موسكو تحتوي الموقف التركي بعد منبج… وقمة ثلاثية روسية إيرانية تركية حول سورية قريباً
الفياض في دمشق لتنسيق سوري عراقي يلاقي الانسحاب الأميركي من شرق الفرات
التحضير للقمة الاقتصادية يسبق الحكومة… وخليل: لا قيمة للقمة بدون سورية
المسار اليمني لتسوية السويد يتقدّم رغم مصاعب التأقلم لدى الفريق السعودي الإماراتي، حيث نجحت المرحلة الخاصة بتطبيق التفاهم الخاص بميناء الحديدة وفقاً للفريق الأممي المراقب،
بينما سورية في واجهة الأحداث الإقليمية، حيث برزت الحركة الروسية لاحتواء الموقف التركي المرتبك بعد الإعلان السوري عن ضمّ مدينة منبج إلى المسؤولية السيادية للجيش السوري ورفع العلم السوري فوق مبانيها الحكومية،
وقد أسفر الاجتماع الذي ضمّ في موسكو وزيري الخارجية والدفاع في كل من روسيا وتركيا عن تصريحات تلاها باسم المجتمعين وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف تؤكد على التنسيق العسكري والسياسي في مواكبة الانسحاب الأميركي. وأعلن لافروف أن القمة المرتقبة قريباً بين رؤساء روسيا وتركيا وإيران المخصصة للوضع في سورية ستناقش مسار العملية السياسية من جهة، والأوضاع الأمنية والعسكرية وفقاً لتفاهمات أستانة من جهة أخرى، بينما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن الفرصة مؤاتية لحلول حاسمة وصارمة للوضع في سورية وأن موسكو تضع جهودها للفوز بهذه الفرصة.
بالتوازي استقبل الرئيس السوري بشار الأسد مستشار الأمن الوطني العراقي فالح الفياض موفداً من رئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي لمناقشة التنسيق المشترك على الحدود بين البلدين وكيفية مواجهة بقايا داعش هناك، خصوصاً في ظل الحاجة لملاقاة مرحلة الانسحاب الأميركي من شرق الفرات.
وقالت مصادر متابعة إن زيارة الفياض كانت أبعد من التنسيق الإجرائي بحدود ما أعلن، وتخطت ذلك لتأكيد الحاجة المشتركة لرفع مستوى التعاون بين حكومتي البلدين في المجالات الاقتصادية والأمنية والسياسية، وتشكيل أطر مشتركة لتحقيق هذه الأهداف، بينما قالت وكالة سبوتنيك الروسية أن الحكومة العراقية حصلت على موافقة الحكومة السورية للقيام بعمليات استهداف جوية لمواقع وقواعد داعش على الحدود السورية العراقية.
في لبنان السباق بين تشكيل الحكومة المتعثرة والتحضير للقمة الاقتصادية العربية التي يستضيفها لبنان منتصف الشهر الأول من العام الجديد، يبدو قد حسم لصالح التحضير للقمة، مع تراجع الآمال بفرص جدية لتشكيل الحكومة قبل انعقاد القمة، رغم كلام سفير دولة الإمارات العربية المتحدة بثقة عن تشكيل الحكومة قبل القمة، فيما قالت مصادر متابعة إن تساؤلات كثيرة ترتسم حول ما إذا كان هناك قرار مسبق لدى الرئيس المكلف بتعقيد كل فرص للحلحلة وابتكار اسباب جديدة للعرقلة، تجنباً لتشكيل الحكومة قبل القمة، مع وجود احتمال
تبلور قرار عربي بدعوة سورية للمشاركة في القمة، وتفضيل الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة وترجيح وجود طلب سعودي منه بانتظار المصالحة السعودية السورية.
دعوة سورية للمشاركة في القمة بدأت تتحوّل موضوع تداول إعلامي عربي، لكنها تحوّلت أيضاً موضوعاً سياسياً لبنانياً جدياً، بعد كلام سابق لرئيس مجلس النواب نبيه بري عن استغرابه لعقد القمة الاقتصادية في بيروت دون دعوة سورية، وقد جاء كلام وزير المالية علي حسن خليل بالدعوة إلى إعادة النظر في قرار دعوة سورية إلى القمة العربية الاقتصادية التي تنعقد في بيروت الشهر المقبل لأن اي قمة بدون سورية لا معنى لها»، مشدداً على «ضرورة التعاطي بوعي مع ما يجري في سورية الشقيقة وأن يعيد لبنان تصويب وتصحيح موقفه الرسمي معها».
بين التفاؤل بحل العقد خلال عشرة أيام والتشاؤم بأن أمد التعطيل مستمرّ يتأرجح مسار تأليف الحكومة. بانتظار ان تعاود الاتصالات على خط الرابية وبيت الوسط وعين التينة واللقاء التشاوري، فإنّ لبنان يطوي اليوم عاماً، لم ينجح خلاله المعنيون بتشكيل حكومة خلال سبعة أشهر من عمر التكليف.
فالمعلومات تشير الى ان لا حكومة قبل القمة الاقتصادية التي تستضيفها بيروت منتصف الشهر المقبل، هذا فضلاً عن انّ دعوة سورية الى هذه القمة لا تزال محلّ أخذ وردّ محليين، علماً أنّ وزير المال علي حسن خليل شدّد على ضرورة دعوة دمشق إلى القمة،
لأنّ أيّ قمة من دونها لا معنى لها. في حين ترى أوساط اخرى لـ«البناء» ان عدم دعوة سورية من قبل الرئاسة الأولى مرده مراعاة الرئيس سعد الحريري، فالرئيس عون الذي لبّى دعوات عدد كبير من الدول الخليجية والعربية والغربية لم يلبّ حتى الساعة الدعوتين الرسميتين السورية والإيرانية،
لافتة الى انّ لبنان يختلف عن الدول العربية الأخرى تجاه العلاقة والروابط الذي تجمعه بدمشق. وعلى هذا الاساس من المفترض دعوتها لا سيما أنّ العلاقات الدبلوماسية لم تنقطع بين البلدين هذا فضلاً عن الزيارات المتبادلة لعدد من الوزراء.
وعلى الصعيد الحكومي، تشير مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى أن الترقب سيد الموقف لوساطة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، حيث من المتوقع ان يجتمع خلال الساعات المقبلة بالرئيس المكلف سعد الحريري ووزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، مع إشارة المصادر الى ان طرح توسيع الحكومة لتضم 32 وزيراً سقط نهائياً. وتلفت مصادر تيار المستقبل لـ«البناء» الى ان الرئيس المكلف قال كلمته في ما خص حكومة 32 وزيراً وهو أبدى رفضه المطلق لطرح كهذا، وعلى هذا الأساس جرى وضعه جانباً، مشيرة الى ان اعادة الحديث عن حكومة 32 وزيراً لا يتعدى الحراك الذي لن يوصل الى نتيجة.
أكد الرئيس الحريري ان « الرئيس ميشال عون وانا صبرنا كثيراً ونأمل أن تتشكل الحكومة من اجل الناس». وتابع الحريري في حديث الى قناة «المستقبل»: «مع الأسف الحكومة تأخرت بهذا الشكل وأنا على يقين أنّ جميع الأفرقاء يريدون حلاً».
أكد وزير الخارجيّة جبران باسيل أنّ السُبل لتشكيل الحكومة ما زالت متاحة وممكنة، مشدّداً خلال رعايته العشاء السنوي الأول لهيئة قضاء بعلبك الهرمل في التيّار الوطني الحر على وجود حلول كبيرة وعديدة لتأليف حكومة تضمن عدالة التمثيل.
ولفتت مصادر نيابية في اللقاء التشاوري لـ«البناء» الى أنّ أيّ مبادرة لن تبصر النور إلا إذا جرى تمثيل اللقاء التشاوري داخل الحكومة. وقالت المصادر لم يتصل بنا أحد من المعنيين على خط المبادرات والوساطات، مجدّدة تأكيد انّ اللقاء على موقفه من توزير شخصية من الشخصيات التي طرحها النواب الستة في اجتماعهم الأخير، مشدّدة على انّ اللقاء التشاوري يجب أن يشارك في إنتاج المبادرة لا أن تُفرض عليه.
في المقابل ودّع البطريرك الماروني بشارة الراعي العام بدعوته الى حكومة مصغرة من اشخاص ذوي اختصاص ومفهوم سليم للسياسة وحياديين، يعملون أولاً على إجراء الإصلاحات في الهيكليات والقطاعات وفق الآلية التي وضعها مؤتمر سيدر الذي التأم في باريس في نيسان الماضي، وقد مضت عليه تسعة أشهر، ويوظفون الأحد عشر مليار دولار ونصفا في مشاريع اقتصادية منتجة. ويعمل رئيس الجمهورية على بناء الوحدة الوطنية الحقيقية بين مختلف الكتل النيابية حول طاولة حوار. أما القول بتأليف حكومة وحدة وطنية والجو مأزوم للغاية بين مكوناتها، فهذا يؤدي إلى تعطيل رسمي للحكومة ولمؤسسات الدولة، ويشد خناق الأزمة الاقتصادية والمعيشية على أعناق المواطنين.
اما على خط حزب الله – التيار الوطني الحر، فتتجه الأنظار اليوم الى اللقاء الذي سيجمع في ميرنا الشالوحي بين مسؤولين في الحزبين من اجل ضبط الوضع والتصعيد الذي شهدته مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، علماً أنّ المعلومات تشير الى انزعاج حزب الله من أداء الوزير جبران باسيل الذي أوعز الى إعلاميين ونواب في الأيام الماضية الهجوم على حزب الله وحركة امل.
حيث غرد النائب زياد أسود قائلاً: «قبل ما نغلق سنة بحب قول إنّ أقوى مافيات البلد واختصاصيي الرشاوى والخوات على الشركات المسيحية هي ميليشيا وزارة المالية… سنة 2018 ما عرفتو مين الحرامي بلكي بتعرفو من الوقفة على المراية».
وفي تغريدة ثانية، قال أسود: «مَن يفرض خوات وينظم قرصنة على الشركات يعيش من أموالنا ويسرق أموالنا ويتهرّب من الضرائب على حسابنا… هيك رح أنهي مهزلة العيش المشترك والدولة والقانون في وزارة المالية والداخلية والزراعة والأشغال والعمل والاتصالات. على كلّ شي إسمو كلام راقي مع مسؤولين ونهابين و….هيك».
ولاحقاً ردت المديرية المالية العامة في وزارة المالية على النائب زياد أسود بالآتي: «معتقداً أنّ نزق الكلام يصنع منه نجماً شعبياً يستعيد زياد أسود أوصافه ونياته في هجمة على أداء وزارة المالية، متهماً إدارتها العامة المسؤولة، بالهجوم على الشركات المسيحية».
واذ توجهت وزارة المال الى وزير العدل سليم جريصاتي والنيابة العامة التمييزية والمالية باعتبار ما ورد في تغريدة أسود ادّعاء شخصياً من الوزارة في حقه وكلّ من يظهره التحقيق أبدى جريصاتي تقديراً لموقف خليل اللجوء الى القضاء منتظراً من النائب أسود تزويد الوزارة بالمستندات والأدلة الحسية كي ينطلق بتحريك الدعوى العامة.
ولفتت مصادر مطلعة لـ«البناء» الى أنّ موقف اسود لا يمكن فصله عن سياسة التيار الوطني الحر بشخص رئيسه، واعتبرت المصادر انّ هذه الحرب السياسية تأتي رداً على ما سرّب عن لقاء الرئيس نبيه بري والرئيس المكلف وتحميل باسيل مسؤولية تعطيل التأليف والانقلاب على المبادرة. واعتبرت المصادر أنّ إحالة وزارة المال المسألة الى القضاء، مردّه ان حركة أمل لا تريد خوض أيّ حرب سياسية مع التيار الوطني الحر فقرّرت اللجوء إلى القضاء ليبنى على الشيء مقتضاه.