المرأة والأسرة
14 أبريل,2020
صوتي ومرئي متنوع, طرائف الحكم
610 زيارة
ضرورة التقدّم العلميّ
الكيفية مهمّة للغاية. وأنا أرى أيضاً أنّ طالباتنا في المرحلة الجامعية يجب أن يعملن ويدرسن ويطالعن، إذ بدون المشقّة والعمل لا تتحقّق الغاية المرجوّة، وإنّما يتخرّج من الجامعة حفنة من أنصاف المتعلّمين ـ سواء من الذكور أم من الاناث ـ ولكن في الوقت ذاته هناك حقيقة أخرى، وهي أنّ دخول الشباب إلى الجامعة ـ وخاصة دخول الفتيات في أيامنا هذه إلى الجامعة ـ يعدّ بحدّ ذاته شيئاً ايجابياً، وذلك لأنّ الجامعة تمثّل بالنتيجة مكاناً للدرس والمطالعة والثقافة والوعي.
صحيح أنّ المرء خارج الجامعة قد يطالع ويقرأ في الكتب ويتعلّم ويصبح فاضلاً، إلا أنّ هذه الحالة نادراً ما تحدث.
ومن الطبيعيّ أنّ النساء في الجامعات ـ وأكثر ما ينطبق هذا الوصف على النساء ـ تتفتّح أذهانهنّ وتزدهر طاقاتهنّ ويصبحن أكثر جرأة على تناول المواضيع العلمية. كما وينطبق هذا الوصف على الذكور أيضاً ولا يقتصر على الإناث وحدهنّ.
ولهذا السبب كان دخول الجامعة بحدّ ذاته حالة مطلوبة، وكانت للكم والعدد أهمية خاصة لفترة من الزمن، حتّى أصبح عدد الطلبة في بلدنا لا يُستهان به. وهذه طبعاً ظاهرة إيجابية. وفي الوقت الحاضر أيضاً إذا تحوّلنا إلى شعار المناداة بتحسين الكيفية يجب أن لا نهمل الكمية إهمالاً تامّاً. حتّى وإن كنّا في وقت ما أعطينا الأهمّية للكميّة دون الكيفيّة ـ على حدّ تعبيركم ـ فأنا لا أؤيّد إهمال الكميّة، بل أميل إلى ان تصبح الجامعات أكثر سعة وتستوعب أكبر عدد من الطلبة، طبعاً بالحدّ الذي يتوفّر فيه الأساتذة والأجواء التعليمية والمختبرات وما شابه ذلك[1].
المرأة والعمل
مشروعيّة عمل المرأة
الإسلام يؤيّد عمل المرأة، بل لعلّه يعتبره لازماً عندما لا يزاحم عملها الأساس، والذي هو أمّ أعمالها، أي تربية الأولاد والمحافظة على الأسرة. ولا يمكن للبلد أن يستغني عن طاقة العمل عند النساء في المجالات المختلفة. ولكنّ هذا العمل يجب أن لا يتنافى مع كرامة المرأة وقيمتها المعنوية والإنسانية.. المعجزة العظيمة التي تصنعها المرأة المسلمة عندما تعود الى فطرتها وأصلها، كما حصل في الثورة والنظام الإسلاميّ، ولله الحمد[2].
بالتأكيد نحن لا نخالف عمل المرأة، أنا العبد لله، لا أعارض عمل النساء ولا إدارتهنّ، طالما لم تتعارض وتتنافَ مع المسائل الأصليّة[3]، إذا تعارضت فالمسائل الأساسيّة مقدّمة[4].
شروط عمل المرأة
من جملة المسائل التي تُطرح، مسألة عمل السيّدات. إنّ عمل السيّدات هو من جملة الأدوار التي نوافق عليها. إنّني موافق على أنواع المشاركة، سواء كان من نوع العمل الاقتصاديّ أو من نوع العمل السياسيّ والاجتماعيّ والأنشطة الخيرية وأمثالها، فهي جيدة أيضاً. النساء نصف المجتمع، وأمر جيّد جداً أن نتمكّن من الاستفادة من نصف المجتمع هذا في المجالات المتنوّعة. ولكن خلاصة القول: إنّ هناك أصولاً ينبغي رعايتها وعدم تجاهلها.
1- أن لا يتنافى (عمل المرأة) مع كرامة المرأة وقيمتها الإنسانية والمعنوية:
هذا العمل يجب أن لا يتنافى مع كرامة المرأة وقيمتها المعنوية والإنسانية. ويجب أن لا يذلّوا المرأة ولا يدفعوها إلى التواضع والخضوع، فالتكبّر مذموم من جميع الناس إلاّ من النساء أمام الأجانب. فيجب أن تكون المرأة متكبّرة أمام الرجل الأجنبيّ (فلا تخضعن بالقول). وهذا من أجل المحافظة على كرامة المرأة، والإسلام يريد هذا.
2- أن لا يؤثّر عمل المرأة على الدور الأُسريّ:
أن لا يلقي هذا العمل بظلاله على العمل الأساس – والذي هو الدور الأسري والعلاقة الزوجية والأمومة والتدبير المنزليّ – وهذا أمر ممكن.
أعتقد أن لدينا نماذجَ من سيّدات كنّ يقمن بهذا، ولا شكّ بأنهنّ واجهن بعض الصعوبات، درسن وكذلك درَّسن، أنجزن أعمال البيت، أنجبن أطفالاً، قمنَ بتربيتهم والاهتمام بهم. فإذن نحن موافقون على العمل والمشاركة، على ألّا تؤثّر وتضرّ بهذه المسألة الأصلية، لأنّه لا بديل عنهنّ فيها. فإن لم تقمن بأنفسكنّ بتربية أبنائكنّ في المنزل أو لم تقمن بفكّ عقد خيوط عواطف الطفل الظريفة جداً – والتي هي أنعم من خيوط الحرير – حتّى لا يتعقّد عاطفياً، فلا يمكن لأيّ أحد آخر أن يقوم بهذا العمل، لا أبوه، ولا غيره بطريق أولى، إنّه عمل الأم فقط. أمّا ذلك العمل الذي لديكنّ في الخارج، فإن لم تقمن به أنتن فإنّ هناك عشرة أشخاص آخرين سيقومون به. بناءً على هذا، فإنّ الأولوية هي للعمل الذي لا بديل عنكنّ فيه، هذا هو المطلوب والمتعيّن.
وهنا تقع مسؤولية على عاتق الحكومة. ينبغي القيام بمساعدة تلك النساء اللواتي، ولأيّ سببٍ أو أي حيثية أو ضرورة، يقمن بعمل بدوامٍ كاملٍ أو جزئيّ، كي يتمكّنّ من الاهتمام بشؤون الأمومة وأمور المنزل، من خلال الإجازات وسنّ التقاعد وساعات الدوام اليوميّ، ينبغي للحكومة أن تساعد بشكلٍ ما كي تتمكّن هذه السيدة التي تقوم بالعمل، لأيّ سبب من الأسباب، من متابعة تلك الشؤون.
[1] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة ميلاد الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام، في طهران، بحضور جمع من الأخوات المؤمنات العاملات في حقل الثقافة والإعلام، بتاريخ 19/06/1419ه.ق.
[2] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة مولد الصديقة الزهراء عليها السلام، في طهران، بحضور جموع من أعضاء المراكز والجامعات الثقافية والسياسة وأسر الشهداء، بتاريخ 21/06/1413هـ.ق.
[3] المقصود من المسائل الأصلية عدم تنافي العمل مع كرامة المرأة وطبيعتها الإنسانية الجسدية والمعنوية إضافة إلى عدم تنافيه مع دورها ومقامها الأُسري.
[4] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله في لقاء مجموعة من النساء النخبة، بمناسبة ذكرى ولادة السيّدة فاطمة الزهراء عليها السلام، في طهران، بحضور جمع من النساء النخبة في المجتمع، بتاريخ 19/04/2014م.
2020-04-14