بيّنات في معرفة القرآن الكريم
21 فبراير,2019
القرآن الكريم, صوتي ومرئي متنوع
736 زيارة
نظرة تفسيريّة موضوعيّة في خصائص القرآن الكريم
الأفكار الرئيسة
1- القرآن مصدر قرأ، بمعنى التلاوة، كالرجحان والغفران، سُمّي به الكتاب المقروء من باب تسمية المفعول بالمصدر، أي المقروء أو ما يُقرأ.
2- القرآن هو كلام الله المُنزَل على النبيّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، المنقول عنه بالتواتر، المتعبّد بتلاوته.
3- حقيقة القرآن أسمى من أن تدركها العقول، وأوسع من أن تحيطها قوالب الألفاظ، لأنّ الألفاظ موضوعة بإزاء معانٍ مجعولة ومُدرَكَة من قِبَل البشر، في حين أنّ حقيقة القرآن حقيقة إلهيّة تنطوي على أعمق المعارف المعنويّة.
4- إنّ المتأمّل في الآيات القرآنيّة يجدها تتحدّث عن مقامين للقرآن، هما: القرآن المحكم، وهو حقيقة القرآن، والقرآن المفصّل، وهو القرآن العربيّ المبين. الأوّل نزل على قلب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، لأنّه في نفسه الطاهرة يستعدّ لتقبّل نزوله بحقيقته على قلبه، في حين أنّ التنزيل التدريجيّ للقرآن في المرّة الثانية على قلب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، هو بفعل عدم لياقة الناس واستعدادهم لتحمّل حقيقة القرآن. وكي لا يحرموا من بركة هداية القرآن، قضى الله تعالى إلباسه ثوب الألفاظ واللغة العربيّة، ليتمكّنوا من خلال هذا التنزيل من نيل ما أمكنهم، بحسب إيمانهم وعملهم، من بركات حقيقة القرآن.
تمارين
1- اذكر أبرز الأقوال في المعنى اللغويّ للفظ “القرآن”، مبيّناً المعنى الراجح منها.
2- بيّن المراد من قيود التعريف الاصطلاحيّ للقرآن: “كلام الله المُنزَل على النبيّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، المنقول عنه بالتواتر، المتعبّد بتلاوته”.
3- ما هي فلسفة تعدّد نزول القرآن الكريم؟ وما هي خصائص كلّ نزول؟
مطالعة
القرآن جوامع الكلم[1]:
حيث إنّ الذات المقدّسة للحقّ جلّ وعلا على حسب ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾[2]، يتجلّى لقلوب الأنبياء والأولياء في كسوة الأسماء والصفات. وتختلف التجلّيات على حسب اختلاف قلوبهم، والكتب السماويّة التي نزلت على قلوبهم بنعت الإيحاء بتوسّط ملك اللوح جبرائيل، تختلف على حسب اختلاف هذه التجلّيات، وعلى حسب اختلاف الأسماء التي لها المبدئيّة. كما أنّ اختلاف الأنبياء وشرائعهم – أيضاً – باختلاف الدول الأسمائيّة، فكلّ اسم تكون إحاطته أكثر ويكون أجمع، تكون دولته أكثر إحاطة، والنبوّة التابعة له أكثر إحاطة، والكتاب النازل منه أكثر إحاطة وجامعيّة، وتكون الشريعة التابعة له أكثر إحاطة وأدوم. وحيث إنّ النبوّة الختميّة والقرآن الشريف وشريعة سيّد البشر من مظاهر المقام الجامع الأحديّ وحضرة اسم الله الأعظم ومجاليها، أو من تجلّياتها وظهوراته، فلهذا صارت أكثر النبوّات والكتب والشرائع إحاطة وأجمعها. ولا يتصوّر أكمل وأشرف من نبوّته وكتابه وشريعته. ولا يتنزّل من عالم الغيب على بسيط الطبيعة علم أعلى منه، أو شبيه له. بمعنى أنّ هذا هو آخر ظهور للكمال العلميّ المربوط بالشرائع، وليس للأعلى منه إمكان النزول في عالم المُلك. فنفس الرسول الخاتم أشرف الموجودات، والمظهر التامّ للاسم الأعظم، ونبوّته -أيضاً – أتمّ النبوّات الممكنة، وصورة لدولة الاسم الأعظم، ولهذه الجهة لهذا الكتاب أحديّة الجمع والتفصيل. وهو من جوامع الكلم، كما أنّ كلامه صلى الله عليه وآله وسلم – أيضاً – كان من جوامع الكلم. والمراد من كون القرآن أو كلامه من جوامع الكلم، ليس أنّ القرآن، أو الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بيّنا الكلّيّات والضوابط الجامعة، وإنْ كانت أحاديثه صلى الله عليه وآله وسلم – أيضاً – من الجوامع والضوابط بذلك المعنى، كما أنّ ذلك معلوم في علم الفقه، بل جامعيّته عبارة عن أنّ القرآن نزل لجميع طبقات الإنسان في جميع أدوار العمر البشريّ، وهو رافع لجميع
حوائج هذا النوع. وحيث إنّ حقيقة هذا النوع حقيقة جامعة وواحدة لتمام المنازل، من المنزل الأسفل الملكيّ إلى أعلى مراتب الروحانيّة والملكوت والجبروت، ولهذه الجهة يختلف أفراد هذا النوع في هذا العالم الأسفل الملكيّ اختلافاً تامّاً. والاختلاف والتفاوت الموجودان في أفراد هذا النوع لا يوجدان في أفراد سائر الموجودات. ففي هذا النوع الشقيّ الذي هو في كمال الشقاوة، والسعيد الذي هو في كمال السعادة، وهو نوع بعض أفراده أسفل من جميع الحيوانات، وبعض أفراده أشرف من جميع الملائكة المقرّبين. وبالجملة، حيث إنّ أفراد هذا النوع مختلفة متفاوتة في المدارك والمعارف، فالقرآن نزل على نحو يستفيد كلٌّ منهم على حسب كمال إدراكه ومعارفه وضعفها، وعلى حسب ما له من الدرجة العلميّة.
[1] الخمينيّ، روح الله: منهجيّة الثورة الإسلاميّة مقتطفات من أفكار وآراء الإمام الخميني قدس سره-، ط1، طهران، مؤسّسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخميني قدس سره، 1996م، ص56-57.
[2] سورة الرحمن، الاية 29.
2019-02-21