أفما نُشارككم هذا الأجر والخير ؟

فالتفتَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أصحابه فقال : « هل سَمعتم مقالةَ امرأةٍ أحسن سؤالاً عن دينها من هذه ؟ ! » .
فقالوا : بلى والله يا رسول الله .
____________
1 ـ مراقد المعارف 1 : 140 .

(150)

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « انصرفي يا أسماء ، وأعلِمي مَن ورائكِ من النساء أنّ حُسن تبعّل إحداكنّ لزوجها ، وطلبها لمرضاته ، واتّباعها لموافقته ، يعدل ما ذكرتِ للرجال » .
فانصرفتْ أسماء وهي تُهلّل وتُكبّر استبشاراً بما قال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (1) .

31 أسيري الأردكانيّة
أسيري بنت صدرالدين الأردكاني مؤلّف كتاب « مرصع الحواشي » ، وجدّة السيّد محمّد علي المدرّس اليزدي المعروف بـ« وامق » .
عالمة ، فاضلة ، أديبة ، شاعرة من شاعرات القرن الثاني عشر ، لها مهارة عالية في علم الطب ، وصاحبة خطّ جميل ، ولها شعر كثير باللغة الفارسيّة ، مذكور في كتب التراجم والسير (2) .

32 افتخار أمين
العلويّة افتخار بنت السيّد أحمد ابن السيّد محمّد تقي أمين التجّار الأصفهاني .
عالمة ، فاضلة ، مؤلّفة .
ولدت في أصفهان سنة 1332هـ ، ودرست العلوم الإسلامية على يد أفاضل عصرها ، وفي مقدّمتهم العالمة الفاضلة المجتهدة العلويّة أمينة الأصفهانية « نصرت أمين » ، حيث حضرت عندها كثيراً ، وتخرّجت عليها ، فعدّت من تلامذتها المقرّبين .
من مؤلّفاتها المطبوعة كتاب « چهل حديث أمين يا هشتصد وبيست موعظة » ، طبع أوّلاً في النجف الأشرف سنة 1386هـ ، وثانياً في أصفهان سنة 1398هـ .
مدحها وأثنى عليها العلاّمة الكبير آية الله السيّد علي الفاني رحمة الله عليه ، وذلك في تقريض كتابها ، حيث قال :
____________
1 ـ انظر الاصابة 4 : 234 ، الاستيعاب ( المطبوع بهامش الاصابة ) 4 : 238 .
2 ـ تأريخ تذكرههاى فارسى 2 | 2337 .

(151)

مع أنّ عدد النساء اللواتي وصلنَ إلى درجة عالية في كسب المعارف الإسلاميّة قليل ، فمنهنّ الفاضلة الكاملة السيّدة افتخار أمين ، التي بادرت إلى أخذ الكمالات النفسية عند الشريفة الحكيمة العالمة المفسّرة « السيّدة نصرت أمين » .

توفّيت في الخامس عشر من جمادى الاُولى سنة 1397هـ في أصفهان ، ودفنت في مقبرة عائلتها الواقعة في تخت فولاذ ، ورثاها وأبّنها بعض الشعراء ، منهم أخوها الحاج مهدي أمين (1) .

33 إفخيتة الفتلاويّة
إفخيتة بنت عبود الفتلاوي ، من عشيرة آل فتلة ، التي كانت تسكن منطقة الفرات الأوسط ، وبالخصوص منطقة الشاميّة في محافظة الديوانيّة .
شاعرة باللهجة العاميّة العراقيّة ، ومجاهدة ، شاركت في أحداث ثورة العشرين مشاركة فعّالة ، فكانت تارة تُضمّد الجرحى من أبناء عشيرتها ، وتارة اُخرى تُشجّع الرجال على القتال وتشحذ همهم بواسطة الشعر الحماسي التي كانت تنشده وسط الجموع الذاهبة لساحة المعركة ، بل ذهبت إلى أكثر من ذلك ، حيث حملت السلاح وأرادت التوجّه لقتال الأنگليز ، فمنعها أبناء عشيرتها .
وقد قدّمت هذه الشاعرة المجاهدة ولدها « اگريزي » كأوّل شهيد من هذه المنطقة ، ورثته بأبيات شعريّة ملؤها الحزن والأسى ممزوجاً بالفخر والاعتزاز ، منها :

يـا زور يللّي عـيب ينطـر * يـا لـيث لـو عبَّس اُوزمجـر
اشحدّه الوگف دونك غضنفر * ابذچرك ( اگريزي ) الگلب يستر

____________
1 ـ انظر : بيان سبل الهداية في ذكر أعقاب صاحب الهداية أو « تأريخ علمى واجتماعى أصفهان در دو قرن أخير » ، بانوى مجتهد ايرانى : 43 .

(152)

أوّل شهيد اللّي هو اُوخَـر * إبمثلك أهالي المجد تفخر (1)

34 اُم ابن ادريس
بنت شيخ الطائفة محمّد بن الحسن الطوسي المتوفّى سنة 460هـ .
قال الأفندي الأصفهاني في رياض العلماء في ترجمة بنت المسعود الورّام : لم أعلم اسمها ، جدّة ابن ادريس الحلّي من طرف اُمّه .
كانت فاضلة عالمة صالحة ، وقد مرّ في ترجمة ابن ادريس أنّ اُم ابن ادريس بنت الشيخ الطوسي ، و اُمّها بنت المسعود الورّام . وكانت اُم ابن ادريس فيها الفضل والصلاح ، وقد أجازها واُختها بعض العلماء . وحينئذٍ فبنت الشيخ الطوسي كانت فاضلة لابنت المسعود الورّام فلاحظ (2) .
وذكر السيّد محسن الأمين نصّ ما ورد في الرياض وأضاف قائلاً : لا مانع من أن تكون بنت المسعود فاضلة عالمة صالحة ، وبنت الشيخ الطوسي فيها الفضل والصلاح (3) .
ونقل هذا الكلام أيضاً الشيخ ذبيح الله المحلاتي في الرياحين (4) .
وفي موضع آخر من الرياض قال الأفندي الأصفهاني وتحت عنوان « بنتا الشيخ الطوسي » : قد كانتا فاضلتين عالمتين ، وكانت إحداهما اُم ابن ادريس كما سبق في ترجمته ، وقد أجازهما بعض العلماء ، ولعلّ المجيز أخوهما الشيخ أبوعلي ابن الشيخ الطوسي أو والدهما الشيخ الطوسي (5) .
واستشكل المحدّث النوري في مستدرك الوسائل على هذا بقوله : قولهم إنّ اُم ابن ادريس
____________
1 ـ معلومات ومشاهدات في الثورة العراقيّة الكبرى ( شاعرات في ثورة العشرين ) : 354 .
2 ـ رياض العلماء 5 : 407 .
3 ـ أعيان الشيعة 2 : 275 و 3 : 487 .
4 ـ رياحين الشريعة 4 : 224 .
5 ـ رياض العلماء 5 : 409 .

(153)

بنت شيخ الطائفة فإنّه في الغرابة بمكان يكاد يلحق بالمحال في العادة ، فإنّ وفاة الشيخ في سنة 460هـ ، وولادة ابن ادريس كما ذكروا في سنة 543هـ ، فبين الوفاة والولادة 83 سنة ، ولو كانت اُم ابن ادريس في وقت إجازة والدها لها في حدود سبعة عشر سنة مثلاً ، كانت بنت الشيخ ولدت ابن ادريس في سنة مائة سنة تقريباً ، وهذه من الخوارق التي لابدّ أن تكون في الإشتهار كالشمس في رابعة النهار (1) .

35 اُم أبي نصر
اُم أبي نصر هبة الله بن محمّد الكاتب .
جدّها ـ أبو اُمّها ـ أبوجعفر محمّد بن عثمان بن سعيد العمريّ .
عالمة ، فاضلة ، مُوثّقة ، مؤمنة ، راوية للحديث .
روى عنها ابنها أبونصر هبة الله بن محمّد الكاتب .
وروت هي عن اُم ها اُم كلثوم بنت أبي جعفر محمّد بن عثمان بن سعيد العمريّ ، كما في بعض أحاديث الغَيبة للشيخ الطوسي ، منها :
قالت : حدّثتني اُم كلثوم بنت أبي جعفر رضي الله عنه ، قالت :
كان أبوالقاسم الحسين بن روح رضي الله عنه وكيلاً لأبي جعفر رضي الله عنه سنين كثيرة ، ينظر له في أملاكه ويلقى بأسراره الرؤساء من الشيعة ، وكان خصّيصاً به حتى أنّه كان يحدّثه بما يجري بينه وبين جواريه ؛ لقربه منه وأنسه .
قالت : وكان يدفع إليه في كلّ شهر ثلاثين ديناراً رزقاً له ، غير ما يصل إليه من الوزراء والرؤساء من الشيعة مثل آل فرات وغيرهم ؛ لجاهه ولموضعه وجلالة محلّه عندهم ، فحصل في أنفس الشيعة محصلاً جليلاً لمعرفتهم باختصاص أبي إياه وتوثيقه عندهم ، ونشر فضله ودينه ، وما كان

____________
1 ـ مستدرك الوسائل 3 : 471 .

(154)

يحتمله من هذه الأمر ، فمهّدت له الحال في طول حياة أبي ، إلى أن انتهت الوصية إليه بالنصّ عليه ، فلم يختلف في أمره ، ولم يشكّ فيه أحد إلاّ جاهل بأمر أبي أوّلاً ، مع ما لستُ أعلم أنّ أحداً من الشيعة شكّ فيه .

قال الراوي : وقد سمعتُ هذا من غير واحد من بني نوبخت قدس سرهم ، مثل أبي الحسن بن كبرياء وغيره (1) .

36 اُم أبيها
اُم أبيها بنت عبدالله بن جعفر الطيّار بن أبي طالب .
من المحدّثات والراويات ، روت عن أبيها أحاديث كثيرة ، وروى عنها الحسن المثنى ، والحسن بن محمّد .
تزوّجت عبدالملك بن مروان في أيام ولايته على الشام ، ثم طلّقها فتزوّجها بعده علي ابن عبدالله بن العباس وماتت عنده (2) .

37 اُم أحمد
اُم أحمد بنت الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام .
راوية من راويات الحديث ، ورد اسمها في طريق عدّة روايات عن أهل البيت عليهم السلام ، مع بعض الاختلافات :
ففي الكافي روى الكليني عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن موسى ، عن اُمه و اُم أحمد بنت موسى قالتا :
كنا مع أبي الحسن عليه السلام بالبادية ونحن نُريد بغداد ، فقال لنا يوم الخميس :

____________
1 ـ رجال النجاشي : 440 ، رقم 1185 ، الغَيبة : 227 ، تنقيح المقال 3 : 290 ، أعيان الشيعة 3 : 488 ، رياحين الشريعة 3 : 257 .
2 ـ رياحين الشريعة 3 : 356 .

(155)

« اغتسلا اليوم لغدٍ يوم الجمعة ، فإنّ الماء بها غداً قليل » ، فاغتسلنا يوم الخميس ليوم الجمعة (1) .

وقال السيّد الخوئي رحمه الله معلّقاً عليها : هكذا وردت الرواية في الطبعة القديمة ، والمرآة على نسخةٍ ، وفي نسخةٍ اُخرى : و اُم أحمد بن موسى (2) .
ورواها الشيخ بسنده عن الحسين بن موسى بن جعفر ، عن اُمّه و اُم أحمد بن موسى بن جعفر عليه السلام (3) .
وقال السيّد الخوئي رحمه الله معلّقاً عليها أيضاً : كذا في هذه الطبعة ، لكن في الطبعة القديمة عن اُمّه و اُم أحمد بنت موسى بن جعفر ، وفي نسخةٍ منها : عن اُمّه و اُم أحمد ابني موسى بن جعفر ، وفي ثالثة : ( ابنتي ) بدل ( ابني ) ، والنسخة المخطوطة : اُمّه و اُم أحمد ابنة موسى بن جعفر عليه السلام (4) .
ورواها الصدوق في الفقيه ، إلاّ أن فيه : الحسن بن موسى بن جعفر . . . . . . (5) .
وفي الوافي والوسائل نقلاً عن الفقيه مثله ، وعن الكافي والتهذيب : الحسين في كليهما ، وبنت موسى في الوافي فقط ، وفي الوسائل نسختان (6) .
ثم انّ اُم أحمد هذه من أوصياء الامام موسى بن جعفر عليه السلام ، روى الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام : حدّثنا الحسين بن أحمد بن ادريس ، قال : حدّثنا أبي قال : حدّثنا محمّد بن أبي الصهبان ، عن عبدالله بن محمّد الحجال : أنّ ابراهيم بن عبدالله الجعفري حدّثه عن عدّة من أهل بيته :
____________
1 ـ الكافي 3 : 42 حديث 6 باب وجوب الغسل يوم الجمعة .
2 ـ معجم رجال الحديث 23 : 172 .
3 ـ التهذيب 1 : 365 حديث 1110 باب الأغسال وكيفية الغسل من الجنابة .
4 ـ معجم رجال الحديث 23 : 172 .
5 ـ الفقيه 1 : 61 حديث 227 باب غسل يوم الجمعة ودخول الحمام .
6 ـ الوافي 2 : 161 ، وسائل الشيعة 2 : 949 حديث 2 باب استحباب تقديم الغسل يوم الخميس عند خوف قلّة الماء يوم الجمعة .

(156)

إنّ أباابراهيم موسى بن جعفر عليهما السلام أشهد على وصيته : إسحاق بن جعفر بن محمّد ، وابراهيم بن محمّد الجعفري ، وجعفر بن صالح ، ومعاوية بن جعفر ، ويحيى بن الحسن بن زيد ، وسعد بن عمران الأنصاري ، ومحمّد بن الحارث الأنصاري ، ويزيد بن سليط الأنصاري ، ومحمّد بن الحارث الأنصاري ، ويزيد بن سليط الأنصاري ، ومحمّد بن جعفر الأسلمي ، بعد أن أشهدهم أنّه يشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله ، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها ، وأنّ الله يبعث مَن في القبور ، وأنّ البعث بعد الموت حقّ ، وأنّ الحساب حقّ ، والقصاص حقّ ، وأنّ الوقوف بين يدي الله عزّوجلّ حقّ ، وأنّ ما جاء به محمّد صلى الله عليه وآله وسلم حقّ حقّ حقّ ، وأنّ ما نزل به الروح الأمين حقّ ، على ذلك أحيى ، وعليه أموت ، وعليه اُبعث إن شاء الله .
أشهدهم أنّ هذه وصيّتي بخطي ، وقد نسختُ وصية جدي أمير المؤمنين عليه السلام ، ووصايا الحسن والحسين وعلي بن الحسين ، ووصية محمّد بن علي الباقر ، ووصية جعفر بن محمّد عليهم السلام قبل ذلك حرفاً بحرف ، وأوصيت بها إلى علي ابني وبني بعده معه إن شاء الله ، فإن آنس منهم رشداً وأحب اقرارهم فذاك له ، وإن كرههم وأحب أن يُخرجهم فذاك له ولا أمر لهم معه ، أوصيت إليه بصدقاتي وأموالي وصبياني الذي خلّفت وولدي ، وإلى ابراهيم والعباس واسماعيل وأحمد و اُم أحمد و . . . (1) .

وفي رياحين الشريعة : أنّها كانت امرأة عظيمة ، وكان الإمام الكاظم عليه السلام حين مسافرته إلى العراق قد وضع عندها ودائع الإمامة ومواريث الأنبياء التي كانت موضوعة في سلّة ، وقال لها : مَن طلب هذه الودائع والمواريث فهو الإمام بعدي ، واعلمي حينئذٍ انني قد فارقت
____________
1 ـ عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 : 33 باب نسخة وصية موسى بن جعفر عليهما السلام .

(157)

الدنيا .
قال العلاّمة المجلسي في جلاء العيون : عندما طلب الرضا عليه السلام هذه الودائع منها اشتد بكاؤها وعويلها ، فقالوا لها : ما بكِ ؟
قالت : اُقسم بالله انّه قد قضى نحبه سيّدي ومولاي ومؤنس قلبي موسى بن جعفر ، إنّه أعلمني بما يحدث (1) .

38 اُم اسحاق بنت سليمان
راوية للحديث ، روت عن الإمام الصادق عليه السلام ، روى عنها ابن ابنها محمّد بن العباس بن الوليد (2) .
ذكر الكليني في الكافي روايتها ، قال : محمّد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطّاب ، عن محمّد بن موسى ، عن محمّد بن العباس بن الوليد ، عن أبيه ، عن اُمّه اُم اسحاق بنت سليمان ، قالت : نظر إليَّ أبوعبدالله عليه السلام وأنا أرضع أحد إبنيَّ محمّد أو اسحاق فقال :
« يا اُم اسحاق لا ترضعيه من ثدي واحد ، وارضعيه من كليهما ، يكون أحدهما طعاماً والآخر شراباً » (3) .

ورواها الشيخ الطوسي في التهذيب أيضاً (4) .

39 اُم أسلم صاحبة الحصاة
صحابيّة جليلة ، موالية لأهل البيت عليهم السلام ، عمّرت حتّى أدركت الإمام زينالعابدين علي بن
____________
1 ـ رياحين الشريعة 3 : 358 . وانظر : جامع الرواة 2 : 455 ، تنقيح المقال 3 : 71 .
2 ـ جامع الرواة 2 : 455 ، تنقيح المقال ، 3 : 70 ، أعيان الشيعة 3 : 475 ، رياحين الشريعة 3 : 360 . معجم رجال الحديث 23 : 173 .
3 ـ الكافي 6 : 40 حديث 2 باب الرضاع ، كتاب العقيقة .
4 ـ التهذيب 6 : 108 حديث 366 باب الحكم في أولاد المطلقات من الرضاع .

(158)

الحسين عليهما السلام .
في تنقيح المقال نقلاً عن مدينة المعاجز عن محمّد بن يعقوب ، عن علي بن محمّد ، عن بعض أصحابنا ذكر اسمه قال : حدّثنا محمّد بن ابراهيم ، قال : أخبرنا موسى بن اسماعيل بن عبيدالله بن العباس بن علي بن أبي طالب عليه السلام ، قال : حدّثني جعفر بن زيد بن موسى ، عن أبي ه ، عن آبائه عليهم السلام قالوا :
« جاءت اُم أسلم إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وهو في منزل اُم سلمة ، فسألتها عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقالت ، خرج في بعض الحوائج والساعة يجيء ، فانتظرته عند اُم سلمة حتى جاء صلى الله عليه وآله وسلم .
فقالت اُم أسلم : بأبي أنت و اُمي يا رسول الله ، إنّي قد قرأتُ الكتب وعلمتُ أنّ لكلّ نبيّ وصي ، فموسى له وصي في حياته ووصيٌّ بعد موته ، وكذلك عيسى ، فمَن وصيك يا رسول الله ؟
فقال لها : يا اُم أسلم وصيي في حياتي وبعد مماتي واحد ، ثم قال : مَن فعل فعلي هذا فهو وصيي ، ثم ضرب بيده إلى حصاة في الأرض ففركها باصبعه فجعلها شبه الدقيق ثم عجنها ثم طبعها بخاتمه ، ثم قال : مَن فعل فعلي هذا فهو وَصيي في حياتي وبعد مماتي .
فخرجتُ من عنده فأتيتُ أميرالمؤمنين عليه السلام فقلت : بأبي أنت و اُمي وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟
قال : نعم يا اُم أسلم ، فضرب بيده إلى حصاة ففركها فجعلها كهيئة الدقيق ، ثم عجنها فختمها بخاتمه ، ثم قال : يا اُم أسلم مَن فعل فعلي هذا فهو وصيي .
فأتيتُ الحسن عليه السلام وهو غلام فقلت له : يا سيدي أنت وصي أبيك ؟
فقال : نعم يا اُم أسلم ، ثمّ ضرب بيده وأخذ حصاة ففعل بها كفعلهما .
فخرجتُ من عنده فأتيتُ الحسين عليه السلام وإنّي استصغره لسنّه فقلت : بأبي أنت و اُمّي أنت وصي أخيك ؟

(159)

فقال : نعم يا اُم أسلم ، آتيني بحصاة ، ثمّ فعل كفعلهم .
فعمّرت اُم أسلم حتى لحقت بعلي بن الحسين عليهما السلام بعد قتل الحسين عليه السلام في منصرفه فسألته : أنت وصي أبيك ؟
فقال : نعم ، ثم فعل كفعهم صلوات الله عليهم أجمعين » .

وأقول : أقل ما تفيده هذه الرواية كون اُم أسلم إماميّة ، حسنة الحال ، مورد عناية أهل بيت الرحمة صلوات الله عليهم أجمعين » (1) .

40 اُم الأسود الشيبانيّة
اُم الأسود بنت أعين بن سنسن الشيبانيّة ، اُخت زرارة .
عالمة ، فاضلة ، راوية للحديث ، وهي أوّل مَن عرف التشيّع من عائلتها آل أعين ، وصارت سبباً لتشيّعهم .
وآل أعين أكبر عائلة معروفة بتشيّعها ، كانوا في الكوفة ، أكثرهم رجالاً وأعياناً ، وأطولهم مدّة وزماناً ، أوّلهم أدرك السجاد عليه السلام ، وآخرهم عاش حتى أوائل الغيبة الكبرى ، وكان من بينهم العلماء والفقهاء والرواة والقرّاء والاُدباء ، ومن أشهرهم زرارة بن أعين وأربعة عشر نفر من أقربائه ذُكروا في كتب التراجم والسيّر (2) .
قال أبوغالب الزراري في رسالته إلى ابن ابنه محمّد بن عبيدالله بن أحمد عند ذكر أبناء أعين : ولهم اُخت يقال لها اُم الأسود ، ويقال إنّها أوّل مَن عرف هذا الأمر ـ التشيّع ـ منهم من جهة أبي خالد الكابلي (3) .
وقال الشهيد الثاني زين الدين العاملي قدس سره في الدراية : ومثال الثمانية : زرارة ، وبكير ،
____________
1 ـ تنقيح المقال 3 : 70 ، وانظر بحار الأنوار 25 : 185 ـ 190 .
2 ـ انظر : منهج المقال : 400 ، نقد الرجال : 412 ، جامع الرواة 2 : 455 ، رجال أبوعلي الحائري : 368 ، تنقيح المقال 3 : 70 ، رياحين الشريعة 3 : 357 ، أعيان الشيعة 3 : 475 ، معجم رجال الحديث 23 : 174 .
3 ـ رسالة أبوغالب الزراري مع شرحها للسيّد محمّد علي الموحد الأبطحي : 21 .

(160)

وحمران ، وعبدالله ، وعبدالرحمان ، ومالك ، وقعنب ، وعبدالله بنوأعين من رواة الصادق عليه السلام ، وفي بعض الطرق : نجم بن أعين فيكون من أمثلة التسعة ، ولو اُضيف اليهم اُختهم اُم الأسود صاروا عشرة (1) .
ومن هذا يُعلم أنّها من العلماء والرواة مع أخوتها ، وأنّها تروي عن الإمام الصادق عليه السلام .
وقال العلاّمة الحلّي رحمه الله في الخلاصة : اُم الأسود بنت أعين ، عارفة ، قاله علي بن أحمد العقيقي ، وهي التي أغمضت زرارة (2) .

41 اُم أنس بن مالك
صحابية جليلة ، وراوية من راويات الحديث ، روت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وروت عنها اُم سليمان (3) .
أخرج لها الشيخ الطوسي رحمه الله في التهذيب رواية ، قال : عن محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن محمّد بن يحيى المعاذي ، عن محمّد بن عبدالحميد ، عن محمّد بن حفص ، عن حفص بن غياث ، عن ليث بن عبدالملك ، عن أبي بشير ، عن حفصة بنت سيرين ، عن اُم سليمان ، عن اُم أنس بن مالك : أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال :
« إذا توفّيت المرأة فأرادوا أن يغسّلوها فليبدأوا ببطنها فلتمسح مسحاً رفيقاً إن لم تكن حُبلى ، فإن كانت حُبلى فلا تحرّكيها ، فإذا أردتِ غسلها فابدَأي بسفليها فألقي على عورتها ثوباً ، ثم خذي كرسفة فاغسليها فأحسني غسلها ، ثمّ أدخلي يدكِ تحت الثوب فامسحيها بكرسف ثلاث مرّات ، وأحسني مسحها قبل أن توضّئيها ، ثم وضّئيها بماء فيه سدر » (4) .

____________
1 ـ الدراية : 137 .
2 ـ الخلاصة : 191 .
3 ـ معجم رجال الحديث 23 : 174 .
4 ـ التهذيب 1 : 302 حديث 880 .

شاهد أيضاً

آداب الأسرة في الإسلام

رابعاً : حقوق الأبناء : للأبناء حقوق علىٰ الوالدين ، وقد لخّصها الإمام علي بن ...