الرئيسية / الاسلام والحياة / اخلاق أهل البيت – السيد مهدي الصدر 18

اخلاق أهل البيت – السيد مهدي الصدر 18

الحرص

الحرص : هو الافراط في حب المال ، والاستكثار منه ، دون أن يكتفى بقدر محدود . وهو من
الصفات الذميمة ، والخصال السيئة ، الباعثة على ألوان المساوئ والآثام ، وحسب الحريص
ذماً أنه كلما ازداد حرصاً ازداداً غباءاً وغماً .
وإليك بعض ما ورد في ذمه :
قال الباقر عليه السلام : « مثل الحريص على الدنيا ، مثل دودة القز كلما ازدادت من
القز على نفسها لفاً ، كان أبعد لها من الخروج ، حتى تموت غماً » ( 3 ) .

لذلك قال الشاعر :
يفني البخيل بجمع المال مدته * وللحوادث والأيام ما يدع
كدودة القز ما تبنيه يهدمها * وغيرها بالذي تبنيه ينتفع
وقال الصادق عليه السالم : « إن فيما نزل به الوحي من السماء : لو أن لابن آدم واديين ،
يسيلان ذهباً وفضة ، لابتغى لهما ثالثاً ، يا بن آدم إنما بطنك بحر من البحور ، وواد من
الأودية ، لا يملأه شيء إلا التراب » ( 1 ) .

وقال عليه السلام : « ما ذئبان ضاريان ، في غنم قد فارقها رعاؤها أحدهما في أولها
والآخر في آخرها ، بأفسد فيها من حب المال « الدنيا خ ل » والشرف في دين المسلم » ( 2 ) .
وقال أمير المؤمنين عليه السلام في ضمن وصيته لولده الحسن عليه السلام : « واعلم
يقيناً أنك لن تبلغ أملك ، ولن تعدو أجلك ، وأنك في سبيل من كان قبلك ، فخفض في الطلب ،
وأجمل في المكتسب ، فإنه رب طلب ، قد جر إلى حرب ، فليس كل طالب بمرزوق ، ولا كل مجمل
بمحروم » ( 3 ) .
وقال الحسن بن علي عليهما السلام :
« هلاك الناس في ثلاث : الكبر . والحرص . والحسد .
فالكبر هلاك الدين وبه لعن إبليس . .
والحرص عدو النفس ، وبه أخرج آدم من الجنة .
والحسد رائد السوء ومنه قتل قابيل هابيل » ( 4 ) .

مساوئ الحرص :
وبديهي أنه متى استبد الحرص بالانسان ، استرقه ، وسبب له العناء
والشقاء ، فلا يهم الحريص ، ولا يشبع جشعه إلا استكثار الأموال واكتنازها ، دون أن
ينتهي إلى حد محدود ، فكلما أدرك مأرباً طمح إلى آخر ، وهكذا يلج به الحرص ، وتستعبده
الأطماع ، حتى يوافيه الموت فيغدو ضحية الغناء والخسران .
والحريص أشد الناس جهداً في المال ، وأقلهم انتفاعاً واستمتاعاً به ،
يشقى بكسبه وادخاره ، وسرعان ما يفارقه بالموت ، فيهنأ به الوارث ، من حيث شقى هو به ، وحرم من
لذته .

والحرص بعد هذا وذاك ، كثيراً ما يزج بصاحبه في مزالق الشبهات والمحرمات والتورط في
آثامها ، ومشاكلها الأخروية ، كما يعيق صاحبه عن أعمال الخير ، وكسب المثوبات كصلة
الأرحام وإعانة البؤساء والمعوزين ، وفي ذلك ضرر بالغ ، وحرمان جسيم .

علاج الحرص :

وبعد أن عرفنا مساوئ الحرص يحسن بنا أن نعرض مجملاً من وسائل علاجه ونصائحه وهي :
1 – أن يتذكر الحريص مساوئ الحرص ، وغوائله الدينية والدنيوية وأن الدنيا في حلالها
حساب ، وفي حرامها عقاب ، وفي الشبهات عتاب .

2 – أن يتأمل ما أسلفناه من فضائل القناعة ، ومحاسنها ، مستجليا سيرة العظماء
الأفذاذ ، من الأنبياء والأوصياء والأولياء ، في زهدهم في الحياة ، وقناعتهم باليسير منها .

3 – ترك النظر والتطلع إلى من يفوقه ثراءاً ، وتمتعاً بزخارف الحياة والنظر إلى من
دونه فيهما فذلك من دواعي القناعة وكبح جماح الحرص .

4 – الاقتصاد المعاشي ، فإنه من أهم العوامل ، في تخفيف حدة الحرص ، إذ الاسراف في
الانفاق يستلزم وفرة المال ، والافراط في كسبه والحرص عليه .

قال الصادق عليه السلام : « ضمنت لمن أقتصد أن لا يفتقر » ( 1 ) .

شاهد أيضاً

20-21-22-23-24 صلوات الليالي ودعوات الايّام في شهر رمضان

صلوات اللّيلة العشرين والحادِية والعشرين والثّانِيَة والعِشرين والثّالِثَة والعِشرين والرّابعة والعِشرين: في كُل مِن هذه ...