الوقت- “إلهان عمر” و”رشيده طليب” هنَّ أول امرأتين مسلمتين تمكنتا من الفوز بمقاعد في الكونغرس الأمريكي خلال انتخابات مجلس النواب الأخيرة ولقد تم الكشف عن نهجهم المناهض لـ “إسرائيل” منذ البداية بدعم من حركة “المقاطعة”، وهذا الأمر لم يرحب بتأييد مؤيدي “إسرائيل”، ولقد كان دعم هاتين النائبتين لحركات مثل “العزلة”، و”غياب الاستثمار” و”مقاطعة إسرائيل”، علامة على معاداتهما للسامية وهذا الأمر شكًل تهديداً جدياً للكيان الصهيوني.
وحول هذا السياق، قالت “إلهان عمر”، الامرأة الصومالية التي تبلغ من العمر 38 عاماً خلال حوار لها مع مراسلة أخبار “ياهو نيوز”، في إشارة لها إلى المقاربة الأمريكية تجاه “إسرائيل”: “عندما أرى إسرائيل تضع قانوناً من دون الاعتراف بالديانات الأخرى والاكتفاء فقط بالديانة اليهودية، وبعد ذلك يصرّح البيت الأبيض بأن ذلك الأمر يعدّ ديمقراطية في الشرق الأوسط، عند ذلك استغرب كثيراً وأضحك من هذه المهزلة وذلك لأنني أعلم جيداً أننا كأمريكيين سننتقد ذلك التصرف إذا رأيناه في مجتمع آخر”، وأضافت قائلة: “في رأيي إن أكثر القضايا المملة هي أن لدينا سياسة تضع أحد الأطراف في مستوى أعلى من الآخر وبعد ذلك، نريد أن نتحدث عن العدالة وحلّ الدولتين، بينما نحن لدينا سياسة تعطي الأولوية لأحد الطرفين وتحرم الطرف الآخر”.
لكن الجدل الأخير بدأ مع نشر تغريدة لـ”غلين غرينوالد”، الصحفي الذي يحقق في سبب تعرّض “إلهان عمر” و”رشيده طليب” للهجوم من قبل أعضاء الكونغرس لانتقادهم “إسرائيل”، حيث كتب لقد كانت البداية عندما كتبت “الهان عمر” ردّاً على تلك الاتهامات: “كانت بسبب بنيامين” وردّاً على هذا، انتقدت “باتيا أننجار سرجون”، المحررة الصهيونية في صحيفة “فوروارد”، العضوة في الكونغرس الأمريكي “الهان عمر” وسألتها عمن يمكنه أن يدعم السياسيين الأمريكيين مالياً وردّاً على هذا السؤال أجابت “الهان عمر” بصراحة: “لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية إيباك”.
“ترامب” يطالب باستقالة ممثلي الجالية المسلمة في الكونغرس الأمريكي
وجّه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الاثنين، انتقادات شديدة اللهجة إلى النائبة الديمقراطية عن ولاية مينيسوتا “إلهان عمر”، على خلفية تصريحات لها اعتبرت معادية للسامية ولقد جاءت هذه الانتقادات بعد تصريحات لـ “إلهان عمر”، قالت فيها: إن الدعم الأمريكي لإسرائيل وراءه أموال لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية “إيباك”، وفي تصريحات صحافية قال “ترامب” معلّقاً على تصريحات “إلهان عمر”: “أرى أن عليها أن تخجل من نفسها، لقد كان تصريحاً سيئاً للغاية، وأرى أن اعتذارها سيكون كافياً”، وأوضح “ترامب” في ختام جلسة للحكومة الأمريكية انعقدت في البيت الأبيض، تعليقاً على الحادث: “أود أن أؤكد أن لا مكان لمعادة السامية في الكونغرس الأمريكي، وما قالته أمر مرعب”، وأضاف ترامب: “أعتقد أن عليها الاستقالة من العضوية في الكونغرس أو على الأقل من لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب”.
“إيباك” وتأثيرها على السياسة الأمريكية
تُعتبر منظمة “إيباك” الصهيونية أبرز مجموعات الضغط “اللوبيات” في أمريكا، والتي تعمل على دعم الكيان الإسرائيلي وضمان بقائه قوياً في وجه كل المخاطر التي تهدده، تأسست هذه المنظمة على يد اليهودي الأمريكي “سي كِنن” في عام ١٩٥١ في عهد الرئيس الأمريكي “دوايت أيزنهاور” تحت اسم “اللجنة الصهيونية الأمريكية للشؤون العامة”، وما لبثت أن غيّرت اسمها إلى “لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية” بهدف توسيع قاعدتها الجماهيرية.
إن قوة ونفوذ اللوبي الصهيوني في تنامٍ مستمر وهذا الأمر دفع العديد العلماء الكبار مثل “جون ميرسيمر” إلى كتابة عدة كتب حول تأثير تلك القوة وذلك النفوذ على السياسة الخارجية الأمريكية وفي حقيقة الأمر لم يعد خافياً على أحد الدور الذي يقوم به اللوبي اليهودي في صناعة القرار الأمريكي وما يمارسه من ضغوطات على الكونغرس بشكل علني عبر منظماته الأخطبوطية المتعددة العاملة خاصة منذ مطلع ستينيات القرن الماضي، حيث استطاع التأثير على الإدارات الأمريكية المتعاقبة، بل استطاع لاحقاً مع إدارة الرئيس جورج دبليو بوش، أن ينتقل من مرحلة مجرد التأثير على السياسة الأمريكية إلى مرحلة السيطرة على زمام الأمور وعلى عملية صنع واتخاذ القرار الأمريكي.
ردود أفعال الأحزاب الأمريكية على تصريحات عضوة الكونغرس المناهضة للصهيونية
لقد استغل الجمهوريون هذه الفرصة لهزيمة منافسيهم وقالوا في بيان نشروه: “لقد أثبت الديمقراطيون بوضوح أن خطاباتهم المتعصبة تجاه إسرائيل لا تقتصر على عدد قليل من أعضاء هذا الحزب.
إن هذا هو المبدأ الرئيسي الذي يقوم عليه الحزب الديمقراطي اليوم”، وبالنسبة لردة فعل الزعماء الديمقراطيين، فلقد انكروا بسرعة تلك الخطابات التي صرّح بها الجمهوريين وقالوا: “إن استخدام السيدة الهان عمر لكلمات وعبارات معادية للسامية ضد مؤيدي إسرائيل يعد أمراً غير مقبول حقاً وإننا ندين هذه التصريحات، ونطلب من السيدة الهان عمر الاعتذار على الفور عن كل تلك التصريحات العنصرية”.
استقلالية تصويت أعضاء الكونغرس في محطة الاختبار
هذه هي المرة الأولى التي يشير فيها أحد ممثلي الكونغرس، وهو مسؤول كبير في أمريكا بوضوح إلى دور النظام الصهيوني في تشكيل السياسة الأمريكية، إلا أن معاملة الإعلام الصهيوني وقادة الأحزاب الجمهورية والديمقراطية أظهرت أنه، خلافاً لمطالب حرية التعبير في هذا البلد، لا يُسمح لممثلي الشعب المنتخبين بالتكلم بحرية حتى ولو كانوا يمتلكون أدلة موثقة، وفي الواقع، لا يمكنهم تمثيل أي طيف معيّن خلال فترة تمثيلهم في الكونغرس، وهذا ما يؤكد ردة الفعل القوية للإعلام الامريكي بما يتماشى مع مصلحة “إسرائيل”.
إن مزاعم معاداة السامية تذكرنا بأساطير النازية الألمانية التي لا يمكن التصديق بأنها كانت ضد اليهود، وفي هذا الصدد، فإن وسائل الإعلام وصناعة الأفلام والهياكل السياسية الأمريكية عملت بجهد لترسيخ هذه الأساطير في أذهان الناس ليتسنّى للصهاينة الوصول إلى أهدافهم.