الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / بداية الطريق 04

بداية الطريق 04

 التخطيط هو خير معين لنا للوصول لأفضل وأكمل النتائج. 

 

فما المانع من أن يضع الإنسان لنفسه مشروعاً وهدفاً سامياً في حياته ويضع مخطّطاً يُقسِّم فيه إنجاز هذا المشروع على مدى أشهر أو سنوات، حتّى يُكتب له أنَّه مرَّ على هذه الدنيا وكانت له بصمة مميّزة ومؤثِّرة فيها، ويكون له ثواب إنجازها في الآخرة. كم من الأفراد يأتون إلى هذه الدنيا ويغادرونها وهم خالو الوفاض. هل ستكون واحداً منهم، أم أنّك ستحمل مشروعاً لحياتك وستخطّط لتنفيذه؟ إنّ المشروع الّذي قد تحمله وتخطّط له قد يكون مشروعاً علميّاً وثقافيّاً، وقد يكون مشروعاً تربويّاً، وقد يكون مشروعاً اجتماعيّاً وغير ذلك. المهمُّ أن يكون المبتغى منه مرضاة الله عزَّ وجلَّ وخدمة دينه وإعمار أرضه، ومساعدة خلقه. وفي نهاية المطاف كلُّ ذلك يخدم هدفك النهائيّ وهو الوصول إلى السعادة الحقيقيّة في الآخرة.

 

إستنتاج

– تعيين الهدف من العوامل المهمّة الّتي تُمكِّننا من استثمار أعمارنا على أفضل وجه.

– التخطيط يُجنِّب الإنسان هدر دقائق عمره لأنَّه يُقلِّص احتمال الفشل وإعادة العمل.

– أيُّ هدف يختاره الإنسان ينبغي أنْ يَصبَّ في خانة مرضاة الله عزَّ وجلَّ.

 

كيف نُرتِّب أولويّات حياتنا ونبتعد عن التسويف؟

ترتيب الأولويّات معناه تقديم الأهمّ على المهمّ فيما تَودُّ إنجازه. إنَّ جدول أعمال المرء اليوميّ أو الأسبوعيّ أو الشهريّ قد يتزاحم بالأعمال والمهامّ المطلوب إنجازها، وقد يكون في تأخير تحقيق بعضها خسارة كبيرة لا تُعوّض، من هنا ينبغي للإنسان العاقل والحكيم أنْ يعرف أيَّ الأعمال يجب إنجازه أوّلاً. لذلك ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام: “من اشتغل بغير المُهمّ ضيّع الأهمّ”4. 

 

وكمثال على ما ذلك، تخيّلوا شخصاً ينشغل في عباداته بالنوافل والمستحبّات، ويُهمِل الاتيان بالفرائض والواجبات، أو تخيّلوا أنّ طالباً جامعيّاً لديه اختبارات جامعيّة بعد أسبوع، ولديه مشروع علميٌّ للمعهد، عليه تقديمه بعد أربعة أشهر، فالحكمة هنا أنْ يشرع أوّلاً بالدراسة للامتحانات الجامعيّة، لأنّ استحقاقها أقرب، والوقت المتاح لتحصيل موادّها أضيق.

 

________________________________________

4- ميزان الحكمة، محمّد الريشهري، ج 3، ص 2114.

19

 ثمّ إنّ إحدى العوائق الّتي قد يقع فيها الواحد منّا: التقاعس عن الشروع في إنجاز ما قَرُب استحقاقه، ربما لأجل أنّ الوهم عنده قد ضخّم له ما قد يحتاجه هذا العمل من استعداد. ولكنّ القاعدة في هكذا حالات هي: بادر للعمل فوراً. 

 

إنّ المبادرة الفوريّة للعمل من دون السماح للوهم بالتدخُّل لتضخيم العبء الملقى على عاتقك هو الدواء السحريّ لإنجاز الأعمال. الكثير منّا يقع في مسألة التسويف في الإقدام على إنجاز ما هو مطلوب منه، ثمّ بعد أنْ يشرع يقع في الندم، ويقول يا ليتني بادرت إليه من اليوم الأوّل. ومن مصاديق التسويف الخطير، تأجيل التوبة وتأجيل إصلاح العلاقة مع الله عزَّ وجلَّ. ومن آثارها، عدم المبادرة إلى قضاء الفائت من الصلاة والصيام. ولذلك قد تجد المرء يقفز من سنة إلى أخرى مسوِّفاً في موضوع القضاء حتّى يمضي العمر وتصعب المُهمَّة عليه، خاصّة مع تراجع نشاطه البدنيّ وعافيته.

 

ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي ذر: “يا أبا ذر! إيّاك والتسويف بأملك، فإنّك بيومك ولست بما بعده، فإن يكن غدٌ لك فكن في الغد كما كنت في اليوم، وإن لم يكن غدٌ لك لم تندم على ما فرّطت في اليوم”5. 

 

وعن أمير المؤمنين عليه السلام: “فتدارك ما بقي من عمرك، ولا تقل: غداً وبعد غد، فإنّما هلك من كان قبلك بإقامتهم على الأمانيّ والتسويف، حتّى أتاهم أمر الله بغتة وهم غافلون”6.

 

إستنتاج

– ترتيب الأولويّات معناه تقديم الأهمّ على المهمّ.

– ترتيب الأولويّات يُمكّن الإنسان من تحقيق الإنجازات وتقليص الخسائر.

– التسويف قد يكون صنيعة الوهم الّذي يُضخِّم للإنسان حجم العمل المطلوب إنجازه.

– تجاهل الوهم والمبادرة إلى العمل أفضل عمل للقضاء على التسويف.

________________________________________

5- ميزان الحكمة، محمّد الريشهري، ج 2، ص 1388.

6- م. ن.

 

20

 للمطالعة

 

يوم التغابن:

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “يُفتح للعبد يوم القيامة على كلِّ يوم من أيّام عمره أربعة وعشرون خزانة عدد ساعات الليل والنهار، فخزانة يجدها مملوءة نوراً وسروراً، فيناله عند مشاهدتها من الفرح والسرور ما لو وزّع على أهل النار لأدهشهم عن الإحساس بألم النار، وهي الساعة الّتي أطاع فيها ربَّه، ثمّ يُفتح له خزانة أخرى فيراها مُظلِمة مُنتِنة مُفزِعة فيناله عند مشاهدتها من الفزع والجزع ما لو قُسِّم على أهل الجنة لنغّص عليهم نعيمها، وهي الساعة الّتي عصى فيها ربّه، ثمّ يُفتح له خزانة أخرى فيراها فارغة ليس فيها ما يُسرُّه ولا ما يسوؤُه, وهي الساعة الّتي نام فيها أو اشتغل فيها بشيء من مباحات الدنيا، فيناله من الغبن والأسف على فواتها – حيث كان متمكِّناً من أنْ يملأها حسنات – ما لا يوصف، ومن هذا قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ﴾7. 

________________________________________

7- بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج7، ص 262. 

21

 

https://t.me/wilayahinfo
https://chat.whatsapp.com/CaA0Mqm7HSuFs24NRCgSQ0

ملاحظة: النشر سيكون 02 – 12- 22 من كل شهر.

شاهد أيضاً

اليمن – رمز الشرف والتضامن العربي مع غزة فتحي الذاري

  ان الحشد المليوني للشعب اليمني بكافة قواه الفاعلة والاصطفاف الرشيد بقيادة السيد القائد عبدالملك ...