ألقى نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم كلمة في احتفال تكريم لمجلة “مرايا” في قاعة الجنان، استهلها “بشكر رئيس تحرير مجلة “مرايا” أبو دية على الجهود الكبيرة التي بذلها من خلال المجلة عموما وبإصدار العدد الأخير “انتصار المحور”.
وقال: “الحقيقة لفتني بسبب معرفتي الأخ فادي والنشاط الذي يبذله، وأن من يرى عدد المجلة يظن أن مؤسسة ضخمة تقبع وراءها، لكن هناك جهودا مكثفة كبيرة لا تزيد عن عدد قليل من الأفراد أنجزت هذا المستوى وهذه السعة على امتداد بلدان المحور، متابعا “نهنئ أنفسنا بهذا الجهد الكبير، وقد أحسن أن مراياه عكست الانتصار، وهنا كل الخير والمباركة لمن أشغل مراياه ليعكس الانتصار لأننا في حاجة الى أن نتظلل جميعا دائما تحت راية الانتصار”.
وأضاف: “وجدت أن إجراء تسلسل موضوعي للأحداث التي جرت وصولا إلى الانتصار قد يكون مفيدا في رسم الصورة التي نحن عليها الآن.
أولا: أزمات كثيرة عصفت في منطقتنا وأبرزها أزمتان كبيرتان: الهيمنة الأميركية، والاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.
أميركا سيطرت على العالم وفق مصالحها ونهب الثروات وإثارة الحروب وصادرت استقلال الدول وأنجزت منظومة ثقافية غربية ضد الثقافات والأديان وخصوصيات البلدان المختلفة في منطقتنا، وخاضت حروبا ناعمة وحروبا صلبة ولم تبق شيئا من أحابيل الشيطان إلا واستخدمتها، ولذا لأختصر الكلام: نحن كنا أمام مواجهة مع الشيطان الأكبر.
وأما إسرائيل: فاحتلت فلسطين وتوسعت في احتلالها، وطاولت دولا عربية عدة، وطموحها أن تصل جغرافيا من الفرات إلى النيل، وأن تصل سياسيا إلى كل بلد في هذا العالم، لكن التحديات والمقاومة وما جرى من جهاد عظيم للشعب الفلسطيني ومن معه، أدى إلى هذه الحلول التي وصلت إليها حتى الآن. إن سيرة إسرائيل هي سيرة متواصلة من الحروب والجرائم، فلو أردت أن تؤرخ لإسرائيل فستجد نفسك أمام تعداد للقتل والجرائم ولا شيء آخر، ومن خلال هذا الوجود تريد أن تهيمن على منطقتنا، وهنا أيضا لأختصر المسافة هي الشيطان الأصغر”.
وتابع: “أمام هاتين الأزمتين تشكل محور المقاومة من دون أن يغرق في تفاصيل إدارية وتنظيمية، المسار شكله، المطالب شكلته، الخصوصيات التي ألمت بمناطقنا هي التي ألفت وجمعت وخططت فوجدنا أنفسنا في المحور الواحد.
هذا المحور واجه تحديا استثنائيا خلال السنوات السبع السابقة، وهو الإرهاب التكفيري انطلاقا من سوريا، الإرهاب التكفيري هو وليد أميركا، بإنشائه في أفغانستان، ومتابعته في كل مراحله، وتمويل خليجي سعودي من اللحظة الأولى إلى الآن، وباستثمار إسرائيلي مباشر بالرعاية والمتابعة والمعالجة.
كانوا يريدون من خلال استخدام الإرهاب التكفيري أن يغيروا خارطة المنطقة ضمن رؤية الشرق الأوسط الجديد لتكون ملحقا هشا وضعيفا وتابعا للهيمنة الأميركية والإسرائيلية، وهنا في مقابله تشكل محور المواجهة مع الإرهاب التكفيري بشكل تدريجي وعملي بحكم تقاطع الاقتناعات والمصالح، وركيزته محور المقاومة”.
وقال: “هنا نستطيع أن نقول بالفم الملآن إن محور المقاومة انتصر، انتصر في أخطر مواجهة، لو خسرها لكانت الخسارة مدوية، ولكن الانتصار حصل فأنتج ربحا وإنجازا عظيمين، كل خططهم وتوقعاتهم فشلت وكانوا يتوقعون أن يسيطروا على سوريا خلال أشهر ثلاثة، مددوها لأشهر ثلاثة أخرى، لكن هذا التمديد لم ينجح ولم تسقط سوريا، بل صمدت ووقفت واستطاعت أن تسجل أمام العالم أن سوريا المقاومة لا يمكن أن تهزم بكهذا قائد، وهكذا جيش، وهكذا شعب، وهكذا حلفاء”.
وأضاف: “استقدموا التكفيريين من 80 دولة في العالم، وبدل أن تكون سوريا قاعدة لهم أصبحت مقبرة لهم، وهنا لم ينعكس الفشل على من جاء إلى سوريا في سوريا فقط بل تأثر الاقتصاد السعودي ومني بانتكاسات خطيرة، وتخلف موقع السعودية في العالم الإسلامي، وتراجع كثيرا إلى الوراء، وراهنت إسرائيل على استنزاف المقاومة ومحور المقاومة في سوريا، لكن أحلامهم لم تتحقق، وكانت تريد تعطيل القوة الصاروخية في سوريا ولكن هذا التعطيل ذهب أدراج الرياح، أما أميركا فلم تعد قادرة على أن تمسك قواعد اللعبة على الأرض، ولذا هي تلجأ الى التسويف والمماطلة ورفض الحلول السياسية، لأنها لن تحصل على ما تريد في المنطقة حاليا”.
وتابع: “هنا نسجل أنه في أثناء هذه المعركة وهذا المسار، صمد الشعب الفلسطيني صمودا عظيما بارعا استطاع من خلاله أن يوقف صفقة القرن، وأن يقول للعالم إن فلسطين لا بد أن تسير في طريق النصر، كما انتصر محور المقاومة في لبنان والعراق وسوريا، وإن تأجل النصر النهائي لكن مسار المقاومين هو مسار نصر من خلال محورهم إن شاء الله.
وحيا قاسم “الصمود الأسطوري الذي سطره الشعب اليمني البطل والشجاع، والذي لا بد ان ينتصر كما نرى وكما تسجل الحقائق التاريخية، لأنه، في الواقع، شعب شجاع ومضح”، واصفا ما يجري فيه بانه “إجرام بحت لا علاقة له لا بالسياسة ولا بالمستقبل، ولا بالإسلام ولا بالأخلاق، له علاقة بالإجرام”…”.
وقال: “انتصر المحور فاستعادت سوريا معظم أراضيها، وبقيت دعامة صلبة في محور المقاومة، وأثبت شعبها وجيشها وقيادتها جدارتهم، أثبتت إيران أنها نصيرة للمستضعفين والمقاومين وتحرير فلسطين، ونجحت أن تكون مع سوريا في أخطر مراحل الأزمة، وساهمت في صمودها الكبير ونجاحها، كل ذلك بتوجيهات الإمام القائد خامنئي الذي رأى ببصيرته أن سوريا يجب أن تبقى، وأن تنتصر، وساهم شعب إيران وحرسها الثوري في هذه المعركة البطولية وسجلوا المفاخر الكثيرة”.
وقال: “لقد تمكنت روسيا من هز شباك الهيمنة الأميركية وتفردها، وبدأ يتبلور موقعها المهم والضروري في النظام العالمي الجديد، ونحن مع كسر هذه الهيمنة لأنها تحدث التوازن المطلوب الذي يؤدي إلى خيارات الشعوب.
ونجح العراق بحشده وجيشه وشعبه ومرجعيته في أن يبدد دولة التكفيريين، فحرر وساهم في إنقاذ المنطقة فكان حقا لؤلؤة مع اللآلئ التي انتصرت ونجحت في منطقتنا”.
وأضاف: “أما “حزب الله”، فهو الذي دق ناقوس الخطر من اليوم الأول في سوريا، وقال إن ما يجري في سوريا هو محاولة تدمير للمقاومة من الموقع السوري لإيجاد سوريا الإسرائيلية بحسب توجهات من ضغط وعمل ودعم التكفيريين في سوريا، وقالوا لنا: أنتم تبالغون، ولكناأصررنا لأننا نملك المعلومات والمعطيات، ولأن الوقائع على الأرض تدل على ذلك. ما يجري في سوريا ليس مطالب إصلاحية بل عملية مخططة ومنظمة لضرب سوريا المقاومة، ونقلها إلى المحور الإسرائيلي تمهيدا لضرب باقي مفاصل محور المقاومة، يعني هو مشروع له خطوات.
لو لم يقاتل “حزب الله” في سوريا لقاتلنا التكفيريون في كل مناطق لبنان، ولأقاموا إماراتهم، وعلى كل حال عرسال وجرودها شاهد على ذلك.
“حزب الله” أنقذ لبنان من تداعيات الأزمة السورية بسد أبواب المعركة من أن تنتقل إليه، وهنا نحيي شهداء “حزب الله” وشهداء الجيش اللبناني، وكل الذين قاوموا واستطاعوا أن ينجزوا التحرير الكبير في شرق لبنان في مواجهة والتكفيريين.
نجاح المحور نجاح للبنان، فخيارات المحور الآخر خيارات إسرائيلية ضد فلسطين والفلسطينيين، وهو يبلور خياراته السياسية علنا. لقد رأينا السعودية وبعض دول الخليج كيف تطبع مع الكيان الصهيوني.
وشدد على أن وجود “حزب الله” في سوريا يصب في صلب مشروعه المقاوم للاحتلال الإسرائيلي وأدواته، وهو ليس محل مناقشة مع أحد، وهو بالتنسيق الكامل مع الدولة السورية، وترعاه أهداف مشتركة واحدة، وهو مستمر باستمرار الحاجة إليه وتحقيق الأهداف المرسومة”.
وتابع: “ثلاث ثوابت يعمل عليها “حزب الله”: التحرير والاستقلال والحماية. تحرير الأرض من المحتل، واستقلال لبنان عن التبعية، وحمايته من العدوان إسرائيليا كان أو غير ذلك، وهذا ما يستلزم وجود مقاومة قوية وجاهزة وشجاعة، ونحن واثقون أن النصر من عند الله تعالى: ” والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين”.
وقال: “لا تعنينا مسرحية نتنياهو الإعلامية العاجزة ولا تهديداته، نحن معنيون بجهوزنا الكامل والفعلي لمواجهة العدوان الإسرائيلي لو حصل، ومع استبعادنا له، فهو لا يؤثر أبدا على عملنا الدؤوب للتنامي اليومي لقدرتنا وسلاحنا وجهوزنا، لقد خطونا خط المقاومة على طريق الانتصار، وهذا الخط مفتوح إلى آخر الانتصارات إن شاء الله”.
وأكد اننا “حرصاء على وحدة البلد، وتشكيل حكومة وطنية في أسرع وقت، ونتعاون من خلال القوانين والنظام العام لينتظم البلد أكثر ونواجه الفساد. كل ذلك في إطار متلازم مع مقاومة قوية محاطة بثلاثي الجيش والشعب والمقاومة”.
وأضاف: “أثبتت التجارب أن مصلحة لبنان أن يكون قويا، ولا نقبل بأن يكون ضعيفا تحت أي مسمى من المسميات، أقلعوا عن دروس الوطنية النظرية، وتعلموا دروسها بالجهاد والشهادة، فلبنان القوي هو الذي يستطيع أن يصمد، ولا تخشوا الضغوط الخارجية، فهم مضطرون أن يتعاملوا مع لبنان كما يريده اللبنانيون لا كما يريدونه هم، ولا خيار لهم إلا أن يعطلوا، والتعطيل كائنا ما كان سيكون موقتا، لكن إرادة اللبنانيين ستنتصر، فكما انتصرت في مواقع عدة ستنتصر دائما إن شاء الله.
راجعوا محطات الانتصار المختلفة، كل واحدة منها سبقها ما ينذر بالخطر والانهيار، والأبواق الإعلامية والسياسية التي تثبط العزائم والتهديدات الأجنبية التي تبدأ ولا تنتهي، وكنا في الميدان نقاتل والسهام تنطلق من وراء ظهورنا تحت عنوان: أنكم لا تستطيعون! نقول لهم: دعونا لنرى كيف نصل، هم لا يقاتلون ولا يدعوننا نقاتل، لكننا توكلنا على الله واستمررنا، فماذا كانت النتيجة؟ النصر تلو النصر، هذا دليل على صحة الرؤية التي اخترناها، وبعد كل انتصار تنفتح آفاق أفضل، لاحظوا كيف أصبح لبنان بعد تحرير عام 2000، وكيف أصبح لبنان بعد تحرير عام 2006، وكيف أصبح بعد تحرير 2017. إن انتصار محور المقاومة هو انتصار للبنان وخياراته المستقلة والمقاومة، وليعلم العالم نحن صامدون ومستمرون وواثقون بالنصر “وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم”.