الرئيسية / بحوث اسلامية / أضواء على عقائد الشيعة الإمامية وتاريخهم 6

أضواء على عقائد الشيعة الإمامية وتاريخهم 6

في الختام نورد ما ذكره محمد كرد علي في كتابه ” خطط الشام ” قال : عرف
جماعة من كبار الصحابة بموالاة علي في عصر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مثل سلمان الفارسي
القائل : بايعنا رسول الله على النصح للمسلمين والائتمام بعلي بن أبي طالب والموالاة
له .
ومثل أبي سعيد الخدري الذي يقول : أمر الناس بخمس فعملوا بأربع وتركوا
واحدة ، ولما سئل عن الأربع ، قال : الصلاة ، والزكاة ، وصوم شهر رمضان ،
والحج .
قيل : فما الواحدة التي تركوها ؟
قال : ولاية علي بن أبي طالب .
قيل له : وإنها لمفروضة معهن ؟
قال : نعم هي مفروضة معهن .
ومثل أبي ذر الغفاري ، وعمار بن ياسر ، وحذيفة بن اليمان ، وذي الشهادتين
خزيمة بن ثابت ، وأبي أيوب الأنصاري ، وخالد بن سعيد ، وقيس بن سعد بن
عبادة ( 1 ) .
الكتب المؤلفة حول رواد التشيع :
إن لفيفا من علماء الإمامية ومفكريها قاموا بإفراد العديد من المؤلفات القيمة
والتي تناولت في متونها بالشرح والتفصيل ما يتعلق برواد التشيع الأوائل ودورهم
في تثبيت الأركان العقائدية للفكر الإسلامي الناصع ، نذكر في هذا المقام ما وقفنا
عليه :
1 – صدر الدين السيد علي المدني الحسيني الشيرازي ، صاحب كتاب سلافة
العصر في محاسن الشعراء بكل مصر ، وأنوار الربيع في علم البديع ، وطراز اللغة ،
توفي عام ( 1120 ه‍ ) أفرد تأليفا في ذلك المجال أسماه ب‍ ” الدرجات الرفيعة في
طبقات الشيعة الإمامية ” خص الطبقة الأولى بالصحابة الشيعة ، وخصص الباب
الأول لبني هاشم من الصحابة ، والباب الثاني في غيرهم منهم . وقام في الباب
الأول بترجمة ( 23 ) صحابيا من بني هاشم لم يفارقوا عليا قط ، كما قام في الباب
الثاني بترجمة ( 46 ) صحابيا ( 2 ) .
2 – ذكر الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء في كتابه ” أصل الشيعة
وأصولها ” أسماء جماعة من الصحابة الذين كانوا يشايعون عليا في حله وترحاله
وقال – معلقا على قول أحمد أمين الكاتب المصري : ” والحق أن التشيع كان مأوى
يرجع إليه كل من أراد هدم الإسلام ” – :
ونحن لولا محافظتنا على مياه الصفاء أن لا تتعكر ، ونيران البغضاء أن لا
تتسعر ، وأن تنطبق علينا حكمة القائل : ” لا تنه عن خلق وتأتي مثله ” لعرفناه من
الذي يريد هدم قواعد الإسلام بمعاول الإلحاد والزندقة ، ومن الذي يسعى لتمزيق
وحدة المسلمين بعوامل التقطيع والتفرقة ، ولكنا نريد أن نسأل ذلك الكاتب : أي
طبقة من طبقات الشيعة أرادت هدم الإسلام ؟ هل الطبقة الأولى وهم أعيان
صحابة النبي وأبرارهم كسلمان المحمدي أو الفارسي ، وأبي ذر ، والمقداد ، وعمار ،
وخزيمة ذي الشهادتين ، وابن التيهان ، وحذيفة ابن اليمان ، والزبير ، والفضل بن
العباس ، وأخيه الحبر عبد الله ، وهاشم بن عتبة المرقال ، وأبي أيوب الأنصاري ،
وأبان وأخيه خالد بن سعيد بن العاص ، وأبي بن كعب سيد القراء ، وأنس بن
الحرث بن نبيه ، الذي سمع النبي يقول : ” إن ابني الحسين يقتل في أرض يقال لها
كربلاء ، فمن شهد ذلك منكم فلينصره ” فخرج أنس وقتل مع الحسين راجع
الإصابة والاستيعاب وهما من أوثق ما ألف علماء السنة في تراجم الصحابة ، ولو
أردت أن أعد عليك الشيعة من الصحابة وإثبات تشيعهم من نفس كتب السنة
لأحوجني ذلك إلى إفراد كتاب ضخم ( 1 ) .
3 – كما أن الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين ( 1290 – 1377 ه‍ ) قام
بجمع أسماء الشيعة في الصحابة حسب حروف الهجاء ، وقال : وإليك – إكمالا
للبحث – بعض ما يحضرني من أسماء الشيعة من أصحاب رسول الله لتعلم أن بهم
اقتدينا ، وبهديهم اهتدينا ، وسأفرد لهم – إن وفق الله – كتابا يوضح للناس تشيعهم ،
ويحتوي على تفاصيل شؤونهم ، ولعل بعض أهل النشاط من حملة العلم وسدنة
الحقيقة يسبقني إلى تأليف ذلك الكتاب ، فيكون لي الشرف إذ خدمته بذكر أسماء
بعضهم في هذا الباب وهي على ترتيب حروف الهجاء .
ثم ابتدأ بأبي رافع القبطي مولى رسول الله ، وختمهم بيزيد بن حوثرة
الأنصاري ، ولم يشر إلى شئ من حياتهم ، وإنما ألقى ذلك على الأمل أو على من
يسبقه من بعض أهل النشاط .
إلا أنه رحمه الله ذكر ما يربو على المائتين من أسمائهم ( 1 ) .
4 – قام الخطيب المصقع الدكتور الشيخ أحمد الوائلي ” حفظه الله ” بذكر أسماء
رواد التشيع في عصر الرسول في كتابه ” هوية التشيع ” فجاء بأسماء مائة وثلاثين
من خلص أصحاب الإمام من الصحابة الكرام ، وقال بعد ذكره لتنويه النبي
باستخلاف علي في غير واحد من المواقف :
ولا يمكن أن تمر هذه المواقف والكثير الكثير من أمثالها من دون أن تشد
الناس لعلي ، ودون أن تدفعهم للتعرف على هذا الإنسان الذي هو وصي النبي ، ثم
لا بد للمسلمين من إطاعة الأوامر التي وردت في النصوص ، والالتفاف حول من
وردت فيه . ذلك معنى التشيع الذي نقول إن النبي ( صلى الله عليه وآله ) هو الذي بذر بذرته ، وقد
أينعت في حياته ، وعرف جماعة بالتشيع لعلي والالتفاف حوله ، وللتدليل على ذلك
سأذكر لك أسماء الرعيل الأول من الصحابة الذين عرفوا بتشيعهم للإمام علي ( 2 ) .
5 – آخرهم وليس أخيرهم كاتب هذه السطور حيث قام مجيبا دعوة السيد
شرف الدين فألف كتابا باسم ” الشخصيات الإسلامية ” في ذلك المجال في عدة
أجزاء ، طبع منه جزءان ، وانتهينا في الجزء الثاني إلى ترجمة أبي ذر ( جندب بن
جنادة ) ذلك الصحابي العظيم ، والكتاب باللغة الفارسية ، ونقله إلى العربية الشيخ
المحقق البارع جعفر الهادي وطبع ونشر .
وأخيرا فإن من أراد أن يقف بشكل جلي على رواد التشيع في كتب الرجال
لأهل السنة فإن هذا الأمر ليس بمتعسر ولا بممتنع ، والتي يمكننا الإشارة إلى البعض
منها أمثال :
1 – الإستيعاب لابن عبد البر ( ت 456 ه‍ ) .
2 – أسد الغابة للجزري ( ت 606 ه‍ ) .
3 – الإصابة لابن حجر ( ت 852 ه‍ ) .
وغير ذلك من أمهات كتب الرجال المعروفة .
الشيعة في العصرين : الأموي والعباسي
الشيعة في العصرين : الأموي والعباسي
لا نأتي بجديد إذا ذهبنا إلى القول بأن الهجمة الشرسة التي كانت تستهدف
استئصال الشيعة والقضاء عليهم قد أخذت أبعادا خطيرة ودامية أبان الحكمين
الأموي والعباسي ، فما أن لبى الإمام دعوة ربه في ليلة الحادي والعشرين من
رمضان على يد أشقى الأولين والآخرين ، شقيق عاقر ناقة ثمود ، وهو يصلي في
محراب عبادته ، حتى شرع أعداء الإمام وخصوم التشيع إلى التعرض الصريح
بالقتل والتشريد لأنصار هذا المذهب والمنتسبين إليه ، وإذا كان استشهاد الإمام
علي يؤلف في حد ذاته ضربة قاصمة في هيكلية البناء الإسلامي ، إلا أن هذا لم يمنع
البعض ممن وقفوا موقفا باطلا ومنحرفا من الإمام علي في حياته من التعبير عن
سرورهم من هذا الأمر الجلل ، كما نقل ذلك ابن الأثير عن عائشة زوجة
رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حيث قالت عندما وصلها النبأ :
فألقت عصاها واستقر بها النوى * كما قر عينا بالإياب المسافر
ثم قالت : من قتله ، فقيل : رجل من مراد ، فقالت :
فإن يك نائيا فلقد نعاه * نعي ليس في فيه التراب
فقالت زينب بنت أبي سلمة : أتقولين هذا لعلي ؟ فقالت : إني أنسى ، فإذا
نسيت فذكروني . . . ! ! ( 1 ) .

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...