اثار خبر دخول قوات الامن المصرية نقابة الصحفيين الجدل، وقد تضاربت الأنباء حول كون دخولها جاء اقتحاماً او تنسيقاً مسبقاً مع النقابة، دخول النقابة من قبل رجال الشرطة المصرية والتي مضى على تأسسيها 75 عاماً جاء قبل ساعات على بدء الإحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة لإلقاء القبض على الصحفيين عمرو بدر رئيس تحرير موقع بداية ومحمود السقا، فيما تناقلت اخبار عن قيام رجال الشرطة المصرية بالتعدي على امن النقابة. هذا ما احدث ضجة كبيرة في الاوساط المصرية لتتجه التصريحات الى توصيف الحادثة والتداعيات المتوقعة والانعكاسات لها باعتبارها سابقة هي الاولى من نوعها على الساحة المصرية.
آراء الشارع المصري
نقابة الصحافة المصرية وضعت الحادثة في سياق اسلوب العصابات البعيد عن اطار المؤسسات الامنية، وفي هذا الخصوص اعتبر نقيب الصحفيين المصريين يحيى قلاش في جلسة لمجلس النقابة عقدت مباشرة بعد الحادث بأن ما حدث في منتهى الخطورة وتعامل خارج القانون. فيما توجهت الأنظار الى ضرورة اتخاذ توجه موحد للرد على وزارة الداخلية واتخاذ موقف حاسم لحماية النقابة من القمع الأمني والانتهاك غير المبرر، هذا وبدأت الاستعدادات تحضيراً للرد الجماعي من قبل الصحف عبر الاحتجاب عن الصدور احتجاجا، وقد تم الاعلان عن دخول الصحفيين في اعتصام واضراب مفتوح عن الطعام، وقد اجمعت الآراء الصحفية على ان وزير الداخلية الذي يتحمل المسؤولية هو ايضاً عبد مأمور وبالتالي المسؤولية الاكبر تقع على عاتق السيسي ونظامه ككل.
في المقلب الآخر فقد نفت وزارة الداخلية التهمة الموجهة اليها باقتحام النقابة، جاء النفي على لسان مساعد وزير الداخلية لشؤون الإعلام اللواء ابو بكر عبد الكريم معتبراً في تصريح له ان رجال الشرطة دخلوا النقابة تنفيذاً لقرارات النيابة العامة وبموافقة من احد مسؤولي الامن ووفقاً للقانون، والهدف من دخولها كان القاء القبض على صحفيين وهما بدر والسقا بتهمة انتقادهم الحكومة، كما وجهت لهم التهم بالدعوة الى التظاهر تزامناً مع الإحتفال بما يعرف باعياد تحرير سيناء.
ادعاء ابو بكر بدخول اربعة من ضباط الداخلية كذّبه محمود كامل عضو مجلس نقابة الصحفيين، حيث ذكر ان أكثر من 40 فردا من أفراد الأمن وضباط الشرطة حاولوا تحطيم باب النقابة، وبعدها قاموا بالاعتداء على امنها ودنسوا حرمها وقبضوا على اثنين صحفيين.
تداعيات وانعكاسات
الدعوة الى التظاهر لا تبرر اعتقال الصحفيين ودخول نقابتهم بالطريقة التي تمت، فهو تطور خطير يعكس غياب اسس دولة المؤسسات والقانون، كما وان هكذا خطوة ومن خلال التصريحات المتناقضة التي صدرت من طرف الحكومة يعكس صراع اجهزتها، كما ومن شأنه ان يوتر العلاقة بين النظام الحالي وأحد اهم اعمدة الدولة وهي الصحافة، وبالتالي فالنظام يورط نفسه في مواجهة خاسرة ويمضي في سياسة الاستعداء، وبالتالي فإن الصورة التي عليها اليوم تتبلور بمناخ سياسي محتقن اكثر فأكثر من ما مضى، في هذا السياق تجدر الاشارة الى ان وضع الصحافة في مصر متردي وفق التقارير الصادرة عن المنظمات الحقوقية العالمية، فخلال فترة وجيزة متمثلة بالسنوات الاخيرة استشهد واصيب عشرات من الصحفيين والاعلاميين وهم يؤدون عملهم، والقي القبض على أكثر من مئة صحفي، وما زال 90 منهم رهن السجن والاحتجاز والاعتقال، وهرب الكثيرون إلى خارج البلاد، وإغلاق صحف وفضائيات، ومنع توزيع صحف بعد طباعتها، وتقييد حركة المراسلين الأجانب، وإلزامهم قانونا باعتماد البيانات الرسمية.
هذه الخطوة بلا شك تضاف الى سلسلة اجراءات النظام التي تخالف تطلعات الشعب المصري والتي كان اخرها فيما يتعلق بجزيرتي تيران وصنافير، هذا من شأنه ان يزيد النقمة الشعبية اتجاه نظامها من جهة ويبلور صورة سلبية عن الواقع المصري خارجياً من جهة اخرى اكثر منها داخلياً، ما تجدر الاشارة اليه من ان دخول النقابات وفق القانون المصري اي كانت سواء الصحفية منها او غيرها محرّم بدون التنسيق مع النقابة نفسها من طرف النيابة العامة وهو ما لم يحدث وفق الشواهد والمعطيات المتوفرة.