الوقت- بعد مرور ساعات قليلة على حادثة استهداف ناقلتي النفط بالقرب من مضيق هرمز وبحر عمان يوم الخميس الماضي، قامت أمريكا وبعض حلفائها الغربيين بتوجيه أصابع الاتهام نحو إيران، واتهموا عناصر تابعة للحرس الثوري الإيراني بالوقوف وراء الهجوم الذي استهدف ناقلتي النفط، مشددين بالقول بأن طهران عملت خلال الفترة الماضية على عرقلة تدفّق النفط عبر مضيق هرمز، وفي السياق نفسه، قال الأسطول الخامس الأمريكي: “إن قواته البحرية موجودة في المنطقة وتقدّم المساعدة”.
من جهته، قال وزير الخارجية الأمريكي “مايك بومبيو”، في مؤتمر صحفي: “إن إيران هي من ارتكبت الهجوم ضد ناقلتي النفط في خليج عمان وهذا الهجوم هو الأحدث في سلسلة الهجمات التي شنّتها إيران وأذرعها ضد أمريكا وحلفائها“.
وشدد “بومبيو” على أن الأعمال الإيرانية الاستفزازية، تشكّل تهديداً للأمن الدولي، موضحاً أن التصرفات الإيرانية تشكّل تطوّراً غير مسبوق.
كما أشار إلى أن الهجوم “غير المبرّر” الذي تعرّضت له الناقلتان يشكّل تهديداً للسلام والاستقرار الدوليين وحرية الملاحة، واستطرد وزير الخارجية الأمريكي في حديثه، قائلاً: “إيران تعمل على عرقلة تدفق النفط عبر مضيق هرمز وتقييم الإدارة الأمريكية يؤكد بأن إيران مسؤولة عن الهجمات ضد ناقلتي النفط“.
وحول هذا السياق، رفضت إيران الاتهامات الأمريكية باستهداف ناقلتي النفط في بحر عمان يوم الخميس الماضي وأدانت ذلك بأشد العبارات، مؤكدة أن هذه الاتهامات لا أساس لها من الصحة، وعلى الرغم من أن إيران قد رفضت رسمياً جميع اتهامات المسؤولين الأمريكيين، إلا أن تسليط الضوء ودراسة الأدلة التي استشهد بها وزير الخارجية الأمريكي والحجج التي قدمتها واشنطن يمكن أن يكشف بدقة ما هي الأهداف الرئيسة التي يسعى قادة البيت الأبيض لكسبها من تلفيقهم هذه الاتهامات.
الحجج الضعيفة والاتهامات غير الدقيقة
إن الحجج والأدلة التي قدّمها بعض المسؤولين الأمريكيين والتي جاءت على لسان وزير الخارجية الأمريكي “مايك بومبيو”، الذي وجّه أصابع الاتهام لعناصر تابعة للحرس الثوري الإيراني بالوقوف خلف حادثة تفجير ناقلتي النفط التي وقعت يوم الخميس الماضي في بحر عمان، تؤكد شغف واشنطن لتشويه صورة طهران في المنطقة ولو بتقديم بعض الأدلة الضعيفة، ففي البداية يمكن القول بأن التقييم الأمريكي الذي جاء بناءً على معلومات غامضة وغير دقيقة، لا قيمة له على الإطلاق، وذلك لأنه أولاً يفتقر إلى المصداقية، وثانياً لأن الغموض لا يزال يخيّم على نوع الأسلحة التي تمّ استخدامها لتفجير ناقلتي النفط في بحر عمان، فعندما يؤكد “بومبيو” بأن إيران هي التي تقف وراء ذلك الحادث، فلماذا لم يذكر نوع الأسلحة التي تم استخدامها في ذلك الحادث وهذا الأمر يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن تصريحات “بومبيو” ما هي إلا ضرب من الخيال ولا قيمة لها.
يذكر أن وزير الخارجية الأمريكي “مايك بومبيو” صرّح من واشنطن أن جمهورية إيران الإسلامية تعتبر مسؤولة عن الهجوم على ناقلتي النفط في بحر عمان، استناداً إلى معلومات جمعتها أجهزة الاستخبارات الأمريكية، والهجمات السابقة التي استهدفت سفن شحن في المنطقة، ومن خلال مراجعة الأدلة التي كشفتها وزارة الدفاع الأمريكية، يمكن استخراج مجموعة من المؤشرات التي تقطع الشك باليقين أن أصحاب تلك الأعمال الإرهابية ليسوا عناصر تابعة للحرس الثوري الإيراني.
وفي هذا الصدد، يتساءل الكثيرون في البداية، كيف تمكّنت القوات الأمريكية على الرغم من عدم معرفتها بهذه الحادثة مسبقاً، من التقاط صور وفيديوهات لهذا الحادث فور وقوعه؟ وثانياً، وكما قالت صحيفة “الغارديان”، حتى لو كانت تلك الزوارق تابعة للحكومة الإيرانية، فإن هذا الأمر لا يعني صحة الادعاءات الأمريكية، لأن القوات الإيرانية كانت أول من حضر لموقع التفجيرات للقيام بعمليات إنقاذ طاقم الناقلتين.
ومن جهة أخرى، تثار العديد من التساؤلات داخل الأوساط العالمية والإقليمية حول، أولاً، من هو المستفيد الأكبر من حدوث توترات في المنطقة، بعدما صرّحت إيران بأنها لا تسعى إلى الدخول في حرب؟ ثانياً، كيف يمكن تبرير أن إيران هي من قامت بالهجوم على ناقلتي النفط التابعتين لحكومة اليابان، في الوقت الذي يعقد رئيس وزراء اليابان محادثات مع السلطات الإيرانية في طهران؟ ثالثاً، لماذا رفضت أمريكا طلباً بإجراء تحقيقات دولية محايدة، وفضّلت اختيار دول أخرى للتعاون معها ضد طهران؟
إن الإجابات المنطقية على كل هذه الأسئلة لن تزيل إيران من قائمة المشتبه بهم فقط، بل إنها أيضاً سوف تثبت دور أمريكا وحلفائها، مثل الإمارات والسعودية والكيان الصهيوني، في خلق حالة من عدم الاستقرار في المنطقة وسوف تساعد تلك الإجابات على توجيه أصابع الاتهام لواشنطن وحلفائها في المنطقة.
أهداف تلفيق الاتهامات ضد إيران
مما لا شك فيه أن خلق الفوضى هي الهدف الرئيس للأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة، وخاصة الهجمات الأخيرة على ناقلتي النفط في بحر عمان، وهنا يمكن القول بأن خلق حالة من عدم الاستقرار في منطقة الخليج الفارسي يُعدّ العامل الرئيس الأولي الذي سيسمح بتزايد الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، وسيساعد قادة البيت الأبيض على إجبار الدول الأوروبية العضوة في حلف “الناتو” على الوقوف جنباً إلى جنب مع السياسات الأمريكية في العالم.
وفي هذا الصدد، كتبت صحيفة “التايمز” البريطانية أنه في أعقاب الحوادث الأخيرة التي شهدتها منطقة الخليج الفارسي، واستهداف ناقلتي النفط في خليج عمان، تخطط الدول الغربية لإنشاء قوة بحرية مشتركة لحماية السفن التجارية وناقلات النفط التي تمرّ من مضيق هرمز وبحر عمان.